وقف الفلاحُ، على طرف حقله، يرنو إلى سنابل القمح، وهي تميلُ وتلمع، كأمواجٍ من ذهب، فانتشى إعجاباً بنفسه، وقال:‏

-لولا كفّايَ الخشنتان، لما كان هذا القمح الوافر‏

فابتسمتِ السماءُ في العلاءِ..‏

قالت إحدى السنابل:‏

-نحن أَوْلى بالفضل، كنّا حبوباً يابسة، مدفونة في التراب، فامتصصْنا الغذاء، وشقفْنا التراب، وصرنا ننمو، شيئاً فشيئاً، حتى كبرنا، وأنبتَتْ كلُّ حبّةٍ، سنبلةً فيها مئةُ حبة‏

وابتسمتِ السماءُ في العلاء..‏

قالت الأرض:‏

-أنا صاحبة الفضل، احتضنْتُ البذورَ صغيرةً، وأرضعتها حتى صارت كبيرة، فلولا ترابي، لما نبتَ قمحٌ، ولا شبع فلاّح‏

وابتسمتِ السماءُ في العلاء.‏

وجاءتِ السنةُ التالية، شديدة مجدبة، فانقطع المطر، واشتدَّ الحرُّ، وانتشر الجفاف.. حزنتِ الأرضُ القاحلة، ويبسَتْ شفاهها الظامئة..‏

حزنتِ البذور، في ظلمة التراب، وخافت أنْ تموت أحلامها، ولا ترى النور.‏

حزن الفلاحُ على جهده الضائع، وأشفق على عيالهِ البائسين.‏

وحزنتِ السماءُ الرحيمة على الجميع، فأرسَلتْ إلى الأرض، سحباً سخيّةً، تحمل الأمطار والأفراح..‏


المراجع

الموسوعة الالكترونية العربية

التصانيف

قصص الأطفال  مجتمع   الآداب   قصة