سليمان بن داود

فترة الحكم القرن العاشر ق.م
وُلد أورشليم ـ القدس
تُوفي أورشليم ـ القدس
سبقه داود
ولي عهده رحبعام
العائلة الملكية بيت داود
الأب داود
الأم بتشبع
سليمان (عبرية: שְׁלֹמֹה شلومو ) هو أحد ملوك مملكة إسرائيل حسب الوارد في سفر الملوك الأول وسفر أخبار الأيام الأول وحسب التلمود، هو أحد الأنبياء الثمانية والأربعين وإبن داود وثالث ملوك مملكة إسرائيل الموحدة قبل إنقسامها إلىمملكة إسرائيل الشمالية وهي المملكة التي بقي يحكمها قبائل إسرائيل الإثنا عشر ومملكة يهوذا في الجنوب والتي حكمها أبناء قبيلة يهوذا وهي القبيلة الوحيدة الباقية من القبائل الإثنا عشر حسب كتابات اليهود يعتقد أنه عاش في الفترة ما بين 970 ق.م حتى 931 ق.م وأشتهر بحكمته وثرائه وملكه الفاحش وعدد من الذنوب التي بموجبها عاقب يهوه بني إسرائيل بتقسيم مملكتهم ارتبط اسم سليمان بعدد من القصص المذكورة في العهد القديم مثل لقاءه مع ملكة سبأ التي ذكرت في القرآن كذلك وقصة قضاء سليمان بين المرأتين المتخاصمتين على رضيع، ويعتقد حسب التراث اليهودي أنه أول من بنى الهيكل وقصته مع ملك الجن أشماداي (عبرية:אשמדאי).
هو أحد أنبياء الإسلام حسب معتقدات المسلمين وذكر في سور سبأ وص والنمل وسورة البقرة والأنعام مع اختلافات في جوانب القصة العبرية وتأكيد للحكمة والثراء والملك الذي لم يؤتى مثله وحسب القرآن، فإن سليمان تعلم "منطق" الطير والحيوانات والحشرات وله جن وعفاريت مسخرين لخدمته وطاعته.
وجود سليمان من الناحية التاريخية وبالصورة التي صورها كتبة التناخ والكتب الدينية الأخرى محل خلاف بين علماء الآثاروالأنثروبولجيا فلا يوجد له ولا لهيكله أي أثر في فلسطين كما لا يأتي أي ذكر له في حوليات الحضارات المفترض أنها جاورته في مصر القديمة وآشور وفينيقيا أوتلك التي يعتقد أنها اتصلت به في اليمن القديم. فمنهم من يرى أنها شخصية مختلقة خلال فترة السبي البابلي ورأي آخر يرى أنها شخصية تاريخية تعرض تاريخها للمبالغات.

