قبل عدة أشهر أكد مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة عشرة على إجازته لبعض عقود الزواج المستحدثة ومنها زواج المسيار، الذي تعتمد فلسفته على أركان الزواج الشرعي بوجود الموافقة والقبول ورضا ولي الأمر والتوثيق القانوني والتسجيل المدني ودفع المهر والإعلان، إلا أن الزوج يعفى من إقامة الزوجة معه بشكل دائم، وساق المشرعون لهذا الزواج مبررات عدة تعود في مجملها لحل معضلة العنوسة وتخفيف الأضرار على المرأة بحيث تحقق الحد الأدنى من حقوق الزوج. ومنذ ذلك الوقت ثارت زوبعة، ولا تزال، في المجالس النسائية أو الرجالية في السعودية حول هذا الزواج الذي شغل الجميع.<br /> لكن الجديد الذي لاحظته &laquo;سيدتي&raquo; أن زواج المسيار لا يستقطب العوانس أو الأرامل والمطلقات فحسب، كما هو متوقع، بل أخذ يجذب فتيات سعوديات منهن صبية في الثالثة عشرة فاجأتنا بإبلاغنا أنها تريد هذا النوع من الزواج وطالبتنا بالإعلان عن طلبها.<br /> &laquo;&raquo; ناقشت المسارات الجديدة لـ &laquo;المسيار&raquo; في السعودية مع مجموعة من الباحثين والخبراء ومن يمثل المرأة السعودية بمختلف رؤاها إلى هذا الزواج.</strong><br /> <br /> جدة: أعد الندوة جمال عبد الخالق وأميمة سند واسلام عمر, أدارها المحامي فيصل يماني - تصوير: سلمان المرزوقي<br /> <br /> المشاركون في الندوة<br /> <br /> &lt; المحامي فيصل يماني.<br /> <br /> &lt; المحامية ميس أبو دلبوح.<br /> <br /> &lt; الكاتب نجيب يماني.<br /> <br /> &lt; زاكي بن عبود ـ مصممة ازياء.<br /> <br /> &lt; سعاد سعداوي ـ مديرة تسويق ومبيعات.<br /> <br /> &lt; ميساء بن حمد ـ موظفة.<br /> <br /> &lt; الشيخ أحمد العمري.<br /> <br /> صغيرة على &laquo;المسيار&raquo;<br /> <br /> &laquo;مها&raquo; ذات الثلاثة عشر عاماً، لا تزال على مقاعد الدراسة، سمعت من زميلاتها في المدرسة عن زواج المسيار، لكنها لم تكن تعرف معناه بشكل جيد حتى أقر مجمع الفقه الإسلامي زواج الفرند والمسيار، عندها بدأت تفكر في الكيفية التي تساعد بها أهلها من خلال زوج يستطيع أن يوفر لهم كل ما يحتاجونه، وبالفعل اتصلت على إحدى الخاطبات وأبدت لها رغبتها في المسيار.<br /> <br /> بعد أن وضعنا قصة &laquo;مها&raquo; أمام المشاركين<br /> في ندوة &laquo;سيدتي&raquo;، انطلق المحور الأول:<br /> هل يوافق الشباب والفتيات على هذا الزواج<br /> بسبب المنفعة المادية أم يرفضونه؟<br /> <br /> بداية يقول المحامي والمستشار القانوني فيصل يماني: من شروط صحة عقد الزواج وجود الشهود والإشهار، بالإضافة إلى توفر الإيجاب والقبول، وزواج المسيار من الناحية الشرعية والقانونية صحيح لتوفر هذه الشروط فيه، لكن يطلب فيه الزوج من المرأة السكن في منزل أهلها كما يطلب عدم الإنجاب، وإن كان هذا الأمر غير مكتوب في العقد، إلا أنه متفق عليه بينهما، ويقوم بزيارتها مرة واحدة في الأسبوع، أي أن الزواج يكون مبنيا على هذا النوع من الشروط وهذا الأمر فيه خطأ، وإذا ما نظرنا للشارع العام لوجدنا فئتين إحداهما تقبله وتوافق عليه لأنه يلبي الغرائز الموجودة في المرأة والرجل، بينما