من أصعب
الأمور على المتصوفة وخاصة المتأخرين منهم الاهتمام بالعلوم الشرعية وخاصة الحديث
والفقه، لأن هذه العلوم تكشف ما هم عليه من جهل وإذا دخلت في قلوب وعقول التلاميذ
فلا يبقى حولهم أحد، أما المتقدمون فكان لهم عناية بالعلوم الشرعية ولكن إما أن
يكون أحدهم مفصوم الشخصية فتجده عالماً في الفقه وأصوله ولكن عندما يتكلم في
التصوف ينقلب إلى شخصية أخرى كأبي حامد الغزالي، وإما أن يترك العلم بعد أن يكون
قد أخذ بقسط وافر منه، باعتبار أن العلم وسيلة للعمل فإذا وصل إلى العمل فلا داعي
للعلم، وهذه مغالطة لأن المسلم يحتاج للعلم حتى آخر لحظة من حياته، وقد رمى أحمد
بن أبي الحواري كتبه في البحر وقال: نِعمَ الدليل كنتِ.
وأبو حامد
الغزالي يبرر هذا البعد عن علوم الشريعة وهذا الميل من المتصوفة إلى علم
الكشف فيقول: " اعلم أن ميل أهل التصوف إلى الإلهية دون التعليمية، ولذلك لم
يتعلموا ولم يحرصوا على دراسة العلم بل قالوا الطريق تقديم المجاهدات والإقبال على
الله ويقطع الإنسان همه من المال والولد والعلم ويقتصر على الفرائض والرواتب ولا
يقرن همه بقراءة القرآن ولا يكتب الحديث ".
يقول ابن الجوزي
معلقاً على كلام الغزالي: " عزيز علي أن يصدر هذا الكلام من فقيه فإنه لا
يخفى قبحه، فإنه في الحقيقة طي لبساط الشريعة " . ومن الأوهام التي وقعوا فيها قولهم: نحن نأخذ علمنا عن الحي
الذي لا يموت وأهل الحديث يأخذون علمهم ميتاً عن ميت وأنشد أحد شيوخه:
إذا طالبوني بعلم الورق
|
|
برزت عليهم بعلم الخرق
|
وبسبب إعراضهم عن
الحديث جمعوا الغث والسمين والموضوع والضعيف في كتبهم مثل (الإحياء) و (الرسالة) و
(حقائق التفسير) وهذه بعض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة الباطلة وكيف استندوا
إليها وقرروا بها مذهبهم:
قال بعض العارفين: أول المعرفة
حيرة وآخرها حيرة وذكروا حديثاً باطلاً: ((زدني
فيك تحيراً)) قال ابن تيمية: هذا حديث كذب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: رَّبِّ
زِدْنِي عِلْماً{طه:114} .
ذكر محمد بن طاهر المقدسي في
مسألة (السماع) حديث الأعرابي الذي أنشد النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأبيات:
قد لسعت حية الهوى كبدي
|
|
فلا طبيب لها ولا راقي
|
إلا الحبيب الذي شغفت به
|
|
فعنده رقيتي وترياقي
|
وأنه صلى الله عليه وسلم توجد
عندما سمع ذلك حتى سقطت البردة عن منكبيه ، قال ابن تيمية:
" هذا حديث مكذوب موضوع " ولا ندري كيف يروون هذا وأين عقولهم ؟ ولعلّ الحيات لسعت عقولهم وليس
قلوبهم.
رووا حديثاً ((لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه)) ، وهو من كلام أهل الشرك والبهتان وقد سمعنا بعض مشايخ الصوفية في
هذا العصر يحدث به ويعتقده.
((ألبسوا الصوف، وشمروا، وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا ملكوت
السماء)) ذكرها أبو طالب
المكي في (قوت القلوب ،
وهل يتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الكلام؟!، وهل هذا إلا اختراع
لتأييد مذهب التصوف بلبس الصوف؟!.
هذه نماذج قليلة
وغيض من فيض مما امتلأت به كتبهم، كالرسالة للقشيري حيث ذكر فيها الصحيح والضعيف
والموضوع، وحيث يروي عن الفضل بن عيس الرقاشي وهي من أوهي الأحاديث وأسقطها، وارجع إلى (الإحياء) لترى العجب العجاب، مما يدلنا على عدم
احتفائهم بعلم الحديث أو الفقه، بل ضربهم بالعلم كافة عرض الحائط.
المراجع
موسوعة الدرر السنية
التصانيف
عقيدة فرق منتسبة للاسلام