شكوتُ، من أهل هذا العصر، غدرَهمُ 
لا تُنكِرَنْ، فعلى هذا مضى السّلفُ 
وما اعترافي بعيبِ الجنسِ مَنقصة، 
والعِينُ يُعرَفُ، في آنافها، الذَّلفُ 
والإلفُ هانَ لَهُ أمري، فقَصّرَني، 
كما تهونُ، على ذي المَنطقِ، الألِف 
أمسى النّفاقُ دروعاً يُستَجَنُّ بها 
من الأذى، ويقوّي سَرْدها الحَلِف 
أُفني زَماني بأنفاسٍ، كما قطعتْ، 
مدًى بعيداً، مواشٍ، في السُّرى، دُلُف 
إذا تخَلّفتُ، أو خُلّفتُ عن أمَلٍ، 
سَلاَّ هُموميَ أني ليسَ لي خَلَف 
تُرجَى الحَياةُ، إذا كانتْ، مودَّعَةً، 
وقلّ خَيرُ حَياةٍ، حَشوُها كُلَف 
لم يمضِ كَونٌ من الأكوانِ في زَمَنٍ 
عليّ، إلاّ بهِ للحَتفِ أزدَلِفُ 
فحَسِّنِ الوَعدَ بالإيجازِ تُتبِعُهُ، 
إذا مَواعِدُ قومٍ شأنُها الخُلُفُ
إنّا ائتَلَفنا، لأنّ اللَّهَ ركّبَنا 
من أربَعٍ، ثمّ صِرنا بَعدُ نختَلف 
رأى بَنو الحَزمِ أنّ العيشَ فائدَةٌ، 
حتى استَبانوا، فقالوا: حبّذا التّلَف 
وقلّما تَسكُنُ الأضغانُ في خَلَدٍ، 
إلاّ وفي وجهِ من يَسعى بها كَلَفُ 

عنوان القصيدة: شكوتُ، من أهل هذا العصر، غدرَهمُ.

اسم الشاعر: أبوالعلاء المعري.


المراجع

aldiwan.net

التصانيف

شعراء   الآداب