أطفالنا.. التقنيات الإلكترونية الحديثة تعزلهم عن المجتمع
وميض متقطع قد يتسبب في نوبات من الصرع وارتعاش في الأذرع والأكف
د. خالد عبد الله المنيع
خلال أيام قلائل يستقبل العالم الاسلامي عيد الفطر المبارك لعام 1432ه ما أسرع الايام والشهور، صحائف تطوى وأعمار تفنى.. أصبحنا في زمن لا نحس فيه بالوقت بل اننا لا نكاد نستوعب سرعته عكس ما كانت عليه الاحوال قبل عشرات السنين حينما كان اليوم لا يكاد ينتهي، فهل تغير البشر أم تغير الزمن، هل طفولة اليوم تختلف عن طفولة الامس؟ وهل للتقنيات الحديثة من وسائل الاتصال، الفضائيات، الالعاب الالكترونية، وسائل الترفية والتسلية هل لكل ذلك دور في الاحساس بسرعة الزمن؟
كان للاعياد عند اطفال الزمن الماضي طعم خاص رغم قلة الامكانات وبساطة الحياة فطفل الماضي تستطيع أن تكسب رضاه ب "قرشين في حصّالته" أو قليلا من الحلويات التي لا تكاد تكسرها أقسى الصخور فما بالك بأسنان طفل.. أما طفل اليوم فلا أقل من هدية تضاهي ما يملكه البالغون بل ان ملكية الاطفال والشباب الصغار من تكنولوجيا العصر ووسائل الاتصال من "الايفون" و"الايباد" وغيرها اصبحت اكبر من ملكية البالغين لذلك.
في هذه المناسبة السعيدة وكما يحتفل الكبار بفرحتهم أن بلغّهم الله سبحانه شهر رمضان وتفضل عليهم بخير عميم في شهر كريم فان للاطفال نصيبا من الفرحة في يوم العيد.
ومن مظاهر هذا اليوم رسم الفرحة على شفاه الصغار بتقديم العيدية لهم.. قد يكون انتقاء الهدية المناسبة للطفل بمناسبة العيد ليس بالامر السهل، فكل طفل يحتاج هديته بما يتناسب مع جنسه وعمره.
يعمد بعض الآباء الى اهداء اطفالهم في اعمار مبكرة بعض الالعاب الالكترونية دونما ملاحظة ماتحتويه اقراصها من العاب او برامج قد لا تناسب اعمارهم او قد لا تناسب الاطفال في جميع الاعمار كتلك التي تزرع في نفوسهم العدوانية وحب التسلط حيث تسهم في رسم شخصية الطفل، ومن ثم الرغبة في تطبيق ما يرى في مجتمعه الصغير وبين اخوته.
قد تكون رغبة الابوين في ارضاء اطفالهم وتوفير كل ما تنتجه التقنية الحديثة من مخرجات سببا في التأثير السلبي في الطفل وطريقة تربيته من دون ان يشعروا بذلك، نحن لا نعني ان يحرم الطفل من كل ما استجد من تقنية ولا نود ان يوضع الصغير في عزلة عن العالم المتقدم ولكن نضع المسؤولية على الوالدين في توجيه الطفل والتعامل مع هذه المنتجات الالكترونية بحذر وبصيرة قبل ان تقع سلبياتها على تصرفات ابنائنا.
ومن جراء ذلك انتشرت بعض الظواهر السلبية لهذه التقنية الحديثة فكثيرا من الاطفال حتى عند زيارتهم لاقاربهم وذويهم ينزوي في ركن لوحده يخاطب جهازا الكترونيا ويعيش في عالم اخر، وهو بذلك قد فقد الاتصال المباشر مع الناس واستسلم الى تلك التقنية التي تحوي العديد من برامج الدردشة والتواصل الالكتروني وقد تفوت فروض الصلوات ممن وجبت عليهم من الصغار بسبب ذلك كما ان لتلك التقنية مالها من ضعف التربية ودواعي التفكك الاسري، فكل طفل يلزم غرفته ولا يكاد يقابل اخوته ممن هم بجوار غرفته الا عن طريق برامج الدردشة فكيف يتحقق الدفء الاسري ومتى تقوى روابط الابناء بالاباء وروابط الابناء بعضهم ببعض.
