مراسل موسوعة الرشيد من سوريا / خاص



أن انتشار ظاهرة التشيع في سوريا بات ينظر إليها لدى غالبية السوريين على أنها "تحالف ديني" بين إيران وسوريا وليس سياسي أو عسكري وأستخدم المتحالفان الجانب الأقتصادي عن طريق السياحة الدينية والاستثمار كنقطة انطلاق لغزو المجتمع السوري وهي نظرة تنذر في حال تجذرها وانتشارها رغم إصرار النظام السوري على التعتيم الإعلامي الكامل عليها ، بإشعال ظاهرة التطرف الديني في سوريا وتهديد مستقبل البلاد والنظام.

والتشيع إحدى نتائج ارتمـاء النظام السوري نفسـه وسوريا كلها في حضـن النظام الإيراني فهل هناك فعلا غزوا شيعيا إيرانيا لسوريا ؟ وما أثار هذا الغزو ؟ وما النتائج المترتبة على المجتمع السوري ؟ وهل سيحافظ النظام على التماسك الداخلي بعدما بدأت أولى ثمار التعاون الوثيق مع طهران تنعكس خللا في التوازن وتهدد بإثارة حساسيات مذهبية داخل المجتمع السوري كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها في تقريرنا التالي ..

والتشيع إحدى نتائج ارتمـاء النظام السوري نفسـه وسوريا كلها في حضـن النظام الإيراني فهل هناك فعلا غزوا شيعيا إيرانيا لسوريا ؟ وما أثار هذا الغزو ؟ وما النتائج المترتبة على المجتمع السوري ؟ وهل سيحافظ النظام على التماسك الداخلي بعدما بدأت أولى ثمار التعاون الوثيق مع طهران تنعكس خللا في التوازن وتهدد بإثارة حساسيات مذهبية داخل المجتمع السوري كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها في تقريرنا التالي .


لقد بدأ التحالف الاستراتيجي بين سوريا وإيران في الثمانينيات عندما اختار الرئيس السوري حافظ الأسد الانحياز إلى إيران في حربها مع العراق تاركا وراء ظهره شعارات العروبة التي ينادي بها حزب البعث الحاكم في سوريا والعراق آنذاك ومرتميا بالأحضان الفارسية فآوت سوريا حينها الكثير من كبار زعماء الشيعة والشخصيات الكردية المعارضة والذين أصبحوا الآن حكام للعراق فرئيس الوزراء العراقي الحالي وزعيم حزب الدعوة نوري المالكي معروف من هو في سوريا وما هو عمله .

أن من أهم خفايا وأبعاد هذا التحالف والدعم الإيراني المتعدد الأوجه إلى دمشق والذي تحول إلى نوع من الوصاية والنفوذ اللذين جعلا نظام الرئيس بشار الأسد رهينة في يد نظام الملالي وسوريا دولة تابعة لإيران

أن الوضع الصعب الذي تعيشه سوريا منذ خروجها من لبنان لم يؤدي فقط إلى نجاح إيران في ملء الفراغ السوري في لبنان بل نجحت في ملء الفراغ الذي واجهه النظام السوري بفعل الضغوط والتهديدات الدولية والانقسامات الداخلية , سوريا تجد نفسها اليوم محشورة بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان الإنقاذ الإيراني بعدما سلمت كل أوراقها لإيران لهذه الغاية.


و قـدم بشـار سوريا أرضاً وشعباً لإيران ، على أمل أن تحميه من المحكمة الدولية لأنه المتهم الرئيسي في اغتيال الحريري ، وقامت إيران ومازالت تـثيـر الحروب في لبنان لشغله عن التحقيق في هذه القضية .

لقد حدثت اتفاقيات بين الجانبين تمكنت خلالها إيران من الحصول على مساهمات مالية إيرانية ضخمة في الاقتصاد السوري تشمل بناء مصانع سيارات وأسمنت وخط أنابيب ومشاريع اقتصادية وسياحية أخرى وافتتاح فروع لمصرف صادرات إيران في سوريا .

كما أن عدد الحوزات الشيعية قد زاد في سوريا بشكل كبير وبدعم إيراني واضح وتم فتح حسينيات ومراكز شيعية وثقافية ومراكز تدريس ومكتبات في مناطق مختلفة من سوريا حتى وصلت إلى حلب وضواحيها وحمص وحماه والحسكة والقامشلي والرقة واللاذقية ودير الزور وغيرها، ولم تعد هذه النشاطات محصورة في ضاحية السيدة زينب كما في السابق .


وفي موازاة إقامة المناسبات الدينية والموالد والمآتم والمؤتمرات الثقافية التي يحضرها مسؤولين رسميون لوحظ أن إيران تلعب دوراً في تمويل بناء مستشفيات ومستوصفات خيرية ومساجد وحسينيات انضمت إلى مسجدي صفية ودرعا في دمشق ومسجد النقطة في حلب ومشفى الخميني في دمشق والمشفي الخيري في حلب ومستوصف الزهراء الخيري في دمشق ومشفى الصدر وغيرها من المراكز الشيعية .

