المراد بالتلازم هنا: ارتباط الظاهر بالباطن وتأثير كل منهما في الآخر، بحيث يستحيل وجود إيمان صحيح في الباطن من غير أن يظهر موجَبه ومقتضاه على أعمال الجوارح قولا وعملا، بل حيث وُجد الإيمان في الباطن لزم أن ينفعل البدن بالممكن من أعمال الجوارح. فالعمل الظاهر لازم للإيمان الباطن لا ينفك عنه، وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم، فيُستدل بانتفاء العمل الظاهر بالكلية على فساد الباطن.
قال شيخ الإسلام في بيان هذا التلازم: (وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له، لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجَب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة. فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجَب ما في القلب ولازمُه ودليلُه ومعلولُه، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضا تأثير فيما في القلب، فكل منهما يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل، والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه)  .
وقال: (ثم إنه إذا تحقق القلب بالتصديق والمحبة التامة المتضمنة للإرادة لزم وجود الأفعال الظاهرة؛ فإن الإرادة الجازمة إذا اقترنت بها القدرة التامة، لزم وجود المراد قطعا، وإنما ينتفي وجود الفعل لعدم كمال القدرة، أو لعدم كمال الإرادة وإلا فمع كمالها يجب وجود الفعل الاختياري)  .
وقال: (وقد بسطنا الكلام على هذه في مسألة الإيمان، وبيَّنا أن ما يقوم بالقلب من تصديق وحب لله ورسوله وتعظيم، لابد أن يظهر على الجوارح، وكذلك بالعكس، ولهذا يُستدل بانتفاء اللازم الظاهر على انتفاء الملزوم الباطن، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: 
((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب))  
ومن هذا الباب قوله تعالى: 
لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ {المجادلة: 22}، وقوله:وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ {المائدة: 81}، وقوله: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لاعَدُّوا لَهُ عُدَّةً{التوبة:46} فإن الإرادة التي في القلب مع القدرة توجب فعل المراد، والسفر في غزوة بعيدة لا يكون إلا بعدة)  .


المراجع

موسوعة الدرر السنية

التصانيف

عقيدة إسلامية  سنة نبوية  حديث