وَمَا هَزَّهُ إلاّ تَقَرّرَ عِنْدَهُ، 
قَرَارَ اليَقِينِ، أيُّ سَيْفَيْهِ أصْرَمُ 
أمَدُّ الرّجالِ لُبْثَةً حينَ يَرْتإي،
وأسرَعُهُمْ إمضَاءَةً حينَ يَعزِمُ 
بتَسديدِهِ تُلغَى الأُمُورُ، وَتُجْتَبَى، 
وَتُنْقَضُ أسبابُ الخُطوبِ، وتُبرَمُ 
رَبَا في حُجُورِ المُلْكِ يُغريهِ بالحِجَ
خَلائِفُ مِنهُمْ مُرْشِدٌ، وَمُقَوِّمُ 
فآضَ كَمَا آضَ الحُسَامُ تَرَافَدَتْ 
عَلَيْهِ القُيُونُ، فهوَ أبيضُ مِخْذَمُ 
مُدَبِّرُ مُلْكٍ أيُّ رَأيَيْهِ صَارَعُوا 
بهِ الخَطبَ رُدّ الخطبُ يُدمى وَيُكلَمُ 
وَظَلاّمُ أعْداءٍ، إذا بُدىءَ اعتدَى 
بمُوجِزَةٍ يَرْفَضُّ من وَقعِها الدّمُ 
وَقُورٌ، يَرُدُّ العَفوُ فَرْطَ شَذاتِهِ، 
وفي القَومِ أشتاتٌ: مُلِيمٌ وَمُجرِمُ 
مَلِيًّ بأنْ يَغشَى الكَميَّ، وَدُونَهُ 
ظُبًا تَتَثَنّى، أو قَناً تَتَحَطّمُ 
وَلَوْ بَلَغَ الجَاني أقاصِيَ حِلْمِهِ، 
لأعقَبَ بَعدَ الحِلْمِ مِنْهُ التّحَلّمُ 
أرَى المَكرُماتِ استُهلِكَتْ في مَعَاشِرٍ، 
وبادَتْ كَما بادَتْ جَدِيسٌ وَجُرْهُمُ 
أرَاحُوا مَطاياهُمْ، فَلا الحَمْدُ يُبتَغَى، 
وَلا المجْدُ يُستَبقى، ولا المَالُ يُهضَمُ 
فأُقسِمُ لَوْلا جُودُ كَفّيكَ لم يَكُنْ 
نَوَالٌ، ولا ذِكْرٌ من الجُودِ يُعلَمُ
وَما البَذْلُ بالشّيْءِ الذي يَسْتَطِيعُهُ 
منَ القَّوْم، إلاّ الأرْوَعُ المُتَهَجِّمُ 
وَيُحجِمُ أحْياناً عنِ الجُودِ بعضُ من 
تَراهُ على مَكرُوهةِ السّيفِ يُقْدِمُ 
إلَيكَ القَوافي نازِعَاتٌ، قَوَاصِداً 
يُسَيَّرُ ضَاحي وَشْيِهَا، وَيُنَمْنَمُ 
وَمُشرِقَةٍ في النّظمِ غَرّا، يَزِيدُها 
بَهَاءً وَحُسناً، إنّها لَكَ تُنظَمُ 
ضَوَامِنُ للحاجاتِ، إمّا شَوَافِعاً 
مُشَفَّعَةً، أوْ حاكمَاتٍ تُحَكَّمُ 
وكأْيِنْ غَدَتْ لي، وَهْيَ شِعرٌ مُسَيَّرٌ، 
وَرَاحَتْ عَليّ، وَهْيَ مالٌ مُقَسَّمُ

 

اسم القصيدة: خيال ملم أو حبيب مسلم. 

اسم الشاعر: البحتري.


المراجع

klmat.com

التصانيف

شعراء   الآداب