\
يُدْني يَداً بَيْضاءَ يَختَلِطُ النّدَى
فيها إذا لَقِيَ الفَوَارِسَ بالدّمِ
وَيُعِزُّ جَانِبَهُ، فَيُظْلِمُ نَفْسَهُ
لِعُفاتِهِ بالجُودِ، إنْ لَمْ يُظْلَمِ
تَنْمِيهِ، مِنْ سَلَفَيْ غُنَيٍّ، أُسْرَةٌ
بِيضُ الوُجُوهِ إلى المَكَارِمِ تَنْتَمي
أهْلُ الحُبَى اللاّتي كأنّ بُرُودَها،
من حِلمِهِمْ، ضَمّتْ هِضَابَ يَلَملَمِ
وَمُؤرِّثُو النّارِ العَتيقَةِ لِلْقِرَى،
وَمُشَيِّدُو البَيْتِ الرّفيعِ الأقْدَمِ
جُدُدٌ مَكَارِمُهُمْ، كما بُدئتْ، وَهمْ
أعْلَى وأكْبَرُ مِنْ ضُبَيْعَةِ أضْجَمِ
صَحِبُوا الزّمَانَ الفَرْطَ، إلاّ أنّهُ
هَرِمَ الزّمَانُ وَعِزُّهُمْ لمْ يَهْرَمِ
شَغَلُوا عَلَى غَطَفَانَ شَأْساً فِي الْوَغى
وبَنُو جَذِيمَةَ شَاهِدُوهُ وحِذْيَمِ
لَوْ كُنتَ جَارَ بُيُوتِهِمْ لمْ تُهْتَضَمْ،
أوْ كُنْتَ طالبَ رِفدِهمْ لمْ تُعْدِمِ
مِنْ كُلّ أغْلَبَ، وِدُّهُ أنّ ابْنَهُ،
يَوْمَ الحِفاظِ، يَمُوتُ إنْ لمْ يُكْرِمِ
لا يَقْتُلِ الحُسّادُ أنْفُسَهُمْ، فَقَدْ
هَتَكَ الصّبَاحُ دُجَى الهَزِيعِ المُظلِمِ
غَنِيَتْ غَنِيّ بالذُّرَى مِنْ مَجْدِهَا،
وَقَبَائِلٌ بَينَ الحَصَى والمَنْسِمِ
فَقَعُوا عَلى أحْسَابِكُمْ وَهُبُوطِها،
وَدَعُوا العُلُوّ، فإنّهُ لِلأنْجُمِ
كَرُمَ ابنُ عُثْمَانٍ، فَما يَنفَكُّ من
مَالٍ مُهَانٍ عِنْدَ زَوْرٍ مُكْرَمِ
إنّا بَعَثْنا اليْعْمَلاَتِ، قَوَاصِداً
لِفنَائِكَ المَأنُوسِ قَصْدَ الأسهُمِ
مِيلَ الحَوَاجِبِ، والنّجُومُ كأنّها،
خَلَلَ الحَنَادِسِ، شُعْلَةٌ في أدْهَمِ
لَتَجُودَ عَنْ فَهْمٍ يَدَاكَ وَلَمْ يَجُدْ،
وإنِ استَهَلّ نَداهُ مَنْ لَمْ يَفْهَمِ
فاسْلَمْ عَلى عَوْدِ الخُطُوبِ وَبَدْئِها،
وإنِ اغْتَدَيتَ بِتَالِدٍ لمْ يَسْلَمِ
وَلَقَدْ جَرَيْتَ إلى المَعَالي سابِقاً،
فأخَذْتَ حَظّ الأوّلِ المُتَقَدِّمِ
وَكَبَا عَدُوُّكَ، حينَ رَامَ بكَ التي
تُخشَى، فقُلنا: لليَدينِ وللفَمِ -tE-

 

عنوان القصيدة: هذي المعاهد من سعاد فسلم2

بقلم البحتري


المراجع

adab.com

التصانيف

شعراء   الآداب