تلتقي
الطريقة الرفاعية مع التشيع في أمور كثيرة أهمها ما يلي:
- جعل أحمد الرفاعي في
المنزلة بعد الأئمة الاثني عشر مباشرة:
بالرغم من أن الرفاعية ينسبون
إمامهم أحمد الرفاعي إلى أنه من أولاد إبراهيم بن موسى الكاظمي بن جعفر الصادق بن
محمد بن الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه (الطريقة
الرفاعية ص129)، إلا أن الغريب حقاً أنهم يجعلون منزلته بعد منزلة الأئمة الاثني
عشر مباشرة، وهذا لا شك مبني على قول الإمامية في أن الأئمة الاثني عشر هم
وُرَّاثُ الدين، وأن إماميتهم بالنص، وجعل أحمد الرفاعي آتياً في المنزلة بعد
الإمام الثاني عشر الذي يزعم الشيعة أنه ابن سنتين أو ثلاث أو خمس على خلاف بينهم
وأنه دخل السرداب في سامراء سنة 206هـ وأنه مهدي آخر الزمان، وأنه سيخرج ليملأ
الدنيا عدلاً.. لا شك أن قول الرفاعية في أحمد الرفاعي اعتراف منهم بهذه العقيدة
التي يعتقد أهل السنة أنها من المفتريات والمكذوبات وأن الحسن العسكري لم ينجب
أحداً، وأن هذا المهدي لا وجود له.
يقول الأستاذ محمد فهد الشقفة
صاحب كتاب (التصوف بين الحق والخلق): "لدى تصفحي مواضيع كتاب بوارق الحقائق
للرواس وجدت نقاطاً تحتاج إلى بيان شاف -إن كان لها بيان شاف-.. وقد علقت عليه
بملاحظات". ثم ذكر المؤلف من هذه الملاحظات ما يلي:
"الأولى -يذكر ناشر
هذا الكتاب ومحققه في ذيل صحيفة 141-142 ناقلاً عن (روضة العرفان) لمؤلفها السيد
محمود أبو الهدى خليفة الرواس قال فيها: (الأئمة الاثنا عشر) رضي الله تعالى عنهم
أئمة آل بيت الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، تشمل إمامتهم كثيراً من المعاني
اختلف فيها الفرق- ثم بعد أن يذكر رأيين لفرقتين من الشيعة الاثني عشرية من هؤلاء
الأئمة، يقول: وأشرف المذاهب فيهم، مذهب أهل الحق من رجال الله العارفين فإنهم
يقولون: إن الأئمة الاثني عشر، هم أئمة العترة فكل واحد منهم إمام لآل في زمانه،
وصاحب مرتبة الغوثية المعبر عنها بالقطبية الكبرى، وهم: 1- سيدنا أمير المؤمنين
(علي بن أبي طالب) كرم الله وجهه، 2- والإمام الجليل ولده أبو محمد(الحسن)، 3-
والإمام الشهيد (الحسين)، 4- والإمام زين العابدين (علي)، 5- والإمام (محمد
الباقر)، 6- والإمام (جعفر الصادق)، 7- والإمام (موسى الكاظم)، 8- والإمام (علي
الرضا)، 9- والإمام محمد (الجواد)، 10- والإمام (علي الهادي)، 11- والإمام (الحسن
العسكري)، 12- والإمام (محمد المهدي) المنتظر الحجة، رضي الله عنهم جميعاً.
الثانية- ويذكر أيضاً عن (روضة
العرفان) بعد ما تقدم في ذيل الصحيفة 142 تحت عنوان (تحفة): أن بعض الأجلاء رأى
الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وسأله عن الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي
الله عنه، فقال له عليه الصلاة والسلام: هو ثالث عشر أئمة الهدى من أهل بيتي.
الثالثة- ويذكر الرواس في
صحيفة 212 من هذا الكتاب (بوارق الحقائق) أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له:
تمسك بولدي (أحمد الرفاعي) تصل إلى الله فهو سيد أولياء أمتي بعد أولياء القرون
الثلاثة وأعظمهم منزلة، ولا يجيء مثله إلى يوم القيامة غير سميك (المهدي) ابن
العسكري" أ.هـ (التصوف بين الحق والخلق ص196).
