إن الذي يختار التغلب على مشاكل النوم باستعمال الأقراص المنومة ،فإنه في معظم الأوقات لا يتوافر لديه علم كامل بخطر تلك الأقراص التي قد تسبب تعرضه الى الإدمان بعد عدة أسابيع من استعمالها.
عندما ينهض المرء من نومه مستيقظاً في منتصف الليل بصفة مستمرة ـ فإن ذلك لا يعد من الأمور الطبيعية ،خاصة إذا كان لا يتمكن النوم مرة أخرى فالأمر يصبح مزعجا ومنفرا له ، ويوّلد ذلك شعوراً بالقلق لا يساعد على الراحة النفسية حتى يصل الأمر الى الشعور بالغضب مما يكبر المشكلة وتحدث الإصابة بالاضطراب النفسي .
في ألمانيا يعمل الأطباء والباحثين على دراسة أسباب القلق التي تتملك الناس تحت ظروف معينة وتسبب لهم الأرق في النوم ،خاصة وانهم يعرفون ان هؤلاء الناس يدورون في حلقة مفرغة لا تأتي بنتيجة ما ،عندما يلجأون الى استخدام الأقراص المنومة والمهدئات دون محاولة البحث في أسباب الآرق ولماذا؟
تذكر الإحصائيات في هذا الصدد أن حوالي 15 إلى 25 % من الألمان يعانون من ارق النوم ،في ذات الوقت الذي يعاني فيه 45% من السكان من أشكال متنوعة من الأرق ما بين مزمنة أو مؤقتة دون معرفة أسباب ذلك .
يرى الأطباء الألمان ان الأرق في كثير من الأوقات سرعان ما يتحول الى حالة نفسية شديدة التعقيد، لأن بدايته لا تكون مفهومة للشخص الذي يعاني منه
ـ فبعد عدة ليالي متتالية من الأرق يبدأ المرء في دخول حالة من الصراع مع نفسه محاولا التحدي والتغلب عليه والنوم بالإجبا ر، وهذا ما لا يمكن تحقيقه، فسرعان ما يتحول الأرق الى كابوس بسبب ذلك التحدي فيتحول الإنسان الى المرض بسبب التوتر والإجهاد والمشاعر السلبية التي تؤدي الى زيادة الإثارة ومن ثم الوصول الى حالة قوية من الانتباه واليقظة وهو الأمر الذي يزيد من حالة الأرق التي تستلزم تناول الأقراص المنومة ..
يرى الناس بصفة عامة ، ان من يذهبون الي الفراش للنوم هم الذين يعانون من الإجهاد وهذا يعني ببساطة انهم يتوقعون نوما هادئا وأحلاما سعيدة وعندما لا تأتي هذه التمنيات ويهرب النوم فهنا يبدأ التساؤل ماذا يحدث ؟ وهنا يبدأ المرء طريق البحث عن الأسباب والخطأ المسبب !
وعندما تتفاقم المشكلة تبدأ زيارة الطبيب الذي غالبا ما يصف جرعة من الأقراص المنومة للمساعدة على النوم ،وفي هذا الصدد تذكر الإحصائيات الطبية الألمانية أن نسبة تقع بين 20 الي 45% ممن يعانون الأرق يداومون على استعمال الحبوب المنومة بشكل منتظم ، ورغم أن تلك الأقراص المنومة يصفها الأطباء دائما لأجل قصير وفي ظروف معينة ،فإنه إذا تم استخدامها بشكل يخالف نصائح الأطباء فإن من شأن ذلك ان يعرضهم الى خطورة الإدمان .
بشكل عام: يجب على المريض قبل ان يذهب الي الطبيب ويسأله عن صرف أدوية تساعد على النوم ، يجب عليه قبل ذلك أن يخبره عن التشخيص والأسباب الكامنة وراء عدم النوم ويجب أيضا شرح الحالة كاملة وعن المنبهات التي يتناولها المريض في أوقات الليل المتأخرة، كذلك يجب التأكد من ان أمراض نفسية أو اضطرابات عقلية أو اكتئاب وغيرهم من علل لاتقف وراء الأرق، وفي هذا الخصوص تنصح إرشادات ألمانية المرضى من توخي الحذر من الأطباء الذين يصفون تعاطي الحبوب المنومة في أول 5دقائق من دخول العيادة دون ان يتطرقوا الى أسباب الأرق .
لكن ما هي الحبوب المنومة ؟وماذا تفعل تحديدا؟ ولماذا الخوف من إدمانه.؟
الأقراص الأكثر استعمالا هي البنزوديازيبينات وهي من مشتقات" البنزوديازبين" الذي هو عبارة عن مجموعة من العقاقير ذات خاصية وفعالية مشتركة إلا أنها قد تختلف في قوة وسرعة المفعول، عادة ما يستخدم العقار الطبي المشتق من هذه المادة في علاج كثير من الحالات المرضية كمهدئ ومنوم ويساعد كثيرا في استرخاء العضلات وكبح النوبات الصرعية.
إلا أن فعاليته القوية ساعدت في زيادة الإقبال عليه سواء بنصيحة الطبيب او بدونها ، وساعد ذلك الشباب على سوء الاستعمال مما عرض بعضهم لحالات الإدمان .
ففي الأوقات الأخيرة انتشرت ظاهرة تناول عقار البنزوديازيبينات وسط الشباب وطلبة المدارس بصورة كبيرة عندما اكتشفوا مفعوله السحري في التهدئة وإزالة القلق والتوتر والهموم والمشا. .
وعند وصول الشاب إلى درجة إساءة الاستعمال التي يجد فيها نفسه مندفعاً للتعاطي بالرغم من السلبيات وفي غياب الإشراف الطبي فان ثمة إدمان يمكن ان يصيبه من جراء ذلك .
هكذا تبدأ أعراض هذا الإدمان في تدهور مظهر الشاب العام وفي أدائه المهني أو الأكاديمي والأسري والاجتماعي وفي صحته وكذلك في ملكاته المعرفية كالتركيز والاستيعاب والإدراك. وكل هذه المؤشرات مهمة ويجب التنبه إليها وعندما تبدأ بالظهور تدريجيا على شاب كان معروفا بالاتزان والسلوك المستقيم عند ذلك يصبح خطر تعاطي العقار خطير جدا.
المراجع
elaph.com
التصانيف
حياة صحة صحة عمومية العلوم التطبيقية العلوم الاجتماعية