وتعدى ذلك إلى بناء حوزات متعددة تتوزع مرجعياتها الدينية بين على خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية وعلى السيستاني المرجع الشيعي الإيراني والمرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله والشيرازي وغيرهم من مراجع الشيعة .


ويعترف محمود الحائري المشرف على الحوزة الشيرازية بأنه يلتقي على الأقل كل أسبوع بسوري يريد اعتناق المذهب الشيعي وأن هؤلاء السوريين ينتمون إلى كل الطبقات الاجتماعية ومختلف المناطق.

إن عملية تشييع مقصودة ومنظمة خصصت لها ميزانية ضخمة بمئات ملايين الدولارات وتواطأ معها أركان النظام السوري حتى اتهمهم الكثير من السوريين بأنهم ( باعوا البلد لإيران ! ) , ويصل بعض السوريين إلى حد القول علنا: ( إن إيران باتت قادرة على أن تفعل ما تشاء في سوريا وتمارس أي نشاط تريد بدون أن تستطيع أية سلطة حكومية أو رسمية منعها ) .

من جانبه حذر هيثـم الـمالـح رئيس جمعية حقوق الإنسان من نشاط العديد من الشيعة الإيرانيين على الساحة السوريا بدءاً من مركز السيدة زينب إلى منطقة الجزيرة مروراً بوسط سوريا وخاصة حول حماه , وتساءل عن سر افتتاح العديد من الحوزات الشيعية في سوريا وإقامة النشاطات وإجراء الاجتماعات ، وتقديم التسهيلات للوافدين من إيران , إضافة إلى تحول معالم كثيرة سنية من سوريا إلى شيعية فبعض المدن السورية عندما تدخلها تعجز في بعض الأحيان عن إيجاد اسم محل تجاري أو صناعي أو مطعم لا يحمل نفس شيعي طائفي .


أما المحامي عبد الله الخليل الناشـط في مجال حقوق الإنسان والذي يقطن في محافظة الرقـة السورية فقد كشف عن أن حكومة بلاده قامت بتقديم مقبرة أويـس القـرني في الرقة حيث دفن الصحابي عمار بن ياسر كهبة للحكومة الإيرانية. وبنى على أطلالها مركز شيعي وجامع كبير اسمه مقام عمار بن ياسر وبات مركزاً كبيرا للتشيع , وقال الخليل: ( إن هذا المركز يعتبر أول مركز شيعي في الرقة وإن ثمة مشروعاً لتوسعته بإقامة مساكن وسوق تجارية على غرار جامع السيدة رقية في النجف ).

يقول حسين علوان (57 عاما) وهو يتذكر كيف تسلل إلى سوريا في عام 1987 عبر الحدود الشمالية العراقية ليتخذ ملجأه في السيدة زينب ( أن سوريا تحمي الشيعة وتقاليدهم وأماكنهم المقدسة منذ فترة طويلة ؟ ) .

وعلى صعيد ذي صلة يقول الباحث العراقي والناشط في شؤون الزحف الشيعي وأثاره على المجتمعات العربية علي حسين (35 عاما ) : ( لقد نشرت إيران الفساد الأخلاقي في المجتمعات المقصودة بالغزو الشيعي إضافة إلى سلخها من عقيدتها السنية الخالصة ) .


ويتردد في سوريا أن أنشطة الجمعيات الخيرية حالياً وأكثرها فعالية في دعم ومساعدة المحتاجين هي جمعيات ذات تمويل إيراني تتولى توفير مساعدات مالية شهرية للمسنين وتوزيع الأرز والسكر والطحين .

وفي الآونة الأخيرة بدأ الإيرانيون بإعداد برامج تعاون ثقافي شمل زيارات منظمة إلى سوريا وتوزيع دعوات على فعاليات من مختلف القطاعات السورية وإلى أساتذة الجامعات وتخصيص منح دراسية في الجامعات الإيرانية. وقد أدى هذا التعاون الجامعي مؤخراً إلى إدخال تعلم اللغة الفارسية إلى عدد من الجامعات السورية.

وإذا أردنا أن نتحدث بلغة الأرقام فقد صرح مسؤول سوري رفيع المستوى لإحدى القنوات التلفزيونية العربية ما مضمونه أن واردات سوريا من خلال السياحة بلغت مليار دولار ، إذ زار سوريا في عام 1416 هـ ( 1996 م ) 100000 2 مليون سائح بينهم 00000 5 1 مليون سائح عربي .

وفي السنوات الأخيرة نظمت قوافل أسبوعية على مدار السنة من المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية وكذلك من باكستان ولبنان إلى جانب القوافل المتجهة في المناسبات من بريطانيا إلى زيارة العتبات الشيعية في سوريا وهناك عدد هائل من شيعة الخليج يتجه في صيف كل عام إلى كل من سوريا وإيران ومصر ليقضوا أيام الصيف بجوار تلك العتبات الشيعية .