فضلا على المشاكل الاجتماعية التي تترتب على مخرجات التقنية التي تستعمل بلا حسيب ولا رقيب فانها لا تخلو من المشاكل الصحية التي ناقشنا جزءا منها في العدد الماضي وهو تسببها في البدانة والخمول عند الاطفال والتقاعس عن اداء الواجبات الاجتماعية والمدرسية.
العديد من التقنيات المرئية الجديدة تحتوي على وميض متقطع قد يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال كما كشفت عن ذلك بعض الدراسات الطبية حيث ذكرت ان الاستخدام المتزايد لهذه الألعاب الاهتزازية يزيد احتمال إصابة الأطفال بمرض ارتعاش الأذرع والأكف.
كما أشار الأطباء إلى ظهور مجموعة من الإصابات الخاصة بالجهاز العظمي والعضلي نتيجة للحركة السريعة المتكررة أثناء ممارسة هذه الألعاب، وأن كثرة حركة الأصابع على لوحة ذراع اللعبة والمفاتيح تسبب أضراراً بالغة لاصبع الإبهام ومفصل الرسغ نتيجة لثنيهما بصورة مستمرة.
الالعاب الالكترونية تحتاج الى تركيز كبير ومجاراة اللعبة بشكل مستمر فمع هذا الاجهاد المتواصل لعضلات العينين فان الاشعاعات التي تصل الشبكية بشكل مكثف ومستمر قد يؤثر في قوة الابصار في حين تبقى الاعراض الاولية الاحساس بالصداع واحمرار العينين وجفافهما كما ان الاجهاد يمتد الى بقية عضلات الجسم ويمكن ان تؤثر في العمود الفقري للطفل حيث ان الجلسة عادة لاتكون صحية.
نشرت مجلة أبحاث الأطفال دراسة أجريت لمعرفة تأثير الإفراط في الألعاب الالكترونية على الأطفال، أشار فيه الباحثون إلى تأثير وسائل الإعلام على صحة الأطفال، وان ذلك يعتبر مشكلة حقيقية، وأضافوا بأن بحثهم يعطي المزيد من الأدلة على تأثيرها السلبي على نوم وصحة وأداء الأطفال.
عطف الاباء على ابنائهم وحبهم لهم قد يجعلهم يضعفون اما طلبات ابنائهم في اقتناء بعض الالعاب النارية التي تتسم بها ايام الاعياد رغم انهم يدركون ان هذه الالعاب لاتخلو من مخاطرها فكم من الحروق تسببت وكم من الاصابات خلفت، البعض فقد نظره بسببها والبعض شوهت اطرافه.
من الصور الاخرى للمخاطر التي يمكن ان يتعرض لها الطفل ايام العيد ومن جملة الاهداءات التي يحرص الاباء على توفيرها لاطفالهم هو اصطحابهم الى اماكن الترفيه "الملاهي" فبعض الاباء يعطي الصلاحية لطفله لاستعمال ما يشاء من الالعاب المتوفرة في تلك المدينة الترفيهية دونما مراعاة لتناسب عمر الطفل واللعبة التي اختارها مما قد ينتج عنه بعض الاصابات او حتى التأثير النفسي على الطفل واصابته بالهلع والخوف جراءها. رافق طفلك دائما ولا تغفل عنه داخل المدينة الترفيهية، لا تسمح للاطفال الصغار بقيادة الدراجات المخصصة للكبار.
بعض الهدايا المقدمة للاطفال التي تحوي اضاءة ليزر لها مضاعفات فادحة على الشبكية عند تسليط اشعاعها على العينين.
كذلك لاننسى الحرص على عدم اهداء ما يحتوي على قطع صغيرة قابلة للبلع للاطفال الصغار او من يحوي محيطهم اطفالا في الثلاث سنوات الاولى من اعمارهم.
احرص على ان لا يشتري طفلك من اماكن بيع الحلوى المكشوفة او من سيارات الايسكريم التي لا تلتزم باساسيات النظافة.
نحن لا نود ان نقيد الطفل ولكن لانود ان نقتل فرحته بل نتمنى ان نتعامل مع الطفل بحكمة وبصيرة نوجهه لما ينفعه ونمنعه مما يضر به او بغيره، حمانا الله واياكم من كل شر وتقبل منا ومنكم كل عمل صالح، كل عام انتم بخير مع أجمل الامنيات بعيد سعيد.
المراجع
www.talalzari.com/articles-action-show-id-1627.htmموسوعة الصحة والحياة
التصانيف
المعرفة
|