ونحن قد قربنا من إنتهاء العام الهجري، لابد في نهاية المطاف
أن تكون للمؤمن وقفات للمحاسبة يعاتب نفسه، يحاسبها، يراقبها
وإن وجدها ليست على الجادة يعاقبها ..
فإنما الأعمال بالخواتيم فانظر بما سيختم لك هذا العام ..
لابد أن تعرف أن وظيفتك في الحياة هي التوبة لله تعالى، حيث قال {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] .. فالكل مأمور بتجديد توبته بين الحين والآخر حتى يُحيي قلبه.
لكن هناك فرق بين الاستغفار والتوبة .. يقول تعالى {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ..} [هود: 3]
فوجود حرف العطف "ثم" يوضح أن هناك فترة بين الاستغفار والتوبة، فالاستغفار هو المرحلة الأولى، فالإنسان يطلب الغفران من الله بأن يستر الله عيوبه .. ثم تأتي مرحلة التوبة فهو يريد ألا يجعل لذنبه أي أثر في قلبه.
ولذا فليس المقصود بالاستغفار مجرد تحريك اللسان بل يجب أن تتحسس قلبك وتُراقبه.
وأولى خطوات التوبة لإصلاح القلب: هي الإعتراف ..
فقد تعترف بتقصيرك في جنب الله وأنك مُخطيء فعلاً ولكن قد تجد بداخلك بعض المبررات لِما أنت فيه ..
"فهذا يقول الدنيا تشدني .. وآخر يقول أريد أن أتزوج وأعف نفسي ولكن لا أستطيع فلابد أن تقع عيني على حرام، وهكذا ..."
وهذه كلها مبررات واهية نضعها بيننا وبين الله وكلما أخذت في هذه المبررات ..
فلن تصلُح لك توبة طالما لم تعترف اعترافا حقيقيًا بذنبك.
واحذر من التسخُط عما قسمه الله لك .. قال رسول صلى الله عليه وسلم "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا" [رواه مسلم].. فإنك لن تذُق طعم الإيمان أبدًا حتى ترضى ..
وقال تعالى {وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102]
كلنا ذاك الرجل خلطنا عملاً صالحًا وآخر سيئًا .. فكان المفتاح للتوبة الاعتراف ..
إن كانت التوبة من قلبك فثق أن ربك سيفتح لك الأبواب .. فمن تقرب إليه الشبر تقرب إليه ذراعًا ومن تقرب إليه ذراعًا تقرب إليه باعًا ومن أتاه يمشي أتاه سبحانه هرولة .. وقتها ستعرف طعم التوبة فالله يفرح بعباده التوابين ويحبهم ويُقربهم إليه.
ابدأ بالاعتراف؛
فإن الاعتراف يهدم الاقتراف.. يهدم الذنوب.. يجُب الذنوب ..يمحو الذنوب.
فقط أعترف بين يدي ربك في ساعة مناجاة صافية في جوف الليل المظلم بذنوبك وأخطائك وخذ الخطوة وستجد من بعد عسرٍ يسراً وستجد من ربك كل ما تأمل.
المصادر:
درس "وقفة إعتراف" للشيخ هاني حلمي.
المراجع
موسوعة منهج دوت نت
التصانيف
عقيدة