لكن الجانب الأكثر حساسية يتعلق بالتسهيلات السورية وفتح البلاد أمام سائر النشاطات الإيرانية ووصولها إلى حد تسهيل حركة التشيع في سوريا

ودخول عشرات ألوف الإيرانيين إلى سوريا في شكل دوري وصل إلى أكثر من مليون سائح سنوياً حيث يتوزع هؤلاء على المراكز السياحية الشيعية الدينية مثل السيدة زينب والسيدة سكينة والسيدة رقية وسائر الأضرحة التي تعتبر عتبات مقدسة شيعية يؤمها آلاف الإيرانيين .

ويتحسس السوريين من الاجتياح الإيراني لبلادهم والدعوة إلى التشيع والعمل على إقناع الشباب السوري باعتناق مذهب الطائفة الشيعية ويقال إن حالات اعتناق مذهب الطائفة الشيعية شهدت مؤخراً تزايداً بالآلاف وتقول بعض الشائعات الرائجة في سوريا قد تصل إلى حد توفير العمل لهم في المراكز الثقافية وخصوصاً المركز الثقافي الإيراني في دمشق الذي تمت توسعته مؤخراً وبات يعتبر من أكثر المراكز الثقافية نشاطاً في سوريا .

من جانبه استعرض رئيس حركة العدالة والبناء السورية المعارضة أنس العبدة خلال مؤتمر صحفي عقده في لندن ، تفاصيل دراسة ميدانية تحت عنوان ( البعث الشيعي في سوريا ) وأنجزها المعهد الدولي للدراسات السورية، وهو معهد بحثي مستقل وغير ربحي، محذرا من "تعاظم النفوذ الشيعي ونتائجه المدمرة" ليس على سوريا فحسب بل على دول الجوار السوري أيضا.

وتناول العبدة تاريخ الوجود الشيعي في سوريا منذ قيام الدولة الوطنية في 1919، وقال ( أن التغلغل الشيعي في سوريا تزايد إلى درجة تثير القلق والشكوك في السنوات الأخيرة بسبب التحالف الاستراتيجي القائم بين سوريا وإيران ) .

وأضاف قائلا: ( إن عدد المتشيعين في سوريا بين 1919 و1970 لم يتجاوز ألف شخص كأقصى تقدير، أي انه طوال نصف قرن لم يكن بالإمكان الحديث عن ظاهرة تشيع، غير انه في الفترة الممتدة بين 1970 إلى 1999 فقد بلغ المعدل السنوي للتشيع 1704 شخصا في السنة وحتى عام 1995، لم يكن بسوريا سوى حوزتين ، الأولى "الحوزة الزينبية" والثانية "حوزة الخميني"، لكن هذه الحوزات بدأت تتكاثر حتى شهدت الفترة من 2001 إلى 2007 بناء أكثر من 12 حوزة شيعية وثلاث كليات للتعليم الشيعي في منطقة السيدة زينب بدمشق وهو رقم يعادل ضعف ما أٌنشئ منها في سوريا خلال ربع قرن ) .

وتحولت منطقة "السيدة زينب" بضواحي دمشق إلى مدينة "قم السورية" بحسب الدراسة.

وكشفت الدراسة أيضا أن معدل التشيع في الوقت الحالي 2785 شخصا في السنة، وإذا استمرت وتيرة التشيع على حالها فان التركيبة الديموغرافية للمجتمع السوري ستتغير بعد عشرين سنة مع بلوغ نصف مليون شيعي سوري.

ويتركز "التبشير الشيعي"، بحسب الدراسة الميدانية، في رقعتين جغرافيتين أساسيتين هما "الساحل السوري و"منطقة الجزيرة"، وهاتين المنطقتين تضمان الشريحيتين الرئيسيتين في المجتمع السوري اللتان اختير منهما ضباط الجيش والمخابرات في الجيش السوري.


ويبقى السؤال المطروح أين سيتوقف الغزو الإيراني لسوريا وهل مازالت دمشق قادرة على رفض شروط طهران و مساعداتها ؟ وأخر هذه الشروط التي تمت تلبيتها كان في شن حملة شعواء ضد عرب الأحواز اللاجئين إلى سوريا والى متى يبقى النظام السوري بموازاة تسهيله لانتشار التشيع يقوم بالوقت نفسه بمحاولة القضاء على التعليم الشرعي السني وأهمال الأماكن الدينية السنية ومراقد الصحابة وتوسيع ورعاية مراكز التشيع مثلما يشهد الأن مرقد السيدة زينب من حملة لتوسيعه بينما تعجز عن الاستدلال على قبر كاتب الوحي الصحابي الجليل معاوية ابن أبي سفيان "رضي الله عنه" .



المراجع

موسوعة الرشيد

التصانيف

أخبار