في فلسطين، في البعض مما تبقى من فلسطين، نتفرّج على بداية مجنونة لفصل جديد من مسرحية أسطورية لسيلان دم الإخوة، الذي سبق له أن سال منذ قابيل وهابيل. القاعدة كانت دوما، حين نتخلّص من العواطف والنفاق ومظاهر الأخلاق، هي أن تستدعي الحياة الشرور لكي يقتل الأخ أخاه، سواء إن كان أخوه في الدم أو في الوطن أو في الهوية أو في الدّين أو في المعرفة أو في الإنسانية.

القتل كان دائما، للأسف، أخَ الإنسان وهو شقيقه الملازم كأنه توأم. خصوصا في مجتمعات مازالت لم تتوصل بعد إلى حسم صراعاتها الأهلية بأساليب سلمية مدنية، ولكن بشهوة الدم ولونه ورائحته، والتصفية والحسم والجذرية.

مجتمعات لا تجتمع إلا لممارسة ومشاهدة طقوس الذبح، لا تجتمع إلاّ حين يبلغها نداء المقاومة وسفك دماء الأعداء. مجتمعات لا تجتمع إلا حين الأخذ بالثأر والانتقام، وإدارة صراع مع الخارجين عنها، أفرادا أو جماعات أو أمما. لا تجتمع إلاّ حين يبلغها نداء الدم مسفوحا من بين فخذي عروس، أو سائلا من قفلة عمّارة لا شأن لها بالتعمير، من فرط صغرها وصغر سنّ صاحبها، مسلمون يشبهون اليهود في ذلك، يقتطعون من جسدهم ما يرضي إلها يتلهون بتعاليمه.

فتح ماذا؟ فتح إسلامي بذاكرة دينية إسلامية تتعقلن شيئا فشيئا حتى تكاد تُذهب العقل، تغلق أكثر مما تفتح. أغلب فتوحاتها المتأخرة فجوات لأجل متع مشبوهة.

سيّد فتح وزعيمها، الذي انطلق إسلاميا إخوانيا ببزّته العسكرية الأبدية وبلحيته وعقاله، انتهى براغماتيا وسلطويا وبنيّة أن يكون رئيسا أبديا، يردّد بحماس وبقبلات كثيرة متكاثرة، سافرة ولها طش، أن موعده القادم سيكون صلاة في القدس. صلّى كثيرا من المرّات التي بثها التلفزيون هنا وهناك، لكن في القدس لا. شَكَر وحَمد وهادن وتعذّب وتَوعّد، وأجرى مصالحات مع المتباينات والمتفارقات، والكثير من مختلف التناقضات، لكن لم يدرك أن الصلاة والقدس لا يجتمعان في مثل هذه الظروف وهذه الأوقات وهذه التوازنات. كما لم يدرك أن لباسه العسكري الحربي ضديد السلم والسلام والمدنية. ماذا، إذن، لو جرّب عرفات، رحمه الله، مرّة أن يلبس الكرافات، ربطة العنق، ويتبدّى في كسوة بيضاء كعريس مسالم ليتزوج امرأة ككل الناس عوض زواج بالقضية لم يكن أبديا حسبما كشفت عنه الأيام.

مات عرفات محاصرا، لعلّه مسموما مقتولا. مات وهو لا يكفّ عن رفع شارة النصر، البندقية في يد وغصن الزيتون في الأخرى. لكن المشكلة كان في لباسه.

لم تشأ إسرائيل أن تتعرّف على عرفات العسكري، الذي كان دائما في بزته العسكرية، ولا أن تعترف به. إنه شيء كريه بالنسبة إليها. لأن فيه شيئا من الفتح والفتوحات. شيئا دينيا إسلاميا لا يكفّ عن استدعاء الذاكرة والتاريخ، ورائحة حربية تُشمّ، عن بعد، مهما موّهتها الرياح، وجبل عرفات المحمّدي لم يكن نصيرا حاسما لصالح ياسر عرفات.

