التعليم في السودان وفق ما جاء في الدستور الانتقالي لجمهورية السودان في عام 2005م فإن التعليم في السودان للمراحل الابتدائية يجب أن يكون إلزاميا ومجانيا 

ووفقا لتقديرات البنك الدولي لسنة  2002 م، فإن معدل معرفة القراءة والكتابة لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم من 15 عاما فما فوق يبلغ 60 في المئة، وكانت النسبة في عام 2000م، تقدر بحوالي 58 بالمئة (69 ٪ للذكور و46 ٪ للإناث)، وتقدر نسبة الأمية وسط الشباب (15-24 سنة) بحوالي 23 في المئة.

التعليم التقليدي في السودان

سبق دخول العرب للسودان وجود عدد من الممالك القديمة ذات النظم التعليمية والتربوية. حيث أكدت النقوش والحروف التي تم العثور عليها في شمال السودان على أن السودانيين قد عرفوا الكتابة منذ مملكة نبتة حوالي عام 750 قبل الميلاد.[2]بدخول العرب والإسلام إلى السودان انتشرت المدارس القرآنية المعروفة محلياً باسم الخلاوي والتي انحصر دورها على تحفيظ القرآن الكريم والحديث الشريف، إلى جانب تعليم مباديء اللغة العربية والحساب، وذلك منذ أواسط القرن الميلادي السابع.

نشاة الخلاوي في السودان

كان أول ظهور لها أثناء حكم الشيخ عجيب المانجلك 1570 -1611 وبدأت كحل وسط لسيطرة تيارين دينيين على التعليم في السودان آنذاك، وهما علماء المذهب المالكي الذين كانوا لا يقبلون تعليم أو صلاة الصبية في المساجد، وشيوخ الصوفية الذين ينزعون إلى الاختلاء بالنفس بعيدًا عن الناس. فكان أن بنيت الخلاوي كبيوت ملحقة بالمساجد.

وتعرف الخلوة بأسماء كثيرة مثل القرآنية أو الجامعة أو المسيد الذي يستعمل كذلك كاسم للمسجد، كما تعرف الخلوة عادة باسم شيخها. وقد طغت أسماء بعض الخلاوي المشهورة على عموم منطقتها كخلوة ود الفأدنى وخلوة ود كنان في منطقة الجزيرة بوسط السودان وغيرها.

أسلوب التعليم في الخلوة

لا ينقسم الدارسين في الخلوة إلى فصول دراسية كالمعهود في المدارس النظامية، وإنما تتبع ما يمكن أن يطلق عليه أسلوب التعليم الفردي الذي يعتمد على تلقي الطالب للعلم مباشرة من شيخه بحيث يتابع الشيخ طلابه كل على حدة، ويعلمه حسب قرة استيعابه وبذلك لا يحتاج الطالب عددا معينا من السنين للتخرج بل يتقدم حسب قدرته. ويمكن للشيخ الواحد - بمعاونة الطلاب المتقدمين - أن يشرف على نحو مائة من الطلاب كل منهم في مستوى تعليمي مختلف عن أقرانه.

وسائل التعليم في الخلوة

يبدأ طالب الخلوة تعلم الكتابة "بخطّ الحروف والشكل وضبط الكلمات" على التراب برأس أصبع يده دون حاجة إلى وسائل مساعدة حتى يتقن كتابة الحروف وقراءتها.ثم يستخدم قلم البوص أو القصب للكتابة على لوح، وقد يستخدم الشيخ نواة بلح لرسم الحروف على لوح التلميذ الذي يتتبع آثارها بقلمه، ويستخدم الطالب دواة لحبر يسمى المداد غالباً ما يصنعه الطلاب بأنفسهم من مواد عضوية كالسناج ويضاف إليه مواد مذيبة كالماء وقليل من الصمغ والياف أو خيوط رقيقة لكي يتماسك الحبر.

اليوم الدراسي في الخلوة

يدوم اليوم الدراسي في الخلاوي الكبيرة منذ الثالثة والنصف صباحاً وحتي العاشرة مساء. ويبدأ بفترة تسمى بالدغيشة، قبل صلاة الفجر، وفيها يحفظ الطلاب المقرر اليومي الذي يحدده الشيخ لكل منهم على حدة.والفترة التي تقع عقب صلاة الفجر يتم فيها ما يعرف بـ "الرَّمية"، أي إملاء أو إلقاء نصوص الآيات القرآنية عليهم، حيث يأخذ الشيخ مكانه وحوله حلقة من الطلاب جالسين على هيئة جلوس التشهد في الصلاة.