في التراث اليهودي




توليه الملك


ورد في سفر الملوك الأول أن داود عندما كبر في السن لم يعد بإستطاعته الشعور بالدفء فعرض عليه مستشاريه تزويجه من فتاة صغيرة وجميلة لعلها تدفئ داود في شيخوخته ووجدوا فتاة اسمها " ابيشج الشونمية" لتقوم بهذا الغرض. وكان لداود عدد من الأبناء حينها هم أدونيا وأبشالوم وأمنون وشفطيا ويثرعام وكيلاب وأعلن أدونيا نفسه ملكا على إسرائيل خلال شيخوخة أبيه وهو ماحز في نفس النبي ناثان الذي كان مستشارا لداود. فهرع ناثان إلى أم سليمان مخبرا إياها بفعلة أدونيا وحثها على الذهاب إلى داود وذلك لسببان، أن يهوهأراد أن سليمان أن يبني الهيكل عقب وفاة داود والسبب الثاني هو وعد داود لزوجته أو أمته حقيقة كما ورد في السفر بتسليم سليمان الملك رغم أن أدونيا هو أكبر أبناء الملك داود الأحياء إلا إنه كان مدللا ومغرورا ولم يلق قبولا من الكهنة والأنبياء
فقال داود لبتشبع والدة سليمان، والنبي ناثان والكاهن صادوق:
حي هو الرب الذي فدى نفسي من كل ضيقة، انه كما حلفت لك بالرب اله إسرائيل قائلا ان سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي عوضا عني كذلك افعل هذا اليوم.. خذوا معكم عبيد سيدكم واركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به الى جيحون، وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكا على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليحيى الملك سليمان، وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني واياه قد اوصيت ان يكون رئيسا على إسرائيل ويهوذا
— سفر الملوك الاول 29:1-35 فلما سمع أدونيا صوت الأبواق والمزامير تفرق جمعه عنه وهرب أدونيا وتمسك بقرون المذبح خوفا من سليمان مطالبا إياه بالحلف ألا يقتله بالسيف فقال سليمان:
إن كان ذا فضيلة لا يسقط من شعره الى الارض.ولكن ان وجد به شر فانه يموت
فأنزلوه من المذبح وسجد أمام سليمان الذي عفى عنه ورده إلى بيته. ولما استوى الملك لسليمان عقب وفاة داود توجه أدونيا إلى أم سليمان مطالبا إياها بالتوسط عنده ليزوجه "أبيشج الشونمية" إلا أن الطلب قوبل بالرفض وأرسل سليمان قائد جيشه المدعو بنياهو بن يهوياداع لقتله وبذلك تخلص سليمان من أخاه وكل تهديد ضد ملكه

سياسته


كان سليمان يحكم بشكل مطلق كونه مختار من يهوه وتمكن من توسيع سلطانه عبر التزواج مع عدد من بنات ملوك الممالك المجاورة مثل إبنة الفرعون المصري الغير مسماة في النصوص العبرية وأعتبر الزواج حلفا سياسيا بين مملكة إسرائيل ومصر حسب كتابات اليهود، فإن سليمان تزوج من إبنة الفرعون المصري ويذكر العهد القديم أن الفرعون المصري الغير مسمى قام باحتلال "جازر " ضمن مدينة الرملة الفلسطينية حاليا وقام بإبادة الكنعانيين وذكر في النص أن المدينة أصبحت لسليمان عقب غزوة الفرعون المصري تزوج كذلك من إبنة ملك مملكة عمون وصيدا ومؤاب وازدهرت مملكة إسرائيل بسبب العلاقات التجارية والسياسية مع هذه الممالك ويذكر العهد القديم أن كل ملوك الأرض أتت لتستمع لحكمة سليمان وتتعلم منه ويأتونه بالذهب والهدايا كل سنة بل جعل شعوب كنعان كلها عبيد مسخرة له ولبني إسرائيل ولم يستعبد أحد من العبرانيين لإنهم "رجال قتال" على ماورد في العهد القديم

علاقته بملكة سبأ


لاتوجد إشارة في الكتاب المقدس إلى زواج بين سليمان وملكة سبأ. ورد في سفر الملوك الأول بالإصحاح العاشر، أن ملكة سبأ الغير مسماة سمعت بحكمته في جملة ملوك الأرض التي سمعت بها كذلك إلا أنها أرادت أن "تمتحنه بمسائل"، فقدمت عليه بقوافل كبيرة تحمل ذهبا وأطيابا وأقرت بحكمة وعظمة ملك سليمان وأن مارأته بعينها فاق الأوصاف والأخبار التي وردت عليها عنه حسب التراث اليهودي، فإن الملكة قدمت على سليمان وسألته أسئلة وأختبرته بألغاز وأحاجي كثيرة حتى أيقنت أن مالدى سليمان من الحكمة والثراء الممنوحة له من إلهه يفوق مالديها وحسب بعض التقاليد اليهودية، فإن سليمان تزوج منها وأنجبت إبنا اسمه بن صيرة

