موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
 
الدكتور هشام الأحمد عربي سوري ولد في البوكمال عام 1977 وحصل على شهادة الصيدلة والكيمياء الصيدلية من كلية الصيدلة جامعة حلب عام 2000 ثم اتجه لدراسة تاريخ العلوم الطبية بمعهد التراث العلمي العربي ـ جامعة حلب فحصل على شهادة الماجستير عام 2005 ثم شهادة الدكتوراه عام 2010 عن تحقيقه ودراسته لمخطوطة " تقويم الأدوية المفردة "لإبراهيم بن أبي سعيد العلائي المغربي والتي نال بها أيضا الجائزة العربية لتحقيق التراث من معهد المخطوطات العربية بمصر.
التقيناه في حفل تسلمه الجائزة بالقاهرة وأجرينا معه هذا الحوار.

بداية، ماذا أضافت لك دراسة المخطوطات بجانب دراستك للصيدلة؟

أضافت لي الكثير، فعندما تطلع على الحجم الهائل من تراثنا العلمي المخبأ في دهاليز المكتبات يهولك الأمر، وعندما تشتغل بهذا التراث وتتعامل مع الجانب العلمي في المخطوطات يثير إعجابك الجهود العلمية والدقة التي كان يتمتع بها أسلافنا من العلماء العرب.
 

هل هناك فرق بين تحقيق الكتب وتحقيق المخطوطات؟

الأمر واحد، فعلم التحقيق هو علم يقصد منه إخراج النص من بطون المخطوطات إلى شكل كتاب يتداول بين الناس وتحري أن يكون هذا الكتاب كما أراده مؤلفه خالياً من الأخطاء، واضح العبارة.
 

ما قصتك مع تحقيق مخطوطة " تقويم الأدوية المفردة لابن أبي سعيد العلائي المتوفي بعد سنة 547هـ"؟

أنا موقن بأن مرحلة اختيار الموضوع هي أهم مراحل العمل العلمي، ولذلك فقد أمضيت في الإعداد والتجهيز لاختيار الكتاب سنةً ونصفاً باحثاً منقباً في فهارس المخطوطات وكتب التراجم ومكتبات المخطوطات إلى أن هداني الله إلى هذا الكتاب.
 

ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في تحقيق هذه المخطوطة؟ وكيف تغلبت عليها؟

في الحقيقة الصعوبات كثيرة جداً تواجهك في كل مرحلة ولكن أصعبها برأيي هي مسألة إسقاط معلومات الكتاب القديمة على الواقع المعاصر ومقابلتها بالعلم الحديث، وهي مسألة متشعبة لها جوانب نباتية ومعدنية وجوانب دوائية وعلاجية، وقد تمكنت من التغلب عليها بالبحث الدؤوب ومشاورة أهل الاختصاص في كل علم من العلوم.
 

ولماذا وقع اختيارك على شخصية أبي سعيد العلائي دون غيره من العلماء؟

لأنه عالم متخصص في علم الأدوية المفردة، فله ثلاثة كتب في هذا المجال، ولأني وجدته مظلوماً من قبل العلماء، فهو على سعة علمه مغمور غير مشهور، ولذا حاولت إنصافه واستكناه حياته وعصره الذي عاش فيه.
 

ما الذي أضافته هذه المخطوطة لعلم الأدوية في وقتها؟ وما الذي يمكن أن تضيفه في الوقت الحالي؟

يعد علم الأدوية من أعقد العلوم وأصعبها في التراث الطبي، ولهذا فقد حاول المؤلف بكتابه هذا تبسيط علم الأدوية عن طريق وضعه في جداول تسهل الوصول إلى المعلومة المطلوبة، وإضافة فهارس وكشافات للكتاب بطريقة مبتكرة لم أجد من اتبعها لا قبل المؤلف ولا بعده حتى عصر النهضة العلمية الحديث. أما ما الذي يمكن أن تفيده في الوقت الحالي فهو معرفة دقائق هذا العلم القديم وتجربة هذه المعلومات والتأكد منها من أجل تطبيقها في العلم الحديث.
 

هل تعتزم تحقيق المزيد من المخطوطات في هذا المجال الحيوي؟

هناك كتب كثيرة للأدوية المفردة أهمها كتاب الجامع لابن البيطار والأدوية المفردة للغافقي ولابن سمجون وللإدريسي، وأطلب التوفيق من الله والعون كي أستطيع تحقيق المزيد، لأن تحقيق التراث العلمي لا بد له من تفرغ تام حتى يخرج العمل لائقاً ذا قيمة علمية.
 