ولكي يرمي الشيخ على الطالب - أي يُملي عليه النص - لا بد أولا من أن يُسمعه الطالب آخر ما وقف عليه من نصوص، كأن يكون مثلا قوله تعالى: (ولهم فيها أزواج مطهرة، وهم فيها خالدون))(الآية 25، سورة البقرة). فيرمي عليه الشيخ الآية التي تليها (الآية 26) وهي قوله تعالى: (إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها). وهكذا يكتب الطالب على لوحه ما يُلقى عليه من الشيخ الذي يرمي في الوقت نفسه لطلاب آخرين، ثم يرجع إليه مرة أخرى حتى ينتهي الطالب من الكتابة، ومن ثمّ يطلب منه التنحى جانباً ليبدأ في حفظ ما كتب. ويستخدم الشيخ المصحف أو ما يحفظه في ذاكرته من آيات ليملي بها أكثر من طالب، في أكثر من سورة قرآنية، وغالبا ما يكون هؤلاء الطلاب من خيرة وأكفأ من عنده، الذين يوكل إليهم الرمي على من هم دونهم في السن.

والفترة من بعد شروق الشمس حتى العاشرة والنصف صباحاً تُسمى "الضَّحَوَة" وفيها يُراجع الطالب ما حفظه في اليوم السابق من نصوص منفرداً، ثم يعرض بعد ذلك ما كتبه صباح اليوم خلال "الرَّمية" على الشيخ ليصحح له أخطاءه، ويُعرف هذا التصحيح باسم "صحة القلم".

وتبدأ بعد ذلك فترة قيلولة الطالب من الحادية عشر حتى الثانية بعد الظهر التي يتناول فيها إفطاره ويأخذ قسطاً من الراحة حتى يحين موعد صلاة الظهر، وتبدأ بعدها فترة "الظهرية"، وفيها يقرأ الطالب على الشيخ ما كتب في اللوح في آخر رَّمية تصحيحاً للقراءة نطقاً وتجويداً، ويُعرف هذا التصحيح "بـصحة الخَشِم أي صحة الفم"، وتنتهي الظهرية بصلاة العصر لتبدأ بعدها فترة "المطالعة" التي تنتهي بدورها قُبيل صلاة المغرب، وفيها يقرأ الشيخ ويتابع الطالب من لوحه، وبعدالصلاة يعرض الطالب على الشيخ ما حفظه بالأمس وتدعى "بالعرضة".

وفي الفترة ما بعد العشاء وحتى الساعة العاشرة ليلاً وتُسمى "السُّبُع"يقرأ الطالب سبعة أجزاء مما حفظه من نصوص آيات وهو يدور في محيط مساحة منبسطة كان في القديم توقد فيها ناراً للإضاءة تُسمى "التُّقابة". والفترتين من المغرب إلى العشاء، ومن العشاء حتى الساعة العاشرة ليلاً تسميان على التوالي بالمغربية الأولى والمغربية الثانية.

هذا البرنامج المكثف لا يتوقف إلا في عطلة العيدين، وهي العطلة الوحيدة التي تعرفها الخلوة بشكل عام، حيث أن بعض الخلاوي الصغيرة في المدن تعطل أيضاً في أيام الخميس والجمعة من كل اسبوع أو الجمعة فقط.

الشرافة

لا تعرف الخلوة حفلات تخرج ونظام للأنتقال من صف دراسي إلى آخر أو من مرحلة إلى أخرى كما هو الحال في المدارس النظامية ولكن يوجد فيها ما يعرف بالشرافة وهي احتفال بإكمال الطالب جزء من أجزاء القرآن الكريم. فالشرافة الأولى، مثلاً، هي "شرافة جزء عم" وتكون عند وصول الطالب أو الطالبة إلى سورة النبأ، والشرافة الثانية وهي "شرافة تبارك" عند الوصول إلى سورة الملك وهكذا إلى أن يصل الطالب أو الطالبة إلى الشرافة الكبرى والأخيرة، الختمة، وهي سورة البقرة.من العادات المتبعة في الشرافة زخرفة لوح الطالب برسم قبة ومنارة لمسجد وتلوينهما بألوان زاهية ويكتب بينهما بخط جميل الآيات الأولى من السورة التي وصلها.

وقد تقيم أسرة الطالب وليمة لطلاب الخلوة. وفي اليوم التالي للشرافة يحمل الطالب لوحه المزخرف ويذهب به إلى السوق ليظهره للناس وهو ينتقل من محل إلى آخر ويتقبل العطايا وغالباً ما تكون قطع نقود. إلا أن هذه العادة ليست شائعة. وقد تصاحب وليمة الشرافة هدية مقدمة من اسرة الطالب للشيخ تتوقف من حيث الكم والنوع على عدة عوامل من بينها الوضع الاقتصادي لأسرة الطالب والدرجة التي وصل إليها الطالب في حفظ القرآن، فتزيد قيمة الهدية كلما تقدم الطالب في حفظ القرآن وقد تكون أكبر إذا كان الطالب يحتفل بشرافة ختم القرآن.

