ماذا يفعل الأب عندما يحال على المعاش..؟ هل يبقى على معاش التقاعد...؟ كيف يستعين بعمل آخر...؟ هل يتعاون مع أولاده الكبار...؟ هل يفقد مكانته واحترامه ضمن أسرته..؟ كيف يقضي أوقات فراغه في حال لم يجد عملاً...؟ كيف يحل مشاكله ومشاكل أسرته المادية..؟ ينشأ الأب ويعيش ضمن أسرته الزوجة والأولاد وأحياناً الأم أو العمة, متحملاً أعباء أسرته كاملة من طعام وشراب و كساء و دواء, إلى جانب استيفاء دفع فواتير الهاتف والكهرباء والماء ونفقات التدفئة في الشتاء والتكييف في أيام الصيف الحارة وتكاليف الرحلات والسفر يشاركه في ذلك زوجته وأولاده سواء من الناحية المادية أو المعنوية, فإذا كانت المرأة تعمل فهي لا تقصر في دفع بعض المصاريف والنفقات التي تسد بعض الثغرات التي تهم العائلة كلها, وتحل بعض الأزمات الموسمية. ويحمل الأب الهم الأكبر للعائلة وتطلعاتهم الشخصية وطموحاتهم, في الدراسة والتحصيل العلمي خصوصاً إذا أراد أحد أفراد الأسرة من الأبناء أو البنات أن يتابع دراسته الجامعية داخل الوطن أو خارجه ويتحمل الأب تلك النفقات ويحاول تحقيق أحلامهم إلى جانب وسائل الترفيه أيضاً بين الحين والآخر وقضاء بعض الوقت ولفترات ولو قصيرة في أماكن الترفيه والتسلية المتاحة وضمن إمكاناته الشخصية وموارده الذاتية. ويقابل ما يتحمله من أعباء ومهام من جميع أفراد الأسرة كالزوجة والأولاد ذكوراً و بناتاً بكل الحب والتقدير والاحترام لما يقوم به من مهام كبيرة ملقاة على عاتقه, هذه المهام التي يظل محافظا على تأديتها على أكمل وجه باعتبار ذلك واجباً اجتماعياً لا يحق له التقصير فيه منذ ارتباطه في عقد الزواج المقدس, وهو يعمل جاهداً لأن يوفق في هذا العمل منذ الصباح الباكر وحتى المساء, وإذا عاد إلى البيت محملاً بصنوف من الحاجات المطلوبة في البيت, ويظل في عمله هذا باذلاً جهوده بكل طاقاته من أجل تأمين جميع المصاريف لأسرته الحبيبة على قلبه وتعتمد الأسرة عليه في جميع النفقات في الصحة والمرض, وتساعده في ذلك الأم والأولاد الكبار في الأسرة متحملين بعضاً من الأعباء عنه. ويأخذ الأب حذره من بعض المواقف في حياته الاجتماعية التي تتطلب منه دفعة كبيرة من النقود فيدخر منها القليل والذي يمكنه أن يوفره كل شهر, ويسد به ثغرة من الثغرات التي تعترض مسيرة الأسرة الهادئة في نظامها العادي كأن يحتاج إلى تسديد بعض مصاريف أقساط الدورات التعليمية للأبناء، لحاجتهم إلى تقوية في مادة من المواد. أو لدفع نفقات أحد الأبناء الذي يواصل دراسته في بعض مناطق القطر أو خارجه, أو القيام بعملية جراحية مكلفة بعض الشيء, وهذا ما يتطلب منه اجتهاداً إضافياً لمهامه الأساسية تجاه واجباته الأسرية, ثم يعتاد على هذا الحياة. وإذا أحيل الأب على المعاش, وفقد قسماً كبيراً من راتبه الشهري وقد يكون النصف, وبقي على راتبه التقاعدي هنا ينشأ لدى الأب فجوة كبيرة في المصاريف ودفع النفقات، فماذا يفعل؟ هذا بالإضافة إلى شعوره بالفراغ وقضاء الساعات عاطلا عن العمل...؟ فيقضى ساعاته في البيت, أو يذهب إلى المقاهي يتحدث عن همومه برفقة أصدقاء العمر. وهنا بعد التفكير والتدبير يراجع نفسه ويفتش عن عمل يناسبه ويناسب سنه المتقدمة, فلا يجد إلا العمل الحر كان يفتح حانوتاً ويبيع فيه بعض المستلزمات البيتية, أو يمارس مهنة خفيفة كانت منذ القدم هي بعض هواياته الشخصية كالنجارة أو الحدادة أو الحلاقة ولا ينسى أن أولاده كبروا وكبرت معهم طلباتهم وأحياناً يكونون في أشد وأحرج سني العمر في التحصيل والدراسة والتعليم العالي وهنا يحسون بأشد الحاجة إلى مساعدة أبيهم في مثل هذه الأوقات, ويشتد الضغط على الأب وتكثر مهامه وتعظم لأنه في مثل هذه الوقت قرب أن يحصد ما زرعه من حصيلة جهوده السابقة في تنشئة الأولاد والسهر على تعليمهم ومتابعة دراستهم, ولذلك لا بد من مضاعفة هذا الجهد لتحقيق الأهداف المنشودة. ويساعد الأبناء الكبار في مثل هذه الأوقات أباهم ويلتحقون ببعض الأعمال الصغيرة أو الكبيرة إلى جانب دراستهم ويجهدون في ذلك دون تقصير في الدراسة, أو يتعطل احدهم ويقف إلى جانب أبيه دون متابعة الدراسة مضحياً بنفسه في سبيل إخواته الباقين. وتتابع الأسرة مسيرتها في الحياة الكادحة بكل الحيوية والنشاط السابقين ويرد الأبناء فضل أبيهم وجهوده عندما ينجحون في آخر العام ويحصدون ثمار أتعابه من اجلهم, ويخففون بعض الهموم عن أبيهم ويقفون إلى جانبه, ويبقى الأب يحوط أبناءه ويرعاهم تحت جناحيه مساعداً لهم بكل الحب والحنان الذي بدأ فيه مشواره إلى أن تتحقق هذه الأهداف. منى صباغ: موجهة تربوية

المراجع

www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=492موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث