حينما تشن حملة الاتهامات والإشاعات والدعايات ضد الأكفاء والمصلحين فإنها تستهدف تحقيق الأغراض التالية:
أولاً: الهزيمة النفسية:
فالمصلح الذي يتبنى تغيير المجتمع يحتاج إلى ثقة عالية بنفسه، ومعنويات رفيعة في أعماقه ليرى في نفسه الكفاءة والقدرة على مواجهة الواقع الفاسد المتخلف … وعادة ما يبدأ المصلحون والثائرون كذلك … ولكن الأعداء يشنون ضد المصلح أو الثائر حملة من الإشاعات والاتهامات ليضعفوا ثقته بنفسه وبالتالي ليشكك في قدرته على المواجهة والتغيير حينما يرى الأجواء قد تعبأت ضده… وإن سمعته أصبحت مشوهة في أنظار الناس … فمن يسمع كلامه؟ ومن يستجيب له؟ ومن سيثق فيه؟
وهنا عقبة الامتحان والاختبار التي يتجاوزها المصلحون الصامدون والثوار الحقيقيون بينما يتراجع أمامها من كان يظن أن طريق الإصلاح والثورة مفروش بورود الراحة والسلامة..
المصلح الحقيقي لا يسمح لتلك الإشاعات والاتهامات أن تؤثر في نفسه فتضعف ثقته وتزلزل معنوياته وتشككه في قدراته..
وفي مجتمعاتنا اليوم وحيث تنبري الطلائع المؤمنة والمصلحون المجاهدون لمواجهة سيطرة الكفار الأجانب وللوقوف أمام انحراف السلطات الحاكمة وللثورة على الواقع الفاسد المتخلف الذي تعيشه الأمة..
- (قلت: دعوة متنوعة للثورة ضد الحكام غير الشرعيين في نظر الصفار )
...وحيث يسعى المؤمنون المجاهدون لتجنيد طاقات الأمة، وتوجيه اهتمامها صوب معركة الاستقلال والحرية والتقدم، في مقابل ذلك يحاول المستعمرون الأجانب وعملاؤهم الحكام الظلمة إثارة الاتهامات والإشكالات ضد المؤمنين المجاهدين …
..وتلقف تلك الدعايات والإشاعات بعض البسطاء والمغرضين في المجتمع.. وهنا يجد المؤمن المجاهد نفسه محرجاً ومتورطاً.. هل يسكت على نشاط هؤلاء المناوئين والذين يلفقون ضده التهم والأكاذيب ويترصدون أخطاءه ونقاط ضعفه وهم بذلك يخدمون خطط العدو الرئيس؟
أم يدافع عن نفسه ويواجه اتهاماتهم وإشكالاتهم؟
..إن سكوته يفسح المجال أمامهم لعرقلة مسيرة الإصلاح والتغيير كما أن مواجهته تستهلك جهداً واهتماماً وطاقة يريد ادخارها للمعركة الحقيقية والعدو الرئيس.
..ويحتاج المصلح هنا إلى سيطرة كاملة على أعصابه ومشاعره وإلى حكمة وحنكة في ممارساته ومواقفه حتى لا ينزلق في هذه المعارك الجانبية المفتعلة في الوقت الذي يواجه فيه نشاط المغرضين بتذكير الناس بالقضية الحقيقية وتوجيههم نحو الأعداء الرئيسيين.. وتوعية الناس بخلفية الأمور وأسبابها..
- (قلت: قد طبق الصفار ما حرره بيده الآن .. وسترى فيما بعد حقيقة ما أقول).
...فلنكن جريئين في طرح قياداتنا الإسلامية والدعاية لكل أعمال الخير والصلاح.. المؤسسة العاملة.. الكتاب الجيد.. الكلمة الصادقة.. الموقف الشجاع.. التجمعات الصالحة.. النشاطات الدينية .. ورحم الله المؤمنين الأوائل الذين كانوا يشيدون بفضل أئمة الهدى ويدفعون حياتهم وأرواحهم ثمناً لذلك.
خاتمة المطاف:
..أمتنا الإسلامية اليوم في حالة يقظة ونهوض..
..والمؤمنون والمجاهدون والحركات الإسلامية والمصلحون هم اليوم طليعة نهضة الأمة وقادة مسيرتها نحو الإسلام والحرية والاستقلال..
ومن أجل عرقلة مسيرة النهضة المباركة وإجهاض الحركة الإسلامية الثائرة، يشن الأعداء هجوماً إعلامياً واسعاً ضد الطلائع المؤمنة والمصلحين المجاهدين..
وفي مجتمعاتنا فئات جاهلة أو مغرضة تشارك الأعداء في تنفيذ مخططهم الخبيث..