حكمته


أحد أبرز الصفات التي أشتهر بها سليمان هي الحكمة وورد ذلك في العهد الجديد والقرآن كذلك. وأشهر قصص العهد القديم بشأن حكمته تظهر في قصة المرآتان المتخاصمتان على رضيع. حلم سليمان ذات ليلة وتراءى له أنه يحدث يهوه فشكره على رحمته بأباه داود وأن مكن له في الملك عقب وفاته رغم صغر سنه فباركه يهوه بأن منحه حكمة وملكا لم يعطى لأحد قبله ولن يحظى به أحد من بعده :
في جبعون ترائى الرب لسليمان في حلم ليلا.وقال الله اسال ماذا اعطيك. (6) فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم. (7) والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. (8) وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. (9) فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. (10) فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر. (11) فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم (12) هوذا قد فعلت حسب كلامك، هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك. (13) وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى وكرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك. (14) فان سلكت في طريقي وحفظت فرائضي ووصاياي كما سلك داود ابوك فاني اطيل ايامك. (15) فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء الى اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده يحكي العهد القديم قصة الزانيتان في سفر الملوك الأول وهي أشهر القصص الدالة على حكمته حسب التراث اليهودي. دخلت إمرأتان على سليمان وكانتا متزوجتين من أخوان ويعيشان في بيت واحد. نامت إحداهما ليلا مع رضيعه وقتلتها خطأ ويبدو من الوارد في التوارة أنها نامت عليه دون تشعر فأدى ذلك إلى وفاته. فقامت في حين غفلة من المرأة أخرى وأخذت إبنها ووضعت الرضيع الميت مكانه إلا أن الحيلة لم تنطلي على المرأة لمعرفتها بإبنها وقرروا الاحتكام لدى سليمان. سمع سليمان حجج المرأتين وكلتيهما يدعيان أمومة الطفل فنادى على سياف وأمره بشق الطفل إلى نصفين ليحل الخلاف، فأضطربت والدة الطفل الحقيقية وسألت سليمان أن لا يقتله ويعطيه لغريمتها بينما كان رد الأخرى جافا ووافقت على شق الطفل لكي لايكون لأيهما. حينها علم سليمان أيهم أم الطفل الحقيقية وهي تلك التي آثرت أن تفقد طفلها على أن تراه يقتل.
فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء الى اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده (16) حينئذ اتت امراتان زانيتان الى الملك ووقفتا بين يديه. (17) فقالت المراة الواحدة استمع يا سيدي.اني انا وهذه المراة ساكنتان في بيت واحد وقد ولدت معها في البيت. (18) وفي اليوم الثالث بعد ولادتي ولدت هذه المراة ايضا وكنا معا ولم يكن معنا غريب في البيت غيرنا نحن كلتينا في البيت. (19) فمات ابن هذه في الليل لانها اضطجعت عليه. (20) فقامت في وسط الليل واخذت ابني من جانبي وامتك نائمة واضجعته في حضنها واضجعت ابنها الميت في حضني. (21) فلما قمت صباحا لارضع ابني اذا هو ميت.ولما تاملت فيه في الصباح اذا هو ليس ابني الذي ولدته. (22) وكانت المراة الاخرى تقول كلا بل ابني الحي وابنك الميت.وهذه تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي.وتكلمتا امام الملك. (23) فقال الملك هذه تقول هذا ابني الحي وابنك الميت وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي. (24) فقال الملك ايتوني بسيف.فاتوا بسيف بين يدي الملك. (25) فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفا للواحدة ونصفا للاخرى. (26) فتكلمت المراة التي ابنها الحي الى الملك.لان احشاءها اضطرمت على ابنها.وقالت استمع يا سيدي.اعطوها الولد الحي ولا تميتوه.واما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك.اشطروه. (27) فاجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فانها امه. (28) ولما سمع جميع إسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك خافوا الملك لانهم راوا حكمة الله فيه لاجراء الحكم وحسب التقاليد اليهودية وغيرها من الثقافات المتأثرة بتراثهم، فإن سليمان يعتبر أحد أشهر حكماء ماعرف بأدب الحكمة في التاريخ وكثير من الأمثال والحكم في كتب أبوكريفا والأسفار القانونية الثانية وسفر يشوع بن سيراخ وسفر الجامعة وتلك الكتابات المتعلقة بالحب والغزل كنشيد الأنشاد منسوبة أو مبنية على الأفكار والتراث الذي خلفه سليمان

