ميناء العقير التاريخي
وهو مصب الخليج وتركيا وإيران. أو كما يطلق عليه بالتركية (أسكلة عقير)
هو ميناء قديم يقع في الأحساء انشأته الدولة العثمانية في فترة حكمها لمنطقة الخليج وقد سمي بالعقير أو العجير كما يسميه أهالي الأحساء من اسم قبيلـة عجير التي سكنت المنطقة خلال الألف الأول قبل الميلاد وورد في معجم البلدان لياقوت الحموي أن العقر كل فرصة بين شيئين وتصغيرها عقير. وكان ميناء مهما في عهد الدولة العثمانية واستمر في الدولة السعودية حتى استغني عنه ونقل إلى ميناء الدمام وكان قبل اكتشاف البترول هو الميناء الرئيسي للمنطقة الشرقية وجنوب ووسط نجد لا تزال بعض الآثار موجودة إلى الآن وأصبح معلما أثرياٌ، وكان ميناء العقير أهم وسيلة اعتمد عليها الحكام العثمانيون في الاتصال بالسلطة المركزية، ولذا فقد أولوه المزيد من العناية والاهتمام. دخل الملك عبد العزيز العقير لتوقيع معاهدة العقير مع كوكس التي تعترف فيها بريطانيا بحكم ابن سعود للأحساء عام 1922م.
تاريخ العقير
كان شاطئ العقير يشكل قبل النفط الميناء الرئيسي للأحساء وللمناطق الداخلية من الجزيرة العربية، ووسيلة الاتصال بالعالم الخارجي لما وراء البحار الهند والصين، وسوقاً مهما ورئيسيا من الأسواق التجارية القديمة المطلة على الخليج من الناحية الغربية في فترة ما قبل الإسلام حيث ذكر بعض المؤرخين أنه يلتقي فيه عدد كبير من تجار الأقاليم والأقطار المجاورة وتعرض فيه ألوان شتى من محاصيل بلاد العرب ومنتجات البلاد الأجنبية. وتقدر عدد الأحمال التي تغادر ميناء العقير إلى الأحساء ثم إلى المناطق الأخرى ما بين 250 إلى 300 محل تحمل أصناف البضائع من الأخشاب والمواد الغذائية والبن والهيل والبهارات والملابس والعطور والبخور والصندل حيث ترد من الهند والصين وإيران والعراق واليمن وحضرموت وعمان وتعود محملة بأهم منتجات الأحساء من التمور والدبس وفسائل النخيل وسعفها والصوف والمواشي وبعض المنتجات اليدوية كالفخار والمشالح الأحسائية الشهيرة ومن هذا الميناء انطلقت الجيوش الإسلامية التي فتحت بلاد فارس والهند ووصلت إلى مشارف بلاد الصين.
منتجع ترفيهي
ويتميز ساحل العقير بجميع الإمكانات التي تؤهله لأن يصبح مرفقاً ترفيهياً ليس على المستوى المحلي بل والإقليمي أيضا ولأهمية المرافق الترفيهية كحاجة اجتماعية فان ذلك يتطلب توجيه الاهتمام لتطويره وقد سعت أمانة الاحساء لتطوير هذا المرفق بصورة مبدئية إلى أن يتم التوجيه بتنفيذ الدراسات المعدة لتنمية الشاطئ كمنتجع ترفيهي وجوهر هذه الخطة ألا تعامل تلك المنطقة كمكان عادي ولكن كمكان فريد من نوعه بالمحافظة عليه وتطويره كهدف أول.
ساحل الأحساء
يقسم ساحل الأحساء إلى قسمين:
- ساحل خليج سلوى والعقير الذي يبدأ من دوحة ظلوم شمالاً حتى نقطة الحدود السعودية القطرية بالقرب من مركز سلوى، ويعتبر ساحل سلوى هو أكثر أجزاء الساحل الشرقي استقامة باستثناء بعض الرؤوس الصغيرة والخلجان التي أهمها رأس صياح وخليج العقير ودوحة حماه.
- ساحل خور العديد الذي يبدأ من نقطة الحدود السعودية القطرية الجنوبية في الطرف الشمالي من خور العديد حتى دوحة دويهين مشكلاً شبه جزيرة العديد ثم ساحل دوحة دويهين حتى نقطة الحدود مع الإمارات العربية، ويفصل بين ساحل شبه جزيرة العديد الشمالي والجنوبي مرتفعات صخرية تعرف بجبال العديد تحيط بها السبخات والأراضي الرملية المنخفضة المتصلة بصحراء ببالربع الخالي من الغرب.
شاطئ رملي
يمتاز ساحل العقير بأنه شاطئ رملي بطول الساحل بأشكاله المتعرجة مما يعطي شكلاً طبيعياً وجميلاً يضيق ويتسع في بعض المناطق وتتخله مناطق سبخية وهي عادة تقع في الجزر وأشباه الجزر التي تكونها مياه الخليج، وتتناثر الأعشاب والنباتات الطبيعية أو البحيرات والألسنة المتفرعة من الخليج العربي وقد يصل طولها إلى 12 كم ويتراوح عرضها من 1.5 كم- 2.5 كم ويبلغ عمق الماء تقريباً 6 أمتار وهذه الخلجان تؤدي إلى تغيير زوايا التربة للشاطئ مما يعطي إمكانيات بصرية مختلفة. ويمتد على طول ساحل العقير سهل ساحلي منخفض يتميز باتساعه يتراوح عرضه بين 6-16كم ولا يمكن تمييز أي مظهر تضاريسي بارز ما عدا الكثبان الرملية الممتدة بشكل طولي بالإضافة إلى السبخات (من الطمي والطين والرمل الوحلي) التي تتخل هذه الكثبان وبعض الحافات الصخرية بالقرب من العقير.
