قبيلة بلي هي قبيلة قضاعية عربية من قبائل شمال وغرب شبه الجزيرة العربية وتسكن اليوم عددا من الدول منها السعودية ومصر وإريتريا والسودان والأردن وسوريا وفلسطين.
نسب قبيلة بلي (البلوي)
تجمع كتب الأنساب والتاريخ على أن قبيلة بلي الساكنه في شمال الحجاز بطن من بطون قضاعة القحطانية اليمانية، وأن بني بلي ينسبون إلى بلي بن عمرو بن الحافي بن قضاعة، الذي أنجب فران، وهني، فتفرعت من نسليهما قبيلة بلي. وتعد قبيلة بلي من أعظم بطون قضاعة فقد جاء ذكرها في شعر الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني وأشاد بمكانتها مؤرخون كبار أمثال: المقري، وابن خلدون، وا لمقريزي؟ والقلقشندي وغيرهم. فقد جاء في كتاب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
وبنو البلوي ذوو حسب وأهل نعيم وتربية ملوكية حياهم الله وبياهم. ويشيد شيخ المؤرخين ابن خلدون بقوتهم وكثرتهم حيث يقول: (... وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة، وكا ثروا هناك سائر الأمم، وغلبوا على بلاد النوبة، وفرقوا كلمتهم، وأزالوا ملكهم وحاربوا الحبشة فأرهقوهم إلى هذا العهد). وتؤكد لنا الدراسات بأن قبيلة بلي منذ ظهور النصرانية تبوأت مكانة مرموقة في مصر من الناحية الاقتصادية، فكانت الإمبراطورية الرومانية تعتمد عليها في نقل التجارة من الهند. ويبدو أن هذه المكانة الاقتصادية أضيف إليها مكانة سياسية وعسكرية في العصر الإسلامي- كما سيأتي- بحيث أسندت إمارة بعض المناطق في مصر إلى بعض بطون قبيلة بلي، يقول المؤرخ الكبير القلقشندي مؤكدأ هذه الحقيقة: "... والموجود منهم الآن.. بنو شاد، وهم الأمراء الآن، وبنو عجيل بن المريب وهم العجلة وفيهم الإمارة أيضآ" لا بل أنه كانت توكل إليهم حماية الحجية تقديرأ لمكانتهم وما يتمتعون به من نفوذ.
بطون قبيلة بلي
وتنقسم مخلد إلى الهروف، والزبالة، والسحمة، والعرادات، وا لبركات، والقواعين، وتنقسم خزام إلى: وابصة، والمواهيب، والفواضلة، ولكل فرع من تلك الفروع بفروع عديدة. وحدد عمر رضا كحالة أفخاذ بلي الحجازية ب: الهروف، المعاقلة، الرموط، الفواضلة، الزبالة، الشامات، القواعين، الوابصة، العرادات، السحمة.. ومن أشهر بطون بلي الذي استقروا في مصر: بنو عمر، وبنو هاشم، وبنوهرم، وبنوسوادة، وبنوحارثة، وبنو أراش، وبنو ناب، وبنو شاد، وبنو عجيل بن المريب
موطن قبيلة بلي
أما بالنسبة لموطن قبيلة بلي قبل استقرارها في شمالي الجزيرة العربية فكان بالشحر ثم انتقلوا إلى نجران ثم نزحوا في ظروف لا نعرفها وزمان غير محدد إلى أقصى الشمال الشرقي للجزيرة العربية فانتشروا هناك، فصار لهم ولقبيلتهم الأم قضاعة ملك يمتد ما بين الحجاز والعراق والشام، وكل سواحل خليج العقبة الشرقية، لا بل أن ملكهم امتد حتى جبال الكراك. ويذكر ابن خلدون أنه من ضمن جنود مملكة تدمر أناس من بني سليح وحلوان وكلهم من قضاعة. ويؤكد جرجي زيدان بأن بلي كانت في مصر في عهد ظهور النصرانية وكانت منطقتهم ما بين القصير وقنا. لقد حاول العديد من المؤرخين المسلمين تحديد مواطن قبيلة بلي وأماكن انتشارها بعد حركة الفتح،
فموطنهم عند ابن خلدون: شمالي جهينة إلى عقبة آيلة على العدوة الشرقية من بحر القلزم (الأحمر)، ثم يقول: وأجاز منهم أمم إلى العدوة الغربية، وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة. أما صاحب نهاية الأرب فحدد منازلهم بقوله: "ومنازلهم الآن بالدماء وهي ما دون عيون القصب إلى أكرى فم المضيق، وعليهم درك الحج هناك، ومنهم جماعة بصعيد الديار المصرية؟ قال الحمداني: وديارهم آخميم وما تحتها، قال: واتفقوا هم وجهينة فصار لبلي من جسر سوهاي إلى قمولة، وصار لها من الشرق من عقبة قار الخراب إلى عيدان.. ". ويبدو من خلال استقراء المصادر بأن انتشار هذه القبيلة اتجه مع حركة الفتح باتجاه مصر والمغرب والأندلس، فضلأ عن ان هذه القبيلة تعرضت إلى هجرة قصرية إلى مصر في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقد نما إلى مسامعه عن طريق أحد عيونه بأن رجلأ من بلي في الشام تنازع مع رجل فصاح يا آل قضاعة، فأرسل الفاروق من فوره إلى عامله على الشام بأن يسير ثلث قضاعة فسيرهم إلى مصر فتفرقوا فيها. لقد انساحت قبيلة بلي في البلاد المفتوحة تقاتل في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، وان محمدآ رسول الله، فكاق ابناؤها عنصرآ نشطآ في كل مكان حلوا فيه، وكانوا محل ثقة وتقدير حكام الدولة الإسلامية، وهذا ما يتضح من خلال إسناد المناصب الإدارية والعسكرية العليا لهم، فضلأ عن كثرة اقطاعاتهم في المناطق المفتوحة. ومما تجدر ملاحظته بأن أبناء قبيلة بلي شديدي الاعتزاز بعروبتهم ولغتهم العربية، وعاداتهم وتقاليدهم العريقة بطريقة أثارت إعجاب المؤرخين، فعندما وصلوا إلى الأندلس فاتحين لم تبهرهم تلك الديار كما بهرت غيرهم فبقوا متشبثين بموروثاتهم الحضارية وذلك على النقيض من الكثير من القبائل العربية التي أصيبت بصدمة حضارية فاندمجت في مجتمعات الطلاد المفتوحة، دون تحفظ، فهذا العالم الفحل ابن حزم يؤكد هذه الحقيقة بقوله: "وديار بلي بالأندلس الموضع المعروف باسمهم بشمالي قرطبة، وهم هناك إلى اليوم على أنسابهم، لا يحسنون الكلام باللطينية، ولكن بالعربية فقط، نساؤهم، ورجالهم، ويقرون الضيف.. وكانت لهم دار أخرى بكورة مورور". وتذكر لنا المصادر أيضآ أنه كان لقبيلة بلي اقطاعات واسعة في الأندلس منذ فترة مبكرة من فتح هذا المصر، فكانت لهم منطقة فحص البلوط الذي ينسب إلى البلويين المعروفين ببني الأفلاج. كما كانوا يشكلون ثقلأ في مدينة إشبيلية ومدينة قرطبة (3). وفي عهد متأخر يذكر ابن الخطيب (ت 776هـ/ 374 1 م) أن معظم سكان غرناطة عرب تكثر من بينهم الأنساب العربية ومن بينها البلوي كما كان لأبناء قبيلة بلي ثقل في مدينة وادي آش ولكن أبناء قبيلة بلي ملوا حياة الضعف التي كان يحياها الأندلس فغادروه قبيل سقوطه بسنوات قليلة مفضلين العيش في كنف دولة قوية ترعى حرمتهم فغادروا الأندلس الوطن العزيز على قلوبهم في محرم 4 89هـ 28 ديسمبر 488 1 م، إلى تلمسان ومن تلمسان إلى وهران سنة 896هـ/ 1491م ثم إلى تونس 898هـ/ 1492 م، ثم توجهوا بطريق البحر إلى القسطنطينية وقبل الوصول إلى القسطنطينية توفي أحد علماء هذه القبيلة المشهورين وهو أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن داود البلوي الوادي آشي الغرناطي الأندلسي؟ وذلك في يوم الإثنين الخامس لرجب من سنة 898هـ، 23 أبريل سنة 1493م، مما اضطر السفن التي تحمل أبناء هذه القبيلة إلى الرسو في ميناء ششمة حيث دفن يوم السبت. وواصل البلويون رحلتهم بعد دفنهم لفقيدهم حتى وصلوا إلى القسطنطينية حيث وجدوا المأوى في ظل الدولة العثمانية ولقوا من سلاطين آل عثمان كل رعاية وتقدير خاصة من قبل السلطان بايزيد الثاني (886- 8 1 9هـ/ 1483- 1512 م) ابن محمد الفاتح، والسلطان سليم الأول (918- 926هـ/ 1512- 1520 م) والسلطان سليمان القانوني (926- 974هـ/ 1530- 1516 1530- 1516 م)، حيث شعر البلوين بالطمأنينة وبدأوا يشاركون في الحياة العلمية هناك، فتذكر لنا المصادر أن أبو جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي (ت 938هـ/ 1533 م) قد ألف في ربيع الأول عام 908هـ/ سبتمبر 502ام) كتاب في شرح القصيدة المعروفة بالرامزة أو الخزرجية وكان ذلك في مدينة غلطة (من ضواحي القسطنطينية). ويبدو أن رعاية الدولة العثمانية لهذه القبيلة قد استمرت حتى سقوط الخلافة العثمانية. وتمتد ديار بلي هذه الأيام من ساحل البحر الأحمر الشرقي إلى سكة حديد الحجاز، وشمالأ إلى حرة الرها من جهة بني عطية، وجبل شار وما حوله من جهة الحويطات. أما على الساحل فتمتد ديارها من جنوب الوجه إلى جنوب ضبا، وفي الداخل يعتبر الحد بينها وبين جهينة، وادي الحمض. وجاء في معجم قبائل العرب: ديار بلي تقع بين المدينة ووادي القرى من منقطع دار جهينة إلى حدود جذام بالنبك على شاطئ البحر، ثم لها ميامين البر إلى حد تبوك، ثم إلى جبال الشراة ثم إلى معان. والأردن، وزادت هذه الهجرة بعد الحرب العالمية الأولى، لظروف خاصه تتعلق بالصراعات السياسية التي شهدتها المنطقة. ولا تكاد محافظة من محافظات الأردن تخلو من تجمع من تجمعاتهم، ولكن تعد مأدبأ، والزرقاء، والكرك والعقبة والأغوار من أبرز منازلهم، ولايزال أبناء هذه القبيلة في الأردن يرتبطون بروابط وثيقة مع القبيلة الأم في الحجاز أما بالنسبة لموطن قبيلة بلي قبل استقرارها في شمالي الجزيرة العربية فكان بالشحر ثم انتقلوا إلى نجران ثم نزحوا في ظروف لا نعرفها وزمان غير محدد إلى أقصى الشمال الشرقي للجزيرة العربية فانتشروا هناك, فصار لهم ولقبيلتهم الأم قضاعة ملك يمتد ما بين الحجاز والعراق والشام, وكل سواحل خليج العقبة الشرقية، لا بل أن ملكهم امتد حتى جبال الكراك. ويذكر ابن خلدون أنه من ضمن جنود مملكة تدمر أناس من بني سليح وحلوان وكلهم من قضاعة. ويؤكد جرجي زيدان بأن بلي كانت في مصر في عهد ظهور النصرانية وكانت منطقتهم ما بين القصير وقنا. لقد حاول العديد من المؤرخين المسلمين تحديد مواطن قبيلة بلي وأماكن انتشارها بعد حركة الفتح, فموطنهم عند ابن خلدون : شمالي جهينة إلى عقبة آيلة على العدوة الشرقية من بحر القلزم " الأحمر", ثم يقول: وأجاز منهم أمم إلى العدوة الغربية، وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة. أما صاحب نهاية الأرب فحدد منازلهم بقوله" ومنازلهم الآن بالدماء وهي مادون عيون القصب إلى أكرى فم المضيق, وعليهم درك الحج هناك, ومنهم جماعة بصعيد الديار المصرية, قال الحمداني: وديارهم آخميم وماتحتها, قال: واتفقوا هم وجهينة فصار لبلي من جسر سوهاي إلى قمولة وصار لها من الشرق من عقبة قار الخراب إلى عيدان..." ويبدو من خلال استقراء المصادر بان انتشار هذه القبيلة اتجه مع حركة الفتح باتجاه مصر والمغرب والأندلس، فضلاً عن ان هذه القبيلة تعرضت إلى هجرة قصرية إلى مصر في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقد نما إلى مسامعه عن طريق أحد عيونه بأن رجلاً من بلي في الشام تنازع مع رجل فصاح ياآل قضاعة، فأرسل الفاروق من فوره إلى عامله على الشام بأن يسير ثلث قضاعة فسيرهم إلى مصر فتفرقوا فيها لقد انساحت قبيلة بلي في البلاد المفتوحة تقاتل في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، وان محمداً رسول الله، فكان
