نشأت مدينة قصور الساف منذ ما يقارب عن ثمانية قرون في رحاب العلم و الإيمان , وتحولت إبتداء من منتصف القرن السابع هجري ( الرابع عشر ميلادي ) الى مركز من أهم مراكز النشاط الفكري و النضالي عبر ثلة من أعلامها من أشهرهم الشيخ علي المحجوب الحفيد الذي جمع بين العلم و التقوى إضافة الى نضاله و جهاده ضدّ محاولات الغزو الإسباني الى أن استشهد في معركة المهدية عام 957 هجري و دفن بمسقط رأسه حيث يوجد ضريحه و المسجد الجامع المنسوب اليه.انطلقت نشأة مدينة قصور الساف منذ النصف الأول من القرن السابع الهجري الموافق للقرن 12 م .
من حي سكني يتضمن على خمس محلات سكنى و مسجد اقامها أحد المهاجرين الوافدين من الساقية الحمراء و وادي الذهب مصحوبا بخمسة من أبناءه و هو الشيخ مسعود الغربي و على مسافة نحو 500 متر من إطلال قصور رومانية عرفت في فترة لاحقة بإسم ” قصورالساف “.و في نفس تلك الحقبه التاريخية حل بربوع الحي شيخ من أيمة التصوف و هو الولي العالم ” الطاهر المزوغي ” صحبة أربعين شخصا من أتباعه و انصاره و انضم الى سكان الحي و اختار الاستقرار به و كان مع مرافقيه قد خرجوا من مدينة تونس بعد أن تشبّع بأخذ العلم و أصول التصوف السنّي على يد نخبة من أيمة هذا التيار الصوفي الجديد مثل أبومدني شعيب و أبو سعيد الباجي و أبو الحسن الشادلي و هم أيمة المدرسة الصوفية الوافدة من الشرق و التي كان دعا اليهما الإمام و الفيلسوف أبو حامد الغزالي في فترة حرجة من فترات الحروب الصليبية عام 1095 م.
و عكف الشيخ الطاهر المزوغي على تأسيس زاوية تحولت الى مؤسسة للعبادة و نشر العلم و الدعوة الى المدرسة الصوفية الجديدة . و في عصر الشيخ الطاهر المزوغي و بضل ما كانت تقوم به الزاوية من أدوار تطور الحي السكني الى نواة لتجمع عمراني جديد.و خلال القرن التاسع الهجري ( القرن 14 م ) ظهر على السطح أحد أحفاد الشيخ الطاهر المزوغي و هو العالم و المصلح الشيخ أبو الحسن علي ابن أبي القاسم المحجوب الذي أخذ مشعل التصوف فأسس بدوره زاوية عرفت ” بزاوية المحاجبة ” و عبر هذه الزاوية استقطب الشيخ جموعا كبيرة من المريدين الذين وفدوا عليه لأخذ العلم و أصول التصــوف و الإستفادة من متاقبه و خصاله.
اشتهرت حركة الزاوية بإزدهار الحركة العلمية و الفكرية في فترة ذهبية من فترات إزدهار العهد الحفصي . و قد عمل الشيخ المحجوب على إضافة المزيد من التطور على القرية حتى تحولت الى احد خمس مراكز أساسية بالبلاد تعمل على نشر حركة التصوف .و في هذا الإطار ربط الشيخ المحجوب علائق وثيقة مع علماء مدينة صفاقس الى حين وفاته في 9 جمادى الثانية عام 859 هـ.1365 م . و كانت ولادته عام 776 هـ.و تحولت قيادة الحركة الصوفية في فترة لاحقة الى حفيد الشيخ المحجوب و هو سميّه الشيخ علي المحجوب المجاهد و في عصر هذا الأخير كانت الدولة الحفصية تعاني من فترة الخطاط و تدهور طبعت ذلك العهد ببوادر الإضمحلال بنتيجة خلافات امراء القصـــــر و تنافسهم على حكم البلاد. و قد تطورت هاته الخلافات الى حد افساح المجال للتدخلات الأجنبية و كان الشيخ علي المجاهد أحد الذين انضموا الى حركة الأيمة و رجال التصوّف الذين تجندوا لتعزيز الإنتفاضات التي قامت في جه القصر الحفصي و لمقاومة تيار التدخلات الأجنبية متمثلة خاصة في الحملات العسكرية الإسبانية فأشترك في عديد الوقائع آخرها معركة مدينة المهدية التي استشهد خلالها عام 957 هـ.
و بموفاة الشيخ علي المحجوب المجاهد تقلصت حركة التصوف و شهدت القرية بعد ذلك فترة خمول واكبت الإحتلال التركي ثم قيام الدولة المرادية التي انجزت كثيرا من الإصلاحات و في مقدمتها إعادة تنظيم الحياة العامة بالبلاد على أسس جديدة. وتتالت النزعة النضالية في عقلية سكان القرية هاته النزعة التي ورثوها عن أجدادهم حيث أنها ظهرت من جديد إبّان الإحتلال الفرنسي بقيام أحد ضباط القصر الاميري المسمى علي بحر عام 1881 بالوقوف في وجه الحملة الفرنسية و اضطرار هذه الحملة الى ضرب القرية بواسطة قنابل الأسطول من سواحل قرية المناقع.
المراجع
radio-mahdia.info
التصانيف
أماكن مأهولة بالسكان في تونس بلديات تونس مدن تونس الجغرافيا