عزف على الوتر الثامن –5 –
1 - مواقيت أخرى
خارج المواعيد يلتقيان, وعلى مدار اللحظ يعيشان الدهشة والفرح.. يصحو من النوم يتصل بها, يشرب النعاس العالق بعينيها, ويسحب الخدر من وجهها, ويغرق في الدهشة.. تدخل هي الحضور, فيسبح هو في غيم من أريج امرأة.. تسأل كل يوم:
- الحب ما نعيش يا منسي؟
- هو أبعد الحب يا رضاب
- كيف؟ وأنا لم أعرف الحب يا رضاب.
يدخلان طقس العري الجميل, ينفضان عن جلديهما قشورا التصقت بهما آلاف السنين.. يدخل الواحد منهما تحت جلد الآخر, يكتشفان كل يوم جديدا, ويمارسان الرقص.. ترقص على نبض دمه, ويرقص على إيقاع لهاثها,حتى صياح الديك..في ذات اللحظة يسألان:
- هلا ننام | |
يطير قبلة تسكن شفتيها قرنفلة.. تصبح امرأة ن قرنفل, تأخذه إلى حضنها وتنام.. وينام في غيمة من عطر امرأة هناك, لا يعيران انتباها لصياح الديك:
- هيا انهضوا يا نيام
هل يغفر الديك لرجل وامرأة يفصل بينها صحارى وبحار وسهول.. اختارا مواقيت الهيام | ؟
2 - سر الخلود
اليوم علمني النحل درسا في الخلود, خرجت الملكة طارت صعدا بجناحين قصيرين وخصر نحيل.. تبذل جهدا فائقا, وتحدث طنينا راغبا, فيشهد الكون مارثون لهاث الذكور | | واحد انن على ميعاد.. أخصب الملكة ومات.. شهقت صاحبتي:
- كيف يموت العاشق شوقا؟ | |
- لم يمت هو نال الخلود
مرتعدة قالت:
- هل في الموت خلود؟ |
- انظري ما يحل بن هزموا | |
عادت الذكور الخائبة كسيرة, قذفتها الشغالات خارج الخلية قتيلة.. وهذا ما يعرف في عرف النحل بمذبحة الذكور.. قالت:
- ولِمَ القتل والحال في مملكة النحل رحيق وعسل | |
- من لا جدوى منه يموت, أما الذي أودع نطفته سيعود مع النسل وقد نال الخلود.. هكذا قانون الغرائز.
- كيف نعيش العسل دون الذهاب إلى الموت طوعا؟
وغفت على صدري, وصعدنا إلى حيث نشأنا في مجرة الورد على مدار برج الحمل, رجل وامرأة قبل أن يصور الله وجوه البشر..
كان الهواء رحيق,والماء عسل.. وسمعنا صوت ملاك فرحا يردد:
- هذه المرأة الحمل رضاب, أول من علم الكائنات كيف يكون الخلود في بني البشر, فقد أودعها الله سر تحويل الرحيق إلى عسل..
3 - سورة القرنفل
.. والتقينا في بيداء الوقت, كان الوقت جفاف.. قالوا:
- كيف يلتقي عاشقان في زمن الجفاف | |
وأعرضوا عنا وأشاحوا بوجوههم بعيدا..وبقينا وحدنا قلت:
- ما العمل حبيبتي؟
رفعت كفك للسماء وناجيتِ الرب:
- لا تخذلني بحبيبي يا رب القلوب
ضحك الرب وأنزل مطرا من قرنفل, وأودع فينا سر الرغبات قلت:
- وماذا بعد يا رضاب | |
نظرت من حولك.. مسحت أطراف المدى وأشرت نحو نجمة راقصة وسألتِ:
- ماذا ترى هناك؟
- هي غزة يا رضاب.
ثم أشرتِ في الناحية الأخرى نحو نجمة تغني وسألتِ:
- وماذا هناك يا المنسي؟
- هي المستنير.. | |
وأخذتني إلى صدرك.. قلتِ:
- ارضع.
فرضعت حتى الشبع غناءً, فتحولتِ إلى امرأة قيثارة تعزف لحنا, وجدلت من صوتي وصوتك وترا يمتد بطول المسافة بين غزه والمستنير..
4 - وصيفات الأميرة
كل ليلة يقف بين يديها:
- ماذا تأمرني الأميرة؟
- اكتبني على صفحة صدرك.
كل ليلة يكتبها, فتجد نفسها امرأة جديدة, حتى كانت الليلة الألف صارت ألف امرأة, عاشقة ما عداها..
هذه الليلة فتحت له باب القصر:
- ادخل.
شهق ودخل غيمة الشوق, وشكا للريح:
- ألف امرأة هبطن من صدري يعملن وصيفات في قصر الأميرة
بقلم غريب عسقلاني
المراجع
ahewar.org
التصانيف
تصنيف :شعر الآداب
|