ابناؤها عنصراً نشطاً في كل مكان حلوا فيه، وكانوا محل ثقة وتقدير حكام الدولة الإسلامية، وهذا مايتضح من خلال إسناد المناصب الإدارية والعسكرية العليا لهم، فضلاً عن كثرة اقطاعاتهم في المناطق المفتوحة. ومما تجدر ملاحظته بأن قبيلة بلي شديدي الاعتزاز بعروبتهم ولغتهم العربية, وعاداتهم وتقاليدهم العريقة بطريقة أثارت إعجاب المؤرخين, فعندما وصلوا إلى الأندلس فاتحين لم تبهرهم تلك الديار كما بهرت غيرهم فبقوا متشبثين بموروثاتهم الحضارية وذلك على النقيض من الكثير من القبائل العربية التي أصيبت بصدمة حضارية فاندمجت في مجتمعات البلاد المفتوحة, دون تحفظ, فهنا العالم الفحل ابن حزم يؤكد هذه الحقيقه بقوله:"وديار بلي بالأندلس الموضع المعروف باسمهم بشمالي قرطبه ،وهم هناك الي اليوم على انسابهم ،لا يحسنون الكلام باللطينيه ولكن بالعربيه فقط ،نساؤهم ،ورجالهم ،ويقرون الضيف..وكانت لهم دار أخرى بكورة مورور" وتذكر لنا المصادر أيضا انه كان لقبيلة بلي اقطاعات واسعه في الاندلس منذ فترة مبكره من فتح هذا المصر فكانت لهم منطقة فحص البلوط الذي ينسب الي البلويين المعروفون ببني الافلاج كما كانوا يشكلون ثقلاً في مدينة اشبيليه ومدينة قرطبه. وفي عهد متأخر يذكر ابن الخطيب"ت 776هـ/ 1374م" ان معظم سكان غرناطه عرب تكثر من بينهم الانساب العربيه ومن بينها البلوي كما كان لأبناء قبيلة بلي ثقل في مدينة وادي آش ولكن أبناء قبيلة بلي ملوا حياة الضعف التي كان يحياها الاندلس فغادروه قبيل سقوطه بسنوات قليله مفضلين العيش في كنف دوله قويه ترعى حرمتهم فغادروا الاندلس الوطن العزيز على قلوبهم في محرم 894هـ /28ديسمبر 1488م ،إلى تلمسان ومن تلمسان إلى وهران سنة 896 هـ/1491 ثم إلى تونس 898هـ/1492م، ثم توجهوا بطريق البحر إلى القسطنطينيه وقبل الوصول إلى القسطنطينيه توفي أحد علماء هذه القبيله المشهورين وهو أبو الحسن علي بن احمد بن علي بن احمد بن عبد الرحمن بن داود البلوي الوادي آشي الغرناطي الاندلسي، وذلك في يوم الاثنين الخامس لرجب من سنة 898هـ،22 أبريل سنة 1493م ،مما اضطر السفن التي تحمل أبناء هذه القبيله إلى الرسو في ميناء ششمه حيث دفن يوم السبت. وواصل البلويون رحلتهم بعد دفنهم لفقيدهم حتى وصلوا إلى القسطنطينيه حيث وجدوا المأوى في ظل الدوله العثمانيه ولقوا من سلاطين آل عثمان كل رعايه وتقدير خاصه من قبل السلطان بايزيد الثاني "886-918هـ/1482-1512م" ابن محمد الفاتح، والسلطان سليم الأول "918-926هـ/1512-1520م" والسلطان سليمان القانوني "926-974هـ/1520-1516م"، حيث شعر البلوين بالطمأنينه وبدأوا يشاركون في الحياة العلمية هناك, فتذكر لنا المصادر أن أبو جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي { ت 928/ 1532م} قد ألف في ربيع الأول عام 908هـ/ سبتمبر 1502م كتاب في شرح القصيدة المعروفة بالرامزة أو الخزرجية وكان ذلك في مدينة غلطة (من ضواحي القسطنطينية). ويبدو أن رعاية الدولة العثمانية لهذه القبيلة قد استمرت حتى سقوط الخلافة العثمانية. وتمتد ديار بلي هذه الأيام من ساحل البحر الأحمر الشرقي إلى سكة حديد الحجاز، وشمالاً إلى حرة الرها من جهة بني عطية، وجبل شار وما حوله من جهة الحويطات. أما على الساحل فتمتد ديارها من جنوب الوجه إلى ضبه, وفي الداخل يعتبر الحد بينها وبين جهينة، وادي الحمض. وجاء في معظم قبائل العرب: ديار بلي تقع بين المدينة ووادي القرى من منقطع دار جهينة إلى حدود جذام بالنبك على شاطيء البحر, ثم لها ميامين البر إلى حد تبوك, ثم إلى جبال الشراة ثم إلى معان. وتجاور قبيلة بلي أربع قبائل رئيسة وهي: عنزه في الشرق, وبنو عطية في الشمال الشرقي، والحويطات في الشمال الغربي، وجهينة في الجنوب. ومما تجدر الإشارة إليه أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي نزح قسم من بلي الحجازية إلى مصر والأردن، وزادت هذه الهجرة بعد الحرب العالمية الأولى, لظروف خاصة تتعلق بالصراعات السياسية التي شهدتها المنطقة. ولا تكاد محافظة من محافظات الأردن تخلو من تجمع من تجمعاتهم, ولكن تعد مأدباً, والزرقاء, والكرك والعقبة والأغوار من أبرز منازلهم, ولا يزال أبناء هذه القبيلة في الأردن يرتبطون بروابط وثيقة مع القبيلة الأم في الحجاز. وتنقسم قبيلة بلي اليوم بشكل عام إلى قسمين مخلد وخزام. وتنقسم مخلد إلى الهروف, والزبالة, والسحمة, والعرادات, والبركات, والقواعين, وتنقسم خزام إلى وابصة والمواهيب والفواضلة, ولكل فرع من تلك الفروع بفروع عديدة. وحدد عمر رضا كحالة أفخاذ بلي الحجازيه بـ:الهروف، المعا قله ،الرموط ،الفواضله ،الزباله ،الشامات ،القواعين ،الربطه ،الوابصه ،العرادات ،السهامه. ومن أشهر بطون بلي الذي استقروا في مصر : بنو عمر، وبنوهاشم وبنوهرم ،وبنو سواده، وبنوحارثه، وبنوآراش ،وبنوناب، وبنوشاد، وبنوعجيل بن المريب
صحابة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم - من بلي
امـرأة مـن بلـي، صحابيـة أيـضـاً. روى عنها سعيد بـن عثمـان البلـوي وهـــي جــدتــه، وهــــي أم سلمة بن عبد الله العجلاني المقتول بأحد. (الوافي بالوفيات - صلاح الدين الصفدي)
د. يوسف عبد الله البلوي جهم البلوي أسعد بن عطية بن عبيد هانئ بن نيار يزيد بن ثعلبة كعب بن عجرة بن أمية عبد الله بن طارق بن عمرو عبد الله بن زياد بن عمرو عبد الله بن ثعلبة بن خزمة عبد الله بن عديس عبد الرحمن بن عديس عبد الرحمن عدو الأوثان عبدة بن مغيث بن الجد شريك بن عبدة البلوي 2جبارة بن زرارة البلوي علقمة بن رمثة البلوي شهداء بلي في بعث الرجيع النعمان بن غصن بن الحارث البلوي بحاث بن ثعلبة البلوي ثابت بن أقرم جابر بن النعمان عاصم بن عدي بن الجد أبو بردة هانئ بن نيار
علاقة قبيلة بلي بالإمبراطورية البيزنطية والقبائل العربية
يحدثنا التاريخ عن قبيلة بلي قضاعه ،القبيلة الأم لقبيلة بلي ،بأن السيادة والسؤدد كان لها على مشارف الشام ،وذلك بفضل ما يتمتع به ابناؤها من شجاعة وجرأة في القتال ،جعلتهم محل تقدير واحترام من حولهم من القبائل ،وهذا دفع بدوره الدول للتسابق لكسبهم إلى جانبها، فيذكر ابن خلدون كما تقدم بأنهم كانوا حلفاء لمملكة تدمر في عهد ملكتها الزباء. وقد تمكنت قبيلة قضاعة في نهاية المطاف من تأسيس مملكة لها في الشريط الضيق من الشام الممتدعلى حدود الجزيرة العربية، والتي تشمل منطقة مؤاب ،ومعان، ومؤتة. وما حولها من مشارف الشام ،وذلك بعد الميلاد، لذلك أطلق المؤرخون الإسلاميون على مملكة قضاعة في الشام كلمة مشارف الشام ،وملوك قضاعة في الشام. وكانت مملكة قضاعة تبعاً للروم طوال وجودها في الشام ،يجمعون لهم الضرائب، ويجندون لهم الجنود من أبنائهم ليكونوا ضمن الجيوش الرومانية في حروبها ضد أعدائها. وقد تمكن ملوك قضاعة من إخضاع الغساسنة تغلبوا عليهم في أواخر القرن الثالث للميلاد. لقد كانت قبيلة بلي تمثل رأس الحرب لقضاعة ،ويبدوا أن الرياسة كانت فيهم عند بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم وليس أدل على ذلك من أن القوة الرئيسة العربية التي قاتلت المسلمين في معركة مؤته لحساب الروم كانت من قضاعه ،حيث كان قائد العرب المتنصره واكثرهم من قضاعه أحد سادات قضاعة من قبيلة بلي واسمه مالك بن رافله البلوي ،والذي لقي مصرعه في هذه الموقعه، والذي كان يأتمر بأمره أكثر من مأئة ألف على حد قول بعض الروايات.
ومن المصادفات العجيبة أن نرى في المعسكر الإسلامي أن الذي انقذ الراية الإسلامية من السقوط بعد استشهاد قادة مؤتة الثلاثة رجل من قبيلة بلي. أن الإمبراطورية البيزنطية ما كان لها أن تعين رجلاً من قبيلة بلي على هذا الجيش العظيم لو لم تكن لهذه القبيله مكانه خاصه في شمالي الجزيره العربية ،ولعل قبول القبائل العربية في شمالي الجزيره العربية بقيادة مالك البلوي هو بمثابة إقرار لسيادة هذه القبيلة في تلك المنطقة. وكما تقدم رأينا أن الإمبراطوريه البيزنطيه تعتمد على ريجالات قبيلة بلي في مصر في نقل تجارتها من الهند وهذا أن دل على شي إنما يدل على مراعاة حرمة هذه القبيلة عند الإمبراطوريه البيزنطيه اينما حلت. لقد كانت قبيلة بلي معروفه بين القبائل باالوفاء والكرم ،والشجاعه والامانه ونبل الاخلاق، وليس أدل على ذلك من شهادة ابنة حاتم الطائي سفانة لها, التي وقعت في اسر المسلمين, ثم من عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأطلق سراحها، وقال لها: لا تعجلي حتى يجيء من قومك من يكون لك ثقة يبلغك بلادك.. فقالت: وأقمت حتى قدم ركب من قبيلة بلي, فجئت الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد قدم رهط من قوم لي منهم ثقة وبلاغ, فكساني الرسول صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة, فخرجت معهم حتى قدمت الشام, مما كان سبباً في إسلام أخيها عدي بن حاتم الذي غدا فيما بعد من كبار قادة الفتح الإسلامي, ومن هذا الخبر يتضح لنا بأن العلاقة ما بين طيء وبلي كانت على أفضل مايكون والا لما وثقت بهم سفانة, والأمر الاخر بأن تجار قبيلة بلي كانوا دائمي التردد على المدينة المنورة قبل إسلامهم, خاصة إذا علمنا بأن بطوناً من بلي كانت قد استقرت في المدينة, وتحالفت مع الأوس والخزرج, وشاركت في يوم بعاث. كما أن قبيلة بلي ربطتها مصاهرات عديدة مع القبائل العربية في الجزيرة العربية، فعلى سبيل المثال لا الحصر ان بنو هذيل ابن مدركة بن إلياس كان له من الولد سعد ولحيان، وعميرة، وهرمة، أمهم ليلى بنت فران بن بلي كما أن خؤولة الصحابي الجليل عمرو بن العاص (رضي الله عنه) من قبيلة بلي، فضلاً عن العديد من الصحابة الآخرين الذي سنسلط الضوء عليهم في هذه الدراسة. لقد كانت قبيلة بلي بحكم مجاورتها للإمبراطورية البيزنطية واحتكاكها المباشر مع نصارى بلاد الشام شديدة التأثر بالنصرانية، فاعتنق بعض افرادها هذة الديانة، إلا ان القسم الأكبر بقي على الوثنية يشارك بقية القبائل الحج إلى بعض الاصنام، والتي من اشهرها : (الاقيصر)الذي كان في مشارف الشام وكانت تعظمة قضاعة، ولخم، وجذام ،وعاملة، وغطفان، كما كان هناك صنم آحر يبدو أن هذه البيلة كانت تعظمة يقال لة (باجر) فضلاً عن تعظيمها لاصنام العرب المشهورة. ويجب التنبية ان الحديث هنا هو عن قبيلة بلي في شمالي الجزيرة العربية، ولم يشمل الحدث عن بطون بلي في المدينة المنورة، والتي سنلقي عليها الضوء من خلال الحديث عن موقف هذة القبيلة من الإسلام.
