)- تؤكد فاطمة بنت أحمد التي لم تكمل عقدها الاول انها لا تريد الخضوع للتسمين القسري حتى وان كان ذلك سيسرع بزواجها من رجل مرموق او من ابن عم يتمتع بسمعة كبيرة. ويبرهن موقف هذه الفتاة الموريتانية على وجود جيل جديد من فتيات هذا البلد لا يرغبن في الخضوع لظاهرة التسمين القسري التي عرفها المجتمع الموريتاني منذ القدم.
وتسعى الحكومة الموريتانية منذ إنشائها في عام 1992 لوزارة خاصة بشئون المرأة والام والطفل إلى القضاء على ظاهرة التسمين القسري للفتيات نظرا «لاضرارها البالغة على صحة البنت ومستواها التعليمي والصحي والاقتصادي داخل المجتمع». ويقول مراقبون في العاصمة الموريتانية ان القضاء على مثل هذه الظاهرة الاجتماعية يتطلب عقودا من العمل الميداني المنصب على تغيير عقليات المجتمع والحد من تأثير مئات السنين من الممارسات الراسخة. غير أن أمينة بنت أحمد مديرة مشروع تطوير المرأة الموريتانية تؤكد أن «الجهود المبذولة والاهتمام المتزايد للحكومة بالنهوض الاجتماعي والاقتصادي بالمرأة الموريتانية سيساهم بدون شك في الحد من مثل هذه الظواهر التي تقف عقبة كأداء في طريق تقدم ومشاركة المرأة النشطة في عملية التنمية والتحديث التي تشهدها البلاد». وعلى العكس من المسؤولة الحكومية يرى عالم الاجتماع الموريتاني وأستاذ علم الاجتماع بجامعة نواكشوط محمد الامين ولد محمد موسى أن «التسمين القسري للفتيات لا زال يشكل معيارا جوهريا للزواج وأحد مقومات جمال المرأة في موريتانيا بل أكثر من ذلك فهو يجسد في المخيلة الموريتانية المكانة الاجتماعية والاقتصادية للبنت». وتتلخص ظاهرة التسمين القسري للفتيات في موريتانيا في إعطاء البنت قبل إكمال عقدها الاول كميات كبيرة من حليب الابقار والضأن والدهون والنشويات تارة تحت الاكراه البدني والضغط النفسي وتارة بضربها لحملها على التناول المفرط للاطعمة للاسراع بعملية التسمين التي غالبا ما تظهر نتائجها في ظرف أسابيع قليلة. وتهدف العملية من أساسها إلى إعداد الفتاة لزواج مبكر غالبا ما يكون داخل الاسرة او القبيلة الواحدة. ويشبه الطب الحديث حسبما يقوله الدكتور محمد الامين ولد المرابط أخصائي مكافحة السمنة تسمين البنت «بمحاولة تقديمها كبضاعة جاهزة للاستهلاك» ويحذر في تصريحات لوكالة الانباء الالمانية من مخاطر هذه الظاهرة على القلب والشرايين والدورة الدموية للفتاة مؤكدا أن نحو ستين في المئة من النساء الموريتانيات حاليا خضعن بشكل أو بآخر لظاهرة التسمين. وتنفي عائشة بنت سيد أحمد والدة فاطمة ان يكون التسمين ضارا بالصحة رغم معارضة ابنتها للتسمين القسري حيث تشير إلى أن «التسمين يزيد من فرص الزواج ويحبب البنت الى الرجال ويجعلها مهيأة للزواج في أي لحظة.. البنت الرشيقة عندنا كما يقول المثل (تكشف رجالها)» أي أن البيت التي تقطن فيه الفتاة النحيلة الرشيقة لا يعتبر بيت عز وغالبا ما تكون عيوب الاسرة مكشوفة للاخرين وهذا مبدأ اجتماعي أساسي داخل الاسرة الموريتانية العريقة». وتصر فاطمة رغم تصريحات والدتها على رفضها القاطع للتسمين الذي يختزل حياتها ويحولها الى مجرد «آلة يجري إعدادها للزواج سيقوض فرص مشاركتها كعضو نشط ومؤثر في المجتمع».
المراجع
www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=205موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث