هاحكي لك حكاية .. مرة زمان من حوالي تلاتين سنة كده .. كانت فيه واحدة ست طيبة أوي متجوزة واحد طيب أوي وعندهم عيلين .. الست كانت بتشتغل موظفة بس ساعتها كانت واخده أجازة سنتين علشان تقعد بالولد الصغير .. وجوزها ساعتها كان برضه موظف صغير في شركة الحديد والصلب ويا دوب مرتبه على قده .. ورغم كده كان لازم كل أول شهر يدي شهرية لأبوه وأمه ويساعد أخواته الأصغر منه اللي بيدرسوا في الجامعة .. طبعاً مصروف البيت ما كانش بيكفي لنص الشهر .. بس الست كانت مدبرة وكانت بتعرف تمشي حال البيت على قد ما تقدر .. المهم جت فترة والراجل ده سافر يشتغل بره وكان سايب لمراته مبلغ صغير لحد ما يقبض أول مرتب من هناك ويبعت لها فلوس .

الفلوس اللي برة اتأخرت عن ميعادها .. والفلوس اللي جوه خلصت .. والست لوحدها في الشقة من غير ولا مليم ومعاها العيلين الصغيرين ، فيهم عيل لسه بيرضع .. فات يوم واتنين وتلاتة والأكل اللي في البيت خلص .. وما بقتش عارفه تعمل إيه أو تتصرف إزاي ؟؟ .. وهي كانت نفسها عزيزة أوي وعمرها ما مدت إيديها لحد رغم إنها كانت كريمة مع الكل وصاحبة واجب طول عمرها .. ولو هاتموت من الجوع إستحالة تمد إيديها تستلف من حد .. طب العيال الصغيرة دي ذنبها إيه بس يا رب

رابع يوم الست صحيت من النوم وبتبص من ورا إزاز الشباك الصبح وهي قاعدة على السرير لقت يمامة عاملة عش فيه بيضتين .. الست حست أن اليمامة زي ما تكون خايفة منها أحسن تاخد البيض بتاعها بعد ما تطير تسعى على رزقها وتسيب العش .. فقالت لها : "ما تخافيش يا عبيطة ، إتكلي على الله وأنا هاخدلك بالي منهم لحد ما ترجعي" .. ما تعرفش اليمامة فهمت إزاي كلام الست دي وراحت طايرة وعملت لفتين صغيرين كده في الجو ورجعت تاني تهز لها في راسها وبعد كده طارت بعيد أوي .. الست دعت ربنا "يا رب يا رزاق يا كريم ترزقني زي ما بترزق الطير من حيث لا يدري ولا يحتسب" .. وفتحت شباك الأوضة دخلت العش اللي فيه البيضتين وغطته ببطانية علشان البرد .. ما تعرفش إيه اللي خللاها بعد كده ترفع مخدة السرير بالصدفة وتبص تحتها ؟؟ .. أقول لك أنا علشان تلاقي جنيه ورق

يا أكرم من سئل وخير من أعطى يا الله .. الست ما صدقتش نفسها من الفرحة .. صحت ابنها الكبير من النوم : واد يا شريف واد يا شريف إصحى يا واد من النوم .. شريف وهو متغطي ونايم تحت البطانية : إيه بابا جه ؟؟ .. الأم وهي بتضحك وبتزغزغ في الواد : إصحى شوف يا واد كده الجنيه ده بجد ولا أنا بيتهيألي ؟؟ .. شريف يمسك الجنيه في إيده ويدعك عينه بالإيد التانية أحسن يكون بيحلم .. فيكتشف فعلاً أنه جنيه بحق وحقيق فيفوق .. الأم : البس وانزل بسرعة هات بربع جنيه عيش من الفرن – كانوا ساعتها الرغيفين بشلن - وبربع جنيه جبنة بيضا من عند مجدي بس قول له ما تكونش حادقة أحسن ماما ترجعها لك وبربع جنيه حلاوة من عمك صلاح .. شريف : وأجيب فولية .. الأم : وهات لك فولية بس امشي ع الرصيف واطلع بسرعة .. وفي الوقت اللي الواد شريف كان بيجيب فيه الطلبات كانت الست بتصلي ركعتين شكر لله.