علاقته بالجن وأعماله الإصلاحية


ورد في سفر طوبيا اسم ملك من العفاريت وهو حسب التراث العبري، عفريت متعة ومسؤول عن بيوت اللعب اللهو وأضيف في الأدب المسيحي إلى قائمة أمراء الجحيم السبعة حسب التلمود، هو أحد هولاء الجن والعفاريت المقربين من إبليس ويهوه في المحكمة الإلهية ومسؤول عن إلحاق الضرر بهولاء الذين لايلتزمون بتعاليم الكوشر وهو أحد العفاريت التي ساعدت سليمان على بناء الهيكل القرآن لم يذكره ولكنه ذكر عن تحكم سليمان بالجن والعفاريت وأعمال البناء التي كانوا يقومون بها لأجله وحسب التراث اليهودي، فإن الهيكل بني في أورشليم في أرض يقال لها "بيدر" إشتراها داود لتكون مقر تابوت العهد وهو المكان الذي ترائ لموسى في "البرية" ولم يبني داود الهيكل وأنصاع لرغبة إله إسرائيل بأن يتم بناء الهيكل في عهد إبنه سليمان. ولمدة ثلاثة عشر سنة، بني سليمان عددا كبيرا من المعابد حسب الوارد في الأسفار منها بنائه لميناء في إدوم وبناء ثكنة عسكرية في تدمر كذلك.

وفاته وانقسام مملكته


توفي سليمان بعد أربعين سنة من الحكم المطلق ثلاثة وثلاثون منها كان على إسرائيل و يهوذا وسبعة على مدينة الخليل ومات ميتة طبيعية وخلفه إبنه رحبعام. تروي التوراة أن من أسباب انقسام المملكة هو تعلق سليمان بنساء من الأغيار مثل إبنة الفرعون المصري التي أغوت قلبه بإتباع آلهة مصر القديمة وبنى سليمان عدد من المعابد لتقديس هذه الآلهة بل كانت أكثر زوجاته الثلاثمائة تأثيرا وهناك شبه إجماع بين التوراتيين أنها المرأة المعنية في نشيد الأنشاد والزواج من الأغيار ممنوع حسب النصوص الدينية اليهودية فأثرت أؤلئك النسوة على توجهات سليمان وإيمانه فورد في سفر الملوك أن تعلقه بإله إسرائيل لم يكن كتعلق والده داود وأن قلبه مال لإلهة الصيدونيين (الفينقيين) عشتروت مما أثار غضب يهوه ووعد بتمزيق مملكته تمزيقا في عهد إبنه رحبعام، والسبب في تأجيل العقوبة هو احترام يهوه لداود
وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موابيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات. من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون إليكم لانهم يميلون قلوبكم وراء الهتهم.فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة. وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فامالت نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. فذهب سليمان وراء عشتورث الاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما كداود ابيه. حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموابيين على الجبل الذي تجاه اورشليم.ولمولك رجس بني عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لالهتهن. فغضب الرب على سليمان لان قلبه مال عن الرب اله إسرائيل الذي تراءى له مرتين. واوصاه في هذا الامر ان لا يتبع الهة اخرى.فلم يحفظ ما اوصى به الرب. فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي اوصيتك بها فاني امزق المملكة عنك تمزيقا واعطيها لعبدك. الا اني لا افعل ذلك في ايامك من اجل داود ابيك بل من يد ابنك امزقها. على اني لا امزق منك المملكة كلها بل اعطي سبطا واحدا لابنك لاجل داود عبدي ولاجل اورشليم التي اخترتها
— سفر الملوك الاول 1:11-14