وهذه الملاحظات التي أوردها
محمد فهد الشقفة نقلاً من كتاب (بوارق الحقائق) للرواس الرفاعي لا تحتاج إلى مزيد
شرح وإيضاح أن العقيدة الرفاعية هي عين العقيدة الشيعية الإمامية حول الأئمة عموماً
والإمام الغائب خصوصاً. وإن كان الصيادي قد زعم تارة أن أحمد الرفاعي يأتي في
المنزلة بعد المهدي الغائب، وتارة يجعله مساوياً له..
- إسناد الطريقة
الرفاعية عن الإمام الغائب مهدي الشيعة المنتظر:
وقد جعل محمد الصيادي الرفاعي
المتوفى سنة 1327هـ 1909م والذي يسمونه مجدد الطريقة الرفاعية، والرفاعي الثاني،
أحد أسانيده المزعومة في الطريقة إلى المهدي الغائب منتظر الشيعة حيث يقول:
"لي أربعة أسانيد
في المصافحة الأول عن ابن عمي السيد إبراهيم الرفاعي المفتي وسنده في المصافحة
سنده في الإجازة إلى الإمام الأكبر سلطان الأولياء مولانا السيد أحمد الكبير
الرفاعي رضي الله عنه وهو صافح جده يوم مد اليد والقصة أشهر من أن تذكر. والثاني
عن ابن عمي وشيخي السيد عبدالله الراوي الرفاعي وسنده أيضاً سند إجازته وهو يتصل
بالإمام الكبير الرفاعي رضي الله عنه وعنا به وهو قد صافح جده عليه الصلاة
والسلام. والثالث عن حجة الله الإمام المهدي ابن الإمام العسكري رضوان الله وسلامه
عليهما في طيبة الطيبة تجاه المرقد الأشرف المصطفوي وقال صافحت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ودعا لي بخير. قال شيخنا (رضي الله عنه) ثم دعا لي الإمام المهدي رضوان
الله عليه بخير. قال والرابع عن الخضر عليه السلام صافحته سبعاً وثلاثين مرة آخر
مرة منها في مقام الشيخ معروف الكرخي (رضي الله عنه) ببغداد عصر يوم جمعة فقال
صافحت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي صافحت كفي هذه سرادقات عرش ربي عز
وجل" انتهى (المجموعة النادرة ص230،231).
وهذا اعتراف صريح لعقيدة
الشيعة في الأئمة الاثني عشر، وبالإمام الغائب المزعوم. فأي صلة أكبر من هذا بين
الطريقة الرفاعية والتشيع.
- وحدة الشعار بين
الرفاعية والشيعة
وتلتقي الطريقة الرفاعية أيضاً
في شعار واحد مع التشيع وهو السواد، ولبس العمامة السوداء.. يقول محمد مهدي
الصيادي الرفاعي في كتاب فذلكة الحقيقة في أحكام الطريقة:
"المادة التاسعة
عشرة في المائة الثالثة:
لبس العمامة السوداء، ولبس
العمامة البيضاء وكلاهما سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان زي
إمامنا في طريقتنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به العمامة السوداء فهي
خرقته المباركة"!! (الطريقة الرفاعية ص126).
فاختيار اللون الأسود ليكون
الخرقة والشعار لا شك أنه توافق ظاهر آخر مع الشيعة الذين جعلوا هذا اللون شعاراً
لهم.
- الخلوة الأسبوعية
ومن مشاعر الطريقة الرفاعية
الخاصة الخلوة الأسبوعية في كل عام، وابتداء دخلوها في اليوم الثاني من عاشوراء
يعني الحادي عشر من محرم، وقد جعلوها شرطاً لكل من انتسب إلى هذه الطريقة، وطعامها
خال من كل ذي روح (الطريقة الرفاعية ص115).
ولا شك أن هذا التوقيت السنوي
ليس اختياره عبثاً، لأنه يأتي بعد المشاعر الخاصة للشيعة رأساً.
