لقد
وجّه إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، سؤال في هذا الموضوع، وفيما يلي
نص السؤال والجواب:
السؤال:
هل يمكن أن يعين ولي من أولياء الله أحداً من بعيد، مثلاً يسكن رجل في الهند ويسكن
ولي في السعودية، فهل يمكن أن يعين السعودي الهندي إعانة بدنية مع أن السعودي
موجود في السعودية والهندي موجود في الهند؟
الجواب:
يمكن أن يعين الأحياء من الأولياء وغير الأولياء من استعان بهم في حدود الأسباب
العادية، ببذل المال أو شفاعة عند ذوي سلطان مثلاً أو إنقاذ من مكروه ونحو ذلك من
الوسائل التي هي في طاقة البشر، حسب ما هو معتاد ومعروف بينهم.
أما ما
كان فوق قوى البشر من الأسباب غير العادية، كالمثال الذي ذكره السائل، فليس ذلك
إلى العباد، بل هو إلى الله وحده لا شريك له، فهو القادر على كل شيء، وهو الذي
إليه السنن الكونية، يمضي منها ما شاء أو يخرق منها ما شاء، ولهذا كانت له دعوة
الحق وإليه الملجأ وحده وبه العون دون سواه، فإنه وحده الذي أحاط بكل شيء علماً
ووسع كل شيء حكمة ورحمة.
ولا
مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير. قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ
إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ
النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ{الأحقاف:5-6}. وقال تعالى: إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا
دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {فاطر:14}. وعلمنا في سورة الفاتحة
أن نقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {الفاتحة:5}. كما أمرنا النبي، صلى
الله عليه وسلم، ألا نسأل إلا الله ولا نستعين إلا به بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا
سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) .
وجاء
أيضاً في فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي:
"الاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، كمن
استعان بشخص فطلب منه أن يقرضه نقوداً أو استعان به في يده أو جاهه عند سلطان لجلب
حق أو دفع ظلم.
والاستعانة
بالميت شرك وكذلك الاستعانة بالحي الغائب شرك؛ لأنهم لا يقدرون على تحقيق ما طلب
منهم لعموم قوله تعالى:وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا {الجن:18} وقوله سبحانه: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ
مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ
الظَّالِمِينَ {يونس:106} وقوله عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ
لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ
إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا
لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ
خَبِيرٍ {فاطر:13-14}. والآيات في هذا المعنى
كثيرة والله المستعان.
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عمن يزور
القبور ويدعو الأموات وينذر لهم ويستغيث بهم ويستعين بهم، لأنهم كما يزعم أولياء
لله، فما نصيحتكم لهم؟
فأجاب
بقوله: "نصيحتنا لهؤلاء وأمثالهم أن يرجع الإنسان إلى عقله وتفكيره، فهذه
القبور التي يُزعم أن فيها أولياء تحتاج:
أولا:
إلى إثبات أنها قبور إذ قد يوضع شيء يشبه القبر ويقال هذا قبر فلان، كما حدث ذلك
مع أنه ليس بقبر.
ثانياً:
إذا ثبت أنها قبور فإنه يحتاج إلى إثبات أن هؤلاء المقبورين كانوا أولياء لله
لأننا لا نعلم هل هم أولياء لله أم أولياء للشيطان.
ثالثاً:
إذا ثبت أنهم من أولياء الله فإنهم لا يزارون من أجل التبرك بزيارتهم، أو دعائهم،
أو الاستغاثة بهم، والاستعانة بهم، وإنما يزارون كما يزار غيرهم للعبرة والدعاء
لهم فقط، على أنه إن كان في زيارتهم فتنة أو خوف فتنة بالغلو فيهم، فإنه لا تجوز
زيارتهم دفعاً للمحظور ودرءاً للمفسدة.
فأنت
أيها الإنسان حكم عقلك، فهذه الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها لابد أن تتحقق وهي:
أ-
ثبوت القبر.
ب-
ثبوت أنه ولي.
ج-
الزيارة لأجل الدعاء لهم. فهم في حاجة إلى الدعاء مهما كانوا، فهم لا ينفعون ولا
يضرون، ثم إننا قلنا إن زيارتهم من أجل الدعاء لهم جائزة ما لم تستلزم محظوراً.
أما من
زارهم ونذر لهم وذبح لهم أو استغاث بهم، فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة، يكون
صاحبه به كافراً مخلداً في النار".
كما
سئل فضيلته عن حكم دعاء أصحاب القبور، فأجاب بقوله: "الدعاء ينقسم إلى قسمين.
القسم
الأول: دعاء عبادة، ومثاله الصلاة، والصوم وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى
الإنسان، أو صام فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن
يعطيه من نواله، ويدل لهذا قوله - تعالى -: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. فجعل الدعاء عبادة، فمن
صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فقد كفر كفراً مخرجاً عن الملة، فلو ركع
الإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود لكان مشركاً
خارجاً عن الإسلام، ولهذا منع النبي، صلى الله عليه وسلم، من الانحناء عند
الملاقاة سدّاً لذريعة الشرك، فسئل عن الرجل يلقى أخاه أينحني له؟ قال:
"لا". وما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك خطأ ويجب عليك أن
تبين له ذلك وتنهاه عنه.
