يَهُونُ عَلَيْهَا أنْ أبِيتَ مُتَيَّما،
أُعالجُ وَجْداً في الضّمِيرِ مُكَتَّمَا
وَقد جاوَزَتْ أرْضَ الأَعادِي وأصْبَحَتْ
حِمَى وَصْلِها مذ جاوَرَتْ أبرَقَ الحِمَى
بكَتْ حُرْقَةً، عندَ الوَدَاعِ، وأرْدفتْ
سُلُوّاً نَهَى الأحْشَاءَ أنْ تَتَضَرّما
فلَمْ يَبقَ مِنْ مَعْرُوفِها غَيرُ طائِفٍ
مُلِمٍّ بِنَا، وَهْناً، إذا الرّكبُ هَوّما
يَكادُ وَمِيضُ البَرْقِ عندَ اعتِرَاضِهِ
يُضِيىءُ خَيَالاً جَاءَ مِنْهَا مُسَلِّمَا
وَلمْ أنْسَهَا، عِندَ الوَداعِ، وَنَثرَها
سَوَابقَ دَمعٍ، أعجَلَتْ أن تُنَظَّمَا
وَقالتْ: هلِ الفَتحُ بنُ خَاقَانَ مُعقِبٌ
رِضًى، فيَعُودَ الشّملُ منّا مُلأّمَا؟
خَليلَيّ، كُفّا اللّوْمَ في فَيْضِ عَبرَةٍ،
أبَى الوَجْدُ إلاّ أنْ تَفيضَ وَتَسجُمَا
وَلاَ تَعْجَبَا مِنْ فَجعَةِ البَينِ إنّني
وَجَدتُ الهَوَى طَعمَينِ: شهداً وَعَلقَمَا
عَذيرِي مِنَ الأيّامِ رَنّقْنَ مَشْرَبي،
وَلَقّيتَني نَحْساً منَ الطّيرِ أشْأمَا
وأكْسَبْنَني سُخطَ امرِىءٍ بتُّ مَوْهِناً
أرَى سُخطَهُ لَيلاً معَ اللّيلِ مُظلِمَا
تَبَلّجَ عن بَعضِ الرّضَا، وانطَوَى على
بَقِيّةِ عَتْبٍ شَارَفَتْ أنْ تَصَرّما
إِذا قُلْتُ يَوْماً قَدْ تَجاوَزَ حَدَّهَا
تَلَبَّثَ فِي أَعْقَابِها وتَلَوَّما
وأصْيَدَ، إنْ نازَعْتُهُ اللّحظَ رَدّهُ
كَليلاً وإنْ راجَعتُهُ القَوْلَ جَمجَمَا
ثَناهُ العِدى عَنّي، فأصَبحَ مُعْرِضاً،
وأوْهَمَهُ الوَاشُونَ حَتّى تَوَهّما
وَقَد كَانَ سَهلاً واضِحاً، فتَوَعّرَتْ
رُبَاهُ، وَطَلْقاً ضاحِكاً، فَتَجَهّما
أمُتّخِذٌ عِندي الإسَاءَةَ مُحسِنٌ،
وَمُنْتَقِمٌ مِنّي امرُؤٌ كَانَ مُنعِمَا
وَمُكتَسِبٌ في المَلامَةَ ماجِدٌ،
يَرَى الحَمدَ غُنْماً، والمَلاَمَةَ مَغرَمَا
يُخَوّفُني من سُوءِ رأيِكَ مَعشَرٌ،
وَلاَ خَوْفَ إلاّ أنْ تَجُورَ وَتَظْلِمَا
أُعِيذُكَ أنْ أخشاكَ من غَيرِ حادِثٍ
تَبَيّنَ، أوْ جُرْمٍ إلَيكَ تَقَدّما
ألَسْتُ المُوَالي فيكَ نَظْمَ قَصَائِدٍ،
هيَ الأنجُمُ اقتَادَتْ معَ اللّيلِ أنجُمَا -tE-

عنوان القصيدة: يهون عليها أن أبيت متيما (1)

بقلم البحتري


المراجع

adab.com

التصانيف

شعراء   الآداب