أ. ياسمين عمايري .
في كل مجال من مجالات الطب، وفي كل مرحلة من مراحل العمر، نجد قواعد غذائية محددة، تخدم الجميع، الجميع باستثناء المرضى.. فهم _على قدر حاجتهم لنوعيات محددة من الغذاء_ أقل الفئات التي تكتب لهم برامج غذائية محددة، بل حتى المستشفيات لا تعطي مرضاها الغذاء المنظم الذي يفي بالحاجات الغذائية التي تساعد على شفائهم. حيث نجد غذاءً محدداً للجميع، يتألف من عصير وقطع خيز وجبنة ووجبة غذاء خضروات وبعض الفواكه، وكأنما المريض نزيل في إحدى الفنادق.
وإذا حللنا غذاء أي مريض، قد نجده يفتقد لغالبية الفيتامينات الأساسية التي يحتاجها المريض، أو أنها تحتوي الحد الأدنى الذي يحتاجها الشخص الصحيح. حتى طريقة الطهو قد لا تكون وفق الأساسيات الصحيحة للمحافظة على العناصر المفيدة في المواد الغذائية. وكلما كان المرض شديداً، كلما كان الغذاء أسوأ.. فنجد الشاي، الخبز، أطعمة خالة من الفيتامينات، خضار مطبوخة أكثر من اللازم، مرق أو حساء كثير الماء قليل العناصر. وغيرها.
ماذا يأكلون؟
الحالة المرضية التي تصيبنا في مرحلة ما من حياتنا، تحتاج لعناية خاصة جداً من حيث الغذاء، فكل لقمة تدخل في فم المريض، يجب أن تكون مفيدة، ويجب أن تؤدي وظيفة محددة لبناء الصحة، أو لتوفير حماية. كما أن كل حاجات الجسم يجب أن تتوفر في الطعام المقدم للمريض.
من المفترض أن تتوفر بعض العناصر الأساسية في طعام المرضى، كنخالة القمح، فمن غير المنطقي أن يعطى المريض خبزاً أبيض خالي من النخالة. كما يجب أن يعطى المريض عصيراً طبيعياً قدر المستطاع للفواكه الطازجة أو الخضار الطازجة المختارة، بدلاً من إعطاءهم شراباً غير مفيد، أو عصيراً مخصصاً للأطفال.
كما يجب أن يحتوي طعام المرضى على هريس من الخضار الطازجة، وأن تقدّم له الفواكه الناعمة التي تحتوي على الفيتامينات، بدلاً من الحلويات أو المعجنات أو الهلام المحلّى الذي يقدّم اليوم بكثرة، فقط لإملاء معدة المريض، دون مراعاة لوضعه الصحي وحاجته.
ويمكن الاستعاضة عن السكر الأبيض، الذي ينصح الأصحاء بالابتعاد عنه، بملعقة كبيرة من دبس السكر الأسود، والذي يحتوي على كمية كبيرة من الفيتامينات والمعادن، والذي يمكن أخذه بمعدل كل ساعة أو ساعتين للمحافظة على سكر الدم في معدله الطبيعي، بعد استشارة الطبيب المختص.
كما يجب أن يقدّم للمريض وجبات خفيفة صغيرة بين الوجبات الرئيسة، ويجب أن تكون شهية لتحريك شهية المريض.
الوقاية في الغذاء:
الدراسات الحديثة تقدّم لنا بين الحين والآخر، أنواعاً وأصنافاً من التغذية التي يجب أن نأكلها يوماً بعد يوم، وشهراً بد شهر، وسنة بعد سنة، لكي نبني صحة حيوية ناشطة، ونحافظ عليها.
ولكن الحالة الصحيّة للأصحاء، تختلف عن حالة المرضى، الذين لديهم حالة صحية متضررة. ويجب ترميمها. ولكن الملاحظ أن الكثير من الأمراض التي تصيب الأصحاء، وتحوّلهم إلى "مرضى" هي نوعية الغذاء الذي يتناولونه على مدار السنوات العديدة من عمرهم.
وبدلاً من أن نبدأ بالغذاء السليم عند وقوعنا في المرض، لماذا لا نتعامل مع أنفسنا على أننا "على وشك المرض"، ونقدّم لأنفسنا على الدوام، غذاءً صحيّاً يقينا من المرض، ويحافظ على بنية صحية جيدة لدينا.
الفرق بين البشر والحيوانات:
رزقنا الله سبحانه وتعالى بالعقل الذي فضلنا فيه على سائر الخلائق.. فالحيوانات تأكل "العلف" الذي تحبه، والذي يقدّم لها نتيجة الخبرة في مزاجها وذوقها.. وليس لديها أي طريقة للتمييز بين الغذاء المفيد والرديء سوى أنه يأكل الطعام الذي يروق له مذاقه.
والشخص الذي يأكل الطعام للتلذذ به فقط، بدون أي اعتبار آخر، ينخفض مستواه الإنساني إلى درجة الحيوان. حيث يصبح الأكل وفقاً للطعم وليس وفقاً للحاجة والخبرة العملية والعلمية.
الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع، أن الإنسان يجب أن يأكل بحكمة، ليس ليوم أو لشهر أو لسنة.. بل لمدى الحياة.
على الأقل كي لا يأتي اليوم الذي يضطر فيه للاستلقاء على سرير بمشفى، دون أن يحصل على الغذاء اللازم لصيانة جسمه وصحته، وترميم ما فقده خلال السنوات السابقة
المراجع
موسوعه المستشار
التصانيف
حياة