تعتبر الوظيفة الشغل الشاغل للعديد من الشباب والشابات حديثي التخرج من الجامعات والمعاهد العامة والخاصة.. فمن خلالها تتحقق آمالهم وتطلعاتهم في بناء مستقبل واعد وخلق شخصية تناسب بيئة العمل ومتطلباته ووفق الانظمة والاساليب المعتمدة فيها والتي تسهم بشكل فعال في تطوير اداء الموظف وتنمية مهاراته وقدراته بالمستقبل.
الا ان بعض العوائق سرعان ما تبدأ في الظهور لتعكر هذه الاحلام خاصة لدى الموظفات الاناث.. فلا يهنأ بالهن ولا ينعمن بالراحة عندما يعلمن بأن طبيعة عملهن تتطلب منهن التواجد في موقع العمل حتى الساعات الاخيرة من الليل.. ليشكل ذلك حاجزاً يحول دون تحقيق حلم الوظيفة. ان هناك مهناً عظيمة لا يمكن بأي حال من الاحوال الاستغناء فيها عن الموظف او الموظفة باعتبارها مهناً طارئة كالطب والطيران وبعض المهن الخاصة . وغيرها الكثير ولا ننكر هنا ان ارباب العمل في بعض المؤسسات حاولوا تفهم الظروف والنظرة السائدة في المجتمع تجاه المرأة التي تعمل في الدوام الليلي وتم بالفعل استثناؤها من قاعدة العمل في الليل وسد هذه الثغرة بالاعتماد على الرجل ولعل ذلك يعكس الى حد ما مدى عناية المديرين . وتشجيعهم للمرأة على خوض ميدان العمل لكن وللأسف تظل بعض المهن رافضة وبشدة غياب المرأة الموظفة عنها ليقف بالتالي الدوام الليلي عائقاً أمامهن والجسر الذي لا يمكن بأي حال من الاحوال عبوره بسلام وهنا تبدأ رحلة المشاكل بالظهور امام الموظفة مع اسرتها.. «دنيا الناس» التقت بالجمهور وتعرفت على مشاكل الموظفات اللائي يعملن بالليل وهل بالفعل تمنع بعض الاسر بناتنا من العمل في هذه الساعة المتأخرة؟ سناء القمري «موظفة» تقول: هناك العديد من المهن رفيعة المستوى تتطلب من النساء العمل حتى الساعات المتأخرة من الليل. فطبيعة العمل تتطلب هذا التواجد الليلي وهذا الامر لا يقلق بال بعض النساء غير المتزوجات اما بالنسبة للمتزوجات فهذا الدوام الليلي قد يخلق لهن مشاكل جسيمة لارتباطهن بأسرة وزوج وهؤلاء بحاجة ماسة لتواجد ربة المنزل قربهم خلال الليل للاستعداد لليوم التالي فتربية الابناء واعدادهم للمدرسة لا يمكن ان يتم دون اشراف الام. والخادمة مهما مارست هذا الدور وسدت ثغرة الأم الا ان مثل هذه الامور لا تستقيم دون التواجد الفعلي للأم.. وللأسف الشديد هناك عدد كبير من الموظفين بامكانهم العمل لساعات متأخرة من الليل الا انهم يرفضون العمل الليلي اليومي ويطالبون ارباب العمل باشراك زميلاتهم في تقسيم الدوام الليلي دون مراعاة ظروفهن وموقف اسرهن من هذا العمل. سلمى محمد «موظفة» تقول: اصبح تفهم الرجال لعمل المرأة وخروجها من البيت قائماً على نظرة دونية وسطحية فالمرأة التي تعمل لديهم هي شخصية متمردة وباستطاعتها العمل حتى في أوقات متأخرة وينظرون لها نظرة، الرجل تماماً فلا فرق بينها وبين الموظف.. وهذا خطأ وللأسف الكثير من الشباب وقع فريسة لهذه النظرة ان مجتمع الامارات حرص على تقدير المرأة. ووضعها في المكان المناسب دون اي اهانة لكرامتها كونها أماً واختاً وشقيقة للرجل في كل شيء لقد طرقت المرأة ابواب العمل لتقف جنباً الى جنب مع زميلها الرجل وتعمل معه وتسانده وفق طاقاتها وقدراتها وظروفها المحدودة وعطاؤها في هذا العمل لا يقل عن الرجل، صحيح ان العبء الاكبر يقع اساساً في العمل على الرجل كونه قادراً على التحرك . وشغل مناصب لا تناسب اساساً المرأة والعمل لساعات متأخرة بالليل الا اننا هنا لا نهمل المرأة الموظفة بل يجب تقديرها حق تقدير ومساندتها ومراعاة ظروفها الاسرية وتهيئة كافة الظروف التي تسمح لها بالعمل دون قلق لأن ذلك ينعكس سلباً على نفسية الموظفة ويؤثر بالتالي على عملها.. ومن ثم تضعف انتاجيتها. الرضوخ للازواج نيرة. م.