في الدين الإسلامي


سليمان هو أحد أنبياء الله في الإسلام وقد ذكر ملكه القرآن ونسب إليه جيشا من الوحش والطير والجن والبشر وصفات أخرى مثل قدرته على فهم منطق جميع الكائنات بما فيها النمل وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا علي بن حمشاد حدثنا إسماعيل بن قتيبة، حدثنا علي بن قدامة، حدثنا أبو جعفرالإستوائي (الاستوائي نسبة إلى اتسوا وهي كورة بنواحي نيسابور ذكره صاحب معجم البلدان وفيه: محمد بن بسطام بن الحسن الاستوائي وقد ولي قضاء نيسابور ودام له القضاء ولأولاده..) يعني محمد بن عبد الرحمن عن أبي يعقوب القمي (وهو أبو الحسن يعقوب بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي)، حدثني أبو مالك قال: مر سليمان بن داود بعصفور يدور حول عصفورة فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: وما يقول يا نبي الله؟ قال: يخطبها إلى نفسه, ويقول زوجيني أسكنك أي غرف دمشق شئت. قال سليمان عليه السلام: لأن غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها أحد ولكن كل خاطب كذاب وكذلك ما عداها من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات والدليل على هذا قوله بعد هذا من الآيات: (وأوتينا من كل شيء) أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوحوش والشياطينالسارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات ثم قال: (إن هذا لهو الفضل المبين) أي من بارئ البريات وخالق الأرض والسموات كما قال تعالى: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ سورة النمل, الآيات 17-19.

قصة سليمان والنملة


يذكر القرآن حادثة لسليمان مع نملة, حيث أنه ركب يوما في جيشه جميعه من الجن والإنس والطير، فالجن والإنس يسيرون معه، والطير سائرة معه تظله بأجنحتها من الحر وغيره، وعلى كل من هذه الجيوش الثلاثة وزعة أي نقباء يردون أوله على آخره فلا يتقدم أحد عن موضعه الذي يسير فيه، ولا يتأخر عنه كذلك: حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ سورة النمل, الآية 18 فأمرت وحذرت واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور.
وبحسب القرآن فقد فهم سليمان ما خاطبت به تلك النملة لامتها من الرأي السديد، والأمر الحميد، وتبسم من ذلك على وجه الاستبشار والفرح والسرور بما أطلعه الله عليه دون غيره. والمراد بوالديه في آية سورة النمل, داود وأمه وكانت من العابدات الصالحات كما قال سنيد بن داود، عن يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه عن جابر عن النبي محمد قال: " قالت أم سليمان بن داود: يا بني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع العبد فقيرا يوم القيامة ".
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، أن سليمان خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة إحدى قوائمها تستسقي فقال لأصحابه: ارجعوا فقد سقيتم إن هذه النملة استسقت فاستجيب لها. قال ابن عساكر: وقد روي مرفوعا ولم يذكر فيه سليمان ثم ساقه من طريق محمد بن عزيز، عن سلامة بن روح بن خالد، عن عقيل، عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة أنه سمع الرسول محمد يقول: " خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال النبي: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة ". وقال السدي: أصاب الناس قحط على عهد سليمان عليه السلام، فأمر الناس فخرجوا فإذا بنملة قائمة على رجليها باسطة يديها وهي تقول: " اللهم أنا خلق من خلقك ولا غناء بنا عن فضلك " قال فصب الله عليهم المطر.