وحدها فلسطين تعرّفت على عرفات بصفته أبا لأبناء منهم الصالح ومنهم الطالح، ينتظرون مثل أعدائه، بفارغ الصبر رحيله، ليرثوا تَرِكَة وهميّة ويتقاتلوا عليها إلى آخر قطرة دم فيه. تركة لغوية جوفاء لا تدلّ على شيء. رئيس، ورئيس دولة ووزراء وبرلمان ودولة والتّابع منه، انطبق الفخّ على عرفات في آخر عمره ومات رئيسا لدولة لا وجود لها، وتنازل بيسر عن صفة الزّعيم والقائد والمناضل الكبير.

مسألة مليئة بالسخرية لدى كل الفرقاء. خصوصا لدى ورثة فتح الذين ورثوا مفاتيح لغوية لا تفتح شيئا ولا أن تتعرّف على باب. انتهى فتحهم أسير اللغة التي استعاضوا بها عن الواقع. ذهب الخيال بالوارثين إلى حدّ تصوّر اللغة وألقابها ومناصبها بديلا عن الواقع وقابلة للتأثير فيه، لكن اللغة في كل واقع هي واقعة من وقوع الواقع، ولن تكون أبدا واقعا مطلقا بديلا، أو تسمية في غياب المسمّى سوى لدى المجانين أو لدى المشعوذين.

فتح الوارثة جرّبت كثيرا أن تفتح ملفا انطوى، رغم مساندة الكثير من مكوّنات المجتمع الدولي. فتح بدولتها ورئاستها وجنرالاتها صارت في خبر الدولة الفلسطينية العتيدة. ومن فتح ومن عاصرها ووالاها لا يعنينا سوى مبدعيها اللغويين الكبار الذين أفادوا لغة العرب، واللغة العربية تكنّ، أي تحتفظ في المكنون منها، بمساهماتهم العظيمة الكثيرة الرائعة.

عدا ذلك فلا دولة فلسطينية كسبنا ولا كان بالمقدور الحفاظ على قضية فلسطينية. فلسطين بيت شعري أو رسم أو رواية أو سردية تتداول، وهذا إن توصّلنا إليه فهو ليس بالشيء القليل.

يكفي أن فلسطين الداخل أعطتنا مفردة عربية جديدة وعجيبة هي "التشاؤل". أنها مفردة من أكبر الإنجازات اللغوية في تاريخ العرب المعاصرين. ليست كما فُهمت وسطا بين التفاؤل والتشاؤم، وهي تأليف توفيقي مشؤوم بين تطرفين يتنازعان الحياة، إنما التشاؤل هو تساؤل ينطوي على كل المعاني بما في ذلك المعنى اليهودي. يا لذلك الفلسطيني المسيحي الشيوعي الفطن الذي مات، والذي لي عليه ملاحظات سردية وتنبؤية، رغم موته الزائل وحياته الخالدة، السيّد الكبير اللامع الروائي الفلسطيني الإسرائيلي إميل حبيبي، يا حبّي

لا تذهبوا بعيدا أيها العرب.

التشاؤل، ليس كما فهمتموه، وسطا بين التفاؤل والتشاؤم، بل هو التساؤل منطوقا بلسان يهودي. يتذكّر اليهودي لغة عربية كان ينطقها، وهو من أهلها، ومن سلالة منطوقها، فيشبع سينها بشينها، كعادته في استعمال اللغة العربية. حبيبي عاشر يهودا عربا وسمع لكنة لسانهم، وانتبه لتساؤلهم الصميم، الذي هو تشاؤلهم، فكان التشاؤل الذي لسنا بصدد تفصيل القول فيه.

شلوم سلام. ومن هنا يمكن القياس.

المتشائل هو المتسائل، والمتسائل المتشائل مسألة من أخطر ما يجابهها الكائن البشري، سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو مسلما أو بوذيا أو لا أدريا أو ملحدا، أو. انتهى الدرس.

