{{تلتئم أيّام 8-10 جويلية –يوليو 2009 قمّة مجموعة الدول الثماني الصناعيّة الكبرى بمدينة “لاكويلا” الإيطاليّة التي مازالت تعاني من مخلّفات زلزال 6 أفريل – نيسان 2008 ( 300 ضحيّة وحوالي 20.000 فقدوا مساكنهم)، وها هي تتهيّأ بديهيّا – بمعيّة الُمُغيَّّبين عن هذه القمم من فاقدي الصوت- إلى زلزال ستسبّبه كالعادة مثل هذه القمم التي تدكّ صرح المكاسب الاجتماعيّة وتضرب بنيان الحقوق الإنسانيّة الأساسيّة. وتعتبر مجموعة الثمانية إطارا للتباحث والشراكة الاقتصاديّة بين أقوى دول العالم: الولايات المتّحدة، المملكة المتّحدة، اليابان، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا وروسيا. والتي يمثّل مجموع اقتصادياتها 61 بالمائة من اقتصاديات العالم. ويستفيد سكّانها (يبلغ تعدادهم حوالي 13.1 بالمائة من سكّان العالم) من58 بالمائة من الناتج المحلّي الخام العالميّ. ويجري الحديث اليوم عن إمكان التحاق كلّ من اسبانيا والصّين إلى نادي الكبار هذا، في انتظار توسيعه ليشمل الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل والمكسيك ومصر. ومهما اتّسع هذا الفضاء الرّاسم لأهمّ التوجّهات الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة والبيئيّة في العالم نيابة عن أهله، فإنّ هذا الموعد – على غرار اجتماعات المؤسّسات الماليّة الدوليّة: صندوق النقد الدوليّ ومنظّمة التجارة العالميّة- يسبقه إعداد لقمم مناهضة له تنعقد بالتزامن معه في الشوارع والفضاءات العامّة، يشرف عليها الداعون إلى عولمة مضادّة بديلة ذات مضمون مغاير ومشاريع تبشّر بالعدالة الاجتماعيّة والسّلام والديمقراطية(1). وللحدّ من فعاليّة هذه المنتديات الاحتجاجيّة ولجم صوتها يتمّ اتّخاذ تدابير أمنيّة لضمان راحة الزعماء الديمقراطيين جدّا(أغلق الطيران الأمريكيّ مثلا المجال الجوّيّ لمدينة” لاكويلا” لتأمين نزول طائرة أوباما). ومنذ قمّة جنوة 2001 تنعقد هذه القمم في أماكن قصيّة بعيدا عن المدن الكبيرة( تجري قمّة 2009 في مدرسة – ثكنة ) ويُشدَّد الخناق على الوافدين عليها وتُستًعمل العصا الغليظة لتفريق المناوئين للعولمة(من الحوادث المشهورة نذكر” ليلة الهراوات” إبّان قمّة جنوة 2007، ومصرع الناشط “كارلو جيولياني” برصاص الشرطة).
ومن الحركات المناهضة لهذه القمم ومساراتها المعادية لتطلّعات الشعوب، نشير إلى جماعة “أتاك” وهي تنظيم يساريّ ممثّل في 50 بلدا يناضل منذ1998 من أجل فرض ضريبة على الصفقات لمساعدة المواطنين (تعرف بضريبة “توبين”). وقد أصدر فرعه بفرنسا في 9 جويلية- يوليو2008 بيانا بمناسبة القمّة الملتئمة باليابان السنة الفارطة هذه ترجمته:}}
{{قمم الدول الثماني الصناعيّة الكبرى هي التعبير عن سلطة غير شرعيّة وعولمة غير شعبيّة:}}
منذ سنة 1975 تجتمع أهمّ القوى في العالم في جلسات مغلقة للتباحث وتقديم أجوبة بشأن المشاكل العالميّة. وإبّان اجتماعاتها الأولى كانت الغاية بالنسبة إلى مجموعة الثمانية – ألمانيا ، الولايات المتّحدة، فرنسا، اليابان، المملكة المتّحدة لتنضمّ إليها سنة 1976 كلّ من كندا وإيطاليا ثمّ روسيا سنة 1999-إيجاد حلول مع نهاية النظام المالي الدوليّ المعتمد سنة 1944 بمقتضى اتّفاقات” بروتون وودز” (التي كان أساسها تحويل الذهب إلى الدولار) ومع أوّل صدمة بتروليّة سنة 1973. وكشفت هذه القمم السنويّة منذ البداية عن طابعها الأوليغرشيّ (الأقلّي)، فالقوى العالميّة الأساسيّة تجتمع لتقرّر فيما بينها ما تراه صالحا للشعوب كافّة .
وبسرعة فائقة تصدّرت اجتماعات مجموعة الثمانية مجمل الأحداث العالميّة، وأضحت فضاء لممارسة السلطة على الصعيد العالميّ. وبالفعل، صدرت دائما عن قمم هذه المجموعة توصيات (لا تتّخذ قمّة مجموعة الثمانية أيّ قرار وإنّما تصدر توصيات “فقط”) تمكّن من إقامة صرح النظام النيوليبراليّ الذي نعرفه اليوم، وذلك من خلال مؤسّسات ماليّة دوليّة (صندوق النقد العالميّ- البنك العالميّ) التي تمتلك الدول الأعضاء في مجموعة الثمانية أغلبيّة الأصوات فيها.