موقف قبيلة بلي من الإسلام
لقد وقفت قبيلة بلي (الام) في شمالي الجزيرة العربية ضد دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم شأنها شأن القبائل العربية الأخرى في الجزيرة العربية التي رأت في قيام دولة إسلامية قضاءً على سلطانها ونفوذها وتقييداً لحركتها وحريتها التي كانت تسرح وتمرح في ظل أعراف وتقاليد لاتتلاءم في معظمها مع تعاليم الدين الجديد ولكن موقف قبيلة بلي المعارض لدعوة الإسلام كان يذكيه فضلاً عن الاعتبارات السابقة ولاؤها للإمبراطورية البيزنطية، التي جعلت من أفراد هذه القبيلة والقبائل القضاعية الأخرى حراساً لحدودها مع الجزيرة العربية. لقد كان أول احتكاك مباشر من الناحية العسكرية ما بين قبيلة بلي والدولة الإسلامية في السنة الثامنة للهجرة عندما حشدت الإمبراطورية البيزنطية مائة ألف من متنصرة العرب في مؤتة لقيادة رجل من بلي يقال له مالك بن رافلة ،الذي قتل في هذة الموقعة كما تقدم. والمتأمل لهذا الخبر مرة أخرى يلحظ بان الزعامة في شمالي الجزيرة العربية كانت لقبيلة بلي، بدليل ان القبائل العربية المتحالفة في مؤتة والمكونة من بهراء ،ووائل، وبكر، ولخم ،وجذام، لم يعترضوا على إمارة مالك ابن رافلة ،دلالة على تسليمهم وانقيادهم واعترافهم بتميز هذة القبيلة وزعيمها. لا بل ان اختيار مالك من قبل بيزنطة يدل دلالة لاتقبل النقاش على مكانة هذة القبيلة في هذة الفترة من الناحية العسكريه والسياسية، فالأختيار لم يكن عشوائياً، بل كان يراعي حسابات قبليه دقيقة. ويبدوا ان قبيلة بلي لم تقبل بنتيجة موقعة مؤتة، فاخذت بدعم من الإمبراطورية البيزنطية تحرض القبائل في شمالي الجزيرة العربية على الدولة الإسلامية، وتحشد الحشود من أجل غزو المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية الناشئة، وفور تلقي المصطفى صلى الله عليه وسلم لهذة الأنباء المزعجة، سارع بتوجية حملة عسكرية اختير قائدها بعناية
فائقة.. فقد وقع الأختيار على الصحابي عمرو بن العاص (رضي الله عنه) الذي تعتبر قبيلة بلي خؤولتة وذلك من أجل استئلاف قلوبها، ولتقدر خطورة جموع قبيلة بلي ان المصطفى صلى الله عليه وسلم أرسل خيرة اصحابة في هذة الحملة امثال : الصديق، الفاروق، أبو عبيدة (رضي الله عنهم)، وذلك بعد أن طلب عمرو بن العاص (رضي الله عنه) النجده، فبلغ عدد جيش عمرو بن العاص (رضي الله عنه) خمسمائة مقاتل فاسروا في الليل والنهار، حتى وطئ الجيش بلاد بلي ودوخها حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي، وعذرة، وبلقين ،في الغزوة المعروفة بذات السلاسل. لقد كانت هذة آخر محاولة لقبيلة بلي لمقاومة الدعوة الإسلامية داخل حدود الجزيرة العربية، وبدأت هذة القبيلة تلاحظ انفضاضالقبائل العربية من حولها وانضمامها لدولة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فأخذت تراقب الأوضاع، وتصيخ أذانها لأخبار هذا الدين الجديد. لقد بدا شعاع هذا الدين يتسرب إلى أبناء قبيلة بلي (الأم) من خلال الاحتكاك المباشر مع دعاة المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسة، ورؤيتة للمعجزات بأم أعينهم، فيروي لنا المقزيزي، أن الذي فرج عن الجيش الإسلامي عندما اشتد به العطش في تبوك ،امرأة من بلي، فقال :عطش العسكر في تبوك فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فأرسل أسيد بن حضير في يوم صائفوهو متلثم ،فقال :عسى أن نجد لنل ماء –فخرج أسيد –وهو فيما بين الحجر وتبوك –فجعل –يضرب في كل وجه ،فوجد رايوة من ماء مع امرأة من قبيلة بلي ،فكلمها وأخبرها خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت :هذا الماء ,فانطلق به ,فدعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالبركه ثم قال هلموا اسقيكم فلم يبق معهم سقاء إلا ملأوه ثم دعا بركابهم وخيولهم فسقوها حتى نهلت وفي روايه ولما قدمت على أهلها قالوا لها :لقد احتبست علينا قالت :حبسني أني رأيت عجباً من العجب ارأيتم مزادتي هاتين ؟فوالله لقد شرب منها قريب من سبعين بعيراً ،واخذوا من القرب والمزاد والمطاهر مالا احصي ثم هما الآن اوفر منهما يومئذ، فلبثت شهراً عند أهلها ثم أقبلت في ثلاثين راكباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت واسلموا.
وفد قبيلة بلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في شهر ربيع الأول من السنة التاسعة للهجرة نور الله قبيلة بلي (الأم) للإسلام ،وجاء وفدهم إلى المديبه المنوره ،ليعلن إسلامهم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة شيخهم أبو الضبيب ،فنزلوا على الصحابي الجليل رويفع بن ثابت البلوي (رضي الله عنه)، وأنزلهم في منزله ،ثم قدم بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:هؤلاء قومي ،فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرحباً بك وبقومك) ،فأسلموا، وقال لهم رسول اللهصلى الله عليه وسلم (الحمد لله الذي هداكم للإسلام ،فمن مات منكم على غير الإسلام فهو في النار). وفي روايه أكثر تفصيلاً عن رويفع بن ثابت البلوي (رضي الله عنه) قال :قدم وفد قومي ،فأنزلتهم علي ،ثم خرجت بهم حتى انتهينا إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم وهو جالس في اصحابه ،فسلمنا عليه فقال صلى الله عليه وسلم رويفع ؟فقلت: لبيك ،قال : من هؤلاء القوم ؟ قلت : قومي يا رسول الله، قال : مرحباً بك وبقومك. قلت : يارسول الله قدموا وافدين عليك، مقرين بالإسلام ،وهم على من ورائهم من قومهم ،فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيراً يهديه للإسلام " فتقدم شيخ الوفد أبوالضبيب فجلس بين يدي رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فقال :يارسول الله أنا وفدنا إليك لنصدقك ،ونشهد أنك نبي حق ونخلع ما كنا نعبد وكان يعبد آباؤنا، فقال صلى الله عليه وسلم (الحمد لله الذي هداكم للإسلام فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار) وقال أبو الضبيب : يا رسول الله إن لي رغبة في الضيافة، فهل لي في ذلك أجر ؟ قال صلى الله عليه وسلم :(نعم وكل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة) فقال : يا رسول الله وما وقت الضيافة؟ قال صلى الله عليه وسلم (ثلاثة أيام فما بعد ذلك صدقة، ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحوجك (أي يضيق عليك) وفي لفظ : فيؤثمك، أي يعرضك
للإثم ،أي تتكلم بسيء القول، قال : يا رسول الله، أرأيت الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الأرض قال صلى الله عليه وسلم : هي لك أو لأخيك أو للذئب، قال : فالبعير ؟ قال : مالك وله ؟ دعه حتى يجده صاحبه. قال رويفع : ثم قاموا فرجعوا إلى منزلي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي منزلي يحمل تمراً، فقال : استعن بهذا التمر، فكانوا يأكلون منه ومن غيره، فأقاموا ثلاثة أيام، ثم ودعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجازهم ورجعوا إلى بلادهم.
وتذكر لنا المصادر بأن بطون بلي الأخرى المنتشرة في مختلف أنحاء الحجاز بدأت تتوافد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أوردت لنا تلك المصادر نص كتاب كتبه المصطفى لأحد هذه الوفود وهو وفد بني جعيل من قبيلة بلي وجاء نص الكتاب على النحو التالي :(إنهم رهط من قريش، ثم من بني عبد مناف، لهم مثل الذي لهم وعليهم مثل الذي عليهم.وإنهم لا يحشرون ولا يعشرون، وإن لهم ما أسلموا عليه من أموالهم. وإن لهم سعاية نصر وسعد بن بكر وثمالة وهيل. وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على لك : عاصم بن أبي صيفي، وعمرو بن أبي صيفي، والأعجم بن أبي سفيان، وعلي بن سعد، وشهد على لك العباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وأبو سفيان بن حرب " ونص هذا الكتاب يؤيد الرواية التي جاءت في الإصابة بأن قسماً من بلي قد حالف على ما يبدو عبد مناف فنسبوا إليهم، فقد روى البغوي من طريق عبد العزيز بن عمران عن جهم بن مطيع عن علي بن جهم البلوي عن أبيه قال : وافانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا من نحن فقلنا نحن بنو عبد مناف..." وبرجوع وفد بلي إلى مضاربة تبدأ صفحة الجهاد والتضحية من أجل التمكين لدين الله في الأرض باللسان والسنان، وهذا ما سنعيش معه في الصفحات التالية إن شاء الله
جهاد أبناء قبيلة بلي مع المصطفى صلى الله علية وسلم
غزوة بدر الكبرى (17 رمضان 2 هـ / 623 م)
بعد أن سجل أبناء هذه القبيلة السبق إلى الإسلام منذ أن كان مضطهداً في مكة المكرمة نجدهم يبرهنون على صدق ايمانهم في الدفاع عن الدولة الإسلامية الناشئه في المدينة المنوره، واضاف إلى سجل امجادهم صفحات مضيئة من خلال تسابقهم في طلب الشهادة من أجل إعلاء كلمه لا اله الا الله وان محمد رسول الله، وهذا يتضح من خلال المواقف البطولية التي سجلها أبناء هذه القبيله منذ غزوة بدر الكبرى، التي اعطت لمن شارك فيه
ا فضيلة لا تبارى لأنها اللقاء الأول الفاصل ما بين الكفر والايمان، وسنعيش خلال الصفحات التالية مع صور من البطولة والتضحية لأبناء هذه القبيلة من أجل العقيدة ونصرة الإسلام. وتطالعنا الصورة الأولى لمواقف أبناء هذه القبيلة عندما يتبارون في التسابق للانضمام إلى جيش الرسول صلى الله عليه وسلم المتوجه إلى بدر ،فهاهو الصحابي أبو أمامة ،إياس بن ثعلبة البلوي يختلف مع خاله الصحابي أبو بردة بن نيار البلوي، حول الخروج إلى بدر، وكانت أم أبو أمامه مريضة وتحتاج إلى رعاية، فقال الخال لابن أخته أبو أمامه بأن يقيم مع أمه ولا يخرج مع المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلى بدر، فرد ابن الأخت المتشوق إلى لقاء الأعداء بل أنت ياخال تبقى مع أختك، وعندما إشتد الجدل بين الرجلين رفع الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر أبا أمامة بالمقام مع