م (موظفة) تقول: اعمل كمضيفة طيران وهذا العمل يستهويني كثيراً نظرا لارتباطه بالاثارة والمغامرة. وكما لهذه الوظيفة مميزات الا ان مساوئها تظهر خاصة على المرأة.. فهي مطالبة بالعمل ليل نهار وفق جدول الرحلات اليومية وعليها ان تفرغ نفسها تماماً للعمل ولا يوجد هناك اي مجال للتفكير بالزواج مع هذا العمل لذلك قررت ترك هذه الوظيفة بمجرد الزواج والكثيرات من زميلاتي هجرن هذه المهنة بعد الزواج نظراً لوقوع مشاكل لا أول لها ولا اخر مع الازواج . حيث سهرهن في الليل وسفرياتهن الطارئة جعلهن في موقع حرج امام الأزواج وكادت المشاكل بينهم تتفاقم لدرجة الطلاق ومنهن من رضخن لرغبة الازواج وتركن المهنة ومنهن من أصررن على العمل مهما بلغت الامور اوجهاً.. باعتبار ان مصيرهن قد ارتبط بهذه المهنة العزيزة على النفس وفضلن هجر الزوج عن هجر هذه الوظيفة الشاقة.. وتضيف هناك نوعية من الرجال يتفهمون طبيعة بعض الوظائف ولا يجادلون زوجاتهم في الدوام المسائي ويحاولون سد هذه الثغرة بالاعتماد على النفس ومحاولة القيام بأعمال الزوجة لحين عودتها والحمد لله اجد ان هؤلاء الرجال ليسوا قلة بل هم متواجدون بكثرة، وسعيدة الحظ من تجد هذا النوع من الرجال.. لان حياتها لن تتوقف ويتغير مسارها وتثور المشاكل فيها لوجود مثل هذا الملاك بقربها.. والمرأة التي تعمل في ساعات متأخرة عليها الاجتهاد في البحث عن هؤلاء الازواج حتى تستطيع الاستمرار في عملها بكل رضا وقناعة.. ولا اشعر ان عمل المرأة الليلي امر معيب ويلطخ سمعتها ويشعرها امام الملأ بأنها امرأة خرجت من عباءة العادات والتقاليد وأصبحت بأفكار غربية.. والذي يفكر بهذه الطريقة هو رجل متهور لا يقدر حق المرأة في العمل. صديق جابر (موظف) يقول: دوام الليل غالباً ما يكون حصراً على الموظفين الرجال دون النساء فالكثير من جهات العمل الحكومية تراعي ظروف المرأة بل وتسألها عن قدرتها في الاستمرار بالعمل حتى الساعات المتأخرة وما اذا كان هذا الوقت يشكل عبئاً عليها ويجعلها في بؤرة المشاكل وسط اهلها.. وفي بعض الجهات شاهدت الكثير من السيدات يعملن حتى طلوع الفجر ومنهن متزوجات ايضا وهذا يعني ان النظرة لعمل المرأة في دوام الليل قد تغير فمجرد اقتحامها مجال العمل وتوليها المسئولية اصبحت مساوية تماماً للرجل وقدرتها على اتخاذ القرار أصبحت ممكنة دون النظر اليها نظرة دونية.. وواقع الاسرة العربية والخليجية اصبح مبشراً الآن كونهم افراداً مثقفين ومتفهمين لعمل المرأة وطبيعة بعض الوظائف التي تتطلب التواجد الفعلي بالليل كالمطار والمستشفيات وبعض الشركات الخاصة.. ومراكز الشرطة.. ولا يمنع اولياء امور بعض الموظفات العمل في الدوام الليلي فالثقة هي اساس هذا العمل.. وما ان انعدمت الثقة في الموظفة وسلكت سبلاً ملتوية فحتما ستمنع ليس من العمل خلال ساعات الليل بل حتى الخروج من المنزل ولا شك ان الفتاة اليوم اصبحت واعية لثقة اسرتها ولا يوجد هناك