أم جميل زوجة أبي لهب

هي أروى بنت حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، أخت الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب، زوجة أبي لهب، كانت من سادات نساء قريش، وكانت دائمًا عونًا وسندًا وذخراً لزوجها أبي لهب على محارية وإيذاء النبيِّ محمد صلَّى الله عليه وسلم، وكانت دائماً تقوم بوضع الأشواك في طريق النبيّ صلَّى الله عليه وسلم حتَّى تسيلان قدميه دماً وكانت ترمي الأشواك كذلك على ثيابه التي يتركها حتى تجفّ بعد غسلها رغم صلة القرابة التي كانت تربطهم والجوار والمصاهرة، فقد تزوَّجت أبا لهب عمَّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم وأنجبت منه عدَّة أبناء وهم: عتبة وعتيبة ومعتب ودرة وعزة وخالدة، وكان ابنها عتبة متزوِّجًا من أم كلثوم بنت رسول الله وابنها عتيبة كان متزوِّجًا من رقيَّة بنت رسول الله، اللتيْن تزوَّجَهما عثمان بن عفان بعد أن ضغطت أم جميل زوجة أبي لهب على ولديها أن يطلِّقا ابنتَيْ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.

وقد كانتْ جارةٌ للنبي صلَّى الله عليه وسلم  فكان بيتها مجاورًا لبيت خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، ويُقال إنّها تبرَّعت بعقدِ ذهب في رقبتها من أجل إيذاء النبيّ فأبدلها الله حبلًا من مسد، فكانت لا تفلت عملًا يؤذي النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلا حاولت أن تقوم به وتعاون زوجَها عليه، وعندما دعا الرسول قومَه إلى جبل الصفا ليخبرهم بدعوته، قال له أبو لهب: تبًّا لكَ سائرَ اليوم، ألهذا جمعتنا، فأنزل الله بعد ذلك فيه وفي زوجته سورة المسد، قال تعالى: "تبَّتْ يدَا أبِي لهَبٍ وتَبَّ - ما أَغنَى عنهُ مالُهُ ومَا كسَبَ - سيصْلَى نارًا ذاتَ لَهبٍ - وامرَأَتُهُ حمَّالةَ الحَطبِ - في جيدِهَا حَبلٌ منْ مَسدٍ" .

ولمَّا سمعت أم جميل زوجة أبي لهب ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن الكريم ذهبت لرسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو جالسٌ عند الكعبة ومعه أبو بكرٍ الصديق وفي يدها حجرًا مستطيلًا، فلمَّا وقفت عليهما أخذ الله بصرها عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم تستطيع ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكرٍ أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدتُه لضربتُ بهذا الفِهر فاه، أما والله إنِّي لشاعرةٌ وأنشدت قائلةً: "مذَمَّمًا عصينا وأمرَه أبينا ودينَه قَلينا"، ثمَّ انصرفت. فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله أما تراها رأتك؟، فقال: "ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرِها عني"، فكانت أم جميل امرأةً سَليطةً تبسُط لسَانَها في رسول الله، وتُطيل عَليه الافتِراءَ والكذب والدسَّ، وتشعل نَار الفِتْنةِ، وتُثير حربًا شَعواءَ شرسةً على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- .

مضامين قصة أم جميل زوجة أبي لهب

في قصة أم جميل زوجة أبي لهب العديد من العبر التي يخبرُنا بها الله تعالى والتعاليم التي يجبُ على المسلمين الاقتداء بها، بدايةً من الصبر على أذى الكافرين والمُسيئين كما صبر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فالصبر من الخصال الحميدة التي حثَّ عليها الإسلام كثيرًا وأكَّد أن للصابرين أجرًا عظيماً عندَ الله، قال تعالى: "إنَّما يوفَّى الصَّابرون أجرَهم بغيرِ حسابٍ"، وكذلك نجد في تفاصيل القصة أنَّ الله لا يضيع عنده مثقال ذرة فمن ظلمَ سيعاقبه الله تعالى والجزاء من جنس العمل وأنَّ دعوةَ المظلوم مستجابة لا محال، فكما كانت أم جميل زوجة أبي لهب تؤذي رسول الله بالشوك، فبينما هي تحمل ذاتَ يومٍ حزمةً من ذلك الشَّوك، فجلست على حجَرٍ لتَستريح، فجُذبت مِن خَلفها.

وقد كانت تَحْتَطب في حبلٍ تَجعَله في رقبتها من لِيفٍ، فخنَقها اللهُ -جلَّ وعزَّ- بهِ فهلَكَت وهو في الآخرة حَبْلٌ من نَارٍ في جيدها ولذلك نجد تحريم أذيةُ المؤمنين بشكلٍ مطلقٍ، وفي القصة معجزةٌ خالدةٌ إلى قيام الساعة وهي دليلٌ على صدق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ سورة المسد نزلت في أبي لهب وزوجته وتوعَّدتهما بالنَّار، وأكَّدت على أنَّهما سيموتان على الكفر ولو تمكنا لأعلنا إسلامَهما من أجل تكذيب القرآن الكريم ولكنَّه وعدُ الله تعالى الصادق، فقد صدقَ الله وماتَ أبو لهب وزوجته وهما على الباطل والكفر.

مواضع ذكر قصة أم جميل زوجة أبي لهب في القرآن

لم تَرِدْ قصّة أم جميل زوجة أبي لهب إلَّا في سورة واحدة من سور القرآن الكريم وهي سورة المسد، والتي تكلمت عن أبي لهب وزوجته بشكلٍ مختَصر وتوعدتمها بنار جهنَّم في الآخرة وحبلٍ من مسدٍ في جيدِ زوجة أبي لهب بسبب ما فعلاه برسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- من أذى وإساءة وتسلط ، قال تعالى: {تبَّتْ يدَا أبِي لهَبٍ وتَبَّ - ما أَغنَى عنهُ مالُهُ ومَا كسَبَ - سيَصْلَى نارًا ذاتَ لَهبٍ - وامرَأَتُهُ حمَّالةَ الحَطبِ - في جيدِهَا حَبلٌ منْ مَسدٍ} 


المراجع

sotor.com

التصانيف

أشخاص عرب  نساء عربيات  جاهليون  شخصيات ذكرت في القرآن   التاريخ   نساء قريش