أمه، وخرج أبو بردة، وعندما رجع المصطفىصلى الله عليه وسلم وجد أم أبو أمامة قد توفية فصلى عليها. اجل انها صورة رائعه ان يتسابق الاقارب في الخير وطلب الدرجات العلى عند رب العالمين وفي ذلك فليتسابق المتسابقون. اما سواد بن غزية البلوي الانصاري فيقدم لنا صورة مفعمة بالحب لقائده المصطفى صلى الله عليه وسلم وتفصيل الامر ان النبي صلى الله عليه وسلم قبيل الاشتباك مع كفار قريش في بدر أخذ يعدل الصفوف وفي يده قدح أو عود فمر بسواد بن غزيه البلوي فطعنة في بطنه، فقال : اوجعتني فاقدني، فكشف المصطفى صلى الله عليه وسلم عن بطنه فاعتنقه سواد وقبل بطنه، فدعا له صلى الله عليه وسلم بخير. ويقدم لنا ابن سعد روايه أكثر تفصيلاً من الروايه السابقه حيث يقول : وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي طعنه النبي صلى الله عليه وسلم بعود أو سواك في بطنه فماد في بطنه فأثر في بطنه فقال :القصاص يا رسول الله، قال رسول الله : القصاص ،وكشف له عن بطنه، فقالت الأنصار: ياسواد رسول الله ،فقال : ما لبشر أحد على بشري من فضل، قال : وكشف له عن بطنه فقبله وقال اتركها لتشفع لي بها يوم القيامه. لقد ابلى سواد بلاءً حسناً في بدر وهو الذي أسر خالد أبن هشام المخزومي يوم بدر، وقد أستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر كما جاء في رواية ابي سعيد وابي هريره. وكان للصحابي الجليل المجذر بن عمروبن أخزم البلوي موقف بطولي في غزوة بدر، فقد تمكن المجذر الإحاطه بأبي البختري بن هشام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتله لمواقفه المشرفه من النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل الهجرة، ولكنه قتل على يد المجذر، فقد لقيه المجذر في المعركة وأصبح تحت رحمة سيفة، وقال له : يا أبا البختري ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نها نا عن قتلك ،فاستأسر وكان مع أبي البختري زميل له يقاتلان سوياً ،فقال : وزميلي :فأبلغه المجذر ألامر صادر بشأنه فقط، أما زميله فلا يمكن تركه بتاتاً فرفض أبو البختري الحياه ،وقال :إذن لأموتن أنا وهو جميعاً ثم اندفع يقاتل وهو يقول : لن يسلم ابن حرة زميله حتىيموت أو يرى سبيله فاضطر المجذر إلى مقاتلته فلا يزال يحاول حتى قتله. ومن الجدير بالملاحظة أن أخو المجذر عبد الله، وابن عمهما عبادة بن الخشاش بن عمرو بن زمزمة البلوي قد شهدوا جميعاً بدر. ومن الصحابة من قبيلة بلي الذين شهدوا غزوة بدر الكبرى عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة ،أبو عقيل البلوي ،الذي كان اسمه في الجاهليه عبد العزي فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن عدو الاوثان. ومنهم عبد الله بن سلمة بن مالك بن الحارث بن عدي بن الجد البلوي الأنصاري ،الذي كان بطل من الأبطال المشهود لهم بالشجاعه وفي الوقت نفسه كان يعتز بقبيلته وبشجاعته في أشعاره ،فكان يقول : أنا الذي يقال أصلي من بلي أطعن بالصعدة حتى تنثني ومنهم ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن الجد البلوي وابن عمه زيد بن أسلم بن ثعلبة البلوي وعبد الله بن طارق بن عمرو بن مالك البلوي وكعب بن عجزة بن أمية بن عدي البلوي والنعمان ابن عصرالبلوي وعبدالله بن عامر البلوي وعامر بن سلمة بن عامر بن عبد الله البلوي والنعمان بن عمرو بن عبيد بن وائلة البلوي وعبدة بن متعب بن الجد بن عجلان البلوي ومتعب بن عبيد ويقال عبدة بن إياس البلوي حليف بني ظفر من الأنصار وعبيد بن أبي عبيد البلوي ومرة بن الحباب بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي ورافع بن عنجدة البلوي وبحاث بن ثعلبة البلوي, وأخوه عبد الله وربعي بن رافع بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان البلوي ومعن بن عدي البلوي ومالك بن التيهان أبو الهيثم البلوي. أما الصحابي عاصم بن عدي البلوي فقد خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسر فرده النبي صلى الله عليه وسلم من الروحاء واستخلفه على أهل العالية وأهل قباء لشيء بلغه عنهم, وضرب له بسسهمه وأجره, فاتفقوأعلى ذكره في البدريين وأنيف بن جشم ابن عوذ الله بن تاج البلوي. إن هذا العدد الضخم من أبناء قبيلة بلي المشاركين في غزوة بدر الذي يقارب الثلاثين من جيش تعداده 313 جندي – أي يقارب 10% - يدل على ثقل حجم هذه القبيلة في المدينة المنورة, ومكانة أفرادها في دولة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو رقم يحتاج لمزيد من التأمل والتحليل لتسليط الضوء على التركيبة الاجتماعية لسكان المدينة المنورة, ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو ماهي الأسباب التي حدت بهذا العدد الضخم من قبيلة بلي ترك القبيلة الأم والاستقرار في المدينة المنورة ؟ إن المصادر لا تسعفنا للإجابة عن هذا السؤال, ولكن الذي يفهم من المصادر هو أن عوامل تتعلق بنزاعات قبيلة فضلاً عن عوامل سياسية واقتصادية دفعت قسماً من أبناء هذه القبيلة للاستقرار في المدينة المنورة.
كتبه ونقله على الشبكة العنكبويتة / موسى بن ربيع البلوي –
غزوة أحد (15 شوال 3هـ/ 624م)
إن مشاركة أبناء قبيلة بلي في غزوة بدر كانت كبيرة من الناحية العددية فضلاًعن بطولاتهم وتضحياتهم المباركة فإنه لم يسقط منهم شهداء,ولم تقل مشاركتهم في غزوة أحد عن مشاركتهم في بدر الكبرى إلا أن الذي يميز أحداًأن هذا الجبل المبارك قد درجت على صخوره دماء أبناء هه القبيلة فكان لك شهادة صادقة على إخلاصها وتفانيها في خدمة دينها, كما أننا نسجل بكل تقدير وإعجاب ثبات أبناء هذه القبيلة على الإيمان إذ لم يسجل التاريخ حالة نفاق واحدة من أبناء هذه القبيلة فضلاًعن أنها لم ترتد عندما ارتدت معظم القبائل. لقد كانت غزوة أحد غزوة ثأرية عنيفة كانت قريش تسعى بكل طاقاتها استعادة هيبتها التي أهدرت في غزوة بدر الكبرى, وكانت الجاهلية بكل غطرستها قد حشدت كل ما تقدر عليها من أجل الثأر لقتلاها في بدر, وفي الوقت نفسه كان المسلمون يدافعون عن نبيهم وعن دينهم بكل ما أوتوا من قوة, لذا تعد غزوة أحد من أعنف المعارك التي خاضها الجيش الإسلامي في تاريخه المبكر. لقد تمكن القرشيون في مرحلة من مراحل القتال من استغلال مخالفة الرماة لأوامر القائد المصطفى صلى الله عليه وسلم ونزلوا عن الجبل الذي يحمي ظهور الجيش الإسلامي, فالتف خالد ابن الوليد مع فرسانه على الجيش الإسلامي ليغير مجرى المعركة لصالح المشركين, وأصبح وضع المسلمين في غاية الحرج, بعدما استحر بهم القتل, فانفرط عقد الجيش الإسلامي، خصوصاً عندما سرت شائعة بين الجيش الإسلامي بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل ،فتخاذل بعض المسلمين عن القتال جزعاً،وانهارت معنويات البعض الآخر. وفي هذا الوضع العسكري المنهار والروح المعنوية المدمرة هب الصحابي ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنم البلوي ،حليف
الأنصار يصيح بأعلى صوته في قومه الأنصار يحرضهم على مواصلة القتال وعدم الاستسلام لليأس ،وكان يقول :"يامعشر الأنصار إلي إلي أنا ثابت بن الدحداحة، إن كان محمد قتل فإن الله حي لايموت ،فقاتلواعن دينكم ،فإن الله مظهركم وناصركم ". فأيقضت هذه الكلمات الواثقة من نصر الله المسلمين فنهض إليه نفر من الأنصار، فحمل بهم على كتيبة فرسان المشركين التي فيها خيرة شبابهم فيها خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، ولكن القوة لم تكن متكافئه لا بل ليس هنا وجه مقارنه لا من حيث العدد ولا من حيث العده، فكان جميع الصحابه مع ابن الدحداح البلوي مشاة، وكان المشركون فرساناً، فكانت النتيجه الحتميه استشهاد جميع أصحاب ابن الدحداحأما هو فهناك من يقول بأن خالد بن الوليد قتله برمح وهناك من يقول وعلى رأسهم الواقدي، بأنه جرح ثم برأ من جراحاته تلك، ومات على فراشه من جرح كان قد أصابه ثم انتقض به فرجع النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبه سنه 6ه /627م وقد تبع النبي صلى الله عليه وسلم جنازته حتى فرغ من دفنه. لقد كان أبو الدحداح البلوي من الذين يسارعون إلى الخيرات، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنه، ومن نماذج بذله في سبيل الله مارواه ابن شهاب من أن يتيماً خاصم أبا لبابه في نخله فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي لبابه، فبكى الغلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي لبابه : أعطه نخلتك، فقال : لا، فقال : أعطه إياها ولك بها عذاق في الجنه، فقال : لا. فسمع بذلك أبو الدحداح، فقال لأبي لبابه : أتبيع عذقك ذلك بحديقتي هذة ؟ قال : نعم، فجاء أبو الدحداح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله، النخله التي سألت لليتيم إن أعطيته إياها ألي بها عذق في الجنه ؟ قال نعم. ثم قتل أبو الدحداح شهيداً من إثر جرح جرح به في أحد فقال صلى الله عليه وسلم :(رب عذق مذلل لأبي الحداحة في الجنة). لقد عرف هذا الصحابي بالبذل والسخاء والإستجابه لأوامر ربه دون تلكؤ أو تباطؤ، فلما نزلت الآيه القرآنيه الكريمه :((من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسنا)) كان أبو الدحداح نازل في حائط له هو واهله فجاء إلى امرأته ،فقال:اخرجي ياأم الدحداح فقد أقرضته الله عز وجل ،فتصدق بحائطه على الفقراء والمساكين. ولم يكن أبو الدحداح الوحيد الذي أبلى بلاء حسناً في غزوة أحد ،فمن الذين سقطوا شهداء في هذه الغزوة الصحابي المحدر بن ذياد البلوي، الذي قتل غيلة فأخبر الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقاتله، فقتله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمجذر، وتفصيل ذلك أن المجذر كان قد قتل سويد بن الصامت في الجاهلية، فهيج قتله وقعة بعاث، ثم أسلم المجذر، وأسلم كذلك الحارث بن سويد بن الصامت، وكان الحارث بن سويد يطلب غرة المجذر ليقتله بأبيه، فشهدا جميعاً أحد، فلما اضطرب معسكر المسلمين بعد نزول الرماة، انتهز الحارث بن سويد وجاء المجذر من الخلف فضرب عنقه وقتله غيلة، فأتى جبريل ()رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة، وأمره أن يقتله به، فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن سويد بالمجذر بن زياد، وكان الذي ضرب عنقه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عويم بن سعادة على باب مسجد قباء. هذا وقد دفن المجذر بن ذياد البلوي، والنعماء بن مالك، وعبدة بن الخشخاش البلوي في قبر واحد. ومن شهاء بلي في غزوة حد الذين سقطوا وهم يذبون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي عبد الله بن سلمه بن مالك بن الحارث بن عدي البلوي، أبو محمد الذي آمن برسالة الإسلام منذ فترة مبكرة، وتشرف بالمشاركة في غزوة بدر الكبرى، وقد كان شجاعاً مقداماً، سقط شهيدا مقبلاً غير مدبر. وعندما نقل الخبر لأمه أنيسه بنت عدي الأنصارية البلوية احتسبته عند الله، ولكن عاطفة الأمومة قد دفعتها إلى الاستئذان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل جثته من موقع المعركة في أحد إلى المدينة المنورة لتأنس به، فأستجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الموقف العاطفي فأذن لها فنقلته إلى المدينة على ما رواه أصحاب السير، فعدلته بالشهيد المجذر بن ذياد، على ناضح (بعير) في عباءة، فمرت بهما فعجب لهما الناس، وكان عبد الله ثقيلاً جسيماً، وكان المجذر قليل اللحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم سوى ما بينهما عملهما. وقد ذكر ابن سعد أن الذي قتل عبد الله بن سلمه يوم أحد في شوال، عبد الله بن الزبعري. ومن الذين درجوا بدمائهم سفوح أحد أيضاً الصحابي عبيد بن التيهان البلوي، قتله عكرمه بن أبي جهل. وممن شهد أحد من أبناء قبيله بلي أيضاً.... الصحابي عبيد بن أبي عبيد البلوي ورافع بن عنجدة البلوي وبحاث بن ثعلبة البلوي وأخوه عبد الله ومالك بن التيهان أبو الهيثم البلوي ومرة بن الحباب بن عدي البلوي ومعن بن عدي البلوي وعبدة بن مغيث بن الجد البلوي وأبنه شريك بن عبدة وربعي بن رافع بن الحارث البلوي وأبو بردة بن نيار وكان فرسه أحد فرسين في أحد فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرى لابي بردة وزيد بن أسلم وهو أبن عم الصحابي زيد أبن ثابت بن أقرم ونعمان بن عصر ومتعب بن عبيد البلوي وسواد بن غزية البلوي والصحابي معن بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي وعبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة أبو عقيل البلوي وعبد الله بن طارق البلوي وغيرهم. وهكذا نرى مرة آخرى كثافة مشاركة أبناء هذه القبيلة في غزوة أحد قفد بلغ عدد المشاركين فيها ما يقارب الثلاثين ،سقط منهم سبعة شهداء أي 10% من اجمالي عدد شهداء أحد وهي شهادة أخرى على بلاء هذه القبيلة في خدمة الإسلام ،وكأن الفرع الذي سكن المدينة المنورة أراد أن يكفر عن خطيئة القبيلة الأم في الشمال التي تأخر إسلامها إلى السنه التاسعه من الهجره.
