خيَالٌ مُلِمٌّ، أو حَبيبٌ مُسَلِّمُ،
وَبَرْقٌ تَجَلّى، أَم حَرِيقٌ مُضَرَّمُ
لَعَمْرِي، لقد تامتْ فُؤادَكَ تَكتُمُ،
وَرَدّتْ لكَ العِرْفَانَ، وهوَ تَوَهُّمُ
تَعُودُكَ مِنها، كُلّما اشتَقتَ، ذَكرَةٌ
تَرَقرَقُ مِنها عَبرَةٌ، ثمّ تَسْجُمُ
إذا شِئتُ أجرَتْ أدمُعي، من شؤونها،
رُبُوعٌ لهَا بالأبْرَقَينِ، وأرْسُمُ
وَقَفْتُ بها، والرّكبُ شتّى سَبيلُهُمْ،
يَفيضُونَ، مِنْهُمْ: عاذِرُونَ وَلُوَّمُ
هيَ الدّارُ، إلاّ أنّها لا تُكَلِّمُ،
عَفا مَعلَمٌ مِنْها، وأقْفَرَ مَعلَمُ
تُقَيّضُ لي من حيثُ لا أعلَمُ النّوَى،
وَيَسْرِي إليّ الشّوْقُ من حَيثُ أعلَمُ
وإنّي لَمَوْقُوفُ الضّلُوعِ على هَوَى
مُبَتَّلَةٍ، تَنْأى ضِرَاراً وَتَصْرِمُ
خَلَتْ، وَرأتْني مُغرَماً، فَتَجَنّبتْ،
وَشَتّانَ في حُبٍّ خَليٌّ وَمُغْرَمُ
حَلَفتُ بِما حَجّتْ قُرَيشٌ، وَحجّبتْ،
وَحازَ المُصَلّى، والحَطيمُ، وَزَمْزَمُ
وأهلِ مِنى إذْ جاوَزُوا الخَيفَ من منى،
وَهُمْ عُصَبٌ فَوْضَى: مُحِلٌّ وَمُحرِمُ
يَهِلّونَ من حيثُ ابتَدا الصّبحُ يَرْتَقي
سَناهُ إلى حَيثُ انتَهى اللّيلُ يُظلِمُ
لقَد جَشَمَ الفَتحُ بنُ خَاقَانَ خِطّةً
منَ المَجْدِ ما يَسطيعُها المُتَجَشِّمُ
يَبيتُ المُضَاهي فاترَ الطَّرْفِ دُونَها،
وَيَعجِزُ عَنْها المُقْتَدِي المُتَعَلّمُ
متى تَلْقَهُ تَلْقَ المكَارِمَ والنّدَى،
وَبَعضُهُمُ في الفَرْطِ والحِينِ يُكرِمُ
وَمَا هذِهِ الأخلاقُ إلاّ مَواهِبٌ،
وإلاّ حُظُوظٌ، في الرّجالِ، تُقَسَّمُ
تَحَمّلَ أعْبَاءَ المَعَالي بأسْرِها،
إذا حُطّ مِنها مَغرَمٌ عَادَ مَغرَمُ
وَقَامَ بِما لوْ قامَ رَضْوَى ببَعْضِهِ
هوَى الهضْبُ من أركانِ رَضْوَى الململَمُ
حُسامُ أمِيرِ المؤمنينَ الذي بِهِ
يُعَالِجُ أدوَاءُ الأَعادِي ، فتُحسَمُ -tE-

 

عنوان القصيدة: خيال ملم أو حبيب مسلم1

بقلم البحتري


المراجع

adab.com

التصانيف

شعراء   الآداب