العالِم محمد بن جابر بن سنان البتاني:

محمد بن جابر بن سِنَان الحَرَّاني الرِّقِّيُّ الصَّابئ، أبو عبد الله البَتَّاني، فلكي مهندس، وُلِدَ في بَتَّان في إقليم حَرَّان شمال غرب العراق عام 240هـ، وسكن مدينة الرَّقَّة السورية، وقد أسلم وتسمَّى بمحمد.

مكانته العلمية:-

يعد البتَّاني من أكبر علماء الفلك، ولم يُعْلَمْ أحد في الإسلام بلغ مبلغ البتَّاني في تصحيح أرصاد الكواكب وامتحان حركاتها، فقد أوقف حياته على رصد الأفلاك من عام 264هـ حتى وفاته، ودرس في البداية على يد والده جابر البتَّاني الذي كان بدوره عالماً مشهوراً، ثم انتقل إلى مدينة الرَّقَّة، حيث انكب على دراسة مؤلفات من سبقوه، وخاصة مؤلفات “بطليموس”، ثم انتقل إلى ميدان البحث في الفلك، والمثلثات، والجبر، والهندسة، والجغرافيا.

مرصد باسم البتاني:

وقد عاش حياته العلمية متنقلاً بين الرقة وإنطاكية، وبها أنشأ مرصداً يحمل اسمه (مرصد البتَّاني)، وكان يرصد في الرَّقَّة على الضفة اليسرى من الفرات.

إسهاماته العلمية:

يعتبر محمد بن جابر بن سنان البتَّاني من عباقرة العالم الذين وضعوا نظريات هامة، وأسهموا في إغناء التراث العلمي للإنسانية بإضافة أبحاث جديدة في الفلك، والجبر، والمثلثات، فقد اشتُهِرَ البتاني برصد الكواكب والأجرام السماوية، وتمكَّن من القيام بأرصاد ما زالت تحظى باهتمام العلماء وتثير إعجابهم، ونذكر هنا بعضاً من إنجازاته في عدد من العلوم:

إسهامات البتاني في علم الفلك:

  1. أول من كشف السّمت Azimuth والنظير Nadir وحدد نقطتيهما من السماء، والكلمتان عند علماء الفلك الغربيين، عربيتان.
  2. حدد بدقة ميل الدائرة الكسوفية، وطول العام المدارية، والفصول، والمدار الحقيقي والمتوسط للشمس.
  3. خالف بطليموس في ثبات الأوج الشمسي، وبرهن على تبعيته لحركة المبادرة الاعتدالية.
  4. له أرصاد دقيقة للكسوف والخسوف اعتمد عليها الغربيون (دنثورن Dunthorne عام 1749م) في تحديد تسارع حركة القمر في حركته خلال قرن من الزمن.
  5. أما أهم أرصاده فهي: تصحيح حركات القمر والكواكب، ووضع جداول جديدة لموقعها، إضافةً إلى تحقيق مواقع عدد كبير من النجوم ضمنها زيجه الشهير الذي اعتمد عليه علماء الفلك قروناً عدة.
  6. يعترف “نللينو” بأنه استنبط نظرية جديدة “تشف عن شيء كثير من الحذق وسعة الحيلة لبيان الأحوال التي يرى فيها القمر عند ولادته”.
تحديد تسارع القمر:

ويقول المستشرق (نلينو): “إن له رصوداً جليلة للكسوف والخسوف اعتمد عليها دنتورن Dunthorne عام 1749م في تحديد تسارع القمر في حركته خلال قرن من الزمان”.
ويقول لالند (Lalande) الفلكي الفرنسي: “البتَّاني أحد الفلكيين العشرين الأئمة الذين ظهروا في العالم كله”.

إسهامات البتاني في الرياضيات:-

  1. من أوائل المسلمين الذين استعملوا الجيب بدل الوتر، كما أنه استعمل الظل وظل التمام في المثلث الكروي.
  2. بحث بعض المسائل التي عالجها اليونان بالطرق الهندسية وحاول حلها بالجبر.
  3. يعدُّ من الذين أسسوا علم المثلثات، ومن الذين عملوا على توسيع نطاقها.