شهداء بلي في بعث الرجيع (صفر 4هـ /625م)
لقد كان لغزوة أحد وقع كبير في الجزيره العربيه، خصوصاً ان قريش بواسطة وسائل إعلامها (الشعراء) صحافة ذلك العصر صوروا بأنهم حققوا نصراً مؤزراً على المسلمين وانهم ثأروا لقتلاهم في بدر ،وبدا للقبائل العربيه بأن قريش ما زالت هي سيدة قلب الجزيره العربيه، فأخذت بعض القبائل تحاول النيل من المسلمين ارضاء لقريش من جانب، ومن اجل الكسب المادي من الجانب الأخر، لأن قريش أعلنت جوائز موجزيه لكل من يمكنها من المسلمين الذين قتلوا سادتهم في بدر. ومن هذه المنطلقات قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من عضل والقاره فقالوا :يارسول الله أن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من اصحابك، يفقهوننا في الدين، ويقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الإسلام. فختار رسول اللهصلى الله عليه وسلم سته من خيرة اصحابه لهذه المهمه الساميه ،وهذا الاختيار هو شهادة لهؤلاء النفر بانهم من افقه واعلم الصحابه وإلا لما انتدبهم لمهمة الوعظ والتدريس، فاختار مرثد بن أبي مرثد الغنوي أميراً للقوم، وهم :عبد الله بن طارق البلوي، وخالد بن البكير الليثي، وعاصم بن ثابت بن أبي الأملح ،وزيد بن الدثنة وخبيب بن عدي (جميعاً). لقد كانت عضل القاره تبطلان من خلاال هذه السفاره الغدر والخيانة بصحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا مؤمنين حقاً ولا راغبين في الإسلام ،إذ انهم ما ان وصلوا إلى الرجيع ،وهو ما لهذيل بناحية الحجاز غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلاً، فأحاطوا بهم، فستعد الصحابه للقتال والدفاع عن انفسهم، فقالوا لهم : إنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد ان نصيب بكم شيئاً من أهل مكه، ولكم عهد الله وميثاقه ان لا نقتلكم.
فانقسم الصحابه في آرائهم إلى قسمين قسم يرى بأنه ليس لمشرك عهد ولا عقد ومثل هذا القسم مرثد، وخالد بن الكبير، وعاصم ابن ثابت، فقاتلوا حتى استشهدوا. وأما القسم الثاني فوثق بعهد المشركين فاستأسروا وهم : خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنه، وعبدالله بن طارق البلوي، ولكن عبد الله بن طارق البلوي راجع نفسه خلال الطريق وانبه ضميره على قبوله للأسر ،فتسامت نفسه وتاقت روحه إلى الجنه، إلى الشهادة التي تسموا بصاحبها إلى الدرجات العلى، فعندما وصل ألى مر الظهران تمكن من فك قيده ثم أخذ سيفه وأستأخر عنه القوم فرموه بالحجاره حتى قتلوه فقبره بالظهران، واما خبيب وزيد بن الدثمه فقدموا بهما مكه فباعوهما من قريش باسيرين من هذيل كانا بمكه ،وقد قامت قريش بإعدام خبيب بالقصه المشهوره. وقد ذكر حسان شاعر المصطفى صلى الله عليه وسلم عبد الله بن طارق البلوي في شعره الذي يمدح فيه اصحاب الرجيع فقال :
صلى الإله على الذين تتابعوا يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا رأس السرية مرثد وأميرهم وأبن البكير إمامهم وخبيب وابن لطارق وابن دثنة منهم وافاه ثم حمامه المكتوب والعاصم المقتول عند رجيعهم كسب المعالي إنه لكسوب منع المقادة أن ينالوا ظهره حتى يجالد إنه لنجيب
وتذكر لنا المصادر التي تجعل أصحاب الرجيع عشرة أن بلوياً آخر قد سقط شهيداً في هذه الواقعة، وهو الصحابي معتب بن عبيد البلوي، الذي لم يثق بوعد المشركين وقاتل مع القسم الأول الذي مثله كما تقدم عاصم بن ثابت، ومرثد، وخالد، حتى رزق الشهاده مع صحبه. وقد ذكره أبن عبد البر باسم مغيث بن عبيد بن إياس البلوي، حليف الأنصار قتل يوم الرجيع شهيداً، وهو أخو الصحابي عبد الله بن طارق البلوي لأمه. وتتوالى قوافل الشهداء من قبيلة بلي من أجل إعلاء كلمة التوحيد لا بل أن المشاركة في الغزوات والحرص على طلب الشهادة لم تقتصر على الرجال بل شاركت فيها نساء من هذه القبيلة، ففي غزوة خيبر (محرم 7 هـ / 628م) آخر معقل من معاقل اليهود، ذلك الوكر الذي كانت تحاك فيه المؤامرات ضد دولة الإسلام في المدينة المنوره، خر الصحابي عدي بن مره بن سراقه بن خباب بن عدي بن الجد بن عجلان البلوي شهيداً فائزاً بمرضاة الله، إذ طعن بين ثدييه بحربة أودت بحياته ويذكر أبن حجر أن اسمه جدي وأنه أستشهد هو وأبوه. وشهد غزوة خيبر مجموعه من نساء قبيلة بلي خرجن ليساعدن الجيش الإسلامي من ضمن عشرين امرأة فقد شهدت هذه الغزوه أم منيع بنت عمرو بن عدي بن سنان أم الصحابي شباث، التي كانت قد شهدت بيعة الغقبة وولدت شباث في نفس الليله كما تقدم، وهي زوجة الصحابي خديج ابن سلامه البلوي، وشهدتها امرأة عاصم بن عدي البلوي، وولدت بخيبر سهله بنت عاصم وجاء في الاستيعاب سهله بنت عاصم بن عدي العجلاني البلوي، زوجة عبد الرحمن بن عوف تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أسهم لها يوم خيبر، ويبدو أنه تزوجها فيما بعد.
الحديبية وبيعة الرضوان
وفي الحديبية نجد أبناء قبيلة بلي يتسابقون لمبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان تحت الشجرة, يبايعونه على الموت عندما تسربت بعض الأخبار بأن المشركين قتلوا عثمان بن عفان(رضي الله عنه), فمن بين المبايعين الصحابي الجليل كعب بن عجرة البلوي الذي نزلت فيه آية الفدية كما جاء في الصحيحين عندما أصابه في رأسه أذى وهو محرم, فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يحلق رأسه, وأن يذبح شاة, أو يصوم ثلاثة أيام, أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدين, فنزل قوله تعالى ((فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)). فكان كعب يقول كانت لي خاصة وهي لكم عامة, ويقال أن كعب بن عجرة البلوي أهدى بقرة قلدها وأشعرها. لقد كان هذا الصحابي شديد الحب لرسول الله وكان كثير التأمل لوجهه الكريم, فإذا رأى بأنه بحاجة إلى طعام كان يبادر إلى جلبه إليه لأنه يعرف فاقة المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ كانت تمضي الأيام والأيام دون أن توقد في دار آل محمد نار, فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة: قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فرأيته متغيراً- أي من الجوع - فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلاً له فسقيت له على كل دلو بتمرة, فجمعت تمراً فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم الحديث. وقد أخرج ابن سعد بسند جيد عن ثابت بن عبيدان يد كعب بن عجرة البلوي قطعت في بعض المغازي, ثم سكن الكوفة وروى عنه ابن عمر, وجابر, وابن عباس, وروى عنه أيضاً أولاده, اسحق, ومحمد, وعبد الملك, والربيع. ومن أبناء قبيلة بلي الذين بايعوا تحت الشجرة الصحابي مسعود ابن الأسود البلوي, ويقال فيه مسعود بن المسور, وعلقمه بن رمثه (بكسر اوله وسكون الميم) البلوي وعنبس بن ثعلبه بن هلال البلوي وشبث بن سعد بن مالك البلوي
وعبدالرحمن بن عايش البلوي وعلسه بن عدي البلوي وابو زمعه البلوي (جعفر أو عيد) الذي قال حين حضرته الوفاة وهو في افريقيه مجاهداً : إذا دفنتموني فسووا قبري وعبدالله بن اسلم بن زيد بن فحان البلوي عبد الرحمن بن عديس ابن عمرو البلوي، وهو فارس شاعر شجاع واسعد بن عطيه بن عبيد بن بجاله بن عوف بن ودم بن ذبيان البلوي.
كتبه ونقله على الشبكة العنكبويتة / موسى بن ربيع البلوي
دور قبيلة بلي في غزوتي مؤتة وتبوك
لقد كانت موقعة مؤتة(جمادي الأولى8هـ/آب 619م) أول صدام مسلح بين الدولة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية وذلك بسبب مخالفة تلك الامبراطورية للأعراف الدبلوماسية عندما قتل صاحب بصرى شرحبيل بن عمرو الغساني. رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي في مؤتة. لهذا السبب المباشر بالإضافة إلى أسباب أخرى جهز المصطفى صلى الله عليه وسلم جيشاً تعداده ثلاثة آلاف مقاتل نصب عليهم ثلاثة قادة على التوالي: زيد بن حارثة, وجعفر بن ابي طالب, وعبدالله بن رواحة, فإذا استشهدوا جميعاً اصطلح الجيش على واحد منهم لتولي القيادة, وحدث ما توقع المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ فوجيء الجيش الإسلامي بجيش عرمرم ينوف على مائة الف, فكانت معركة في غاية الشراسة. وتساقط القادة الثلاثة شهداء الواحد تلو الآخر وكادت الراية الإسلامية أن تقع على الأرض عندها هب أحد أبناء قبيلة بلي وهو الصحابي ثابت بن أقرم فأخذ اللواء, وصاح: ياللأنصار, فأتاه الناس من كل وجه, وهم قليل, وهو يقول: إلى أيها الناس, فلما نظر إلى خالد بن الوليد قال: خذ اللواء يا أبا سليمان فقال: لا آخذه أنت أحق به, أنت رجل لك سن, وقد شهدت بدراً, قال ثابت: خذه أيها الرجل, فوالله ما أخذته إلا لك, فأخذه خالد وتمكن في نهاية المطاف من الانسحاب إلى المدينة بأقل عدد من الخسائر بخطة عسكرية عبقرية جعلته في مصاف أعظم قادة الفتح الإسلامي. وفي غزوة العسرة (تبوك) (رجب 9هـ/ تشرين الأول 630م) التي كانت ظروف غير مواتيه من الناحية المناخية والاقتصادية, حيث كانت في عام مجدب وصيف شديد الحرارة, فضلاً عن أن الهدف المنشود ليس سهلا مقابلة الامبراطورية أعظم قوة في العالم آنذاك، فكانت غزوة تبوك محكاً جيداً لاختبار معادن المؤمنين وتمييزها عن معادن
المنافقين الذين رسبوا في الاختبار عندما ندبهم رب العزة، والرسول للالتحاق بهذه الغزوة وبذل المال والنفس من أجل الإسلام، قال تعالى : ((انفروا خفاقاً وثقالاً وجاهدوا بأمولكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)). لقد لبى أبناء قبيلة بلي نداء الواجب مثلهم مثل بقية الصحابة الكرام فتسابقوا إالى البذل والعطاء كل على قدر استطاعته ،، فتصدق الصحابي عاصم بن عدي البلوي بتسعين وسقاً تمراً. وجاء الصحابي سهل بن رافع بن خديج بن مالك بن غنم البلوي الأنصاري بصاع من تمر. وجاء أبو عقيل البلوي عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة بصاع من تمر، فقال مالي غير صاعين نقلت فيهما الماء على ظهري حبست احدهما لعيالي، وجئت بالآخر ،وهذا تصرف ليس غريباً على صحابي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن عدو الأوثان، بعد أن كان يسمى في الجاهلية عبد العزي ،وشهد المشاهد كلها مع المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التصرف من قبل عاصم بن عدي البلوي ،وسهل البلوي وأبو عقيل البلوي، أغاظ المنافقين، فأخذوا يلمزون المتصدقين بألسنة حداد فقالوا عن صدقة عاصم : ماجاء بما جاء به إلا رياء وقالوا عن الصحابه الذين تصدقوا بصاع :إن الله غني عن هذا الصاع وهذا ما اكده ابن عباس (رضي الله عنه) في تفسير قوله عز وجل :((الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لايجدون إلاجهدهم فيسخرمن منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم)). وعندما نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب على مسيرة شهر في تبوك ولم يلقى كيداً من الروم وقفل راجعاً، أخبره الوحي بأن المنافقين قد بنوا أثناء غيابه في المدينة مسجد الضرار وأمر أن يهدمه، فكان رسوله إلى هذه المهمه الصحابي عاصم بن عدي العجلاني البلوي، ومالك بن الدخشم السالمي فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرقاه، فخرجا سريعين _ على اقدامهما _حتى أتيا مسجد بني سالم بن عوف ،وهم رهط بن مالك بن الدخشم، فقال مالك لعاصم :انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل إالى أهله، فأخذ سعفاً من النخل وأشعل فيه ناراً، ثم خرج يعدوان حتى انتهيا إليهم بين المغرب والعشاء وهم فيه، وإمامهم مجمع بن جاريه فأحرقاه _ وثبت من بينهم زيد بن جاريه بن عامر حتى احترقت إليته – وهدماه حتى وضعاه بالأرض. فلما قدم صلى الله عليه وسلم عرض على عاصم بن عدي البلوي المسجد يتخذه داراً فقال : ما كنت لأتخذ مسجداً قد نزل فيه ما نزل داراً، فأعطاه ثابت بن أرقم البلوي ومن أبناء بلي الذين شهدوا غزوة تبوك الصحابي أبو الشموس البلوي الذي روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث تتعلق بهذه الغزوة وهكذا رأينا بأن أبناء قبيلة بلي لم يتخلفوا عن المشاركه بالنفس والمال في كل المعارك التي خاضتها دولة الإسلام في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسنحاول في الصفحات التاليه أن نسلط الضوء على دور هذه القبيله في نصرة الإسلام بعد انتقال الرسولصلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، من خلال الحديث عن دورهم في حروب الرده، والفتوحات الإسلامية. الثالث عشر :دور قبيلة بلي في حروب الردة : لقد بدأت القبائل العربية تتململ من سلطة الدولة الإسلامية منذ أواخر حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهي لم تتعود الخضوع لسلطة مركزية واحدة, فضلاً عن ان الدين الجديد كبح من جماح شهواتها, وألغى الكثير من أعرافها التي تتناقض مع تعاليم الإسلام, فوجدت هذه القبائل فرصتها عندما انتقل المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى, لتعلن تمردها على سلطان الدولة الإسلامية, لا بل إنها تمادت والتفت حول مدعين النبوة من شيوخها وزعمائها, وعادت الأمور جذعة وأمست الجزيرة العربية كافرة, إلا من رحم ربي من بعض القبائل هنا وهناك, ولنا أن نتصور حجم التحدي أن المسلمين في المدينة أخذوا ينظمون الحراسات على مداخلها خوفاً من هجوم المرتدين عليها. لقد كانت قبيلة بلي من القبائل القليلة جداً التي لم ترتد وبقيت متشبثة بإسلامها, مستعصمة بتعاليم قائدها المصطفى صلى الله عليه وسلم لذا ليس مستغرباً أن نرى العديد من البطولات والتضحيات لأبناء هذه القبيلة في تلك الحروب. ومن أبطال بلي الذين سجل لهم التاريخ بكل فخر واعتزاز بطولات في حروب الردة الصحابي الجليل عبد الرحمن (عدو الأوثان) أبو عقيل البلوي أحد السابقين للإسلام كما تقدم, الذي كان في مقدمة الصفوف يوم اليمامة(12هـ/ 633م) تلك الموقعة التي حصدت العشرات من الصحابة حفظة كتاب الله, فكان أول من جرح في هذه الموقعة أبو عقيل, رمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده, فأخرج السهم ووهن له شقه الأيسر, وجر إلى الرحل فلما حمي وطيس المعركة, وانهزم المسلمون, وجاوزوا رحالهم وأبو عقيل البلوي واهن من جرحه سمع الصحابي معن بن عدي البلوي يصيح بالأنصار الله الله والكرة على عدوكم, فصاحت الأنصار أخلصونا أخلصونا, فأخلصوا رجلاً رجلاً يميزون أي أنهم أخذوا يتبايعون على الموت رجلاً رجلاً أمام معن بن عدي, ويبدو أن معن بن عدي, افتقد أبو عقيل فنادى عليه وهو لا يعلم انه جريح.
قال عبد الله بن عمر(رضي الله عنهما) فنهض أبو عقيل يريد قومه فقلت: ما تريد يا أبا عقيل ما فيك قتال. قال: قد نوه المنادي باسمي قال ابن عمر: فقلت: إنما يقول ياللأنصار لا يعني الجرحى، قال أبو عقيل: أنا رجل من الأنصار وأنا أجيبه ولو حبواً, قال ابن عمر: فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى مجرداً، ثم جعل ينادي ياللأنصار كرة كيوم حنين فاجتمعوا رحمهم الله جميعاً يتقدمون الصفوف حتى اقحموا عدوهم الحديقة, فاختلطوا واختلفت السيوف بيننا وبينهم, قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المجروحة من المنكب فوقعت على الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحاً كلها قد خلصت إلى مقتل, وقتل عدو الله مسيلمة الكذاب. قال ابن عمر: فوقعت على أبي العقيل وهو صريح بآخر رمق فقلت: أبا العقيل, فقال: لبيك بلسان ملتاث لمن الدبرة قال: قلت: أبشر ورفعت صوتي قد قتل عدو الله, فرفع أصبعه إلى السماء يحمد الله, وفاضت روحه إلى السماء. قال ابن عمر : فأخبرت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بعد أن قدمت خبره كله، فقال : ما زال يسأل الشهادة ويطلبها، وإن كان ما علمت من خيار أصحابي نبينا صلى الله عليه وسلم وقديم إسلامه. إن ما قام به أبو عقيل البلوي صورة حية لسلوك المؤمن الصادق الذي اطمأن قلبه بالإيمان، والذي يرى بأن الشهادة أعظم فوز يحصل عليه الإنسان، فكان كما قال الفاروق (رضي الله عنه) دائم الدعاء إلى الله بأن يرزقه الشهاده، فلم تمنعه جراحاته وبتر يده من مواصلة القتال، فلفظ انفاسه الأخيره وبجسده أربعة عشر جرحاً تثغب بالدماء تشهد له امام الخلائق يوم القيامه. ومن شهداء قبيلة بلي في موقعة اليمامه، الصحابي معن بن عدي البلوي، الذي رأيناه يستنهض همم المسلمين والأنصار بشكل خاص لمواصلة القتال، فأتت دعوته ثمارها عندما انتظم المسلمون من جديد وقاتلوا عدو الله مسيلمة الكذاب فقتلوه، وبقتله كسرت شوكة المرتدين. لقد سقط معن بن عدي شهيداً مع صديقه الأثير الذي آخى المصطفى صلى الله عليه وسلم بينه وبين معن بن عدي ألا وهو زيد بن الخطاب أخو الفاروق (رضي الله عنهما). ومن المناسب أن أذكر بمقولة معن بن عدي مرة آخرى عندما بكى الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفاه الله وقالوا : والله لوددنا أن متنا قبله، نخشى أن نفتتن بعده. فقال معن : "إني والله ما أحب أني مت قبله حتى اصدقه حياً وميتاً " لقد بر معن بعهده واخلص لإسلامه في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وخر شهيداً في موقعة اليمامه وهو يقاتل من أرادو العودة بالجزيرة العربية إلى سابق عهدها من الظلام والجهل والكفر، فانطبق عليه قوله تعالى : ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً)). ويتقاطر الشهداء من قبيلة بلي في حروب الردة، ضاربين أروع الأمثله في البطوله والفداء فها هو خالد بن الوليد (رضي الله عنه) يقع اختياره على الصحابي الجليل ثابت بن أقرم البلوي الذي شهد مع المصطفى كل مواقعه، والذي رأيناه ينقذ راية الإسلام من السقوط في مؤته ويدفعها إلى خالد بن الوليد، هاهو خالد يقدر كفاءة الرجل ويجعله طليعة له على المرتدين مع الصحابي الجليل عكاشه بن محصن، ليجمع له أكبر قدر من المعلومات على المرتد طليحة بن خويلد وذلك عندما دنا خالد من بزاخة. فانطلق ثابت بن أقرم البلوي على فرس له يقال له المحبر، وعكاشه على فرسه الذي يقال له الزرام، وفي أثناء جمعهم للمعلومات ويبدو أنهما اقتربا كثيراً من معسكر الأعداء، لقيهما طليحه وأخوه سلمة، فتمكنا من قتل عكاشه وثابت. وأقبل خالد بن الوليد فراعه منظر ثابت بن أقرم قتيلاً تطؤه المطي، فعظم ذلك على المسلمين، فحفر له ولصاحبه عكاشه ودفنا بدمائهما وثيابهما، وكان ذلك في سنة (12هـ /633م). لقد كان لثابت بن أقرم البلوي وعكاشه بن محصن مكانه عظيمه في نفوس المسلمين، وكان كبار الصحابه يتوجدون عليهم كلما ذكرت اسماؤهم، فهذا هو الخليفه الراشدي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقابل طليحه بعد أن تاب وأناب إلى الله، يقول له : كيف أحبك وقد قتلت الصالحين عكاشه بن محصن، وثابت بن أقرم. فيرد طليحه : أكرمها الله بيدي، ولم يهني بأيديهما. وكان طليحه قد قال عند قتله هذين الصحابيين :
عشية غادرت ابن أقرم ثوياً وعكاشة الغنمي تحت المجال
وسقط كذلك شهيداً في معركة اليمامة الصحابي النعمان بن عصر بن عبيد بن وائله البلوي، الذي شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ابن حجر أن الذي قتله طليحه بن خويلد الأسدي. وكذلك سقط عبيد الله بن التيهان البلوي شهيداً في اليمام، وهو ابن الصحابي عبيد بن التيهان البلوي الذي استشهد يوم أحد وهو أيضاً أخي الصحابي مالك ابن التيهان أبو الهيثم البلوي وهو من أواءل من أسلم كما تقدم وأول من بايع يوم العقبه، فشهد المشاهد كلها من المصطفى صلى الله عليه وسلم لا بل أنه كان يقال لأبي الهيثم ذو السيفين، من أجل أنه كان يتقلد في الحرب بسيفين. واستشد كذلك الصحابي زيد بن أسلم بن ثعلبه بن عدي بن العجلان البلوي حليف بني عجلان، وهو ابن عم الصحابي ثابت بن أرقم، وكان ممن شهد بدراً، وذكر أن الذي قتله هو طليحه بن خويلد. هذا وكان رسول أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) إلى خالد وهو باليمامه الصحابي شريك بن سمحاء (وهي أمه) واسم أبيه عبده بن ابن معتب بن الجد بن العجلان البلوي حليف الأنصار، وهو أخو البراء بن مالك من الرضاعه شهد مع أبيه احداً، فقد بعثه الصديق (رضي الله عنه) إلى خالد بن الوليد (رضي الله عنه) يطلب منه أن يسير من اليمامه إلى العراق، وكان شريك أحد الأمراء بالشام في خلافة الصديق، وبعثه الفاروق كذلك رسولاً إلى عمرو بن العاص حين أذن له أن يتوجه إلى فتح مصر. ومن المتعارف عليه أنه لايختار إلى السفارة ونقل الأوامر المهمه إلا الثقاة، وتكليف شريك البلوي بتلك المهام دلاله على أنه كان من أهل الشورى في المدينة المنوره وإلا ما الذي يقعده في المدينة والجبهات ملتهبه ضد المرتدين، ويتكرر الموقف أيضاً في عهد الفاروق (رضي الله عنه) ليؤكد هذه الفرضية، فضلاً على أن الأعراف في ذلك الزمان كانت تقضي بأن يحمل أوامر الخلفاء والحكام، خيرة القوم، عقلاً وشجاعة ومكانه اجتماعيه، وكان ينظر لمن يكلف بذلك نظرة تقدير وأحترام. أجل لقد أثبتت الأحداث ولاء قبيلة بلي للدولة الإسلامية وثباتها على عقيدتها، وعدم بخلها بأبنائها من أجل رفع راية الإسلام، فأبناؤها دوماً في مقدمة الصفوف يحرصون على الشهادة مذكرين إخوانهم بأن الله معهم، وبأن الشهاده أسمى أمنية يتمناها الإنسان
