من الأمور الكثيرة المصادفة في الممارسات الطبية اكتشاف ارتفاع الضغط الشرياني دون علم المريض بشكل مسبق عن إصابته بهذا المرض. وما أن يتم إخبار المريض بأنه يتوجب عليه الحضور أكثر من مرة للتأكد من وجود ارتفاع مستمر في الضغط حتى يبدأ بإخبار الطبيب بأنه "لا يشعر بارتفاع ضغط دمه"، وهذا خطأ شائع إذ يظن الكثيرون أن ارتفاع ضغط الدم يُحدث أعراضاً واضحة، والصحيح بقاء ارتفاع ضغط الدم بشكل صامت إلى أن يحدث مضاعفات، ولذا فقد استحق لقب القاتل الصامت ويمكن أن يزول خطره باكتشافه والسيطرة عليه.

وقد أشارت مراجع طبية عديدة إلى أن المرضى يحسون بالصداع عندما يسمعون أو يقرأون أن ضغط الدم المرتفع يحدث الصداع، ولذا يجب أن لا ينتظر الإنسان اكتشاف ارتفاع الضغط بالأعراض بل بالقياس الدوري المنتظم.

أما لماذا تكرار قياس الضغط أكثر من مرة فذلك عائد إلى أن ارتفاع الضغط قد يكون عابراً وناجماً عن توتر مؤقت لا يوجب الاستمرار بالعلاج. وقد نشرت مجلات طبية عديدة مقالات تتحدث عن مرضى يصابون بارتفاع الضغط عندما يشاهدون (الرداء الطبي الأبيض) والأمر هنا لا يعدو كونه ارتفاعا عابراً لا يوجب العلاج.

وأول ما يسأل عنه المصاب بارتفاع الضغط هو الدواء المثالي ولكن علينا أن نقر أن الدواء هو أحد أركان العلاج ومعالجة ارتفاع الضغط تكون بإتباع عدة توصيات منها:

• إنقاص الوزن إلى الوزن المثالي والذي يقارب الطول مطروحاً منه مئة فمثلا عندما يكون الطول 170 سم فإن الوزن المثالي يقارب 70 كيلو غراماً ( 170 – 100 = 70 ).

• المحافظة على لياقة بدنية معقولة ولعل المشي النشيط لمدة تقارب ساعة يومياً يعتبر من أفضل الرياضات المعقولة غير المكلفة .

• إنقاص المأخوذ اليومي من الملح ومن الأطعمة المالحة وكثيراً ما يتنبه المريض إلى تجنب إضافة الملح إلى الطعام لكنه ينسى أن هناك أطعمة غنية بالملح كالمخللات والزيتون والجبنة البيضاء .

• محاولة الابتعاد عن أسباب التوتر النفسي.

• إتباع الدواء الموصوف بانتظام وعدم إيقافه أو إنقاص جرعته الأبناء على إرشادات الطبيب.

• اكتشاف ومعالجة أي موجودات غير طبيعية مثل السكري وارتفاع المواد الدهنية أو اختلال نسبها

• الامتناع المطلق عن التدخين.

إن تسعين بالمائة من ارتفاع الضغط تسمى ارتفاع الضغط الأساسي أي أننا لا نتوصل إلى السبب المحدث وفي عشرة بالمائة من الحالات يمكن بالفحوصات المخبرية والشعاعية أن نتعرف على سبب محدث مثل الأسباب الكلوية أو الغدية الصماوية أو العصبية .

تبقى قضية الرقم المثالي للضغط وقد كان هذا الرقم موضع خلاف لكن هناك شبه إجماع على أن أي تجاوز لرقم 140 في الضغط الانقباضي يجب أن يعادل وكذلك أي تجاوز لرقم 90 في الضغط الانبساطي يجب أن يعالج. وأثناء المؤتمر الطبي الدولي الذي عقد في أيار الماضي في عمان كان هناك تلميح من قبل أحد القائمين على دراسة فرامنجهام مفاده أننا في المستقبل القريب قد نجعل الأرقام 130/80 هدفاً لنا كي نخفض من أمراض القلب الناجمة عن ارتفاع الضغط ولكن حتى الآن يبقى الحد الأعلى المسموح 140/90.

وبالطبع فإننا لا نعالج رقماً بل نعالج مريضاً وعملياً فإننا نعالج لنمنع المضاعفات المختلفة على الدماغ والعين والكلى والقلب والأوعية بشكل عام.

إن من السهل علينا أن نتوصل إلى أن يعرف كل مواطن ضغط دمه فالقياس بسيط ولكن الفائدة من هذه المعرفة كبيرة كما أنه من السهل علينا البدء ببعض الممارسات الصحية كالامتناع عن التدخين والمشي يومياً وإبعاد وعاء رش الملح عن تناول اليد لأن العادات اليومية لها تأثير كبير على الصحة.

وهناك مبرر للخوف في ضغط الدم المرتفع إذا لم نكتشفه ولا مبرر للخوف منه إذا اكتشفناه وعرفنا كيف نتعامل معه.

تمت المراجعة الأخيرة لهذا الموضوع من قبل شبكة أطباء صحتنا في كانون ثاني 2011


المراجع

مدونة بوابة صحتنا

التصانيف

تصنيف :حياة   صحة  أمراض