انتهى الدرس لكل أولئك الذين استعملوا ويستعملون ويرغبون في استعمال لفظ أو تسمية المتشائل لكي يبرهنوا أنهم بين بين، ولكن في التاريخ العربي الإسلامي المعاصر، مثلما شأن الماضي، كان الحضور الذي بين "لا" و"نعم" تطير فيه الرؤوس. الإقامة في السؤال، أو في التشاؤل إقامة حياة فيها عمل السيف وفيها ما فيها. مَن مِن العرب المعاصرين وضع رأسه بين لا ونعم. مَن مِن العرب طارت رأسه؟ أذكر فقط في التاريخ الراهن ذالك السوداني الفريد، محمد محمود طه، الذي قتلته ثورة إسلامية سودانية مجرمة متواطئة مع النميري، مع نمر أفريقي متوحش. إنما المتشائل هو المتسائل الذي يتفانى في تعميق السؤال كحاجة لا كطمأنينة إقامة في التشاؤل. أيها المتشائلون خدعكم التشاؤل لأنكم قابلون للخديعة، إذن غادروا وديا وبدون سفك دماء واعتذروا مباشرة. اعتذروا للتساؤل قبل التشاؤل، فأنتم لستم في مستوى الحالتين.

هل حُلّت المسألة؟

غادروا الساحة أيها اللغويون البائسون، وأيها المتشائلون الذين لا يتساءلون ولا يسألون.

أما فتح، منظمة فتح، فهي التي لم تتمكّن من النجاح في فتح أي ملف لشدّة تشاؤلها، هي التي لم تدرك معنى التشاؤل، لا في العلاقات والممارسات والغايات، فضلا عن التساؤل.

كأن "فتح" أنجبت "حماس"، وفق معتقداتها وخلفياتها وارتباطاتها وصورتها. ليس ثمة داخل وخارج في المسألة الفلسطينية. إن فلسطين مرآة كبيرة يتفرّج العالم كلّه على صورته فيها، خصوصا الأقربون، أميركا وروسيا وفرنسا، ثم الأبعدون سوريا ومصر والسعودية وإيران، وتركيا أحيانا، وإسرائيل قريبة بعيدة، تعمل في السرّ والعلن، في كل الأحيان. حماس خالد مشعل، ما أطول لحيته، وما أطول حباله الصوتية العربية، وما أطول باله، وما أطول ما يخفي وما أطول ما يختفي.

أليس ذلك هو السيّد نفسه الذي حاولت إسرائيل اغتياله في الأردن، خلال التسعينات من القرن الماضي، بجهاز مجهز بما لا أدري بماذا. أليس هو من شفي بعد تدخلات إقليمية ودولية وبقي حيّا، محافظا على خطابه ولغته وزيّه وصورته ولحيته، رغم بعض الشيب الذي خالطها أو زيّنها؟

خالد مشعل هو لدى أردن معلومة ولدى سوريا محتملة، يتنفّس برئتين سعوديتين ويقيم بين رياح تهبّ من إيران وتهبّ من أميركا ويحلم بتسونامي ديني زلازله لا تبقي ولا تذر. خالد مشعل أسير اسمه. الخلود والشعول، ويزيد في تأجيجه الحماس. المشكلة في السياسة أننا لسنا في أولمبياد للمشاعل وللرياضيين.

أما إسماعيل هنيّة، فهو شخص يفيض طيبة وحسن نيّة، حسب شكله التلفزيوني. مأساته أنه خروف. إسماعيل يعتقد أن بإمكانه متسلحا بما يسمّيه الإسلام أن يواجه إسرائيل. إسماعيل ابن هاجر الخادمة الطائعة، الزوجة الممنوحة الخلفية، يتصور في هذا الوقت، أن ينتصر على كل إسرائيل ابن إبراهيم وسارة التي كانت عقيمة. ليكن إسماعيل خاضعا لمشيئة أبيه، وملقيا رقبته تحقيقا لمشيئة حلم الذبح، ذلك ممكن في السرديات، ولكن ماذا ينفع كل ذلك في الواقع. تلهمنا السرديات ما في ذلك شك. إنما هناء إسماعيل هنيّة هل يتحقق حين يضحي بأبنائه الثلاثة عشر. ما أكثر أبناءه، بارك الله له فيهم واللهم لا حسد. لكن من غير المعقول أن يكون واحدا في الناس يمارس السياسة ويُحمد رأيه وتجده في الحبّ على هذا القدر من الخصوبة. ربّما؟