وتعدّ مجموعة الدول الثماني بما هي الحكومة العالميّة الفعليّة هيكلا فاقدا للشّرعيّة. فليس لأيّ رئيس دولة أو حكومة من الحاضرين إبّان قمم مجموعة الثمانية أيّ تفويض ديمقراطي لإدارة القضايا التي تعني العالم بأسره. وليست مجموعة الثمانية إلاّ تذكيرا بحقب ماضية عندما كانت القوى العظمى تقتسم العالم في جلسات مغلقة….
غير أنّ سلطة مجموعة الثمانية أضعفتها اليوم سلطة القوى الصاعدة. ولكنّ ليس لمقترحات توسيع المجموعة لتشمل مجموعة الدول الخمس (الصّين، الهند، البرازيل، المكسيك وجنوب إفريقيا) أن تسحب منها صفة الطابع غير الشرعيّ الذي يميّز سلطتها.
وعلى خلاف هذا، فمن الضروريّ إصلاح مؤسّسة من قبيل منظّمة الأمم المتّحدة وتعزيزها حتّى نشهد نتيجة لذلك ميلاد فضاء ديمقراطيّ فعليّ ليتناول المسائل التي تعني كافّة الشعوب .
إلاّ أنّ المرجّح أكثر أنّ الحكومات لا تريد بالفعل أن ترى الشعوب حاضرة. وعلى غرار البناء الأوروبيّ – حيث لا يتردّد زعماء الدول أو رؤساء الحكومات في وضع نتائج الاقتراع الشعبيّ موضع سؤال- فإنّ مجموعة الدول الثماني تسعى إلى أن تخمد صوت احتجاج بدائل الليبراليّة الجديدة وتكبت مقترحاتها.
وعلى هذا النحو، وقبل حتّى انعقاد القمّة المضادّة التي دعت إليها المنظّمات غير الحكوميّة والحركات المنادية بعولمة مغايرة تمّ إحكام تقييد الدخول إلى الأراضي اليابانيّة. وجرت كذلك استجوابات مطوّلة لعدد من الشخصيّات (من جامعيين وصحفيين ونقابيين) مشهود لها بخبرتها العلميّة ودورها المضادّ للسّلطة، وظلّ بعضهم قابعا في محلاّت شرطة الحدود طوال أكثر من 12 ساعة.
وتمّ رفض دخول 23 شخصا إلى اليابان، ومن بينهم على وجه الخصوص وفدان كوريّان من فيدراليّة النقابات الديمقراطية ونقابات الفلاّحين. ووقع رفض تقديم تأشيرة دخول لشخصيات أخرى من بنغلاديش والفيليبين والنيبال إلخ، رغم دعوتها رسميّا من تنظيمات معروفة بمساهمتها في المنتديات. وتمّ السماح لعدد آخر من الشخصيات بالإقامة في اليابان ولكن لفترة محدودة جدّا حارمة إيّاها من إلقاء كلمة في الاجتماعات العموميّة التي دُعيت إليها.
ومثلما هو الشأن في قمّة الثمانية في ألمانيا في السنة الماضية تمّ تطبيق إجراءات استثنائيّة استهدفت مناضلين من أجل عولمة مغايرة، وهي إجراءات تعمد إلى مقارنة الاحتجاج السلميّ ضدّ النظام الليبرالي بعمليّة إرهابية محتملة.
ومن الواجب تقديم الحجج المناقضة لحجج الحكومات العضوة في مجموعة الثمانية، على أن يتمّ ذلك بكلّ حرّية في المنتديات والتظاهرات. وإنّ كلّ منع للتعبير الحرّ يعدّ انتهاكا للحرّيات الأساسيّة المعترف بها في الدول الديمقراطية الحديثة.
إنّنا ندين الإجراءات البوليسية التي اتّخذتها الحكومات بمناسبة انعقاد قمم مجموعة الثمانية، ونطالب إنهاء سلسلة الإيقافات التي طالت الصحفيين والمناضلين الذين كانوا عينا شاهدة على عدم الشعبيّة العالميّة لقمّة مجموعة الثمانية و”توصياتها”. وإنّنا نطالب بإلغاء قمّة الثمانية وإحلال محلّها منظّمة أمم متّحدة يجري إصلاحها جذريّا مع التطبيق الكلّيّ لشرعتها وللإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والذي يقع إخضاع المؤسّسات الدوليّة الأخرى لمقتضيات فصوله( ونذكر بالخصوص منظّمة التجارة العالميّة).
“أتاك فرنسا”- مونتروي -9 جويلية –يوليو 2008
http://www.france.attac.org/spip.php?page=imprimir_artiulo&id_article=8729
http://fr.wikipedia.org/wiki/G8(1)
المراجع
alawan.org
التصانيف
تاريخ أحداث قصة