مكانة البتاني عند علماء الغرب:-

يجمع علماء الغرب على أن البتَّاني كان في علمه أسمى مكانة من الفلكي الإغريقي بطليموس؛ لذا سماه علماء الغرب Albategni أو Albatenius، وذكر قدري طوقان في كتابه «تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك» أن “كاجوري” و”هاليه” يعدَّان البتَّاني من أقدر علماء الرصد، وسماه بعض الباحثين “بطليموس العرب”، كما وصفه جورج سارطون بأنه أعظم فلكيي جنسه وزمنه، ومن أعظم علماء الإسلام.

كتب محمد بن جابر بن سنان البتاني:

البتاني برع في طائفة واسعة من العلوم
  1. الزيج الصابئ المعروف أيضاً باسم زيج البتاني: وهو أهم مؤلفات البتاني جميعاً، وهو يحتوي على نتائج أرصاده للكواكب الثابتة لعام 299هـ، وجداول تتعلق بحركات الأجرام التي هي من اكتشافاته الخاصة، وما قام به من الأعمال الفلكية المختلفة التي امتدت طوال اثنتين وأربعين سنة، من عام 264 إلى 306هـ، فقد كان أول زيج (الزِّيج هو لفظ يطلق على الجداول الفلكية القديمة، وأصل اللفظ فارسي) يحتوي على معلومات صحيحة دقيقة.

    وكان للكتاب أثر بالغ في تقدم علم الفلك والرياضيات سواء خلال النهضة العربية الإسلامية أو عند بداية النهضة الأوربية؛ فقد اعتمد عليه كثير من علماء العرب في حساباتهم، كما قام بعضهم باقتباس بعض محتوياته أو تفسيرها، كما قام بعضهم باقتباس بعض محتوياته أو تفسيرها.

    وقد ترجمه إلى اللاتينية بلاتوف تيفوك Platoof Tivok في القرن الثاني عشر الميلادي باسم “Sciencia de Sttellarum” ويقابلها في اللغة الإنجليزية “Science of Stars” أو علم النجوم، وطُبِعَ في نورمبرغ عام 1537م، وفي القرن الثالث عشر الميلادي أمر ألفونس العاشر ملك قشتالة بأن يترجم هذا الزيج من العربية إلى الإسبانية مباشرة.

    ويوجد مخطوط غير كامل لهذه الترجمة في باريس، كما توجد نسخة من هذا الكتاب في مكتبة الفاتيكان، وقد نشر كارلو نللينو بروما 1899-1907م طبعة للأصل العربي منقولاً عن النسخة الموجودة بمكتبة الأسكريال في ثلاثة مجلدات مصحوبة بترجمة لاتينية وتعليق على بعض الموضوعات، وقالوا: إنه أصح من زيج بطليموس.
  1. معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك، يتناول البتَّاني في هذا المؤلف الحل الرياضي للمسألة التنجيمية لاتجاه الراصد.
  2. شرح أربع مقالات لبطليموس: وهي أربع مقالات ذيَّل بها بطليموس كتابه «المجسطي» عالج فيها مسائل التنجيم وتأثير النجوم على المسائل الدنيوية.
  3. رسالة في مقدار الاتصالات، ورسالة في تحقيق أقدار الاتصالات: تناول البتاني في هاتين الرسالتين موضوع اتفاق كوكبين في خط الطول أو في خط العرض السماوي، سواء أكانا على فلك البروج، أو كان أحدهما أو كلاهما خارج هذه الدائرة.
  4. تعديل الكواكب: بحث البتَّاني في هذا الكتاب الفرق بين حركات الكواكب في مساراتها باعتبارها ثابتة المقدار، وبين حركاتها الحقيقية التي تختلف من موضع لآخر
وفاته قرب سامرّاء:-

رحل عالِم الفلك محمد بن جابر بن سنان البتاني مع بعض أهل الرَّقَّةَ إلى بغداد في ظلامات لهم، فلما رجع مات في طريقه بقصر الجَصِّ، قرب سامرَّاء عام 317هـ.


المراجع

taree5com.com

التصانيف

علماء ومخترعين عرب   العلوم الاجتماعية   الفلك