تزامنا مع اليوم العالمي للمرض.. مصابون سعوديون بالإيدز:جدة: علي مطير
«لقد تغيرت حياتي تماما، سامح الله زوجي الذي مات تاركا لي الاطفال والمرض ونظرات الناس» ـ قالتها أم علي ـ بلوعة تشبه جدران منزلها المتداعي من الرطوبة والحزن في أحد أحياء جدة «القديمة».
أم علي تشرح كيفية تلقيها نبأ إصابتها بمرض الإيدز بقولها «كانت الأحلام في ذهني كثيرة قبل أن أعرف بانتقال المرض لي عن طريق زوجي منذ 5 سنوات. لن انسى عندما التقت نظرات عيني بنظرات زوجي المشدوهة ونحن نصعد السلالم في أحد المستشفيات الحكومية لإجراء الفحص، مرت اللحظات كشريط من الأحداث قبل
أن أنهار من النتيجة لأجد نفسي نزيلة في مستشفى نفسي. لم استطع استيعاب أن زوجي الذي أهداني الأطفال والحب سيهديني في آخر أيامه شبح الموت».
وتروي أم علي 34 عاما وأم لابنتين وولد، حكايتها ما بعد المرض وهي تتأمل كفي يديها المنقوشتين بالحناء» رضيت بقضاء الله وبدأت في احتضان أطفالي ومحاولة ابعادهم لكن أم زوجي فضلت أن تفتح معي جبهة أخرى تتهمني فيها بأني سبب وفاة ابنها رغم تأكيدات المستشفى عكس ذلك، في محاولة لاخراجي من مسكن زوجي والتهديد بسحب حضانة أبنائي كوني مصابة بالمرض ليصل الأمر الى مطالبة «عم أبنائي» بالحصول على راتب زوجي التقاعدى والذي لايتعدى 1500 ريال، وبالكاد يعيش منه صغاري». وتجهش أم علي بالبكاء وهي تقول «الايكفي هؤلاء أنهم جعلوا ابنتي الكبرى 15 عاما تخاف مني وتهرب من مجرد لمس أشيائي وتتخيلني في منامها كالكابوس يريد انتزاع براءتها، لقد احتجت الى عامين كي أرمم شرخا في علاقتي بأولادي. اليست الرحمة من حقي؟
».
ويشارك أم علي في مدار الحزن والندم (أبو محمد) في العقد الرابع من العمر، وهو عاطل عن العمل «ادماني للمخدرات قادني للسجن والمرض... ظللت لسبعة أعوام مضت وأنا لا اتعاطى أي علاج سوى الاستغفار، وصلت حالة المناعة عندي لدرجة متدنية بعدها قررت التداوي وبعد أقل من عام ارتفعت مناعتي ومعنوياتي، حالياً لا أعاني من أي شيء سوى أني لا أجد العمل بعد فصلي من عملي السابق كحارس أمن في احدى الشركات رغم عافيتي بسبب كوني مريضا بالإيدز».
ويضحك أبو محمد وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال، على مفارقة القدر عندما يأتي ليتسلم شهريا من مستشفى الملك سعود علاج الايدز (الرباعي) الذي تصل تكلفته الى 10 آلاف ريال (3750 دولارا) ويعطى لمرضى الإيدز السعوديين بشكل مجاني (يكلف علاج المريض الواحد 120 ألف ريال سنويا) بينما هو عاجز في كثير من الاحيان عن توفير 10 ريالات ثمنا لسيارة أجرة تقله لصرف الدواء من المستشفى. يقول بحسرة « نحن مرضى الإيدز لا نختلف عن غيرنا في حقنا في العمل والحياة، زوجتي تعيش معي بشكل طبيعي ونمارس حياتنا بحس وقائي، بينما المجتمع ينظر لنا بقسوة، ويغفر لغيرنا أخطاءه، لا نريد أن يشفق علينا الآخرون أو يجاملوننا بمصافحة باردة، قضيتنا مع الإيدز ليست في تفكيرنا متى نموت.. بل كيف نعيش بكرامة.... أريد عملا».
ويوضح مصدر مسؤول في مستشفى حكومي في جدة بأن المستشفيات نفسها ساهمت في الدعاية السيئة ضد مرضى الايدز الذين يفصحون عن طبيعة مرضهم اثناء اجرائهم لأي فحوصات سريرية، وهو ما يجعلهم يفضلون التزام الصمت حتى عن مجرد فكرة التداوي المجاني المكفول بقرار حكومي. بالاضافة الى أن ردة فعل المجتمع السلبية تجاه مرضى الإيدز والتي تحول في معظم الاحيان عن اعادة دمج المرضى بشكل وظيفي وإنساني مع متطلبات الحياة، الأمر الذي يؤثر على نفسياتهم ورغبتهم في العلاج. وأضاف المصدر الذي «تحفظ على ذكر اسمه» بأنّ بعض وسائل الإعلام تتحمل نسبة من ضريبة الوضع الذي يعانيه مرضى الإيدز في السعودية نتيجة اتباع مااسماه بـ «سياسة التخويف ونشر الصور المرعبة عن المرض والدعايات المغلوطة حول أشكال انتقال العدوى».
وعن أكثر أيام«أم علي» و«أبو محمد» سعادة طوال السنوات الماضية، أكدا بأن «خطوة مستشفى الملك سعود للحميات في جدة بإقامة حفل معايدة لهم أعاد لهم بهجة العيد وشعروا بطعم الحلوى والابتسامات بعد أن كان العيد بالنسبة لهم موعدا مع العزلة والمرارة». وتضيف أم علي«المستشفى يقدم لنا المساعدات الخيرية دون أن يجرح كرامتنا مثل ما تفعل بعض الجمعيات الخيرية التي يخاف موظفوها من طرق أبوابنا بسبب تحذيرات الجيران. هذا العيد سرق الحزن الذي عاش في صدري لسنين طويلة، وحولنا نحن المصابين بالمرض الى عائلة كبيرة... الشكر لله».
وطبقا لآخر إحصائية معلنة لوزارة الصحة، بلغ عدد الحاملين لفيروس الإيدز 7808 مرضى منهم 6065 من غير السعوديين و1743 من السعوديين، وتيسكن 50 في المائة من المصابين في مدينة جدة، أما مدينة الرياض فنسبة المصابين فيها 16 في المائة. ومن المقرر أن يدشن الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، صباح اليوم السبت فعاليات يوم الإيدز العالمي الذي تقيمه الشؤون الصحية بمحافظة جدة تحت شعار «المرأة والإيدز» والمنعقد في الفترة من 27 ـ 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري
المراجع
www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=518موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث
|