- ادعاء الاختصاص
بالرحمة
يدعي الصياد وهو المؤسس الثاني
للطريقة الرفاعية أنه مختص برحمة الله، ووارث رسول الله، والمختار من الله الذي
كشف له الغيب، وعرف أسرار الرموز القرآنية، وباطن القرآن، وأنه كنز الفيوضات
المحمدية، وأنه إمام الوقت، والإمامية تظل فيه وفي أعقابه إلى يوم القيامة.. وهذه
الدعاوي جميعاً هي من دعاوي الشيعة في أئمتهم وهذه بعض نصوص عباراته في ذلك:
يقول الصيادي الرفاعي:
"فأهل الاختصاص
جذبتهم يد المشيئة الربانية، بمحض الفضل والعناية الصمدانية، إلى أقصى المراتب
العلية، وهذا المنح الباهر، والفضل الوافر، هو يوم حصتي، ومنصته منصتي، أقامني
الله في هذه المنزلة إماماً، واختارني لرتبة هذه الخصوصية ختاماً، وكشف لي مخبآت
الغيب باطلاع من كرمه، وجليل نعمه، ففهمت أسرار الرموز الفرقانية، وسبرت خفايا
دقائق البطون القرآنية ولم تبرح تترقى همتي بكشف تلك الحجب اللطيفة، وبشق ديباجات
هاتيك المحاضر الشريفة، فأنا اليوم ولربي الحمد والشكر وله الإحسان والبر، كنز
الفيوضات الطاهرة المحمدية، وسجل العلوم المقدسة النبوية، وهذه النوبة نوبتي،
تتقلب في ورّاث منزلتي، وخدام قدمي إلى ما شاء الله، بهذا بشرت من صاحب الوعد الصادق،
وقرأته في صحف الرموزات العلوية التي طفحت بفائق الحقائق، سينشر علم ظهور حالي بعد
هذا الخفاء في الأكوان، ويبرز بروز الشمس من بطن ليل الطمس للعيان، وتعكف على بابي
القلوب والأرواح، ويسري سر إرشادي في الجبال والأودية والبطاح، ولم يمسس شأن نهجي
المبارك غبار دنيوي، ولم يرجع منه حرف إلى قصد نفساني، بل كله لله، على منهاج رسول
الله، عليه صلوات الله، لا يعبأ معناه بحال من أحوال هذه الدنيا الدنية، ولا يلتفت
قائد حاله إلى مظاهرها الزائلة المطوية، وقد تفرغ رجال وراثتي حال النبي في الأمة،
وتقوم بأطوار السادة القادة الأئمة، ومن رجالي وجه مولاي علي أمير المؤمنين، صهر
النبي الأمين، الأسد البطين، ليث العرين، ولي هذا الخط الذي سيبرز، وكأني أراه على
يد عبد يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، من البيت الفاطمي، والفرع الأمدي،
خزامي الفصيلة، خالدي القبيلة، يجدد المجد العلوي، ويرفع قواعد البيت الرفاعي،
ويمهد فخار العنصر الصيادي، ينبلج شارق طالعه قرب متكين، فيقوم كما أنا حيرة
للمفتونين، وجاذبة للموفقين، ويترعرع مجده في ساحة الظهور، فيرتقي إلى الشهباء، ثم
إلى فروق، وبها تظهره لوامع بروق، وفي بحبوحة تلك الترقيات، وسمو هاتيك المنصات،
فالمفتون قادح، والمأمون مادح ونور الله ساطع، وفي فضاء الوجودات لامع، وما النصر
إلا من عند الله، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله، ويقبل عليه من
ارتضيناه وأعناه، وأسعفناه بمدد واجتذبناه، ولا يزال الأمر منبلج المظهر، ولذكر
الله أكبر" أ.هـ منه بلفظه.
ولا يخفى على القارئ اللبيب
كلمات هذا الصيادي أن وارثه سيجدد المجد العلوي، وأنه من البيت الفاطمي.. فكلها
عبارات تنبئ عن المقصد والمعتقد.
ولعلنا لا نستغرب بعد ذلك ممن
ترجم لهذا الصيادي الرفاعي بعد موته فقال عنه: قام السيد أبو الهدى رحمه الله مدة
حياته الكريمة بأعمال جليلة نافعة، ومآثر حميدة طيبة، تبقى شافعة له عند ربه يوم
اللقاء، وأعماله كانت منصبة على تعمير الأضرحة لآل البيت الكرام" (المجموعة
النادرة ص37، 38).
- الشعراني ومهدي الشيعة
المنتظر
وليس هذا الانحراف عن جادة أهل
السنة خاص بالرفاعية، وإنما هو عام في العديد من فرق التصوف ورجالاتها.
