وضع الصوفية قواعد عامة لتربية مريديهم وكلها تحوم حول الخضوع التام من المريد للشيخ، بحيث يتحول التلميذ المسكين إلى آلة جوفاء تردد ما يقال لها بلا تفكير ولا شخصية مستقلة، بل انقياد أعمى، وحتى تتم هذه التربية الذليلة ألزموهم بلبس معين ومشية معينة وشيخ معين وطريقة معينة. ومن هذه القواعد المتعارفة بينهم: 
كن بين يدي الشيخ كالميت بين يدي المغسل. 
لا تعترض فتنطرد. 
من قال لشيخه لِمَ ؟ لا يفلح. 
من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان. 
  ومشت الجماهير المغفلة وراء الشيوخ يقبلون الأيدي وينحنون لهم بالتعظيم كلما رأوهم، لا يتكلمون إلا إذا تكلم الشيخ، يصدقون بكل ما يقول، ويحملون له حذاءه وسجادته. وقد فلسفوا كل هذا في كتبهم تحت عنوان (آداب المريد) فقالوا: " ومن الأدب تعظيمه ظاهراً وباطناً، ولا تصاحب له عدواً ولا تعادي له صديقاً، ولا تكتم عنه شيئا مما خطر ببالك (مثل اعترافات النصارى)، ولا تسافر ولا تتزوج إلا بإذنه، وأعظم من هذا قالوا: وحرم على المريدين السؤال لأن الشيخ قد يكون جاهلاً فينفضح  . 
  وهذا الأسلوب في تربية الأتباع ليس مستحدثاً بل تكلم عنه القشيري في (رسالته) فقال: " من صحب شيخاً من الشيوخ ثم اعترض عليه بقلبه فقد نقض عهد الصحبة ووجبت عليه التوبة، ثم إن الشيوخ قالوا: حقوق الأستاذين لا توبة منها "  . 
وقد أدى هذا الأسلوب إلى الغلو في المشايخ، الغلو في الصالحين فالغزالي  هو صاحب الصديقية العظمى برأي أبي العباس المرسي  ، والشيخ نجم الدين يستحي أن يصلي باتجاه القبلة وخلف الشيخ أبو العباس المرسي (القطب) فأدار وجهه باتجاه القطب !! ولكن أبا العباس كان متواضعاً فقال له: أنا لا أرضي خلاف السنة  فقط خلاف السنة ترك القبلة ؟! وقد كان أحمد الشريف السنوسي – من المعاصرين – شديد الاعتقاد بعمه محمد المهدي الذي لا يرى فوق طبقته أحداً إلا سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وسلم "  . 
  وانتقلت عدوى هذه الطريقة في التربية إلى الآباء فربوا أبناءهم على الطاعة العمياء وأجبروهم على عادات معينة فيخرج الطفل شخصية ضعيفة. 
ولنا على هذه التربية الملاحظات التالية: 
هذه الأساليب في تربية المريدين هي أساليب ماكرة إما لتغطية ما على الشيخ من جهل بالدين وقلة بضاعة في العلم، أو لممارسة أشد أنواع السيطرة على عقول وقلوب الناس، وباسم احترام الشيخ. وقولهم (العلم في الصدور لا في السطور) إنما هو صرف للتلاميذ عن كتب الفقه والحديث لأنه إذا قرأ فربما يتفتح عقله – فينتبه لما عند الشيخ من دجل وخرافات.لم يتربَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه التربية الخانعة ولكنهم تربوا تربية القيادة والرجولة، فكان أحدهم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَحيٌ هذا أم هو الرأي والمشورة؟ فإن كان الرأي والمشورة أدلى برأيه كما فعل سعد بن معاذ في غزوة الخندق عندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مصالحة قبائل غطفان، وكان صلى الله عليه وسلم بقيادته الحكيمة يستمع لهم ويناقشهم وجوه الرأي ولا يقول لهم: كيف تعترضون علي وأنا سيد الخلق ورسول من رب العالمين ؟ ومع حبهم الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يقومون له ولا يقبلون يديه كلما دخل وذلك لمعرفتهم أنه يكره المبالغة في تعظيم البشر، وعقل الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه التربية فكان أول ما تكلم به أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما تولى الخلافة " وإن أسأت فقوموني " ويقول: " أي سماء تظلني وأي ارض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي " والصوفية يقولون: الشيخ يسلم إليه طريقته، وأي طريقة مع الشرع ؟ ويكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقادة الجيوش وأمراء الأقاليم: " لا تضربوا أبشار الناس فتذلوهم " ذلك لأن الشعب الذليل لا خير فيه، كما ذكر القرآن الكريم قصة بني إسرائيل عندما كانوا أذلاء تحت حكم فرعون، فلما أراد موسى إخراجهم إلى العزة والكرامة قالوا له
فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ{المائدة:24}. 
  وعقل التابعون هذه التربية فكانوا يكرهون " أن توطأ أعقابهم "  وهو أن يمشي التلاميذ وراء الشيخ، ويقولون: " إنها فتنة للتابع والمتبوع "  ، ولم يعتد الصحابة تقبيل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا وقع فيكون نادراً، وذهب بعض العلماء إلى كراهية تقبيل اليد مطلقاً كالإمام مالك، قال سليمان بن حرب: هي السجدة الصغرى  . وعن أنس بن مالك قال:
((قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض ؟ قال: لا))  . 
أما لماذا تسير هذه الألوف من البلهاء وراء شيوخ الصوفية ربما يكون هروباً من الواقع، ولعلها تصادف متنفساً غير حقيقي لمشاكلهم وأرجح أنه ابتعاد عن التكليف الذي يفرضه الإسلام وخاصة في أوقات الشدة والعسرة، وبعض الناس يصدقون أغرب القصص لمجرد رغبتهم في أن تكون هذه القصص صحيحة والواقع أنها غير صحيحة  .


المراجع

موسوعة الدرر السنية

التصانيف

عقيدة  فرق منتسبة للاسلام