معهد أم درمان العلمي

انتظمت حلقات المساجد في سنة 1901 م كرد فعل للتعليم الأجنبي، ثم وافقت الحكومة الاستعمارية بناء على طلب العلماء من أبرزهم الشيخ قاضي الإسلام محمد البدوي على إنشاء معهد ام درمان العلمي، بدأت الدراسة فيه عام 1912 على نظام الأزهر القديم في العلوم الشرعية والعربية وبعض العلوم الحديثة، وقد وضع لهذا النظام لائحتان إحداهما سنة 1913 والأخرى سنة 1925 وتكاملت فيه الأقسام الثلاثة: الابتدائي والثانوي والعالي منذ سنة 1924 وأخذ يعطي العالمية من هذا التاريخ.

امتهن خريجوه بالتدريس في المعاهد ووزارة المعارف والقضاء الشرعي والوعظ والإرشاد كما التحق عدد كبير من طلابه بكلية غردون وكليات الأزهر ودار العلوم وجامعة الخرطوم وجامعة القاهرة وبعض الجامعات الأوربية، وقد سار المعهد على هذا المنهاج زمنا طويلا.

وفي سنة 1942 بدأت استعارة كبار الأساتذة من كليات الأزهر ومعاهده لرفع مستوى الدراسة في القسم الثانوي والعالي الذي أصبح اليوم معهدا لطلاب الدراسات العالية من المعاهد الثانوية السودانية جميعها، وبه كليتان إحداهما للشريعة الإسلامية على منهاج كلية الشريعة بالأزهر الشريف والأخرى للغة العربية على منهاج كلية اللغة العربية بالأزهر أيضا. وفي سنة 1948 انشئ للمعهد مجلس أعلى يتكون من ثمانية عشر عضوا من كبار رجال وزارة المعارف وجامعة الخرطوم والمعهد والمصلحة القضائية ووزارة الأشغال والتجار والأعيان برئاسة قاضي القضاة فخطا المجلس بالمعهد خطوات واسعة ووضع لائحة دراسية للنظام الجديد الذي ابتدأ تطبيقه من ذلك التاريخ وتخرج عليه الآن أربع فرق في الشهادة الثانوية تضمنت إضافة اللغة الإنجليزية والعلوم الطبيعية والاجتماعية والتوسع في الرياضة.

وفي سنة 1955 أنشئت مصلحة الشئون الدينية وأصبحت مشرفة على المعهد تضع له ميزانيته وتشرف عليه فنيا وإداريا بواسطة شيخه شيخ العلماء ومجلس إدارته العلمي، وقد قامت بعمل الكثير للمعهد فقد أعادت النظر في المناهج الدراسية، وكونت اللجان لوضع هذه المناهج التي تحقق الأهداف الأساسية الجديدة، ولأول مرة في تاريخ المعهد أنشأت المصلحة فرقا للتدريب العسكري. وعنيت بتحسين أحوال المدرسين.

أقبل علي المعهد طلاب العلم من مختلف أنحاء السودان والبلاد الإفريقية، من شنقيط ونيجيريا ويوغندا وإثيوبيا وأرثيريا والصومال والسنغال وغيرها ومن عدن وحضر موت وغيرهما من البلاد الإسلامية الآسيوية، حتى بلغ عدد طلابه عام 1959 1250 وعدد مدرسيه نحو ستين مدرسا من الأزهر ودار العلوم وجامعة القاهرة ووزارة المعارف السودانية من خريجيه وبه مساكن داخلية لأكثر من ثلاثمائة طالب من طلاب الأقاليم السودانية ومن البعوث الإسلامية وبه مكتبة ضخمة عربية وإنجليزية تضارع أكبر المكتبات وتشتمل على أكثر التراث الإسلامي ويقوم إلى جانب المعهد معاهد ثانوية في عواصم الأقاليم في الشمال والشرق والغرب والجزيرة ومعاهد ابتدائية نحو الأربعين مبثوثة في مدن السودان  وقد تطور المعهد العلمي في منتصف الستينيات من القرن العشرين ليصبح جامعة أم درمان الإسلامية في عام 1965 م.


المراجع

areq.net

التصانيف

السودان  التعليم في السودان  جامعات سودانية   السودان   جامعات   العلوم الاجتماعية