لقد تغيرت وسائل الإعلام التقليدية وشهدت تحوّلا سريعا، وأصبحت تستند إلى استخدام الحواسيب الرقمية، والإنترنت وألعاب الكمبيوتر. ومع ذلك، فإنّ هذه ليست سوى أمثلة صغيرة لوسائط الإعلام الجديدة. تقول أندرو شابيرو: إنّ الإعلام الحديث يبشّر بظهور دول جديدة، تعتمد التكنولوجيات الرقمية في شتى الميادين، ممّا سيؤدّي إلى تحوّل جذريّ في من يسيطر على المعلومات والخبرات والموارد". هذه الوسائط الجديدة تمتلك القدرات التقنية لتغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية في الاتجاه المعاكس.
المتلقي هو المرسل والعكس بالعكس
إنّنا نشهد تطوّرا عالميّا، شبكة مترابطة من الصوت والفيديو والنصوص والرسائل الإلكترونية، من شأنه أن يجعل من الصعب التحكم في المضمون والمحتوى، فلم يعد الجمهور هو المتلقي للرسالة الإعلامية لكنه اليوم هو من يصنعها، وسوف يتغيّر معنى البعد الجغرافي بسبب الزيادة الهائلة في حجم الاتصالات، وتوفير إمكانية زيادة سرعة الاتصالات، وتوفير فرص للاتصال التفاعلي، إضافة إلى السماح لأشكال الاتصال التي كانت منفصلة لتتداخل وتتواصل. يقول "جيمس دوغلاس كيل": إنّ وسائط الإعلام الجديدة، وخاصة شبكة الإنترنت، توفّر إمكانات ديمقراطية للجمهور، فهي تمكّن المواطنين من المشاركة في معلومات وافية وغير هرمية ذات صلة لمناقشة الهياكل الاجتماعية، مما سيؤدّي إلى مستوى نفوذ عالميّ للجمهور، لا يمكن تصوّره حتى الآن.
هذه التقييمات الإيجابية المحتملة للآثار الاجتماعية لوسائل الإعلام الجديدة سيكون من الصعب التنبّؤ بمدى وشكل التحوّل الذي قد تصنعه بالبنية الاجتماعية، خاصة في ظل عدم قدرة أجهزة الدولة على تعقّب الشبكات الاجتماعية المعقّدة التي تحكم التنمية والتمويل والتنفيذ والتطوير في المستقبل من أي تكنولوجيا.
"مجتمعات افتراضية" على شبكة الإنترنت
أن "المجتمع الافتراضي " والذي يصعب فهمه ويصعب، إلى حدّ ما، تحديده وتعريفه وقياسه على وجه الدقة، يعرّف بشكل تقريبيّ بأنّه:" مفهوم يتعلق بالبرمجيات المستخدمة من حيث تجهيزها واستعمالها، وهو أيضا مفهوم يشير إلى مجموعة معينة من مستخدمي الإنترنت. كذلك يتكون هذا المجتمع، حين يصبح مجموعة من الأفراد على الخطّ، يتشاركون في تفاعل اجتماعي رقمي بشكل ما، له خصائصه التكنو –اجتماعية". "د. علي رحومة"
وربما يشير المفهوم أيضا إلى جماعات تشترك في خصائص اجتماعية أو تنظيمية أو ثقافية، أو سواها. أو ربما يشترك أعضاء هذا المجتمع الافتراضي في توجّهات فكرية معينة، أو اهتمامات علمية أو اقتصادية أو فنية، أو إعلامية، الخ..
وتعدّ المدوّنات إحدى هذه المجتمعات الافتراضية والتي تشكل سلطة ثقافية جديدة، هي ثقافة الكشف والبوح التي تهدد مراكز السلطة والبُنى الاجتماعية السائدة. ويكتب المدوّنون في نواحٍ شتى، في السياسة والثقافة والأدب والفنون والاقتصاد، يدوّنون عن أنفسهم بكل حرية في هذا الفضاء الجديد الواسع وهم يبحثون عن متنفس حرية ينطلقون منه. إلا إن المتصفح لحجم المدونات العربية على الشبكة كما تشير الإحصائيات هي حوالي 490 ألف مدونة، أي لا تزيد نسبتها عن 0.7 بالمائة من حجم المدونات العالمية، و30 بالمائة من هذه المدوّنات في مصر. ويتعرّض المدوّنون في المجتمعات العربية إلى الملاحقة والسجن، ممّا يشكّل عائقا كبيرا أمام دخول المجتمع العربي فضاء الإعلام الجديد، والذي لا يعني إطلاقا امتلاك الأدوات، فالإعلام الجديد لا يقتصر على الأدوات والوسائل والوسائط، لكنه أيضا يشكّل الفرد الإعلامي الجديد والمحتوى الإعلامي الجديد أيضا.
يقول عمار بكار، المدير العام لإدارة الإعلام الجديد في مجموعة إم بي سي، إن ما يحدث في المؤسسات الإعلامية الحالية هو محاولة إستراتيجية لاحتساب ما قد يحصل في المستقبل إذا قدمت معلومة من خلال أي وسيلة، حيث إنه من الطبيعي لأي مؤسسة إعلامية أن تصل لجمهورها من خلال أي وسيلة، لكن في نفس الوقت إذا لم تدرك أي وسيلة إعلامية الخصائص التفاعلية للإعلام الجديد أو تجاهلتها فتكون قد أحدثت دمجاً أضر بالوسيلتين وهو ما تقوم به بعض الصحف من خلال نقلها لنسختها الورقية كما هي على الانترنت، فالصحيفة الورقية لها طريقتها وقواعدها في مخاطبة الجمهور كما أن المواقع الإلكترونية لها قواعدها المختلفة تماماً.
في المؤتمر الثامن الذي نظمه منتدى الإعلام العربي حول الإعلام الجديد قال :"حسني الخفش مدير جوجل الإمارات أن الإعلام الجديد يرتبط أكثر بطريقة التوزيع أو طريقة العمل وتكمن قوته في إعطاء الإنسان العادي القدرة على نقل رأيه والتفاعل به. واعتبر الخفش أن المحتوى العربي على الانترنت ضعيف كماً ونوعاً، وهو ما يجعل من هذه القضية بمثابة التحدي الحقيقي الذي يجب التركيز عليه في الفترة المقبلة، معتبراً كذلك أن الخطر الأهم هو عدم وجود كتابات باللغة العربية على الانترنت.
ويبقى السؤال الأخير: متى يمكن للعرب أن يدخلوا فضاء الإعلام الجديد؟

المراجع

موسوعة الاوان

التصانيف

التقنيات  حواسيب