ميناء المملكة الأول
يعتبر ميناء العقير الميناء الرئيسي للمملكة على شاطئ الخليج العربي سابقا فقد كانت ترسو المراكب التي كانت تفد إليه من دول ذات الاتصال التجاري في المنطقة فقد كانت المؤن تصل إلى الأحساء ونجد وعدد من المناطق الداخلية في المملكة عبر جمرك هذا الميناء وقد اشتهر الميناء بعقد اتفاقية العقير الشهيرة بين المملكة وبريطانيا وقد توقف العمل في الميناء بعد توسع اعمال تصدير البترول من الموانئ الحديثة وإنشاء ميناء الملك عبد العزيز في الدمام لتلبية الاحتياج المتزايد من التبادل التجاري مع دول العالم ولا تزال آثار العقير باقية حتى الآن منها ساحة الجمرك ومكاتب الوكلاء ومكاتب الميناء.
ترميم مباني العقير
قامت الوكالة المساعدة للآثار والمتاحف بالتعاون مع إدارة التعليم بمحافظة الاحساء بعملية تسجيل وتوثيق وترميم مباني ميناء العقير عن طريق إحدى المؤسسات الوطنية لمباني الخان والأمارة والحصن والمسجد وشملت العملية ترميما شاملا لجدران المباني المتضررة مع مراعاة وهدم وبناء الجدران التي لايمكن ترميمها واستبدال الأسقف المنهارة والضعيفة وتأهيل الموقع بشكل عام ليصبح أحد روافد السياحة في المملكة، كما يشمل المشروع تسجيل وتوثيق الميناء بشكل كامل بالطرق العلمية ومتابعة أعمال الترميم وما يتم اكتشافه من جراء أعمال التنقيب للمباني.
مهارة البناء الاحسائي
يوجد بالعقير عدة معالم معمارية متميزة ترتبط فيها الأهداف الجمالية والأغراض الانشائية والتي انصهرت فيها الموروثات المعمارية التقليدية للمنطقة والأساليب المعمارية الواردة إليها من الخارج خاصة العناصر المعمارية العثمانية والمتميزة بالاقواس العديدة الاشكال والزخرفة والقباب وتسخير المكونات المعمارية للإضاءة والتهوية ونتج عن هذا أسلوب جديد للعمارة فرضته أحيانا المواد البنائية بالمنطقة.
وقد ترجم ذلك الأسلوب أفكار ومهارة يد البناء الأحسائي بل نشرتها في كل المنطقة وشملت كافة الوحدات المعمارية وهذه العناصر أعيد بنائها أو شيدت من جديد على مبان أقدم منها حسب الأدوار السياسية التي لعبها الميناء منذ انشائه والتي تعود إلى عصور ما قبل الميلاد ومن أهم هذه المعالم هي تلال أثرية تمتد إلى الجنوب الغربي من مباني الميناء وتظهر بين كثبانها شواهد معمارية تمثل أجزاء من جدران لمنازل وقلاع ومدافن دائرية وقنوات للري والتي تظهر بشكل واضح حول منطقة برج أبوزهمول وإلى الغرب منه.
المعثورات
عثر على أوان فخارية مكتملة تنتمي للفترة الساسانية المبكرة وقطع فخارية مزججة من الداخل والخارج باللون الفيروزي والزيتوني والأخضر الغامق وفخار مطلي بطينة كريمية وفخار مزجج وعليه زخارف غير بارزة تزينها تشكيلات نباتية وفخارية مزجج ببعض تقليداً البروسلين الصيني.
كما عثر على فخار مزجج بالأزرق الفاتح من الداخل والفيروزي من الخارج وزخرفته بارزة قوامها أشكال نباتية وعثر على جزء من طين الخزف ذي اليدين المعدني ملون زيتوني من الخارج به خطوط صفراء غامقة وهذه النماذج الفخارية تعود لفترة إسلامية مبكرة حيث أن أغلبها عباسي.
كما عثر على مجموعة من الفخار السرفين الناعم الملمس ومجموعة فخار بمختلف الألوان وهي أخضر وأزرق بعضها يعود إلى القرن الثالث والرابع الهجريين وعثر على قطعة حجر عليها خربشات ربما تكون بالمسند الاحسائي وعثر على دينار سك في عهد الدولة الطولونية، وقد أثبتت هذه المعثورات الحقب التاريخية حسب المباني المكتشفة حيث تعود الفترة الأولى للعصر العباسي المبكر وتعود الفترة الثانية للقرن العاشر الهجري وهي فترة الصراع التاريخي بين الغزاة البرتغاليين وبين حكام الأحساء من آل جبور.
المراجع
scth.gov.sa
التصانيف
المعالم الأثرية الجغرافيا أثار تاريخ أثار السعودية