هدهد سليمان وملكة سبإ


يذكر القرآن الكريم: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (سورة النمل، الآيات 20 - 37).
يذكر القرآن ما كان من أمر سليمان والهدهد وذلك أن الطيور كان على كل صنف منها مقدمون يقومون بما يطلب منهم، ويحضرون عنده بالنوبة كما هي عادة الجنود مع الملوك. وكانت وظيفة الهدهد على ما ذكره ابن عباس وغيره أنهم كانوا إذا أعوزوا الماء في القفار في حال الأسفار يجيء فينظر لهم هل بهذه البقاع من ماء وفيه من القوة التي أودعها الله فيه أن ينظر إلى الماء تحت تخوم الأرض فإذا دلهم عليه حفروا عنه واستنبطوه وأخرجوه واستعملوه لحاجتهم. فلما تطلبه سليمان ذات يوم فقده ولم يجده في موضعه من محل خدمته (فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) أي ماله مفقود من ههنا أو قد غاب عن بصري فلا أراه بحضرتي (لأعذبنه عذابا شديدا) توعده بنوع من العذاب. اختلف المفسرون فيه والمقصود حاصل على كل تقدير (أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) أي بحجة تنجيه من هذه الورطة. كما ذكر بالقرآن: (فمكث غير بعيد) أي فغاب الهدهد غيبة ليست بطويلة ثم قدم منها: (فقال) لسليمان: (احطت بما لم تحط به) أي اطلعت على ما لم تطلع عليه (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) أي بخبر صادق (إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم) يذكر ما كان عليه ملوك سبأ في بلاد اليمن من المملكة العظيمة والتبابعة المتوجين، وكان الملك قد آل في ذلك الزمان إلى امرأة منهم ابنة ملكهم لم يخلف غيرها فملكوها عليهم. وذكر الثعلبي وغيره أن قومها ملكوا عليهم بعد أبيها رجلا فعم به الفساد، فأرسلت إليه تخطبه فتزوجها فلما دخلت عليه سقته خمرا ثم حزت رأسه ونصبته على بابها، وقوله تعالى: (وأوتيت من كل شيء) أي مما من شأنه أن تؤتاه الملوك (ولها عرش عظيم) يعني سرير مملكتها كان مزخرفا بأنواع الجواهر واللآلئ والذهب والحلى الباهر. فذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن الهدهد حمل الكتاب وجاء إلى قصرها فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف ناحية ينتظر ما يكون من جوابها عن كتابها، فجمعت أمراءها ووزراءها وأكابر دولتها إلى مشورتها (قالت يا أيها الملا إني القي إلي كتاب كريم) ثم قرأت عليهم عنوانه أولا (إنه من سليمان) ثم قرأته: (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي واتوني مسلمين) ثم شاورتهم في أمرها وما قد حل بها وتأدبت معهم، وخاطبتهم، وهم يسمعون قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (سورة النمل، الآية 32) تعني ما كنت لأقضي أمرا إلا وأنتم حاضرون (قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد) يعنون لنا قوة وقدرة على الجلاد والقتال ومقاومة الأبطال فإن أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين ومع هذا قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (سورة النمل، الآية 33) فبذلوا لها السمع والطاعة وأخبروها بما عندهم من الاستطاعة، وفوضوا إليها في ذلك الامر، لترى فيه ما هو الأرشد لها ولهم، فكان رأيها أتم وأسد من رأيهم، وعلمت أن صاحب هذا الكتاب لا يغالب ولا يمانع ولا يخالف ولا يخادع قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (سورة النمل، الآية 34) تقول برأيها السديد إن هذا الملك لو قد غلب على هذه المملكة لم يخلص الأمر من بينكم إلا إلي ولم تكن الحدة والشدة والسطوة البليغة إلا علي وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (سورة النمل، الآية 35) أرادت أن تصانع عن نفسها، وأهل مملكتها بهدية ترسلها، وتحف تبعثها ولم تعلم أن سليمان عليه السلام لا يقبل منهم، والحالة هذه صرفا ولا عدلا لأنهم كافرون وهو وجنوده عليهم قادرون ولهذا فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (سورة النمل، الآية 36) هذا وقد كانت تلك الهدايا مشتملة على أمور عظيمة، كما