جَارَى الجِيَادَ، فَطَارَ عَنْ أوْهامها 
سَبْقاً، وكَادَ يَطيرُ عَنْ أوْهَامِهِ 
جَذْلانُ، تَلْطُمُهُ جَوَانبُ غُرّةٍ،
جَاءَتْ مَجيءَ البَدْرِ عِندَ تَمَامِهِ 
وَاسْوَدّ ثمَّ صَفَتْ، لعَيْنَيْ نَاظِرٍ، 
جَنَبَاتُهُ، فأضَاءَ في إظْلامِهِ 
مَالَتْ جَوَانِبُ عُرْفِهِ، فََكَأنّهَا 
عَذَبَاتُ أثْلٍ مَالَ تَحتَ حَمَامِهِ 
وَمُقَدَّمِ الأُذْنَينِ، تَحْسِبُ أنّهُ 
بِهِمَا يَرَى الشّخْصَ الذي لأمَامِهِ 
يَختالُ في استِعرَاضِهِ وَيُكبُّ في استدْ 
بارِهِ، وَيَشِبُّ في اسْتِقْدَامِهِ
وَإذا التَقَى الثَّفْرَ القَصِيرَ وَرَاءَهُ،
فالطّولُ حَظُّ عِنَانِهِ وَحزَامِهِ 
وَكَأنّ فَارِسَهُ، وَرَاءَ قَذالِهِ، 
رِدْفٌ، فَلَسْتَ تَرَاهُ مِنْ قُدّامِهِ 
لانَتْ مَعَاطِفُهُ، فَخُيّلَ أنّهُ، 
للخَيْزُرَانِ، مُنَاسِبٌ بِعِظَامِهِ 
في شُعْلَةٍ كالشّيبِ لاحَ بمَفْرِق، 
غَزَلٌ لهَا عَنْ شَيْبِهِ بِغَرَامِهِ 
وَمُرَدَّدٍ بَينَ القَوَافي يَجْتَني 
مَا شَاءَ مِنْ ألِفِ القَرِيضِ وَلامِهِ 
وَكَأنّ صَهْلَتَهُ، إذا اسْتُعْلي بِها، 
رَعْدٌ يَُقَعْقِعَُ في ازْدِحَامِ غَمَامِهِ 
مِثْلُ العُقابِ انْقَضّ مِنْ عَلْيَائِهِ، 
في بَاقِرِ الصَّمّانِ، أوْ أرْآمِهِ 
أَو كالغُرَابِ غَدَا يُبَاري صَحْبَهُ 
بِسَوَادِ نُقْبَتِهِ، وَحُسنِ قَوَامِهِ 
لا شيءَ أجْوَدَ مِنْهُ غَيرُ فَتًى غَدَا 
مِنْ جُودِهِ الأوْفَى، وَمِنْ إنْعامِهِ
أرْسَلْتُهُ مِلْءَ العُيُونِ مُسَلَّماً 
مِنْهَا، بشَهْوَتِهَا لِطُولِ دَوَامِهِ 
وَكَأنّ كُلّ عَجِيبَةٍ مَوْصُولَةٍ 
بِتَقَسّمِ اللّحَظَاتِ في أقْسَامِهِ 
وَالطِّرْفُ أجْلَبُ زَائِرٍ لِمَؤونَةٍ، 
مَا لمْ تُزِرْهُ بسَرْجِهِ وَلِجَامِهِ 

اسم القصيدة: طفقت تلوم ولات حين ملامه.

اسم الشاعر: البحتري.


المراجع

klmat.com

التصانيف

شعر   الآداب