التعددية والحرية في الإسلام
بحث حول حرية المعتقد وتعدد المذاهب
المؤلف
حسن موسى الصفار
24 /5/142. هـ 23/ 12/ 989 1 م
تقديم للطبعة الثانية
بقلم سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين دام ظله
11/4/1416هـ
1995/9/7 م
بيروت/ لبنان
تقديم للطبعة الأولى
بقلم الدكتور محمد فتحي عثمان [أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جنوب كالفيورنيا U.S.C / مفكر إسلامي بارز له العديد من الكتب منها :حقوق الإنسان بين شريه الإسلام و الفكر القانوني الغربي].
..فإذا كانوا يريدون تطبيق الإسلام وبناء الدولة والمجتمع على أساسه، فما هو موقفهم من الرأي الآخر والمعتقدات المخالفة؟ وضمن دائرة الإسلام هل هناك مجال للتعددية في الرأي والموقف؟ أم هو الرأي الواحد، والموقف المتفرد، ولا موقع لسواه؟
...إن عصور التخلف المظلمة التي مرت على أمتنا أعطت عن الإسلام صورة سلبية بأنه يدعو إلى الديكتاتورية والاستبداد، ويسمح بممارسة القمع والإرهاب ! كما أن بعض الجهات والطروحات في الساحة الإسلامية، لا تزال إلى اليوم تصر على التّفرد بالساحة، والاستبداد بالرأي، ولا تعترف بالرأي الآخر، ولا تحترم الموقف المغاير |
- (قلت: يشير الصفار إلى أهل السنة بالاستبداد والشيعة بالموقف الآخر ..)
لا إكراه في الدين:
..من الطبيعي أن يسعى أصحاب كل دين أو مذهب لنشر دينهم والتبشير بعقيدتهم ليغطي أكبر مساحة ممكنة من أبناء البشر.
- (قلت: هذا يصدق على المتغلب من الطرفين ..)
..فما داموا يعتقدون الصواب والحق في دينهم فسيكونون مندفعين لدعوة الناس إليه، كما أن وفاء وإخلاص كل شخص لدينه يجعله متحمساً للتبشير به، ولأن الدين يصبح جزءاً هاماً من ذاتية الإنسان وشخصيته فأي تقدم أو مكسب للدين يعتبره الإنسان تقدماً ومكسباً ذاتياً وشخصياً.
- (قلت: هذا في دين الشيعة.. لا دين الإسلام الذي أوحاه الله إلى محمد بن عبد الله وبلغه صلى الله عليه وسلم لأمته .)
...إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق "الإنسان " التي يثبت له بها وصف "إنسان " فالذي يسلب إنساناً حرية الاعتقاد، إنما يسلبه إنسانيته ابتداء.. ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة، والأمن من الأذى والفتنة.. وإلا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة.
- (قلت: وهل سمع أحد أن ممن يعنيهم الصفار أخذوهم وشقوا صدورهم ووضعوا فيها ما يريدون؟ ثم هل خلق الله الخلق ليعتقدوا ما يشاءون أو خلقهم لعبادته وحده وترك عبادة ما سواه وأشاع قتال المشركين ليعبدوه وحده) .
...ففي ظل الإسلام لا تلغى الديانات الأخرى، ولا يحظر وجود سائر المبادئ والملل، بل يخاطبهم القرآن الحكيم معترفاً بوجودهم، وتاركاً لهم حرية اختيارهم (( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ))[الكافرون:6]^.
- (قلت: لكن يلتزمون شرائع الدين التي يخاطبون بها فلا يعلنون دينهم ولا يبنون معابدهم ويحترمون شعائر الدين ... إلا من الأحكام المتعلقة بهم، فلا يلقى الكلام جزافاً كما فعل الصفار ليحقق من ورائه ما يريد، ثم إن الصفار يريد أن يقول: اعتبروا الشيعة مثل اليهود والنصارى وأعطوهم ما تعطون اليهود والنصارى، فنقول: قد سبق بيانه في أول الكلام).
..بل نظم الإسلام تشريعات ووضع قوانين لحماية أتباع الأديان الأخرى وللتعامل معهم في إطار الدولة الإسلامية، فإذا ما خضعوا للنظام السياسي، وساهموا مالياً في توفير احتياجاته عبر دفع الجزية وهي مبلغ سنوي من المال يحدده الحاكم الشرعي على كل فرد ذكر قادر من غير المسلمين، كما يدفع أفراد المسلمين الزكاة والخمس، فإنهم بعد ذلك أحرار في البقاء على أديانهم وممارسة معتقداتهم، دون أن يجبرهم أحد على تركها أو العدول عنها.
المراجع
موسوعة الفلسفة والفلاسفة
التصانيف
فلسفة
|