هو العمرُ ساعاتٌ تَمُرُّ ، و لا ندري
أَيُختَمُ بالخيراتِ عُمرٌ أمِ الشَّرِّ
فلا يفرحَنْ لاهٍ و يغتَرُّ ماجِنٌ فما بعد قَصْرٍ في الحياةِ سوى القبرِ
و لا يَحسَبَنْ مُستهتِرٌ أنَّ رَبَّهُ نَسِيٌّ ، مَعاذَ اللهِ ، بلْ صَاحبُ الأمرِ
إذا قالَ كُنْ للشيءِ في أي لحظةٍ يَكُنْ نافِذاً أمرُ القديرِ على الفَوْرِ
تَفَكَّرتُ في شيْبٍ غزاني ، و لمْ أَزَلْ صغيراً على شيْبٍ تناثَرَ كالدُّرِّ
فقلتُ: جنودُ اللهِ تُنذِرُ غافلاً بزحفٍ توالى كلَّ يومٍ على الشَّعرِ
فهل يستفيقُ القلبُ من بعدِ غفوةٍ أمِ استعذَبَتْ دَقَّاتُهُ رِبقَةَ الأسرِ ؟
و هل آنَ لليلِ الذي طالَ مُكثُهُ رحيلٌ ، فما أقسى الحياةَ بلا فجرِ
نَظَرتُ إلى خمسينَ ولّتْ ، رأيتُها كتاباً ، حَوَت صفْحاتُهُ رحلةَ العمرِ
قرأتُ الذي بين السطورِ ، وجدتني (و خمسينَ مَرَّت) نقطةً آخرَ السطرِ
بقايا اْمرئٍ قد ضَعضَعتْهُ يدُ الهوى و غَالتْ أمانيهِ العِذابَ يدُ الدَّهرِ
و يا طالما الإبحارُ أغرى سفينَهُ فما نالَ من بحرٍ سوى قبضةِ الصِّفرِ
و كم لامَسَتْ أقدامُهُ أرضَ فتنةٍ و أغرتهُ غِيدٌ ، كُنَّ في نَضرةِ البدرِ
و كم ضاقت الدنيا عليهِ ، فلم يكن ..إذا اشتدت البلوى.. سوى جلمدٍ صخرِ
صَبورٍ على دِقِّ الأمورِ ، جليلِها و هل خابَ في دنياهُ مَنْ لاذَ بالصبرِ ؟
خليليَّ إنْ مِتُّ اْذكراني بطيِّبٍ و لا تفضِحَا أمري و لا تهتِكا سِتري
و كُونا على عهدٍ قطعنا ، فلم أزل وفياً على عهدي ، أميناً على سِرِّي
و إن شئتما بَوْحاً فقولا لزوجتي قرينُكِ لم يغدِرْ ، و لا اقتاتَ من غدرِ
و لا أطعمَ البيتَ الذي كنتِ شمسَهُ حراماً..كذا طبعُ الشريفِ.. مع الفقرِ
و ما من رصيدٍ عندَهُ غيرِ حُبِّهِ و حبرٍ و قرطاسٍ و بيتٍ من الشِّعرِ
يقول اقرأي يا أم رامي و رتِّلي على روحِهِ إن مات آياً من الذكرِ
و قولا لمن أحببتهم إنني امرؤٌ إلى اللهِ أسعى جاهداً ، فاقبلوا عذري
لعلِّي إذا ما أُحكِمَتْ قبضةُ النَّوَى أَكُنْ ذكرةً في خاطرِ الأصدقا تسري
فإن كنتُ قد أخطأت يوماً ، فسامحا و إلا فَخُسرٌ إنْ تَكَفَّنْتُ في وزري
و لا تحرما خِلاً إذا أُودِعَ الثرى دعاءً ، عسى يجديهِ في وحشةِ القبرِ

 

عنوان القصيدة: في رثاء النفس

بقلم جمال مرسي 


المراجع

adab.com

التصانيف

شعراء   الآداب