أي مجال للتعاون في هذا الصدد.. فالاخذ بالامور الصحيحة والعادات الطيبة هو اصل اي انسان وبناتنا لا غبار عليهن تخطين كل الحواجز والعقبات التي كانت سائدة وأصبحن اليوم يتقلدن مناصب تضاهي مناصب الرجال. ويشير: أعرف ابنة صديق لي تخرجت من الجامعة ولم تجد وظيفة تناسب شهادتها وبعد خوض سلسلة من المعارك مع جهات التوظيف حصلت على عمل رائع لكن الوظيفة تتطلب التواجد الليلي وما ان ابلغت والدها بهذا الامر وافق ولم يعارض مطلقاً لايمانه بأن العمل لا يعرف رجلاً او امرأة، فالعمل له متطلباته وعلى الجنسين تلبية هذه المتطلبات. منى عبدالله (دكتورة) تقول: اعمل كطبيبة في احد المستشفيات وهذا العمل يتطلب مني التواجد الصباحي والمسائي واذا كانت هناك بالفعل حالات طواريء وحالات وفاة فلابد من وجودي، فالطبيب عليه ان يكرس كل وقته للمرضى وراحتهم. يخضع جل وقته لمداوة المرضى وتقديم العلاج الشافي، والحق يقال ان الطبيب ليس لنفسه وأسرته. وهناك الكثير من عائلات الاطباء تعاني من نقص عاطفي ويفتقد ابناء الاطباء للحنان لانشغال الاب او الام عنهم بشكل دائم في المستشفيات وهذا يعني الكثير لنا لذلك نسعى نحو تعويض النقص لدى ابنائنا في الاجازة السنوية وطوال السنة نعمل بضمير حي ونحاول التوفيق قدر المستطاع بين اسرنا وعملنا بالمستشفيات. مها خالد سليمان (ممرضة) تقول: حتى الآن لم اتزوج ولا اعرف ما اذا كان باستطاعتي التوفيق بين العمل كممرضة في المستشفى وبين الاسرة بالمستقبل وتركت هذا الامر للظروف وطبيعة زوج المستقبل وطريقة تفكيره.. ولا أفكر هنا بأني سأندم كثيراً لو اجبرني الزوج على ترك العمل نظرا لطبيعة العمل الذي يفرض علينا التواجد لساعات متأخرة في المستشفى لاني كرست كل وقتي وجهدي للالمام بكافة جوانب التمريض. وأصبحت الآن طبيبة استطيع تقديم النصح والارشاد للمرضى في حالة غياب الدكتور، صحيح انني لن احل مكانه الا انني بالخبرة عرفت الكثير عن خبايا مهنة الطبيب وفي تخصصات متنوعة، وأحب الاشارة هنا الى ان التمريض بحاجة ماسة الى خبرة عملية ملموسة والجوانب النظرية لا تكفي للالمام بكل شيء في التمريض لذلك لو تركت هذه المهنة خضوعاً لرغبة الزوج فحتماً العودة اليه مجدداً هو امر صعب للغاية لذلك قرار الخروج من دائرة هذا العمل هو مصيري. ماذا بعد الزواج
كارمن رعد «مضيفة طيران» تقول: أعمل في هذا الحقل منذ سنة ونصف السنة ـ والحمد لله ـ لم أواجه مطلقاً أية صعوبات من الأسرة حول طبيعة عملي هذا، فالجميع متفهم للرسالة السامية التي أؤديها وأنا أعمل في خدمة المسافرين والسهر على راحتهم وتهيئة كافة الأجواء الخدمية لهم على متن الطائرة.. فهذه المهنة مليئة بالمتعة ولا ترتبط بساعات عمل محددة كما أنها بعيدة عن الروتين السائد في معظم الوظائف. وتشير كل مهنة لها ايجابيات وسلبيات وبقليل من الجدية والصبر يمكن التغلب على كل العوائق وبالنسبة للدوام الليلي فأنا أتعامل معه مثله مثل الدوام الصباحي ولا فرق مطلقاً في ذلك حيث استعد له مسبقاً بكل نشاط وهمة.. وبالطبع لا أنكر هنا ان جهة العمل تقوم باصدار جدول مسبق للرحلات لكل مضيفة على حده وبناء عليه نستعد للعمل.. وحتى الآن انا غير متزوجة لكن بعد ان اجد ابن الحلال.. بالفعل الأمر سيبدو بالنسبة لي مختلفاً تماماً وسأعيد ترتيب حساباتي. هنادي راشد «موظفة» تقول: أنا