حماس، ككل الحركات والأحزاب والتحزّبات المنبنية على الدّين الإسلامي، لها استعداد رائع لكي تضحّي، تضحّي، و تضحّى، ولكن التضحية، الضحية، من، وكيف، ولماذا، ومن أجل ماذا؟ من أجل ماذا؟

تحرير من ممن؟

بالإمكان في هذا الزمان تحرير فلسطين من الفلسطينيين. أمّا من اليهود والصهاينة فذلك ليس حلما من الأحلام ولكنه من أضغاث الأحلام.

ثم لنفترض أن فلسطين تحررت من كل اليهود، ديانة وصهاينة، ما الذي سيبقى للفلسطينيين وللعرب أن يفعلوه وتبعا كل المسلمين. ما هو المشروع العظيم الذي يمكن اقتراحه على الإنسان والإنسانية وبه يُفتح أفق غير الآفاق الراهنة. هل هو حجاب أو نقاب أو شرب بول الرسول، الذي لم يعد له وجود، أقصد البول لموت الرسول أو رضاعة أثداء ونهود الزملاء للزميلات، أو رضاعة الزميلات لم لا أدري ماذا من زملائهم ، أو دكتاتور استحوذ على بلاد يحوّلها بلادة وعلى عباد يحوّلهم عبيدا وحميرا؟

هل هذه مشاريع نعرضها لكي يتداوى بها إنسان هذا الوقت؟

أي فتح وأية حماسة أو حماس؟

ماذا سنفعل في غياب البرابرة؟

كم سنطحن من إنسان، فلسطيني خصوصا، في سبيل وهم من الأوهام؟

إسرائيل قادمة في كل الأحوال، لكن تظل مأساتها أنها بدون أقدام، كسيحة ومعوجّة، تتلفّت في ذعر، وتأكلها الشكوك والعقد والمعتقدات.

إسرائيل هي مِثلنا في حاجة إلى من يساعدها، لكي تتخلّص من تصهينها وتمركزها حول ذاتها. إسرائيل هي فكر صهيوني يقيم دولة لليهود، أحبّوا أم كرهوا. الدولة هي متى ما نتخلّص من فتحنا وفتوحاتنا ومن حماسنا وكل الكره والإكراهات.

وحين نرغب في أن لا نكون صهاينة على طريقتنا فمن الضروري التخلص من فكرة إقامة دولة مركزية واحدة للعرب دون المسلمين أو للمسلمين دون العالمين. لعلّنا نصير أناسا يتوجنا الإسلام المطمئن الذي وعد أن نوره سيعمّ ولو كره المشركون والكافرون، أو غير الإسلام بما يليق بالنّاس، لا وسواس ولا خنّاس، لا ناسوت ولا لاهوت ولا هلكوت.

حين تتحرّر منظمة التحرير من التحرير.

حين تحرر حماس من إسلامها الغافل والطائفي، الساذج والبدائي، الذي تلفّه الكثير من الحجب.

حين يتحرر العرب من عروبتهم القاتلة، التي تعاني عداوة شرسة لكل ما هو غير عربي. حين تكون العروبة لسانا فصيحا، بيّنا متمدّدا إبداعيا، وغير غافل عن كل لسان في روائعه.

حين يتحرر المحيط من محيطه الخانق.

حبن تتحرّر الإنسانية من إنسان مرفّه يتدلّل ويخنقها بمطالبه الشّاذة من أجل أن يُصبح للشجرة جناحان فتطير، وللحمار ذيل نبيل نستلفه لكي نجلد به الجلاّدين.

أحترم الحمير، وأحترم تاريخ الحمير، وأحترم كل ما يحيل على الحمير.

ولكن الإنسان حتى ولو كان بهيما، له منزلة في القلب نابضة بالفتح والحماس وكل نوع من أنواع الإحساس.