فلقد نقل الشعراني عن الشيخ
حسن العراقي أنه اجتمع بالمهدي الحق وسأله عن عمره فقال له المهدي: «ولدت في أواخر
المائتين من الهجرة، وعمري ستمائة سنة وأنا من ولد الإمام الحسن العسكري. قال
الشعراني: هكذا أخبرني والله أعلم بحقيقة الحال.
غير أن الشعراني صرح في موضع
آخر بأنه سأل الكمل من مشايخ التصوف فأجابوا بنفس ما قاله المهدي المزعوم سواء
بسواء.
- مشاهد الأئمة ومقابرهم
عند الفريقين
وكذلك نجد التوافق الرفاعي
الشيعي؛ في شد الرحال إلى مقابر الأئمة؛ وأخذ العلوم منهم، والالتقاء بهم، حيث
يؤمنون بأنهم يخرجون من قبورهم متى شاؤوا لقضاء حوائج المستغيثين بهم.
ولقد كان كتاب (بوارق الحقائق)
للمهدي الرواس الرفاعي من أقرب الكتب الرفاعية الداعية إلى التشيع حيث سطر فيه
تنقلاته الكثيرة بين قبور أئمة أهل البيت وذكر أنهم كانوا يخرجون من قبورهم واحداً
واحداً أمامه، بل خرج له الأنبياء وأعطوه علوم الجفر وغيرها.
ولقد جاء فيه وصف قبر الشيخ
أحمد الصياد بأنه: زيتونة لا شرقية ولا غربية «بتولية فاطمية سبطية محمدية عابدية
باقرية جعفرية كاظمية مرتضوية أحمدية» .
وقد دفع الغلو بالصيادي إلى
اعتبار قبر نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام أفضل من الجنة بل من عرش الرحمن ومن
كرسيه.
وادعى على السلف الصالح أنهم
اتخذوا مقابر أهل البيت والتوجه إليهم والتوسل بجاههم إلى الله ذريعة لقضاء
حوائجهم. وأن الناس قد جربوا في المشرق والمغرب مقابر أهل البيت فوجدوها بابا لدفع
الأكدار، وسلما لبلوغ الأوطار. ثم أنشأ يقول :
جئت بطيبة والغرى وكربلا
|
|
والطوس والزورا وسامراء
|
ما زرتهم في حاجة إلا انقضت
|
|
وتبدل الضراء بالسراء
|
والشيعة كذلك يقدسون قبور
أئمتهم، ويجدون عندها من الخشوع والرقة ما لا يجدونه في المساجد والصلوات.
ويعتبرونها بابا لقضاء الحاجات وكشف الكربات فإن أئمتهم قائمون بمصالح العباد وهم
في قبورهم.
- مراتب الأولياء ومراتب
الأئمة:
وأما تقسيم الأئمة إلى أقطاب
وأبدال وأوتاد وأنجاب وأغواث فإنه نظير تقسيم الباطنية للأئمة إلى الناطق والتالي
والأساس والسابق ولكل وظيفته في الكون. وقد أخذ الصوفية فكرة النقباء الإثنى عشر
من الإسماعيلية وكذلك فكرة أنهم لا يزيدون ولا ينقصون.
وكذلك يتوافق كل من الفريقين
في استخدام ألقاب مخصصة للأئمة مثل لفظ: « صاحب الزمان».
يقول الصيادي: « ورضي الله عن
الإمامين والسبعة الأقطاب وعن الأبدال والأنجاب والأوتاد والأفراد القائمين بمصالح
العباد ».
ويدعو الصيادي الله أن يعطف
عليه قلب الأئمة لينال منهم حاجته، ويدفع بهم كربه فيقول: « ونسأله تعالى أن يعطف
علينا قلب «صاحب الزمان» وحاشيته الكرام الأعيان، جعلناهم وسيلتنا إلى الله، أخذناهم
درعاً لرد كل بلاء ودفع كل قضاء، قبلناهم بابا لنيل كل خير.
وفي موضع آخر يطلب من الرسول
صلى الله عليه وسلم أن يأمر صاحب الزمان وآله أن يساعدوه في قضاء حوائج دينه
ودنياه .
وهكذا لم تعد الحاجة ترفع إلى
الله وإنما تطلب من غيره بواسطة غيره أيضاً.