سيدة أعمال وليس لي وقت معين أعمل فيه فجل وقتي للعمل والأسرة.. وأبنائي ليسوا صغاراً وكلهم على قدر كبير من المسئولية والوعي ولا تراودني أي أفكار وهواجس بشأنهم في حالة غيابي عنهم لمدة شهر أو أكثر فالمسألة بالنسبة لي عادية جداً وأيضاً بالنسبة لهم.. أما الزوج فهو دائم الانشغال في عمله ولا يكترث كثيراً لغيابي لأنه متفهم لعمل المرأة ولا يفكر بصورة سطحية ولا ينظر لقدراتي نظرة دونية لو خرجت للعمل في ساعات متأخرة بالليل . و سافرت بمفردي والإنسان الجاهل هو الذي يفكر بهذه الصورة المشينة ويخلق مشاكل لا أساس لها ولمجرد رغبته الداخلية بأنه يرغب في الاحتفاظ بمكانته كرجل وزوج في المنزل ويحرص على اخضاع كل أفراد أسرته لسيطرته وهذا النوع من الرجال مريض نفسياً وبحاجة لطبيب بأسرع وقت ليتدخل في علاجه وتصحيح بعض المفاهيم السائدة لديه تجاه شريكته قبل ان ينتشر المرض في جسده ويحرق نفسه وأفراد اسرته بظنونه وشكوكه. وتضيف: في أسرنا الجميع يعمل، رجالاً ونساء، ولدينا الحق في اختيار المهنة التي نميل إليها وتدخل الآخرين في هذا الشأن أمر مرفوض للغاية لأن العاقل يعرف جيداً ما يريده وما هي محاسن وعواقب أي مهنة.. وعن نفسي لا أفرق مطلقاً في تربيتي للأبناء فالبنات والاولاد لهم مطلق الحرية للتخطيط لمستقبلهم ودوري يقتصر على المشورة فقط . وليس اجبارهم على أمر معين لان مسألة الجبر تخلق فرداً فاشلاً ومدللاً غير قادر على التفاعل مع الحياة ومع الآخرين وهذا بدوره يحطم نفسية الإنسان بالتدريج ولا أتمنى ان يصل أي فرد من أفراد أسرتي لهذا الطريق المسدود، وهناك الكثير من الآباء والأمهات يسلكون هذا الأسلوب في السيطرة على الأبناء وللأسف لا حياة لمن تنادي. غادة محمد «مضيفة طيران» تقول: هذه المهنة حلم حياتي وكانت أسعد اللحظات بالنسبة لي عندما علمت بخبر قبولي للعمل كمضيفة طيران.. ولا أنكر اني واجهت صعوبة بالغة في اليوم الأول نظراً لتغير الكثير من العادات لكن بعد مرور الوقت تمكنت من ترتيب أوراقي وتنظيم جدول الدوام الليلي والصباحي.. كما ان طيران الإمارات لا يألو جهداً في توفير كافة سبل الراحة. لكل طاقم المضيفين من سكن ورعاية صحية بجانب اعداد نشرات توعية تقدم كافة النصائح السديدة للمضيفين الجويين لضمان توفير أفضل الخدمات للمسافرين على متن الطائرة، وتضيف: لم يعد الدوام الليلي عائقاً أمام المضيفات ولا توجد هناك أي اشكاليات من قبل الأسرة حول طبيعة عملي لكن بعد الزواج من المحتم ان الأمر سيختلف وأنا على قناعة بأني لن أترك هذا العمل لمدة سنتين بعد الزواج حتى لو خالف زوجي هذا القرار. سوزي الجردي «موظفة» تقول: العمل خلال ساعات الليل أمر عادي وخالي من أي حرج من الممكن ان تقع فيه المرأة.. فالأعمال تختلف ولكل موظف مهام ومسئوليات جسيمة تتطلب منه التواجد في أي وقت والمخلص لعمله لا يتردد مطلقاً في أداء العمل بأي وقت مهما كانت ظروفه الأسرية، وعن نفسي فأنا لا أعمل مطلقاً بالدوام الليلي ليس لرفضي لهذه الفكرة بل لأن عملي لا يتطلب مني ذلك التواجد، ولو صادف وان وقع أي طاريء لا سمح الله ـ فحتماً سأكون موجودة بالعمل في هذا الوقت المتأخر دون تأفف أو تذمر.
المراجع
www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=495موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث
|