ملحمة النور ..
إلى مكة المكرمة .. في شوقها إلى العزة .. وصبوتها إلى الكرامة ..
ضمّي جناحَيْكِ، هذا الحبُّ ما نَضَبا
وسَلسِلي الخيرَ هَدْياً أثْمَرَ العَجَبا
هاتي من الحبِّ أسراراً مُعَتَّقَةً
وأهْرقيها طيوباً تُسْكِرُ الحِقَبا
هاتي طيوبَكِ، ما التاريخُ يُنكِرُها
إذا تَنَكَّرَ للتاريخِ مَنْ كَتَبا
واهْمي على الكونِ ماشاءَ الهوى عَبَقاً
وأمْطِريهِ.. فخيرُ الحبِّ ما انسَكَبا
ودثّري مقلتي بالنور مؤتَلِقاً
وهَدْهِدي قلبيَ المحرومَ والعَصَبا
يا قِبْلةَ الكونِ أرواحاً وأفئدةً
تَهْوي إليكِ أفانينُ الهُدى طَرَبا
وتوأمَ الشمسِ تاريخاً وملحمَةً
بالنورِ تَخفِقُ، جَلَّ النورُ ما وَهَبا
صَبَتْ مآذِنُكِ البيضاءُ فاتّخَذَتْ
سبيلَها للعُلا تمضي بهِ سَرَبا
على جبينِكِ رشَّ الصبْحُ قُبلَتَهُ
وفي إزارَيْكِ صلّى الفجْرُ مُنْسَكِبا
ومنْ عيونِكِ هَزّتْتني فُجاءَتُها
كادتْ مفاتِنُكِ الغرّاءُ أنْ تَثِبا
إنّي أتيتُكِ .. جَفَّ الشعرُ في شَفَتي
وبُحَّ قافيةً عذراءَ واغتُصِبا
إنّي أتيتُكِ .. شقَّ الصوتُ حَنجَرَتي
وأشعَلَ القَهْرَ في أنحائها لَهَبا
وجئْتُ تحملُني الأوهامُ نِضْوَ ضَنىً
قلباً تكسّرَ بالآلامِ واضطرَبا
ومُهجَةً أسلَمَتْ للآهِ بسمتَها
ومُقلةً أرَّقَتْ من حزنِها الهُدُبا
على مآقيَّ أحلامُ النبيِّ غفَتْ
وفي عروقِيَ صوتُ الحقِّ قد رَسَبا
بكَتْ خيولِيَ فرساناً لها، نزلَتْ
عن صهوةِ المجدِ، تنضو العزَّ والغَلَبا
بكَتْ سيوفِيَ سِفْراً من ملاحِمِها
أخْنى عليهِ زَمانٌ بالخَنا نُكِبا
إنّي أتيتُ.. طيوفُ الحقِّ قد ذَبُلَتْ
على عيونِيَ أبراداً لهُ قُشُبا
زادي من الأمسِ ما تحلو مَواسِمُهُ
بيتٌ من الشعرِ آخى الغيمَ فانسَكَبا
وفارسٌ صاغتِ الأفلاكُ جبهتَهُ
وساعدٌ بمِِدادِ الشمسِ قد خُضِبا
يا شامةَ الأرضِ أنداءً وذَوْبَ سَنًى
مدّي لقلبيَ من فيضِ الهُدى سَببا
مدّي يدَاً بَلْسَماً سِرُّ المسيحِ بها
تستنقِذُ المجْدَ والحُلْمَ الذي سُلِبا
ألقي على الأرضِ ظِلاًّ تسْتَفيءُ بهِ
لقدْ تَهَتَّكَ سِتْرُ الأرضِ فانتُهِبا
وأترعي مُقَلَ الأيامِ فَيْضَ رؤىً
من بعدِ ما شرِبَتْ أهدابُها النَّصَبا
وبلّلي تربةَ الأرواحِ، كم صرَخَتْ
جذورُها ظَمأً تستمطِرُ السُّحُبا
المراجع
poetsgate.com
التصانيف
فنون أدب أدب عربي ملاحم شعرية