في الحديقة العامّة، وتحت شجرة الكينا الكبيرة، جلس عبد الله أمام صندوقه الخشبي، كان الصندوق مزركشاً بمسامير لامعة، ومزوّداً بدرج صغير، يحتوي علب صباغ ملوّنة، وفرشاة وخرقة صفراء لمسح الأحذية...
نظر عبد الله إلى الأطفال، الذين يلعبون في الحديقة، فاغرورقت عيناه بالدموع، ثم وقف وركل الصندوق، فتدحرج وصاح:
- آخ.. لمَ تضربني أيّها الصديق، لقد خلعت مساميري؟
دُهِش عبد الله، نظر إلى الصندوق، فرأى درجه يمتدّ مثل اللسان.
أحسّ عبد الله بالذنب، فبلع ريقه، وقال:
- اعذرني يا صديقي، فأنا متضايق، لأنني أرى الأطفال، ينفخون البالونات، ويمسحون على شعر الدمى، بينما أنفخ أنا الغبار من فوق الأحذية وأمسحها بالخرقة.
بكى الصندوق، فقرقعت العلب في بطنه، ثم قال:
- اصبر يا صديقي، الحياة قاسية، ومع هذا فهي حلوة، تذكّر أصدقاءك الذين يحبونك، تذكّر أباك المريض، ألست أنت من يرسم الابتسامة على شفتيه، أنت شاطر، وسيكون لك مستقبل زاهر في الدراسة، ستصبح طبيباً، وتشتري سيّارة حمراء.
فرح عبد الله عند سماعه كلمة سيّارة، نظر إلى صندوقه بمودّة، وتخيّل علب الصباغ الدائرية مثبتة كالعجلات على طرفي الصندوق، فنطّ مبتهجاً وهو يغنّي:
صندوق الألعاب يا خير الأصحاب
المراجع
kisasatfal.wordpress.com
التصانيف
قصص
|