- الرفاعية يعظمون كتاب
( الجفر) الشيعي
ويؤمن الرفاعية بكتاب (الجفر)
الذي تعظمه الشيعة وتقدسه وتزعم أنه وعاء، فيه علم النبيين والوصيين وعلماء أمة
بني إسرائيل، فيه علم ما كان وما يكون مفصلا (شيئا بشيء) إلى يوم القيامة.
والمهدي الرواس من الرفاعية
يصرح بأن الجفر علم صانه الله تعالى بآل البيت النبوي وخص به الأئمة ووراث الأئمة
من الأغواث والأقطاب والأنجاب، وفيه أسرار عظيمة مما يتعلق بكل وارث منهم وهو
عبارة عما يحدثه فيهم كخلافة أمير المؤمنين علي صلى الله عليه وسلم وولده الحسن
السبط الهمام، وشبله المقدام الحسين وما سيجري في عهد المهدي سلام الله عليه
ورضوانه، وهو سر خاص بهم لا يتعلق بغيرهم. وهنا يبرز خط التشيع بوضوح
فإن الجفر ذكر إمامة علي ولم يجعلها تالية لإمامة أبي بكر وعمر. وإنما جعلها أول
إمامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي يكون إقرار ذلك إقرار لمذهب الشيعة
في الإمامة.
ولقد كان للرواس نصيب من هذا
الجفر، فزعم أنه لما اجتمع بقبر الشيخ أحمد الصياد الرفاعي قال له هذا الأخير: «أنت
منبع يجري منه نهر كنهر النيل.
قلت: دلني سلام الله عليك على
هذا النهر الذي مثلته بالنيل. فذكر أن الصياد تكرم عليه بإعطائه بعض كلمات من
«الجفر» العلوي الفاطمي وحل له أسرارها.
وأنه حصل على تسعمائة سر من
أسرار الجفر الفاطمي من الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم . وذلك حين ظهر عليه
أمام قبر من قبور الأئمة. وأعطاه خرقة عليها بعض الطلاسم والرموز السحرية. قال الرواس:
«وقد صرح أولياء الله من آل فاطمة عليها السلام أن من حمل هذا السطر على هذه
الصورة الشريفة عوفي مريضه وأفاق مصروعه وهو المانع من كل ملم ودافع لكل مهم».
- محبة أهل البيت كفارة
للذنوب
ومن أوجه التشابه بين الرفاعية
والشيعة اعتقاد كلا الفريقين براءة محب أهل البيت من النار:
يدعي الصيادي أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: ((معرفة
آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من
العذاب)) .
وأنه قال: ((من مات على حب آل محمد
مات شهيدا، ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة، ومن مات على حب آل محمد
فتح له في قبره بابان إلى الجنة، ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزاراً
لملائكة الرحمة))
وأنه قال: ((الزموا مودتنا أهل
البيت، فإن من لقي الله عز وجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا
ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا)) .
أضاف قائلا: ((أربعة
أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي، القاضي لهم حوائجهم، الساعي لهم في
أمورهم، المحب لهم بقلبه ولسانه)) .
وفي المقابل نرى الشيعة يزعمون
أن الله تعالى قال: ((لا
أدخل النار من عرف أبا طالب وإن عصاني، ولا أدخل الجنة من أنكره ولو أطاعني))
ويدعون أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ((من
رزقه الله حب الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة فلا يشكن أحد أنه في
الجنة))
ونحن لا ننكر أن حبهم إيمان
وهو جزء لا يتجزأ من محبة النبي صلى الله عليه وسلم لكننا لا نعتقد بكفارة محبتهم
على النحو الذي تعتقده الشيعة والصوفية وهو ما تعتقده النصارى في عيسى صلى الله عليه
وسلم حيث يعولون على المحبة ويطعنون في العمل ويصرفون الناس عنه.
- عصمة أهل البيت النبوي:
أما عصمة أهل البيت فالصيادي -
من الرفاعية - يصرح بأنهم «المعصومون المحفوظون» ويفسر قوله تعالى: إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا {الأحزاب: 33}،
قال: الرجس: الآثام والذنوب.