ليتفضل الحمير بنقل وجعنا وحسّنا وإحساسنا.

ليتفضّل الإنسان بأن ينقل ما ينقل وما لا ينقل على حساب حسّه وعقله ووجدانه.

ليتفضّل الإنسان، أن يكون فلسطينيا، أو إسرائيليا. ما أسوأ قابيل وهابيل. ما أسوأ أن تكون قاتلا أو قتيلا. ما أسوأ البداية السوداء، ما أسوأ تسلسلها ونهايتها، إذ تهددنا بأنها مثلما نبتدئ ننتهي.

فتح وحماس، لا إله سيتقبّل منكما، ولا منّا، نُذرا ولا تضحية. اختلط على الإله الأمر. هنا لسنا في بداية الخلق المجرم، الذي تقبّل نذر هابيل ومنحنا بعدله سلالة قابيل، قايين التوراتي. نحن في حضرة قابيل الذي تسلّح بالتاريخ والتجربة والخبرة وصار مهبولا. يا قايين كن كما أنت حيث ترى دما يجري في العروق فاقطع العروق واسفح الدم.

لم يمت أخوك الشقيق إنه يتربّص بك في موته وروحه الشقيّة المصطفاة تحلّق في الأعالي تتغذّى من عذابها وتغرّد بنشيد الانتقام.

أبِّدْ الموت يا قابيل حتى لا أبَدَ ولا أبَديّة، علينا أن نقتل في كل لحظة، وفي كل خيال وظل وخاطر. قابيل يقتل هابيل مجددا. والبشر الذين على هذه البسيطة والذين في جوفها هم من سلالة القاتل، وتلك بديهية ننساها في كثير من الأحيان.

المسألة الفلسطينية مسألة كراسي. إما الكراسي وإما المآسي. على رأي الفلسطيني الخالد محمود درويش.

فتح أهدت المقاومة هديّة حين أعفت المقاومة من الكراسي. لكن المقاومة كانت رغبتها في الكراسي. مع فتح نتهم أن ثورتها خالطت ثروتها، لكن ما حماس طالبة الكراسي أيكون الغراب لها نصيب، ليعلّمها حفر القبور لمواراة الإخوة التراب.

وفي الأخير ما الذي يزعجنا؟ حماس تقتل فتح، أو فتح تقتل حماس. فتح ذلك الشخص الكريه المتبجح الذي نسيت اسمه. حماس طويلة اللحى. حماس تقتل فتح، فتح تقتل حماس. اقتلوا كما ينبغي. اقتلوا جيدا. مزيدا من القتل. لعلّنا نتعلّم منكم ونتعولم في لغة القتل. ذلك درس جديد قديم من بلاد النبوات: اقتل كثيرا. اقتل أخاك، لكي تحيا، لكي تحيا أكثر. ليكن شعار العالمين الدموي إما أن تكون ذابحا أو ذبيحة؟

سلام على الإنسان في كل الأوطان، أكانت الأوطان قتلا مريعا أو كان الإنسان مرتعا مرتاعا وبلا أمان.

فتح هي قابيل حماس هي هابيل؟ المشكلة أن القصة القرآنية لجريمة القتل الأولى لا تحمّل جريمة القتل لا لقابيل ولا لهابيل، تذكر فقط أن أحد الأخوين قتل الآخر. من قتل من؟ يسكت القرآن عن الإجابة، في حين أن المفسرين المسلمين، واستنادا إلى الإسرائيليات، حددوا القاتل بأنه قابيل؟

علينا أن نتعلّم من إسرائيل أخ إسماعيل غير الشقيق، لا أقصد إسماعيل هينّة، إنما هي مصادفات لغوية، لكي نشهد أن اللغة هي أشدّ قتلا من كل ما يقتل. خصوصا إذا تعلقت همّة اللغة بالمصالح والكراسي والارتباطات المشبوهة.

ثمّة شعار يمكن أن يرفع في لحظة الاقتتال الراهنة: لا تؤجل عمل ذبح اليوم إلى غد.


المراجع

موسوعة الاوان

التصانيف

سياسة