تسبّب رجوع سيف الإسلام القذافي إلى السباق الرئاسي بحكم محكمة سبها (جنوبي ليبيا) في إرباك المشهد الليبي من جديد، خاصة مع تصاعد الصراع بينه وبين اللواء المتقاعد خليفة حفتر في جنوب البلاد.

واستأنف سيف الإسلام ضد قرار إقصائه من خوض الانتخابات الرئاسية، التي يحتدم حولها الجدل بعد دخول شخصيات للسباق الانتخابي قد تعيد الاضطرابات مجددا إلى ليبيا.

انتخابات ليبيا.. هل تقصي معركة الطعون حفتر وسيف الإسلام القذافي والدبيبة؟

وظهر العداء واضحا هذه المرة بين أنصار النظام السابق ومؤيدي حفتر، بعد إغلاق الأخير محكمة سبها أياما بقوة السلاح، منعا لتقديم محامي سيف الإسلام الطعن في استبعاده من الانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وخرج مناصرون لسيف القذافي في مدينة سبها وفي مدن ليبية أخرى فرحين بعودته إلى السباق الرئاسي من جديد، مما قد ينهي آمال حفتر في الوصول للسلطة بسبب اعتماده على أنصار النظام السابق في هيكلة قواته وفي التصويت له في الانتخابات.

ويرى سياسيون أن الانتخابات قد يتم تأجيلها بدعم من المجتمع الدولي بعد رجوع سيف القذافي إلى السباق الرئاسي، وتجاوز رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة خارطة الطريق وقانون انتخاب رئيس الدولة، وعدم إخراج خليفة حفتر من قائمة المرشحين للرئاسة وهو المتهم بارتكاب جرائم حرب، وعليه حكم غيابي بالإعدام.

حفتر جُن بسبب سيف

يقول عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي إن حفتر جن جنونه عندما شاهد سيف القذافي يخرج للعلن بدعم من روسيا ويترشح منافسا له في الانتخابات الرئاسية.

وتابع حويلي "حفتر طالب سلطة له ولأبنائه، ودخول نجل القذافي يمنعه من الوصول للسلطة، ولذلك سلّط قواته في سبها على سيف القذافي لمنعه من التقدم نحو الانتخابات الرئاسية".

واعتبر حويلي -في تصريحه للجزيرة نت- أن أنصار القذافي يرون في حفتر أداة للوصول إلى السلطة، ثم سيتخلصون منه "حيث كان أنصار القذافي يخططون بعد الدخول مع حفتر في الحرب على طرابلس عام 2019 مشاركته للوصول إلى سدة الحكم في العاصمة ثم الانقلاب عليه".

وحسب حويلي، فإن أنصار النظام السابق يشترون البطاقات الانتخابية مستفيدين من الوضع المعيشي السيئ لأهل الجنوب، ووصلت البطاقة الانتخابية الواحدة في سبها إلى 1500 دينار، وهو ما يزعج حفتر.

ويرى عضو مجلس الدولة أن سيف القذافي لا يمتلك شعبية كبيرة، ويصل مناصروه إلى 30 ألف شخص في مناطق الجنوب، ولا يتعدى مناصرو حفتر حاجز 5 آلاف شخص في المناطق ذاتها. 

"صراع المجرمين"

ويقول عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز إن الصراع بين خليفة حفتر وسيف القذافي "هو بين مجرميْن مطلوبيْن للعدالة، ويُفترض ألا يشاركا في المشهد الليبي بعد إساءتهما للشعب".

وعبر دبرز عن أسفه لسماح العدالة "لمجرم" مطلوب للنائب العام والمحاكم الليبية ومحكمة الجنايات الدولية بالمنافسة في انتخابات ستُخرج رئيسا للدولة الليبية.

وأضاف دبرز للجزيرة نت "للأسف، إن ضعف الدولة وقضاءها، وتسامح أنصار ثورة فبراير المبالغ فيه، أوصلنا إلى التعامل مع حفتر وسيف القذافي اللذين يعدان من نفس المدرسة والأفكار والرؤية، لأن كلاهما متعطش للسلطة، ولديهما رغبة شديدة في الانتقام، ويحرّكان من الخارج".

وحسب عضو المجلس، فإن دعم أنصار النظام السابق لحفتر كان بهدف المصلحة المؤقتة، وكل منهما يستخدم الآخر ويسعى لتحقيق مكاسب بالطرق ذاتها؛ حيث إن أنصار القذافي دعموا حفتر حتى يشتد عودهم إلى أن يظهر مرشحهم المنتظر، وقد ظهر لهم.

عداء قديم جديد

ويرى المحلل السياسي عبد الله الكبير أن العداء بين سيف القذافي وحفتر ليس جديدا؛ حيث يشعر حفتر بالقلق من سيف القذافي بوصفه منافسا قويا قادرا على التأثير في العملية الانتخابية والمشهد السياسي الليبي.

وقال الكبير للجزيرة نت "يمتد التنافس بين حفتر وسيف القذافي إلى الحلفاء الدوليين والإقليميين، حيث تبدو روسيا أقرب إلى دعم سيف القذافي وهذا سيُعقّد الأمور أمام حفتر".

وحسب المحلل، فإن جزءا من أنصار النظام السابق انضموا لمشروع حفتر العسكري، راغبين في تقاسم السلطة في حال تمكنه من اقتحام العاصمة طرابلس عام 2019، وذلك لم يحدث.

وأردف "سيف القذافي له تأييد كبير في الجنوب وكذلك في الشرق حيث يهيمن حفتر، ويمتد نفوذ النظام السابق إلى الغرب الليبي. أما حفتر فقاعدته تتركز في الشرق وهي آخذة في الانحسار منذ هزيمته في طرابلس".

ويعتقد الكبير أن الصراع قد يصل إلى الصدام بين سيف القذافي وحفتر في الجنوب، إذا أراد سيف القذافي تكريس وجوده في المشهد السياسي وبسط نفوذه في الجنوب الليبي، وهو ما يعني الصدام مع حفتر الذي يمتلك قوات عسكرية في تلك المناطق. غير أن أحداث محكمة سبها -في رأي المحلل- بيّنت أن سيطرة حفتر على الجنوب هشة.


المراجع

aljazeera.net

التصانيف

سياسيون ليبيون  سياسة ليبيا  حل الدولة الواحدة   الفنون   العلوم الاجتماعية