{ هل يتصور وقوع الظلم
منهم ؟}
قال الصيادي: «ولا ينبغي لمسلم
أن يذمهم بما يقع منهم أصلا وإن ظلموه، فإن ذلك الظلم: ظلم في زعمه لا في نفس
الأمر، حتى وإن حكم الشرع بأنه ظلم»
وليس أعجب من هذا التحكم
والمغالطة والتحيز. هذه المغالطة التي لم يسبق إليها ابن عربي الذي جعل الذنب
المذكور في قوله تعالى: لِيَغْفِرَ
لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ {الفتح : 2},
ذنبا صوريا لا معنى ولا حقيقة له.
ويضيف الصيادي كلامه قائلاً:
بل حكم ظلمهم إيانا في نفس
الأمر يشبه جري المقادير علينا .. من غرق أو حرق .. فلا يذم الإنسان قضاء الله
وقدره، فكذلك الأمر في أهل البيت فإنه يقابل ما يطرأ عليه منهم بالرضا والتسليم.
فلا يؤاخذهم بما طرأ منهم في
حقه ولا يطالبهم به، بل يتركه لهم ترك محبة وإيثار ..
فيجب عليك أيها المسلم أن لا
ترى لنفسك معهم حقا وتتنازل عن حقك لهم.
أما إذا كنت قاضيا بين واحد من
أهل البيت وآخر من عامة الناس فيأمرك الصيادي بالتالي: «عليك أن تسعى في استنزال
صاحب الحق من حقه إذا كان المحكوم عليه من أهل البيت».
فهو يسوغ لهم الظلم ويحث
الآخرين أن يطيبوا نفسا بهذا الظلم ويرضوا به كرضاهم بقضاء الله وقدره، وإلا كانوا
متطاولين عليهم إن طالبوا بحقهم منهم ويدعو الحكام والقضاة أن يميلوا عن الحق إلى جانب
الأئمة ولو كانوا ظالمين.
وبالمقارنة بين هذه الآداب مع
الأئمة وبين الآداب التي افترضتها الباطنية مع الأئمة لا نجد فرقا إلا بالعبارة،
ولقد تأملت إحدى رسائل الإسماعيلية للداعي الإسماعيلي الباطني القاضي النعمان بن
محمد المغربي بعنوان (كتاب الهمة في آداب اتباع الأئمة) يذكر آداب المريد مع إمامه
على نحو مماثل لما يدعو الصوفية إليه.
والسؤال: هل كان رسول الله
ليرضيه مقابلة الظلم بالتسليم والرضا ووضع الحق بجانب أفراد أهل بيته وإن ظلموا؟
ألم يقلها صريحة مدوية أمام
الملأ ((والله
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها)) .
(متفق عليه
ألم يتوعد عمر رضي الله عنه
ابن عباس بالتعزير إن لم يكف عن الفتيا بإباحة زواج المتعة ؟
على أن الصيادي يوجب على كل
مسلم احترام من انتسب إلى أهل البيت من غير أن يطالبوه إثبات صحة هذا النسب، يقول:
«وليعلم أنه ينبغي احترام وتعظيم كل من ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بدون تكليفه إلى إثبات نسبته إليه».
- يرون أن أبو طالب
وأبوا النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة:
أما موقف الرفاعية من أبي طالب
وأبوي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه موافق لمذهب الشيعة، وللصيادي رسالة سماها: «
السهم الصائب لكبد من آذى أبا طالب» ورسالة «الكنز المطلسم» ذكر فيهما أن أهل
البيت كلهم مطهرون وأنهم كلهم في الجنة. وأيد رأي السيوطي الذي نص على إيمان أبي
طالب وموته عليه. وأن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة، وأن من رماهم
بالنقص يكون مؤذيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالي يكون مقتحما للكفر. ناقلا
عن الشيخ كمال الدين الشمني الحنفي أن من قال بأنهما في النار فهو ملعون.
ولذلك إذا ذكر الصيادي أم
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « رضي الله عنها، وإذا ذكر أباه قال: المعظم ».
وقد جاء في صحيح مسلم أنه صلى
الله عليه وسلم قال لرجل سأله عن أبيه: ((أن
أبي وأباك في النار)) وأما أمه فقد
نهي عن الاستغفار لها.
وقد هاجم الصيادي من نفى إيمان
أبي طالب كما سبق وأشرت إليه، غير أنه نقض هذا الموقف فحكم ببعد أبي طالب عن
الدين، مبينا أن نسبة قرابته لم تنفعه، قال: « إن نسبة الأبوة المعنوية أشرف من
نسبة الأبوة الظاهرية، وهي التي جعلت بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الروم رضي
الله عنهم من أهل البيت، وأُبعد عنها أبو طالب ولم تنفعه نسبة العمومة.