دور قبيلة بلي في الفتوحات الإسلاميه
إن المتأمل لحركة الفتح الإسلامي يلاحظ بأن مشاركة فبيلة بلي في الفتح اتجهت باتجاه مصر وشمالي إفريقيه والأندلس شأنها شأن القبائل التي أستوطنت بلاد الشام، ويلاحظ ذلك من خلال كثافة استيطان أبناء هذة القبيله منذ فترة مبكرة لمصر وشمالي أفريقية والأندلس، فضلاً عن بروز العديد من القاده الذين شاركوا في فتح تلك البلاد. ولعل نظرة سريعة على أسماء الصحابة الذين شاركوا في فتح مصر توضح لنا حجم مشاركة هذه القبيلة في تلك الفتوح، فمن هؤلا الصحابة أبو عمرو مبد الرحمن بن عديس البلوي الذي شارك في فتح مصر مع عمرو بن العاص (رضي الله عنه) واختط بها داراً ،. وكان أحد فرسان وشعراء بلي المعدودين بمصر. كما شارك في فتح مصر عبد الله بن عديس البلوي، أخو عبد الرحمن بن عديس، واختط له أيضاً منزلاً فيها وشهد فتحها كذلك الصحابي أبو درة البلوي، قال علي بن قديد : رأيت على باب داره هذه دار أبي دره البلوي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم أبو رمثة (بكسر أوله وسكون الميم) البلوي، قال الترمذي له صحبه سكن مصر، ومات بإفريقيه مجاهداً، وقد كانت وصيته عند موته بأن يسووا قبره. كذلك شارك أبو مليكة البلوي في فتح مصر. أما مرثد بن عبعب بن عتيك البلوي، فقد شارك في موقعة القادسية الحاسمه مع الفرس، ثم شهد فتح مصر مع عمروا بن العاص (رضي الله عنه) وممن شارك في فتح مصر الصحابي أبو زمعه البلوي والذي أوصى أيضاً حين حضرته الوفاه بإفريقيه بأن لايشهروا قبره ويسووه بالأرض، وشارك كذلك في فتح مصر حيان بن كرز البلوي، وأبو الشموس البلوي، وأبو الزعراء البلوي (
وقد ذكر تصحيفاً في بعض كتب التراجم أبو الزهراء) وعلسة بن عدي البلوي، وعلقمة بن رمثه البلوي، وعبس بن ثعلبة بن هلال بن عنبس البلوي، وياسر أبو الربداء البلوي، مولى الربداء بنت عمرو بن عماره بن عطيه البلوية، كان عبداً للربداء فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يرعى غنم مولاته، وله فيها شاتان فاستسقاه النبي صلى الله عليه وسلم فحلب له شاتيه ثم أراح وقد احفلتا فأخبر مولاته، فأعتقته فاكتنى بأبي الربداء. أماالصحابي مسعود بن الأسود البلوي فقد شهد فتح مصر واستأذن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في المسير إلى افريقيه لإعلاء كلمة لا إله إلا الله، فلم يأذن له الفاروق (رضي الله عنه) رأفة بالمسلمين وخوفاً عليهم فقال له : إفريقيه غادره ومغدور بها. وممن شهد فتح مصر الصحابي جبارة بن زرارة البلوي وكان الصحابي شريك بن عبدة بن مغيث البلوي (شريك بن السمحاء)والذي كان أحد الأمراء في الشام في خلافة الصديق (رضي الله عنه) وهو رسول الفاروق (رضي الله عنه) إلى عمرو بن العاص (رضي الله عنه) حين أذن له أن يتوجه إلى فتح مصر. ويعتبر الصحابي رويفع بن ثابت البلوي الأنصاري من الصحابة الذين أسندت إليهم قيادة الفتح في إفريقيه في عهد معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه)، فكان ممن شارك في فتح مصر، واختط بها داراً، فأمره معاويه على طرابلس سنة (47هـ/ 667م) فغزا منها إفريقية سنة 47هـ ودخلها وانصرف من عامه وذلك في المرحلة التي يطلق عليها المؤرخون مرحلة الغارات (21ـ49 هـ /641ـ م) إذ كانت الفتوحات تنطلق من مصر وبرقة وطرابس باتجاه إفريقيه ثم تعود إلى مقرها. وقد اختلف في مكان موت هذا الصحابي فبعضهم قال باشام والبعض الآخر قال مات ببرقة وقبره بها. ويعتبر الصحابي زهير بن قيس البلوي أشهر أبناء هذه القبيلة الذين شاركوا في فتح شمالي أفريقية فقد كان أبو شداد قد شارك في فتح مصر مع الصحابي عمرو بن العاص، وكان (رضي الله عنه) من كبار مستشاري قادة فتح المغرب قبل أن يتولى القيادة العامة في تلك المناطق، فقد كان خليفة لعقبة بن نافع على القيروان، عندما سار مسيرته المشهورة (62/63هـ/683ـ 684م) حتى وصل إلى بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) والذي أوصى خليفته على القيروان زهير بن قيس البلوي بوصية تتدفق إيماناً وحرصاً على المسلمين والتي جاء فيها: " إني قد بعت نفسي من الله عز وجل فلا أزال اجاهد من كفر بالله... يا بني أوصيكم بثلاث خصال فاحفظوها ولا تضيعوها, إياكم ان تملأوا صدوركم بالشعر وتتركوا القرآن, فإن القرآن دليل الله عز وجل, وخذوا من كلام العرب مايهتدي به اللبيب, ويدلكم على مكارم الأخلاق ثم انتهوا عما وراءه, وأوصيكم ألا تداينوا ولو لبستم العباء, فإن الدين ذل بالنهار وهم بالليل, فدعوه تسلم لكم اقداركم وأعراضكم وتبقى لكم الحرمة في الناس ما بقيتم, ولا تقبلوا العلم من المغرورين المرخصين فيجهلونكم دين الله, ويفرقوا بينكم وبين الله تعالى، ولا تأخذوا دينكم إلا من أهل الورع والاحتياط فهو أسلم لكم ومن احتاط سلم ونجا فيمن نجا" ثم قال: " عليكم سلام الله وأراكم الا ترونني بعد يومكم هذا... اللهم تقبل نفسي في رضاك واجعل الجهاد رحمتي ودار كرامتي عندك". ثم أوصى زهير بإتمام الإصلاح الذي شرع فيه في القيروان من تعبيد الطرق وتأمين السبل وإقامة المساجد وتفقيه الدهماء, وتقليد الأعمال لذوي البصائر والاستقامة والاستعانة بخبرة المجربين منهم. بهذه الوصية الضافية ودع عقبة بن نافع الصحابي زهير بن قيس البلوي, ليبدأ دور أبو شداد في إدارة بلاد المغرب, لقد سقط عقبة بن نافع شهيداًعلى يد البربر بزعامة كسيلة بن ملزم الأوروبي في أواخر 63هـ / 684م وتوجه كسيلة بن ملزم إلى مدينة القيروان لانتزاعها من المسلمين والتي كانت فيها حامية بقيادة زهير تقدر بستة الآف مقاتل, وهنا انقسمت آراء المسلمين: قسم تزعمه زهير ويقضي بالمقاومة حتى آخر رجل لأن الشهادة مكسب وفوز للمؤمن ولهم في عقبة وصحبه اسوة حسنة فقد خطب زهير الناس فقال: يا معشر المسلمين إن اصحابكم قد دخلوا الجنة, وقد من الله عليهم بالشهادة فاسلكوا سبيلهم يفتح الله لكم دون ذلك. أما القسم الآخر والذي تزعمه التابعي حنش الصنعاني فكان يرى بأن العودة بهذه العصبة مكسباً فقال حنش الصنعاني: " لا والله, مانقبل قولك، ولا لك علينا ولاية, ولا عمل أفضل من النجاة بهذه العصابة من المسلمين إلى مشرقهم" ثم قال:" يا معشر المسلمين: من أراد منكم القفول إلى مشرفه فليتبعني" فاتبعه الناس. ولم يبق مع زهير إلا عدد قليل فاتجه إلى برقة وبقي فيها مرابطاً في سبيل الله حتى جاءه المدد من الدولة الأموية. وبعد انسحاب المسلمين من المغرب الأدنى وعاصمته مدينة القيروان دخل كسيلة بن ملزم مدينة القيروان لتبقى ترزح تحت الاحتلال حتى تمكن زهير بن قيس البلوي من تحريرها والثأر لعقبة بن نافع. لقد انشغلت الدولة الأموية في مشاكلها الداخلية التي حالت دون إرسال نجدة عاجلة لزهير لاستعادة القيروان وتأديب البربر والروم الذين قتلوا عقبة بن نافع, ولنا أن نتصور حجم المشاكل الداخلية في الدولة الأموية أنه في عام (68هـ/ 687م) حج أربعة ألوية، لواء مع الخوارج بزعامة نجدة الحروري، ولواء محمد بن الحنفية وداعيتة المختار ابن عبيد، ولواء لعبد الله بن الزبير، ولواء لعبد الملك بن مروان، فضلاً انه ثار في هذا الوقت عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق، وثار الجراجمة في لبنان. وكان قبل هذه الحوادث أي في الوقت الذي سقطت فيه القيروان (64هـ /684م) قد مات يزيد بن معاوية، ثم جاء مروان بن الحكم، وتوفي بعد تسعة أشهر، فجاء بعده عبد الملك ليواجة الثورات العاتية السابقة. ورغم كل هذه التحديات نجد عبد الملك يعطي للمغرب أولية خاصة فاستشار وزراءه، فاجتمع رأيهم على تقديم زهير بن قيس البلوي، باعتبار صاحب عقبة، وأعلم الناس وأخبرهم بسيرته وتدبيره وأولاهم بطلب دمه، فأرسل في عام (69هـ /688م) رسولاً لزهير يخبره باختباره والياً على أفريقية، وان عليه استنفاذ القيروان وإعادة النظام للمغرب، فسر زهير بهذا النبأ لأنه سيتيح له فرصة الجهاد في سبيل الله، والثأر لقتلى المسلمين لإعادة الهيبة للمسلمين في تلك المنطقة. ولكن زهير القائد المجرب يعرف بأن المهمة صعبة، وأن العدو لا يستهان به، فأرسل للخليفة عبد الملك رسالة يوضح له كثرة الأعداء، فأرسل عبد الملك إلى أشراف العرب ليحشوا إليه الناس إلى الجهاد، واجتمع منهم خلق عظيم فأموهم أن يلحقوا بزهير. فبعد أن وصلت الإمدادات واستكملت الاستعدادات توجه جيش زهير على بركة الله في عام (69هـ/688م) إلى مدينة القيروان لاستنفاذها من الأعداء. وفور تلقي كسيلة بن ملزم زعيم قبيلة أوربه البرنسية أنباء تقدم الجيش الإسلامي بقيادة زهير نحو القيروان، اجتمع بأركان حربه ليعرض عليهم المضع علماً بأن الجيش البربر كان عظيماً فقال كسيلة لقادته " إني رأيت أن أرحل عن هذه المدينة، فإن بها قوماً من المسلمين لهم علينا عهود ونحن إن أخذنا القتال معهم أن يكونو علينا، ولكن ننزل على موضع ممش (جنوبي شرق جبال الأوراس في الجزائر الحالية) وهي على الماء، فإن عسكرنا خلق عظيم، فإن هزمناهم إلى طرابلس قطعنا آثارهم فيكون لنا الغرب إلى آخر الدهر، وإن هزمونا كان الجبل منا قريب فنتحصن به. ولما علم زهير بخطة كسيلة وأنه اختار موقعاً حصيناً وبه ماء كثير، لذا لم يدخل القيروان وعسكر في ظاهرها ثلاثة أيام حتى استراح هو ومن معه من أفراد جيشه وذلك استعداداً للمعركة الحاسمة والتي يتوقف عليها مستقبل الإسلام في المغرب. ودارت رحى معركة ممس أو ممش ما بين المسلمين بقيادة زهير بن قيس البلوي وبين البربر والروم بزعامة كسيلة بن ملزم، واستحر القتل بين الجانبين، ودارت الدائره في نهاية المطاف على البربر وحلفائهم الروم وسقط كسيلة قتيلاً في المعركة، وطارد المسلمون فلول المنهزمين لتعود للإسلام هيبته في المغرب، ويقضي على آمال الروم في العودة إلى المغرب تحت غطاء التحالف مع البربر، كما أن كسر شوكة البربر البرانس بقيادة كسيلة خاتمة لمقاومة هذه القبائل للجيوش الإسلامية الفاتحة. وقد علق السلاوي على موقعة ممس بقوله:" وفي هذه الواقعة ذل البربر وفنيت فرسانهم ورجالهم ،... واضمحل امر الفرنجة ،... وخاف لبربر من زهير والعرب خوفاً شديداً، فلجأوا إلى القلاع والحصون، وكسرت شوكة أوربة من بينهم، واستقر جمهورهم بديار المغرب الأقصى وملكو مدينة وليلى ". فكان لهذا النصر أثر كبير في حركة الفتح في الشمال الأفريقي، إذ بعد هذه الموقعة التي انتصر فيها زهير بن قيس البلوي أخذت المنطقة تتهيأ بأن تصبح إقليماًإسلامياً عرباً بعد سنيات قليلة. وبعد هذه الموقعهة عاد زهير ظافراً إلى مدينة القيروان فأصلح من شأنها وشأن جامعها، ثم أرسل حملة استولت على بلد هام شمال القيروان يعرف بالكاف أو الكف ويسميه العرب شقبنارية وهو تحريف لاسمه الرومي sicca.vane-rieً ولكن المصادر تؤكد لنا أنه أبي أن يقيم فيها، وأنه قال : إني قدمت للجهاد، وأخاف أن أميل إلى الدنيا فأهلك- ويعللون ذلك بقولهم بأن زهير كان من رؤساء العابدين وكبار الزاهدين ،لذا نجده يعود مسرعاً إلى برقة حيث استشهد هناك. إن المتأمل للرواية السابقة يلاحظ بأن تعليلها لعدم إقامة زهير بالقيروان، هو الخوف من الفتنة ،ولأنه إنسان عابد زاهد تعليل غير مقبول، فالقيروان ليست غريبة على زهير فقد كان خليفة عليها لعقبة بن نافع عندما خرج مجاهداً للبربر حتى وصل ا لمحيط الأطلسي، ولم تحدثنا المصادر بأن زهير قد احتج على توليه على القيروان، كما أن زهير كان مقيماً في مصر ذلك البلد العريق بمدنه منذ فترة مبكرة ولم تحدثنا المصادر بأنه كان متذمراً من الاقامة فيها، ثم ما الفرق ما بين برقة والقيروان ؟ لابل أن القيروان مدينة محدثة (50-55هـ/670-674م) بنيت على يد عقبة بن نافع وشارك في بنائها على ما يبدو زهير بن قيس فلا يوجد فيها إلامسلمون بينما برقة يوجد فيها أهل ذمة. إذن ترك زهير للقيروان خوفاً من الفتنة سبب غير مقنع، أما القول بأنه زاهد ويريد أن يبتعد عن الحواضر فهذا سبب غير معقول لأن القيروان كانت ثغراً وكان الزهاد والراغبون في الشهادة يقيمون في الثغور، فلا يوجد مكان مناسب لزهير أفضل من القيروان لينال الأجر، وهو يحرس في سبيل الله، فينجو من النار، (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله). إذاً يبقى السؤال ما الذي جعل زهيرا لبلوي يعود مسرعاً إلى برقة بعد انتصاره في موقعة ممس؟ إننا لانجد تفسيراً منطقياً لهذه العودة السريعة سوى أن معلومات خطيرة وصلت إليه تحتم عليه الإسراع بالعودة، وهذا ما حدث بالفعل إذ وصلت إليه أنباء مؤكدة بأن الروم يقومون بعمليلت إنزال لقوتهم في برقة ليستعدوها، ويقطعوا على القوات الإسلامية بهذا طريق العودة، وقد تحصن الروم في درنه وأخذوا ينقلون إلى سفنهم الأسلاب التي حصلوا عليها في أفريقية وكذالك الأسرى الذين أخذوا من المسلمين. لقد وصل زهير قرية درنة، وكان قد أعطى أوامره لجيشه بأن يسيروا في وحدات صغيرة من أجل سرعة الحركة، لقد كان زهير في طليعة الجيش الإسلامي المتجه إلى برقة مع سبعين من أصحابه، فرأوا الروم يدخلون أسرى المسلمين في المراكب وسط صراخ النساء والأطفال، فأراد زهير أن ينتظر حتى تتكامل قواته، ولكن هول الموقف ورؤية حرائر المسلمين سبايا بأيدي الروم أثار حفيظة مع من زهير فدعوه للقتال، فقال ننتظر حتى يتكامل الجيش لأن قوة العدو كبيرة، فقال له أحد الجند : بل جبنت يا زهير، فمست هذه الكلمة كبرياه الجهادية فرد عليه بل قتلتني وقتلت نفسك، فدخل زهير مع الروم في معركة غير متكافئة كانت نتيجتها معروفة كما قال زهير للجندي، فاستشهدوا عن بكرة أبيهم وكان ذلك في عام 71هـ /690م، ودفن في درنة قريباً من الشاطئ الذي استشهد فيه وتسمى تلك المنطقة (قبور الشهداء). أجل إن التاريخ يذكر لزهير بن قيس البلوي سجله الجهادي الطويل الذي توج بإ ستعادة القيروان وتحريرها من يد كسيلة بن ملزم، وأنه ثأر لعقبة بن نافع وصحبه من كسيلة الذي قتل هو وعدد ضخم من فرسانه على يد زهير بن قيس البلوي في موقعة ممس أو ممش (69هـ /688م) كما أن انتصاره في تلك الموقعة أفزع البربر والروم وجعلهم يلوذون بحصونهم خوفاً من المسلمين بمعنويات منهزمة ساعدت المسلمين فيما بعد على استكمال فتح المغرب وتحويله إلى ولاية عربية إسلامية، وأخيراً فإن زهير ضحى بنفسه وهى أغلى ما يملك من أجل عقيدته ،ومن أجل الدفاع عن حياض الدولة الإسلامية. فرحم الله هذا البطل المجاهد الذي مات غريباً عن مسقط رأسه شاهداً على دور أبناء هذه القبيلة في نصرة الإسلام. لقد ترتب على استشهاد زهير عدة نتائج, لعل من أبرزها أنه كان لمقتله على يد الروم أثر عظيم في سير الفتوحات الإسلامية إذ نبه المسلمين إلى خطر الروم وعدم الاطمئنان إليهم والتركيز على مدن الساحل التي يأتيها العون من بيزنطة, وإن مصرع زهير قد أثار ثائرة العرب المسلمين وحفزهم على مواصلة الفتوح للأخذ بثأره, فكما كان مقتل عقبة دافعاً لمهمة زهير في القضاء على مقاومة البربرالبرانس ممثلة في قبيلة اوربة وزعيمها كسيلة فقدكان مقتل زهير دافعا لمهمة حسان بن النعمان في القضاء على الروم الذين قضوأعلى زهير ,ولهذا فإن استشهاد زهير لا يقل روعة عن استشهاد عقبة لأن نهايته برقة في نفر قليل لا يتجاوز السبعين من اصحابه حيث قتل، وقد فعل مثل ما فعل عقبة عندما أمر الجيش بالذهاب إلى القيروان وبقي في نفر قليل من اصحابه حيث قتل على يد كسيلة, حيث ذهب عقبة ضحية لهذا التدبير كما ذهب زهير ضحية تدبيره أيضاً. هكذا كانت نهاية زهير على يد الروم حيث ضحى بنفسه مجاهداً في سبيل الله بنية صادقة لا يرقى الشك إليها, ودليل حسن نيته وصدق سريرته مانسب إليه إذ يقول: إنما قدمت للجهاد ولم أقدم لحب الدنيا, لقد كانت مصيبة الخليفة في مقتل زهير كمصيبة المسلمين في مقتل عقبة. ولم يكن زهير بن قيس البلوي خاتمة القادة في المغرب الذين ساهموا في رفع راية الإسلام هناك بل هناك قادة آخرون برزوا في فترات تاريخية مختلفة, ولعل من القادة الكبار الذين جددوا ذكرى زهير في المغرب, القائد حي بن مالك البلوي الذي لمع نجمه في عهد دولة الأغالبة (184- 296هـ/ 800- 909م) وبالتحديد في عهد الأمير الأغلبي أبو الغرانيق محمد بن أحمد(250-261هـ/864- 857 م), والذي ساهم في فتح مناطق الزاب. أكتفي بهذه العجالة عن دور هذه القبيلة في الفتوحات الإسلامية, علماً بأن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث للمحاولة على الإجابة على بعض التساؤلات حول بعض القضايا وهي هل فعلاً لم تشارك قبيلة بلي في فتح الأجزاء الشرقية من الدولة الإسلامية, رغم وجود الإرشادات إلى استيطان بعض أبناء بلي الكوفة أمثال الصحابي كعب بن عجرة البلوي ومشاركة بعضهم في القادسية واليرموك. علماً أن هذه الدراسة ما هي إلا مدخل لدراسة هذه القبيلة وليس دراسة استقصائية والتي تحتاج إلى مزيد من الجهد والتأمل والتحليل لرسم صورة واضحة لدور هذه القبيلة العريقة في الحضارة العربية والإسلامية, ولعل هذه المحاولة تستنهض الهمم لمزيد من البحث
بالأخير مهما تحدثنا أو كتبنا عن هذه القبيلة فلن نوفيها حقها لعراقة واصول القبيلة ولكن يمكنكم الاطلاع وزيارة موقعهم الاكتروني
شخصيات بارزة في قبيلة بلي في العصر الحديث
الشيخ: حمدان سليمان صبيح الحمراني البلوي رمز من رموز بلي ورجل من رجالاتها سطر له التاريخ أجمل صور الشجاعة والبطولة والتضحية والكرم
الشيخ: حمدان سليمان صبيح الحمراني البلوي
أحد أبناء قبيلة بليَّ – التحق بقوة البادية الأردنية ثم بالقوات المسلحة في تاريخ 27/11/1900م حارب في صفوف المقاتلين وامتزج دمه بتراب فلسطين على رُبى القدس وبيت لحم وفي مناطق عديدة من ثرى أرض فلسطين قاتل قتال الأبطال وخاض معارك عديدة وهو يقود رجاله رجال المدرعات الذين خضبوا تراب فسلطين بدمائهم الزكية دفاعاً عن أرض فلسطين قائد الجيش الأردني سابقاً – جلوب باشا – أطلق عليه الرجل الذي لا يخاف وقلب الأسد حصل أثناء خدمته العسكرية على عديد من الأوسمة : 1- شارة تقدير الخدمة المخلصة 2- وسام الإقدام العسكري 3- وسام MBE / بريطانيا 4- شارة العمليات الحربية بفلسطين 5- وسام ذكرى حرب 1939 – 1945م 6- وسام الدفاع 7- وسام الخدمة العامة بفلسطين 8- وسام قصر الشرف 9- مًنح شهادة تقدير من الملك حسين بن طلال – - 10- وتقديراً له أيضاً كتب اسمه على أحد الدبابات في الجيش الأردني 11- منح شهادة شرف العضوية الفخرية – وعين عضواً فخرياً في القسم المدني لأعلى وسام في الإمبراطورية البريطانية
شيخ قبيلة بلي سليمان باشا وقصة مقتله رحمة الله عليه
قصة مقتل الشيخ سليمان باشا بن رفاده كان الشيخ سليمان باشا بن رفاده قادم من تركيا على متن القطارلتفقد أحوال القبيله كان معه كثير من الأموال والأسلحه وكان معه بعض الخويا وبعض ضباط الدوله العثمانيه وكان رجال يقال أنهم من بني عطيه قد لغموا السكة الحديديه جنوب تبوك في منطقة جبليه وكانوا قطاع الطرق متمركزين بالجبال وعند المنطقه الملغمه ينتظرون الانفجار ليأخذوا الأموال وكانوا مسلحين وكانت احدى عربات القطار محمله بالأسلحه وكانت في مقدمة القطار ولم ينفجر اللغم الا عندما وصلت هذه العربه للمنطقه الملغمه حيث كانت هذه العربه ثقيله فضغطت على اللغم وانفجر القطار وتوقف عن السير وكان البطل سليمان باشا في أحد المقطورات التي في مؤخرة القطار ونزل سليماً معافا ومعه بندقيته وبدأ يحارب ولكنهم كانوا متمركزين بالجبال وكانت رصاصات قطاع الطرق قد امطرت عليه من كل ناحيه فأصابته رصاصه في بطنه فسقط وربط جرحه في عمامته وكان يوصي أحد رفاقه يقال أنه جبران المعيقلي يقول له اذهب وأخبر إبراهيم وأحمد (أبناءه) بما حدث وقل لهم أن الطريق أمامهم براح، وكان أحد الأعداء قد اقترب منه ليفتش ملابسه بحثاً عن المال فقال له سليمان باشا أنا لا أنقل الذهب في مخباتي روح تلقى الذهب في القطار فذهب هذا الرجل، ووصل الخبر للدوله العثمانية في تركيا فبعثوا اسعاف ونقل الباشا للعلاج ولكنه توفي في الطريق رحمه واسعه وكانت الدوله العثمانيه قد نكست أعلامها لمدت ثلاثة أيام حزناً عليه فشيعوا جنازته ودفن في احدى مقابر الدوله العثمانيه في مدينة تبوك ووضعوا عند قبره حجر من الرخام كتبوا عليها (الشهيد سليمان باشا بن رفاده) وقد بقيت هذه الرخامه إلى سنين متأخره كما أخبرني الشيخ أحمد بن محمد بن رفاده أنه قد سمع من الشيخ عناد الغريض الذي قد توفي عن عمر يناهز (120 عام) أنهقد رأى قبر سليمان باشا ومعروف في هذه الرخامه التي تحمل اسمه لمدة طويله إلى أن أتت بلدية المنطقه وأزالتها في بدايات الدوله السعوديه.
المراجع
ويكيبيدياالموسوعة الحرة]
التصانيف
قبائل عربية