نحن الملعونون ، تخلى عنا الله
كم تقويم بليت منه الأوراقُ
ونحن هنا – واأسفاه -
نتعفن في هذا القبو الآســـنْ
ونجرٌ الخطوَ الواهن
بين الفزع الها ئل و الموت الماثل في كل مكان
تصعقنا في الليل الســاكن
صرخات رجال تقتلهم لدغة ثعبان
أو تخطفهم ، قبل بزوغ الفجرْ ،
أشباح غامضة ...عبثاً نتذرع بالصبر
نتطلع عبر القضبان
بعيون خابية أطفأها القهـــر
وبأنفاس أفسـدها التبغ ورائحة الخمر
صوب الظلمات المكتظة بالدم و الرعبْ
ونقول لعل سـدوم سيمحقها غضب الرب
و صواعقه ،لكنْ - واأســـفاه ! -
إنــا ملعونون تخلٌى عنا الله
وتخلينا عنه ، نســينا كل وصاياه
ونسينا أنٌا بشــــر ، واعتدنا أن نتلقى الركَلاتْ
بخنوع الكلب السائب في الطرقات
لا معجزة تحدث
لاشيء يبدد هذا الصمت الأبدي الملعون
هذا الصمت المشحون
بملايين الصرخات المكتومه
وملايين الافئدة المكلومه
غير أنين الريح الخافت في الطرق المهجوره
وخطى الحراس الشرسين على الأرصفة المحظوره
  • * *
عبثاً ،يا قلبي ، تحلم بالإبحـــــارْ
بالزبد الأبيض و الأفق المفتوحْ
بعوالم تنشدٌ إليها الروح ...
فلقد غــيٌرموضعه البحــــر
وفوانيس مرافئه ابتعـــــدت ، وســفينتنا التهمتها النار
لم يبقَ سوى أشرعةٍٍ مهترئه
وصوار منكفئه
في مستنقع وحلٍٍ وقماماتٍ ودماءْ
تطفو فيه الأيدي المبتورة و الأشــلاء
وتقيم حواليه ولائمها المرتزقـــه
والقوٌادون و تجــــار الكلمات الدبقـه
ماذا بعدُ سوى أن تألف هذا الصمت َ؟
ماذا بعد ســوى أن تنتظر الموت ؟
عجباَ
أتخاف الموت و أئتَ تعايشه صبحَ مساءْ ؟
تتنفســه في الريح ، وتبصره في أحداق الرقباء
ويزورك في الكابوس ، إذانمت ،وفي أرقك
وتحسٌ أصابعه الثلجية وهي تمر على عنقك
ماذا لو أنك صحت بأعلى صوت ؟
لو واتتك الجرأة أن تبصق في وجه الجلاٌد
وتقول لطغمته : أنتم حفنة أوغاد ؟
لكنك تخشى الموت
والكل هنا يخشــــاهْ
الكل هنــا يؤثر أن يكتــم بلواه
ولعلٌ لهم عذراَ في ضعفهم البشـــري ، ولكنْ ...
لمََ ينسانا الله
ما دمنا بشراَ ؟ أوَلسنا بعض رعايــــــاه ؟
  • * *
  • عبثاَ ، يا قلبي ، تنتظر الفجــــــرْْ
    فالليل هنا أبديٌ ، ليس له طـرفانْ
    والعمر تولٌى ..غيربقية أوشا ل في القعر
    العمر تولٌى ، لم يبقَ لأحلام الأمس مكان
    لميبق سوى أن تسلم نفسك للديــــدان
    فالشيخ الحفاٌر يهيء مثوى لك في القفر
    والشيخ الحفاٌر مجدٌ أبداً في الحفر
    إني أسمع ضربة معوله في هدأة منتصف الليل
    في دقات السـاعة وهي تصيح : الويلُ ، الويلْ
    آهٍِ ، ما أوجع أن تثوي أبـــد الدهرْ
    نخرات عظامك في هذا القفــــــر
    أن تتدثر بالعوسج و الكثبا نْ
    حيث نشيج الموتى يتصاعد مختلطاً بنعيب الغربان
    لا ســروة تلقي الظلٌِ عليــــكْ
    لا زهرة تهدي الطيب إليك
    ما أوجع أن ترحل عن دنيــــاكْ
    مهزوماً ، لم تحصد من كل حدائقها غير الأشواك
    أن ترحل منكسراً...
    و يظلٌ يعربد بعدك هذا الرهط الفاجــــرْ
    ويظل الوحش الكاســر
    يتبختر مزهواً فوق دماء ضحايـــــاه
    لكنْ...
    أيحق لمثلك أن يأسى لو فارق دنياهْ ؟
    ولماذا تأسى ؟ هل يخسرشيئاًََ من يخسربلواه ؟
    عبثاَ نترقب ، نحن الثاوين
    في الوحل الدامي ، كقطيع ينتظر الذبح
    فجراَ ليس يجئ
    وتمر الأعوام ولاشئ يضيء
    ظلمتنا الأبدية الأبدية إلا ومض الســكين
    لا نأمةَ تصدرعن أحـــدٍ ، لا صوتْ
    لاشيء ســـــوى الموت
    لاشيء ســــوىالموت
    لاشيء سوى الموت


    اسم القصيدة: الملعونون.

     اسم الشاعر: رشيد ياسين.


    المراجع

    poetsgate.com

    التصانيف

    شعراء   الآداب