وأما أبو طالب فقد تواترت
الأحاديث أنه في ضحضاح من نار ولولا النبي صلى الله عليه وسلم لكان في الدرك
الأسفل منها. وأنه لما مات قال علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن
عمك الضال قد مات))
بيد أن أحد الرفاعية يزعم أنه
لما مات أبو طالب رثاه علي كرم الله وجهه بهذه الأبيات :
أبا طالب عصمة المستجير
|
|
وغيث المحول ونور الظلم
|
لقد هد فقدك أهل الحفاظ
|
|
فصلى عليك ولي النعم
|
ولقاك ربك رضوانه
|
|
فقد كنت للظهر من خير عم
|
فلم يجعلوه مؤمنا فحسب وإنما
جعلوه من خيرة من يستجار به.
وكذلك الشيعة صنفوا العديد من
الرسائل في إيمان أبي طالب مثل رسالة «مؤمن أهل البيت للخنيزي»، ورسالة للشيخ
المفيد سماها « إيمان أبي طالب » ورسالة للحر العاملي سماها «شيخ الأبطح» قال
فيها: «إن الشيعة الإمامية وأكثر الزيدية يقولون بإسلام أبي طالب وأنه ستر ذلك عن
قريش لمصلحة الإسلام».
- علم الباطن بـيـن
الرفاعية والباطنية
دأب الباطنية على إثبات وجود
علم باطن لم يبلغه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس وإنما أسره إلى خاصته. وأخص
خاصته هو علي رضي الله عنه الذي أخذ هذا العلم عنه صلى الله عليه وسلم ثم تلقاه
عنه أبناؤه من بعده. وبقي عند الإمام المعصوم الذي يؤتى من لدنه التأويل.
وقد وصفوا الإمام علي بأنه
«باب مدينة العلم» و «وصي النبي وسره».
ولقد اعتبر أهل السنة والحديث
أن من وافق الشيعة في هذا الادعاء ألحق بهم واستحق وصفه بالتشيع ونهوا عن أخذ
الحديث منه.
قال النووي رحمه الله: « قال
القاضي: ولما عرف عن الحارث (أحد الرواة) قبح مذهبه وغلوه في مذهب الشيعة ودعواهم
الوصية إلى علي رضي الله عنه وسر النبي صلى الله عليه وسلم إليه من الوحي وعلم
الغيب ما لم يطلع غيره عليه: سيء الظن في الحارث (أي تركوا روايته لذلك).
فهذه الألقاب التي اعتبرها
القاضي غلوا في التشيع نجدها عند الصوفية عامة وعند الرفاعية بوجه خاص.
فالإمام علي عند الرفاعية «
باب مدينة العلوم» و«سر باب النبي صلى الله عليه وسلم ».
وقد وافقوا الباطنية في قولهم
بالعلم الباطن فقال الواسطي من الرفاعية:
«وقد صح أن سلمان تلقى
علم الباطن عن أمير المؤمنين علي، وهو « أخذه» عن ابن عمه صلى الله عليه وسلم»
ويعرف عندهم أيضاً بـ «العلم
المكتوم » كما وصفه الغزالي أو «العلم اللدني» الذي يزعمون أخذه عن الخضر مباشرة، مثلما
يدعي الباطنية أنهم أخذوه عن المهدي المعصوم صاحب الزمان والسرداب مباشرة أيضاً.
وصار هذا العلم عند الصوفية
علما آخر غير العلم اللدني الشرعي الذي أوتيناه من لدن نبينا والذي أوتيه هو من
لدن ربه. وصارت له أحكام وفتاوى تختلف عن الأحكام المتعلقة بالعلم الشرعي حتى إنك
لتجدهم يقولون في ترجمة سيرة شيخ من مشايخهم: « درس الشيخ الفلاني وأفتى في علمي
الظاهر والباطن .
وقد جعلوا البوح بهذا العلم
كفرا وأوجبوا كتمه، وهو عين قول الشيعة الباطنية الذين يقولون: «إن هذا العلم
مكنون فاكتموه إلا من أهله».
المراجع
موسوعة الدرر السنية
التصانيف
عقيدة فرق منتسبة للاسلام