القسم
الثاني: دعاء المسألة، وهذا ليس كله شركاً بل فيه تفصيل:
أولاً:
إن كان المدعو حيّاً قادراً على ذلك فليس بشرك، كقولك اسقني ماء لمن يستطيع ذلك،
قال، صلى الله عليه وسلم: ((من دعاكم فأجيبوه)) . قال الله - تعالى
-: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ {النساء:8} فإن مد الفقير يده وقال ارزقني أي: أعطني فهو جائز
كما قال - تعالى -: فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ{النساء:8} .
ثانيا:
إن كان المدعو ميتاً فإن دعاءه شرك مخرج عن الملة.
ومع
الأسف أن في بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلاناً المقبور الذي بقي جثة أو
أكلته الأرض ينفع أو يضر، أو يأتي بالنسل لمن لا يولد له، وهذا - والعياذ بالله -
شرك أكبر مخرج عن الملة، وإقرار هذا أشد من إقرار شرب الخمر، والزنا، واللواط؛
لأنه إقرار على كفر، وليس إقراراً على فسوق فقط، فنسأل الله أن يصلح أحوال
المسلمين".
وجاء
في فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي:
السؤال:
رجل يعيش في جماعة تستغيث بغير الله، هل يجوز له الصلاة خلفهم وهل تجب الهجرة عنهم
وهل شركهم شرك غليظ وهل موالاتهم كموالاة الكفار الحقيقيين؟
الجواب:
إذا كانت حال من تعيش بينهم كما ذكرت من استغاثتهم بغير الله، كالاستغاثة بالأموات
والغائبين عنهم من الأحياء أو بالأشجار أو الأحجار أو الكواكب ونحو ذلك فهم مشركون
شركاً أكبر يخرج من ملة الإسلام، لا تجوز موالاتهم كما لا تجوز موالاة الكفار، ولا
تصح الصلاة خلفهم ولا تجوز عشرتهم ولا الإقامة بين أظهرهم إلا لمن يدعوهم إلى الحق
على بينة، ويرجو أن يستجيبوا له وأن تصلح حالهم دينياً على يديه، وإلا وجب عليه
هجرهم والانضمام إلى جماعة أخرى يتعاون معها على القيام بأصول الإسلام وفروعه
وإحياء سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد اعتزل الفرق كلها ولو
أصابته شدة، لما ثبت عن حذيفة، رضي الله عنه، أنه قال: ((كان الناس يسألون رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه. فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في
جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. فقلت: فهل
بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير
سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم
دعاة على أبواب جنهم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يا رسول الله صفهم لنا.
قال: نعم هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركني
ذلك. قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام.
قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) .متفق على صحته. وصلى
الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
لقد وجه إلى اللجنة الدائمة سؤال، فيما يلي نصه وجواب اللجنة
الدائمة:
السؤال:
نداء ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم في كل حاجة والاستعانة به في المصائب
والنوائب من قريب أعني عند قبره الشريف أو من بعيد أشركٌ قبيح أم لا؟
الجواب:
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه والاستعانة به بعد موته في قضاء الحاجات
وكشف الكربات شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام سواء كان ذلك عند قبره أم بعيداً عنه،
كأن يقول يا رسول الله اشفني أو رد غائبي أو نحو ذلك، لعموم قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا {الجن:18} وقوله عز وجل: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ
إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ {المؤمنون:117} وقوله عز وجلّ: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ
لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ
إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا
لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ
خَبِيرٍ {فاطر:13-14}.
كما
قالت اللجنة إجابة على سؤال آخر وجّه إليها:
"نداء الإنسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره كعبد
القادر الجيلاني أو أحمد التيجاني عند القيام أو القعود والاستعانة بهم في ذلك أو
نحوه لجلب نفع أو دفع ضر نوع من أنواع الشرك الأكبر الذي كان منتشراً في الجاهلية
الأولى، وبعث الله رسله عليهم الصلاة والسلام ليقضوا عليه وينقذوا الناس منه
ويرشدوهم إلى توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبادة والدعاء، وذلك أن الاستعانة فيما
وراء الأسباب العادية لا تكون إلا بالله تعالى؛ لأنها عبادة فمن صرفها لغيره تعالى
فهو مشرك، وقد أرشد الله عباده إلى ذلك فعلّمهم أن يقولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ {الفاتحة:5} وقال: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ
فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا{الجن:18}. وبين لهم أنه وحده بيده
دفع الضر وكشفه وإسباغ النعمة وإفاضة الخير على عباده وحفظ ذلك عليهم، ولا مانع
لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير، قال تعالى: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ
مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ
الظَّالِمِينَ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ
وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ
عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:106-107}
وقال
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وهو يجيب على سؤال وجّه إليه:
"ومن استغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم، معتقداً أنه يملك
النفع والضر فهو كافر مكذب لله تعالى مشرك به لقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ
جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60} وقوله تعالى:قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن
يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا {الجن:21-22}. وقوله، صلى الله عليه
وسلم، لأقاربه: ((لا أغني عنكم من الله شيئاً)) كما قال ذلك لفاطمة وصفية عمة رسول الله، صلى الله
عليه وسلم.