مش مصدقني ؟؟ .. قسماً بالله العظيم تلاتة هذا ما حدث .. طب إيه رأيك بقى إن القصة دي اتكررت ستة أيام بلياليهم ؟؟ .. كل يوم الصبح الست تفتح الشباك / تدخل عش اليمامة جوه الأوضة من السقعة / تغطي البيض بالبطانية / ترفع المخدة تلاقي جنيه / تبعت شريف يجيب الأكل

عارف الأغرب إيه ؟؟ .. خامس يوم الست بترفع المخدة ما لقتش غير نص جنيه .. الست استغربت واحتارت أوي .. بصت ع البيض اللي في العش لقته سليم .. قالت : الحمد لله .. وقبل ما تخرج من باب الأوضة كانت لقت جنيه واقع على الأرض .. بتبص تحت ترابيزة السفرة لقت اتنين جنيه فكة .. وشريف لقى بريزة ورق فوق التليفزيون .. يعني تلاتة جنيه وستين قرش بحالهم .. الست قالت في نفسها الفلوس الزيادة دي جايين لسبب معين .. وقررت إنها اليوم ده ما تصرفش غير جنيه واحد بس زي كل يوم .. على العصر كده خبّط محصل الكهربا على الباب .. فتحت له شراعة الباب .. وهو لسه بيقول لها : عايزين اتنين جنيه وستين قرش يا مدام .. كانت بتقول له : اتفضل !

سابع يوم .. الست صحيت من النوم الصبح على تخبيط أم وليد (جارتها في الشقة اللي تحتها) على الباب .. واللي كانت طالعة تتطقس عن أبو شريف وسافر فين وبيشتغل إيه وهياخد كام وهايرجع إمتى وهايجيب إيه معاه من بره ؟؟ .. وعلشان الست الطيبة تتهرب من فضول الجارة واسئلتها اللزجة .. حكت لها بكل براءة عن موضوع عش اليمامة والجنيه اللي بتلاقيه كل يوم الصبح تحت المخدة .. الجارة طبعاً ما صدقتهاش .. أم شريف راحت واخداها من إيديها على أوضة النوم علشان تشوف عش اليمام بنفسها .. وهي داخله الأوضة افتكرت أنها نسيت تفتح الشباك النهاردة لما قامت من النوم .. بصت ع الشباك ما لقتش أي أثر للعش

الست زعلت أوي أوي من نفسها .. واتخنقت وعينيها دمعت وزعقت للجارة ومشتها .. حست إنها زي ما تكون فتشت السر اللي بينها وبين ربنا وما صانتهوش فعاقبها .. قفلت على نفسها الأوضة وقعدت تعيط علشان ابنها ما يشوفهاش (بس أنا كنت شايفها) .. وقعدت تقول : سامحني يا رب .. حقك عليا .. أنا آسفة .. طب مش عاوزة فلوس بس رجعلي اليمامة تاني عاوزه اتطمن عليها

ما فيش ساعة زمن .. سمعت البوسطجي بينده على اسمها من تحت البيت .. علشان جوزها بعت لها حوالة في البوسطة :))

القصة دي حصلت من تلاتين سنة بالظبط .. كان عندي خمس سنين وقتها .. ومن وقتها والقصة دي هي السر اللي بيني وبين أمي .. اللي دايماً تفكرني بيه أيام الضنك .. لما كانت الظروف تقسى عليا أوي والعملية تتقفل في وشي ألاقيها تيجي تقعد جنبي تنكشني وتقول لي : سيبها على الله يا شريف ما حدش عارف الخير فين يا ابني .. أنت مش فاكر عش اليمامة اللي ........ وتقعد تحكي لي القصة كلـــها .. وكل مرة باسمعها منها كأني باسمعها لأول مرة .. وبعد ما أسمعها ألاقيني اتنهدت وارتحت وابتسمت أوي من جوه .. لدرجة إني كنت مسمي القصة دي "عش السلام" .. وكنت بعدها أدخل أوضتي .. ألاقي أمي سايبه لي اللي فيه النصيب تحت المخدة :))

من يومين مراتي خدت بالها إن فيه يمامة بتحوم حوالين الشباك بقالها فترة .. لقيتها بتقول لي وهي فرحانة : الله دي شكلها ناوية تعمل عش هنا .. ومن غير ما أحس لقتني بارفع المخدة يمكن ألاقي تحتها جنيه زي زمان .. ولما سألتني : أنت بتدور على إيه ؟؟ .. ابتسمت وأنا بارجع المخدة مكانها تاني وقلت لها : أبداً ما فيش .. وقبل ما أخرج من الأوضة .. طلعت جنيه من جيبي وحطيته في حصالة الواد "ياسين" ابننا وأنا بابص ع الشباك وباتخيل مكان عش اليمام .
:))


المراجع

hagayss.blogspot.com

التصانيف

قصص الاطفال  مجتمع   الآداب   قصة