ذكره المفسرون فعن ابن عباس: " بعثت باثنتي عشرة وصيفة، واثني عشر غلاما، وعلى يد الوصائف أطباق مسك وعنبر، وباثنتي عشرة نجيبة تحمل لبن الذهب، وبعصا كان يتوارثها ملوك حمير; وبخرزتين إحداهما مثقوبة ثقبا معوجا والأخرى غير مثقوبة. وبقدح من ذهب ". ثم قال لرسولها إليه ووافدها (قيل بعثت الهدية مع رجل من أشراف قومها يقال له المنذر بن عمرو) الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (سورة النمل، الآية37) يقول ارجع بهديتك التي قدمت بها إلي، فإن عندي مما قد أنعم الله علي وأسداه إلي من الأموال والتحف والرجال، ما هو أضعاف هذا وخير من هذا الذي أنتم تفرحون به وتفخرون على أبناء جنسكم بسببه (فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها) [النمل: 37] أي فلابعثن إليهم بجنود لا يستطيعون دفاعهم ولا نزالهم ولا ممانعتهم ولا قتالهم ولأخرجنهم من بلدهم وحوزتهم ومعاملتهم ودولتهم أذلة (وهم صاغرون) عليهم الصغار والعار والدمار.
فلما بلغهم ذلك عن نبي الله لم يكن لهم بد من السمع والطاعة، فبادروا إلى إجابته في تلك الساعة، وأقبلوا صحبة الملكة أجمعين سامعين مطيعين خاضعين. فلما سمع بقدومهم عليه، ووفودهم إليه، قال لمن بين يديه ممن هو مسخر له من الجان ما قصه الله عنه في القرآن: قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (سورة النمل، الآيات 38 - 43) لما طلب سليمان من الجان أن يحضروا له عرش بلقيس، وهو سرير مملكتها التي تجلس عليه وقت حكمها، قبل قدومها عليه (قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك) يعني قبل أن ينقضي مجلس حكمك وكان فيما يقال من أول النهار إلى قريب الزوال يتصدى لمهمات بني إسرائيل وما لهم من الأشغال (وإني عليه لقوي أمين) أي وإني لذو قدرة على إحضاره إليك وأمانة على ما فيه من الجواهر النفيسة لديك (قال الذي عنده علم من الكتاب) المشهور أنه آصف بن برخيا وهو ابن خالة سليمان. وقيل هو رجل من مؤمني الجان كان فيما يقال يحفظ الاسم الأعظم. وقيل رجل من بني إسرائيل من علمائهم. وقيل كذلك أنه جبريل (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) قيل معناه قبل أن تبعث رسولا إلى أقصى ما ينتهي إليه طرفك من الأرض ثم يعود إليك. وقيل قبل أن يصل إليك أبعد من تراه من الناس وقيل قبل أن يكل طرفك إذا أدمت النظر به قبل أن تطبق جفنك. وقيل قبل أن يرجع إليك طرفك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته وهذا أقرب ما قيل. (فلما رآه مستقرا عنده) أي فلما رأى عرش بلقيس مستقرا عنده في هذه المدة القريبة من بلاد اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين (قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) أي هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليختبرهم على الشكر أو خلافه (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) أي إنما يعود نفع ذلك عليه (ومن كفر فإن ربي غني كريم) أي غني عن شكر الشاكرين ولا يتضرر بكفر الكافرين. ثم أمر سليمان عليه السلام أن يغير حلى هذا العرش وينكر لها ليختبر فهمها وعقلها ولهذا قال: (ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو) وهذا من فطنتها وغزارة فهمها لأنها استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن ولم تكن تعلم أن أحدا يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب.

الأبحاث الآثارية والحفريات


مصر التي كانت تمر بفترة انتقالية سماها علماء المصريات بالفترة الانتقالية الثالثة خلال حكم الأسرة مصرية السادسة والعشرون، وردت عنها آثار عن علاقات بالآشوريين في هذه الفترة وتحالفات بين عدد من الممالك مع مصر ضدهم ولا إشارة لسليمان وإسرائيل على الإطلاق ويعتقد عدد من الناقدين أن قصة ملكة سبأ قد تكون تلفيقا من كتبة التوراة لإيجاد شاهد أجنبي على ثروة سليمان وحكمته

المراجع

ويكيبيديا الموسوعة الحرة

التصانيف

أنبياء ورسل بحسب المعتقد الإسلامي