هموم امرأة خضراء – 2 -

1- برج الحمل

قالت:
- ماذا لو اخترق سهمي قلبكَ؟
- ينزف قلبي نهرا تمتطيه عصافير الشوق الى المصب
قال:
- ماذا لو نال سهمي صدركِ؟
- ينفر صدري ريشا يكسو عصافير نهركَ
وفي الحكاية, أن عرافة قريتنا قرأت ذات مرة كف امرأة, وحدثتها عن غيمة هبطت عند مدار الرؤيا, ارتسم أسفلها قوس قزح, هبطت منه عصافير إلى الأرض, وأخذت ترقص حول أمير ضاحك يرتدي فرو حمل رضيع..
هتفت المرأة:
- هذا أميري
وصارت نساء قريتنا كلما ظهر قوس قزح يرقصن حول امرأة ويهتفن:
- هي من أدركها جنون برج الحمل

2- امرأة سكنت البرزخ

جاءت بوردتين, وحفنة أمل, وسؤال صغير, وبعض ضباب دافئ, افترشت المساحة بينهما,
زرعت في صدره وردة حمراء, وزرعت في صدر ظله وردة زرقاء, فانبثق فاصل الوجد,
وهبط الضباب.. صار تربة من مخمل عجيب, انبثقت منه وردتان..
وفي موسم ومض البرق, تحولت الوردة الحمراء إلى طائر انطلق نحو الغيم, وتحولت الزرقاء إلى حمامة ترقد على بيضتين..
وفي موسم المطر, ظهر رجل يحمل عينيها, بينما ظله ينبض بسؤال صغير داهمها ذات رغبة.


  • فجأة.. صحت المرأة على طرق ريح تحمل خبر فقس البيض الحمامة عن فرخ حمام وظله


    3- الفالس بين فواصل البكاء

    - سأقضي يومي في البكاء..
    وخرجت الى السوق, تحمل وجهه بين عينيها.. تحدق في الوجوه.. تصدها الوجوه وقد اكتست بدهشة غريبة..
    تبتلع صراخها.. تحاصر فيضانها وتواصل المسير..
    لكن ثمة امرأة كانت تنبثق أمامها فجأة عند مفارق الطرقات, ترشقها بنظرة محايدة.. وعند مفترق ما قبضت على المرأة وهي تحاول التسلل بين عينيها, سألتها غاضبة:
    - ما شأنك ني
    سارت بها المرأة الى واجهة عرض ووقفتا أمام مرآة كبيرة.. رأت امرأة تحمل وجه رجل, ورأت صورتها عارية من وجهها.. صرخت:
    - أين وجهي
    - وجهك يسكن بين رجل وظله يتناوبان البكاء..
    ومضت في الطرقات لا تدري, ان في حقيبتها رجل يندب ظله المشبوح على وجه امرأة ترقص الفالس بين فواصل البكاء

    4- طقس الاعتذار

    ومضت مثل رشق البرق.. رجمتني باللهاث قالت:
    نصبت خيبتي على شواطئ انجرافي, وعبرت بحيرة البجع عارية إلا منك.. جافة من
    موسيقاها كانت البحيرة, وزرقتها قتيلة
    غابت الكهرباء قبل أن يحملني اللهاث إليها, لم أدركها قبل ان تغرق في بحيرة بلا ماء..
    لم أمطرها مثل كل مرة بالبكاء.. لم اخبرها أني في غزة اعبر الليل في العتمة, وأعيش
    الليل في رابعة النهار, هكذا شاء جودو الكهرباء..
    ووجدتني اصرخ مع لزوجة العتمة:
    - هل اعتذر جودو الوقت ومات؟

ومضت مثل خطف البرق.. جلست في إطار الصورة يحاصرها السهوم, قلتُ:
- هل كنت في بحر البكاء؟
- ولِمَ البكاء, سيزيف ومات واعتذرت ايزيس
فاجأتني قشعريرة رجت بدني.. أكلت بعض لحمي.. صمتها ينهشني يتردد فيَّ:
- لا تراتيل لدي.. لا دمع في عيني ولا ضياء شروق.. لا عليك يا صاحبي كيف أمضيت الوقت هناك
لم اخبرها أني كنت أتجمل باليقظة, كي لا تأخذني إلى الحيرة كما كل مرة.. فجأة هبطت
من إطار الصورة عارية إلا مني.. تدثرت بها.. ورقصنا..
هل دخلنا طقس الاعتذار
مثل خطف البرق ومضت.. وطارت..


المراجع

ahewar.org

التصانيف

تصنيف :فنون   تصنيف :أدب  تصنيف :أدب عربي  مجتمع   قصة