ترى ما حاجة المسلم المعاصر لتحقيق مثل هذه المخطوطات؟

أرى الحاجة ماسة لتحقيق مثل هذه المخطوطات، فمن المعيب أن تظل الأمة جاهلة لماضيها العظيم، والأمة التي لا تستطيع أن تتعرف على ماضيها وتحيي تراثها لهي أعجز عن التماس مستقبلها، فالماضي هو النقطة التي لا بد منها للانطلاق نحو المستقبل.
 

علمت أنك استعنت في دراستك بخمس نسخ من المخطوطة من ضمن 50 نسخة موزعة في مكتبات العالم وعلمت أيضاً أنك اعتمدت أكثر على المخطوطة الموجودة بمجلس الشورى الإيراني.. والسؤال : ألا تكفي نسخة واحدة ؟ ولماذا مخطوطة مجلس الشورى الإيراني بالذات؟

تعرف أن المخطوطات قديماً كان يكتبها ناسخ بخط يده، وهذا الناسخ غالباً ما يكون غير مختص، وعلم الأدوية فيه مصطلحات صعبة الفهم ولهذا غالباً ما يقع النساخ في أخطاء عجيبة، ولتلافي هذه الأخطاء لا بد من مقارنة عدة نسخ مخطوطة للكتاب من قبل عدد من النساخ، ولا بد من اختيار أفضل هذه النسخ في التحقيق، وقد كانت أفضل نسخ هذا الكتاب موجودة في مكتبة مجلس الشورى في إيران إذ كان الناسخ "صيدلانيا" وقد استطعت بعد جهد جهيد الحصول عليها.
 

ما أهم النتائج التي خرجت بها من تحقيقك لمخطوطة تقويم الأدوية المفردة؟ وهل هناك أدوية غير مفردة؟

وجدت أن المداواة عند الأطباء العرب ليست بعيدة عن ما يقره العلم الحديث، وأننا نستطيع الاعتماد عليها منطلقاً للأبحاث والتجارب العلمية الحديثة، سيما وأن العلم الحديث لا زال متخلفاً في مجال النباتات الطبية مقارنة بالأدوية الكيميائية.
 

ما استشرافك لمستقبل التداوي بالأعشاب أو ما يطلق عليه حاليا الطب البديل؟

أرى أن المستقبل هو للتداوي بالأعشاب والنباتات الطبية، ففيها من الفوائد والمنافع ما نجهل عنه الكثير حتى الآن.
 

ما تقييمك لجهود تعريب العلوم الطبية في سوريا وهل تراها كافية وما السبيل لتعميم هذه التجربة في باقي الدول العربية؟

كل أمم الأرض تدرس أبناءها بلغاتها إلا العرب، وللعلم فإن أول كلية عربية للطب أنشأها محمد علي في القصر العيني بالقاهرة عام 1827 كانت تدرس الطب بالعربية منذ نشأتها حتى دخول الاحتلال الانكليزي الذي حول لغة التعليم من العربية إلى الانكليزية، وكذلك الأمر في بيروت، فالتعليم بغير العربية هو من مخلفات الاستعمار الذي أحث أصحاب القرار في كل الدول العربية على التخلص منها.
 

مع ازدياد معدلات الإصابة بمختلف الأمراض المزمنة والخطيرة بالوطن العربي.. هل تعتقد أن ما قمتم به قد يسهم في التوصل لعلاج نهائي لبعض هذه الأمراض؟

طبعاً فما قمت به هو عرض الطرق القديمة في معالجة كثير من الأمراض المستعصية التي جربها الأطباء قديماً وكانت ناجحة، ولذلك فما علينا الآن هو التحقق من هذه المعلومات بإجراء تجارب مخبرية وسريرية للتحقق من صدق ما ورد في الكتاب.
 

حدثنا عن الجائزة العربية في تحقيق التراث.. لمن تمنح ومن أبرز الحاصلين عليها حتى الآن؟

تمنح الجائزة العربية في تحقيق التراث لباحث واحد من الدول العربية مرة واحدة كل سنتين، وقد استحدثت هذه الجائزة عام 1995، ومع ذلك فلم يحصل عليها حتى الآن سوى ثلاثة باحثين أنا رابعهم، وهم د. بغداد عبد المنعم، والأستاذ عدنان الخطيب، والأستاذ حسام الشعار.
 

ما الجديد الذي تعتزم القيام به في الأيام المقبلة؟ 

تحقيق درر التراث الطبي العربي وفهرستها هو من الأعمال التي أسأل الله أن يوفقني للعمل بها.
 

المراجع

موسوعه المستشار

التصانيف

حياة