حاتم الطائي

حاتم الطائي هو من شعراء العرب الجاهليين، والذي عُرف بفطرته السليمة الخيّرة التي تتسم بالفضائل الحميدة، وهذا ما جعله محط احترام الناس ومحبتهم في العصر الجاهلي، وعندما أتى  الإسلام شهد له بهذه الفضائل وأقرّها؛ مما جعله يحظى بالذكر الطيب والسيرة الحسنة؛ فكان مثالاً للابن الصالح، والأخ الجيّد، والصاحب الوفيّ، والجار الحسن، وتمثّلت هذه الفضائل في صفات عدّة كان منها: نصرة الضعيف، ومساعدة الفقير، وإطلاق سراح الأسير والتفريج عن كربته، والالتزام بالعهد وصون الأهل والدفاع عن حرماتهم وأعراضهم، ومراعاة حرمة الجار، وقد جسّد حاتم الطائي هذه الأخلاق التي كان يتحلى بها من خلال قصائده الشعريّة التي زخر بها ديوانه بصور مختلفة ونماذج بلاغيّة شتى.

نسب حاتم الطائي ونشأته

حاتم الطائي هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرؤ القيس بن عدي بن أقزم بن أبي أخزم، وكان يدعى كذلك هزومة بن ربيعة بن جرول بن تعل بن عمرو بن الغوث بن طيء، وورد عن يعقوب بن السكيت أنّه سُمّي بهذا الاسم لأنه شُجَّ أو شَجّ، وأنّ جدّه الأكبر طيء كان اسمه جَلهَمّة بن أدر بن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقد سُمّي بهذا الاسم لأنه كان أول من طوى المناهل، وكان حاتم الطائي يكنّى بكنيتيّن هما: أبو سفّانة تيمّناً باسم ابنته سفّانة التي كانت أكبر أولاده، أمّا كنيّته الثانية فكانت أبا عدي نسبة لابنه عدي، وقد شهدا عدي وسفّانة الإسلام وأسلما.

كما كان مولد حاتم الطائي في العصر الجاهلي قبل ولادة سيدنا محمد -عليه السلام-، ولم يُعرف العام الذي ولد فيه، وقد نشأ وترعرع في منطقة نجد الواقعة في اليمن حيث كانت تسكن قبيلته طيىء في مكانٍ يُقال له تُنغّة؛ وهو عبارة عن مورد مائي يقع في وادي حائل الممتد من الجهة الشرقية الشمالية من جبل أجا،

وتربى حاتم الطائي برعاية والدته التي كانت تدعى عتبة ابنة عفيف بن عمرو بن امرؤ القيس بن عدي بن أخزم، وقيل إنّها كانت ميسورة الحال ورث حاتمٌ عنها السخاء المفرط الذي عُرفت به، فكان حالها كحال ابنها حاتم لا تدّخر مالاً ولا تردّ محتاجاً.

كرم حاتم الطائي

ورث حاتم الطائي العزّة والإباء والشهامة من والده الذي عُرف بنسبه وأصله الرفيع الذي كان موصولاً بيعرب بن قحطان، أمّا أخواله فقد ورث عنهم حبّ العطاء والسخاء، فهو كان ينحر كل يوم في شهر رجب الذي كان العرب في الجاهلية يعظّمونه عشراً من الإبل ليطعم الناس التي تأتي إليه، وكان منهم الشاعران الخطيئة وبشر بن أبي حازم، وقد أكدت روايات المؤرخين وأخبار العرب الأثر الكبير لأخواله وأمه في طبعه وأخلاقه، فسيرة أمّ حاتم في الكرم والسخاء تشبه إلى حدٍ كبير سيرة ولدها وسيرة ابنته سفّانة، فعُرف عنها أنها كانت معروفة بالغنى ويسر الحال، واشتهرت بين الناس بسخائها وكرمها بكل ما تملك، وأنّها كانت لا ترد محتاجاً، ويُقال إنّ إخوتها عندما وجدوها على هذا الحال خافوا على ضياع ثروتها بسبب إسرافها، فحجزوا على ثروتها وحبسوها في بيتها لعلّها تتوقف عن هذا التبذير، وبعد أن مضت فترة من الزمن وظنوا أنّها تركت ذلك الخلق أعطوها قطيعاً من الإبل، فما إن قدمت إليها امرأة من هوازن كانت تأتي إليها كل عامٍ تطلب حاجةً حتى غلب عليها طبعها السخيّ وإحساسها بالجوع الذي عاشته عندما تمّ حبسها ومنع عنها مالها فجادت عليها بما أخذته من إبل.

كان حاتم ظاهرةً في الكرم العربي الأصيل ورمزاً للعطاء والسخاء، وكان المثل الأعلى لمكارم الأخلاق، لهذا استحق من المؤرخين وكتّاب التاريخ والدارسين أن تبقى سيرته وأشعاره دائمة الذكر على ألسنة الأجيال وممتدة عبر الأزمان؛ فهو لم يكن كريماً وجواداً في ماله فحسب وإنما جسّد كرمه في أخلاقه وسلوكه، فكان عفيفاً طاهراً دائم الدعوة إلى فضائل الأخلاق التي اتصف بها، ومنها: المروءة والشهامة ونجدة الملهوف، وكان محافظاً على حسن الجوار مع جيرانه، ومحافظاً أيضاً على حرمة المرأة وكرامتها؛ فلا يطرق بابها ليلاً ولا يتسلل إلى مخدعها سراً، فكان كرمه بعيداً عن رذائل الأمور وفواحش التبذير، فالمال عنده له طرق يصرف به، وكان يجد في أفعاله الكريمة هذه عزاءه وراحته بعد وفاته وذلك من خلال الذكّر الحسن بين الناس.



المراجع

mawdoo3.com

التصانيف

وفيات 578  مسيحيون عرب  شخصيات من ألف ليلة وليلة  وفيات 605  شعراء العصر الجاهلي  شعراء نجديون  عرب  نجديون   العلوم الاجتماعية