ولا
تجوز الصلاة خلف هذا الرجل ومن كان على شاكلته ولا تصح الصلاة خلفه ولا يحل أن
يجعل إماما للمسلمين".
وقال
فضيلته إجابة على سؤال وجّه إليه، وهو يذكر أقسام المديح للنبي صلى الله عليه وسلم:
"والقسم الثاني: من مديح الرسول، صلى الله عليه وسلم، قسم يخرج
بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم
فإنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله)) . فمن مدح النبي، صلى
الله عليه وسلم، بأنه غياث المستغيثين ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا
والآخرة، وأنه يعلم الغيب وما شابه ذلك من ألفاظ المديح فإن هذا القسم محرم بل قد
يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول، عليه الصلاة
والسلام، بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك.
كما
سئل فضيلته عن أنواع الشرك فقال:
"... والشرك نوعان: شرك أكبر مخرج عن الملة، وشرك دون ذلك.
النوع
الأول: الشرك الأكبر وهو: "كل شرك أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن
دينه" مثل أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لله - عز وجل - لغير الله، كأن
يصلي لغير الله، أو يصوم لغير الله، أو يذبح لغير الله، وكذلك من الشرك الأكبر أن
يدعو غير الله - عز وجلّ - مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائباً ليغيثه من أمر لا
يقدر عليه إلا الله - عز وجل- وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم".
ومن
إجابته- حفظه الله- عن حكم البناء على القبور:
"البناء على القبور محرَّم وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه
وسلم لما فيه من تعظيم أهل القبور وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور
وتتخذ آلهة مع الله كما هو الشأن في كثير من الأبنية التي بنيت على القبور فأصبح
الناس يشركون بأصحاب هذه القبور، ويدعونها مع الله - تعالى- ودعاء أصحاب القبور
والاستغاثة بهم لكشف الكربات شرك أكبر وردّة عن الإسلام. والله المستعان".
وقال
فضيلته فيمن يزور القبور ويدعو الأموات ويستغيث بهم ويستعين بهم:
"... أما من زارهم ونذر لهم وذبح لهم أو استغاث بهم، فإن هذا شرك
أكبر مخرج عن الملة يكون صاحبه به كافراً مخلداً في النار".
كما
سئل فضيلته عما يقوله الناس عند الشدة: "يا محمد، أو يا علي، أو يا
جيلاني" فأجاب بقوله:
"إذا كان يريد دعاء هؤلاء والاستغاثة بهم فهو مشرك شركاً أكبر
مخرجاً عن الملة، فعليه أن يتوب إلى الله - عز وجل- وأن يدعو الله وحده، كما قال -
تعالى-: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ{النمل:62}، وهو مع كونه مشركاً سفيه مضيع لنفسه، قال الله -
تعالى-: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ{البقرة:130} وقال وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ
إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ{الأحقاف:5}.
وسئل
أيضاً عن رجل محافظ على الصلاة والصيام، وظاهر حاله الاستقامة، إلا أن له حلقات
يدعو فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وعبد القادر، فما حكم عمله هذا؟ فأجاب بقوله:
"ما ذكره السائل يحزن القلب، فإن هذا الرجل الذي وصفه بأنه
يحافظ على الصلاة، والصيام، وأن ظاهر حاله الاستقامة قد لعب به الشيطان وجعله يخرج
من الإسلام بالشرك وهو يعلم أو لا يعلم، فدعاؤه غير الله - عز وجل- شرك أكبر مخرج
عن الملة، سواء دعا الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو دعا غيره، وغيره أقل منه
شأناً وأقل منه وجاهة عند الله - عز وجل- فإذا كان دعاء رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، شركاً فدعاء غيره أقبح وأقبح من عبد القادر أو غير عبد القادر، والرسول عليه
الصلاة والسلام، نفسه لا يملك لأحد نفعاً ولا ضرًّا قال الله تعالى آمراً له: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ
لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا {الجن:21}. وقال آمراً له: قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي
خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ
أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ{الأنعام:50}، وقال تعالى آمراً له: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي
نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ
لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ
نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {الأعراف:188}. بل قال الله تعالى
آمراً له: قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ
مُلْتَحَدًا {الجن:22}. فإذا كان الرسول صلى
الله عليه وسلم نفسه لا يجيره أحد من الله فكيف بغيره؟! فدعاء غير الله شرك مخرج
عن الملة، والشرك لا يغفره الله عز وجل إلا بتوبة من العبد لقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48} وصاحبه في النار لقوله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {المائدة:72}.
ونصيحتي
لهذا الرجل أن يتوب إلى الله من هذا الأمر المحبط للعمل فإن الشرك يحبط العمل قال
الله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ
وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ {الزمر:65}. فليتُب إلى الله من
هذا، وليتعبد لله بما شرع من الأذكار والعبادات، ولا يتجاوز ذلك إلى هذه الأمور
الشركية وليتفكر دائماً في قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}
المراجع
موسوعة الدرر السنية
التصانيف
عقيدة فرق منتسبة للاسلام