أبو جهل

إنّ التعريف بأبي جهل يتطلب معرفة نسبه واسمه وهو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرّة بن كعب بن لؤي، ويلتقي هذا النسب مع النسب الشريف لرسول الله في مرّة بن كعب بن لؤي، فأبو جهل من قبيلة قريش ولكنّه ليس من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وقد كان يُكنّى قبل البعثة النبوية بأبي الحكم ولكنّ الرسول الكريم قد كنّاه بأبي جهل؛ وذلك لعداوته الكبيرة لله ورسوله، وفي هذا المقام قال ابن القيّم رحمه الله: "وكذلك تكنيته لأبي الحكم بأبي جهل، كنية مطابقة لوصفه ومعناه، وهو أحقّ الخلق بهذه الكنية".

كما أنّ القرآن الكريم قد خلّد وذكر أيضًا كمية طغيان أبي جهلٍ وجبروته، وذلك في قوله -تعالى- في سورة العلق: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ- عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ- أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ- أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ- أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ- أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ- كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ- نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ- فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ- سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ- كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب}، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي توضح أنّ أبا جهل هو المقصود في هذه الآيات والسبب في ذلك أنّه أراد إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونهيه عن صلاته، ولكنّه لمّا اقدم على فعله ما لبث أنّ عاد مفزوعًا خائفًا وأخبر القوم بأنّه رأى خندقًا من نار كان حاجزاً بينه وبين رسول الله.

قصة قتل أبي جهل

إنّ أبا جهل هو فرعون هذه الأمّة، الذي منعه الكبْر والغرور وحسده لآل هاشم من الإيمان بالله ورسوله، على الرغم من معرفته ويقينه بصدق النبي محمد، وقد دعا عليه رسول الله فلاقى مصرعه في غزوة بدر، وقد ضمنت قصة قتل أبي جهل على العديد من العجائب والدروس والعبر؛ والسبب في ذلك أنّه كان فارسًا من أبرز الفرسان، وهو قائد المشركين، وقد كان محاطًا بجموعهم يوم بدر؛ إلّا أنّه قُتل على يدّي صبييّن صغيرين من المسلمين، فقد روي عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أنّه قال: "بيْنَا أَنَا واقِفٌ في الصَّفِّ يَومَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عن يَمِينِي وعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بغُلَامَيْنِ مِنَ الأنْصَارِ -حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بيْنَ أَضْلَعَ منهما- فَغَمَزَنِي أَحَدُهُما فَقالَ: يا عَمِّ هلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلتُ: نَعَمْ، ما حَاجَتُكَ إلَيْهِ يا ابْنَ أَخِي؟ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حتَّى يَمُوتَ الأعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لذلكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقالَ لي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إلى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ في النَّاسِ، قُلتُ: أَلَا إنَّ هذا صَاحِبُكُما الذي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَاهُ"، وفي هذه الحادثة تبرز عجائب القدرة الإلهية وتتجلى عظيم البركة الربانيّة على أهل التقوى والصلاح والثبات، حيث يُقتل صنديد من صناديد قريش  بأيدي صبية صغار.


المراجع

sotor.com

التصانيف

وفيات 2 هـ  وفيات 623  وفيات 624  تاريخ قريش  جاهليون   التاريخ   كفّار قريش