سجن الأسر السعودية لأبنائها خلال فترة الإمتحانات يدفعهم للعنف واللامبالاة
السعودية الرياض: شاكر أبوطالب: «لكل ضغط، تنفيس مساوٍ له في المقدار ومنحرف في السلوك» هذه القاعدة غير الفيزيائية تستند على السلوكيات التي تصدر عن بعض الطلاب في فترة «جني ثمار» التحصيل الدراسي الحالية، التي يمر بها المجتمع السعودي، وخاصة في المدن الرئيسة، الأمر الذي يخلّف آثاراً سلبية ومؤلمة،
تنتهي في بعض الأحيان إلى كرسي متحرك أو باب مقبرة، الامر الذي يحجب أسماء طلاب عن لائحة الناجحين، بل ولائحة الحياة أيضاً، بعد أن سهروا الليالي الأولى للامتحانات. فترة التنفيس التي يمارس فيها بعض الطلاب سلوكيات خطرة قد تكلفهم مستقبلهم أو حياتهم، لا تتجاوز خمس ساعات طوال فترة الامتحانات، وما يجعل هذه الفترة بيئة مناسبة للممارسات غير السوية، هو غياب الرقابة الأسرية والرعاية المدرسية على أولئك الطلاب، فبين ظنّ الأسرة أن الطالب في المدرسة أو في طريقه للبيت، وشكّ المدرسة أن التلميذ ذهب للبيت بعد انتهاء فترة الامتحان، تحصل الكارثة. يروي أبو الكلام قاسم 37 عاماً، بنغلاديشي يعمل سائق أجرة، حادثة حصلت معه صباح يوم الأحد الماضي أمام إحدى المدارس الابتدائية في حي الوزارات وسط العاصمة السعودية، فيقول «عندما خفّفت سرعة السيارة في شارع يمر من أمام مدرسة بسبب المطبات الصناعية، وبسبب عبور عدد من الطلاب الخارجين من المدرسة، قام بعض الطلاب بركل سيارتي من الخلف، فتوقفت لأستطلع الأمر، إلا أنني فوجئت بسيل من علب المرطبات والحجارة تُقذف نحوي، فكسروا زجاج سيارتي الجانبي وأصابوا وجهي ببعض الجروح الطفيفة، فخرجت من سيارتي غاضباً، وهبّ لنجدتي بعض مرتادي الطريق من السعوديين، إلا أن الطلاب فرّوا إلى أزقة الحي المجاور، ومع أننا أمسكنا ببعض الطلاب الذين لم يهربوا، إلا أنهم أنكروا صلتهم بالأمر، مما جعلني أتحمل قيمة استبدال زجاج السيارة المكسور، لكنني أتعجب من هذا السلوك اللا مسؤول والصادر عن طلاب صغار في السن
». ويعمد بعض الشباب في فترة الامتحانات الى استعراض سياراتهم عند خروج الطلاب من المدرسة، من خلال القيام بالتفحيط أو الرقص على صوت أغنية مرتفعة، في محاولة لإغراء بعض زملائهم للركوب معهم ومشاركتهم القيادة بصورة خطرة والسير بسرعة والتنقل بين المسارات في الطرق السريعة المزدحمة بالسيارات، أو قصد بعض المقاهي التي لا تدقق في أعمار مرتاديها في الفترة الصباحية، لتدخين المعسل أو الجراك. أيمن عبد العزيز طالب سعودي في المرحلة الثانوية، يتذكّر بكل حسرة وألم، كيف أن اثنين من زملائه لقيا حتفهما في حادث سيارة قبل سنتين، وهما في طريقهما للاحتفال بنهاية فترة الامتحانات، بعد لحظات قليلة من تسليم أوراق الإجابة لآخر اختبار، وقد طلبا مني مرافقتهما، صمت برهة «إلا أنني اعتذرت لهما، لأنه ينبغي علي إحضار أختي من المدرسة، وبعد ساعة واحدة فقط علمت بوفاتهما على الطريق الدائري، مما دفعني للوم والد زميلي الذي أهدى له سيارة قبل الامتحانات بشهر واحد فقط، وهو لا يدري أنه أهدى له موته | ». وعلّق ممدوح الحازمي، 31 عاماً، يعمل مرشداً طلابياً، أن ما يصدر عن بعض الطلاب من سلوكيات خاطئة في فترات الامتحانات، هو نتيجة لعوامل كثيرة، لعلّ من أبرزها الضغط الهائل الذي تمارسه الأسر على أبنائها قبل الامتحان بفترات طويلة، من خلال حجزهم في غرفهم مع كتبهم المدرسية، وإلغاء كل حاجاتهم اليومية المساعدة في الاستقرار النفسي الذي يحتاجه الطالب في فترة الامتحانات، ومن ذلك حاجته للخروج ومشاهدة التلفاز أو الابحار في شبكة الإنترنت أو التحدث مع أصدقائه، وغير ذلك من الأمور التي تساهم في تخفيف القلق تجاه الامتحان، غير أن الأسر، لا سيما الوالدَين، تكرّس مبدأ الاستذكار فقط قبل وأثناء فترات الامتحان، ما يساعد على ترسيخ حالة الخوف والهلع من الامتحان، ما ينعكس سلباً على الطلاب، وخاصة الذين لا يوفّقون في الإجابة على أسئلة الامتحانات، فيدفعهم ذلك للقيام بأي شيء قبل الدخول للمنزل الذي يشكل بالنسبة لهم بيئة لا تطاق، لنسيان إخفاقهم في التعامل مع الاختبار بالشكل الذي يؤدي للنتيجة التي تنتظرها أسرهم. ويرى بعض التربويين أن سلوكيات الطلاب الخطرة مرشحة للازدياد، ما لم يتم رفع مستوى وعي الأسر حول فترة الامتحانات وكيفية التعامل معها، ومحاولة فهم نفسية أبنائهم الطلاب والتعامل معهم بالأسلوب الذي تفرضه طبيعة الموقف، والحرص على تضييق الفجوة الزمنية الناتجة عن خروج الطالب من المدرسة وعدم ذهابه للبيت مباشرة، مع التفكير كثيراً في قضية قيادة الطلاب اليافعين للسيارة من خلال البدء بنتائجها.
المراجع
www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=755موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث
|