ترفضه الفئة الأخرى لأنها تنظر إلى الأغراض التي يلبيها هذا الزواج ومنها السكن والوئام بين الزوجين بالإضافة إلى الإنجاب. وبلا شك فإن زواج المنفعة المادية أو الشخصية لا يحقق الغاية المنشودة من الزواج، مما يجعل الطلاق قريباً جداً بعد أن يأخذ كل طرف ما يريده من الآخر، وإذا حدث وأنجبت المرأة من زواج المسيار، فإن الزوجة تكون قد خالفت الاتفاق المنصوص عليه بينهما، لكن ينطبق على الابن المولود نفس الحقوق المترتبة للأبناء من الزواج التقليدي والمعلن، فلهم الحق في أن يحملوا اسم والدهم وأن يرثوه في أمواله. ويضيف يماني: زواج المسيار إذا اعتبرناه ظاهرة في المجتمع السعودي في الوقت الحالي، فإنني أرد ذلك إلى عدة عوامل منها عدم زواج الرجل السعودي سابقاً على زوجته، خاصة في المنطقة الغربية (وتشمل مكة المكرمة، المدينة المنورة، وجدة)، وإن من يقوم بذلك كأنه ارتكب أمراً صعباً جداً لا يمكن قبوله، أما حالياً فإن المجتمع لم يعد يرفض هذا الأمر، سواء كان من الفتيات أو الشباب، أو ينظر للرجل المتزوج زواج مسيار نظرة غير مقبولة.<br /> <br /> المحور الثاني:<br /> من يؤيد &laquo;المسيار&raquo;؟ ولماذا؟<br /> <br /> أبرز المؤيدين<br /> <br /> الكاتب نجيب يماني، من ابرز المؤيدين لزواج المسيار يقول: أبطل الإسلام أنواعاً من الأنكحة كانت معروفة في الجاهلية، وحدّد لنا أركان وشروط العقد الثابتة بالكتاب والسنّة والإجماع، فطالما أن هناك زوجين خاليين من الموانع (بنسب أو رضاع أو مصاهرة)، مع الإيجاب والقبول، فالزواج صحيح.<br /> ولعل من أشكال الزواج التي أحلّها الإسلام ورضاها لنا نكاح المسيار، ويُقصد به نكاح السر أو استكتام الشهود مع استيفاء باقي الشروط والأركان في العقد، فإبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم أو بعض منها، وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت يشاء من ليل أو نهار، فهذا له أصل في الشرع لأن سودة بنت زمعة وهبت ليلتها لعائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يوما ويوما لسودة.<br /> وما الإقدام على هذا النوع من الزواج إلا بقصد السلامة من الوقوع في الحرام، فلا ينبغي في شرع الله أن يكون المعيار في الحكم على تصرفات الناس ومعاملاتهم، بما يستقبحه الناس أو يستحسنونه، بل بما ورد في شرع الله وهو ما توصل إليه الأئمة رحمهم الله، من كل هذا نستطيع أن نؤكد أن زواج المسيار زواج شرعي صحيح وله فوائد اجتماعية تظهر آثارها في المجتمع تدريجياً، فهو حل ترتجيه من فاتها سن الزواج كما يقلل نسبة العنوسة ويشد من أزر المطلقات والأرامل ويساعد المرأة العاملة، والأهم أنه يقلل من نسبة الانحراف والمشاكل التي يمكن أن تظهر في المجتمع مثل هذه القصة، التي تريد صاحبتها أن تستر أسرتها، وقد تبنى به بيوت سعيدة يريد لها الله البقاء والاستمرار والاستخلاف في الأرض بإذن الله.<br /> <br /> قضايا أهم<br /> <br /> وتتدخل في الحديث ميس أبو دلبوح، محامية، قائلة: أنا أختلف مع هذا الرأي لأن الزواج ليس معادلة رياضية إذا وجدت لها قاعدة وطبقت هذه القاعدة تصبح المسألة صحيحة، فالحياة الزوجية أرقى وأسمى من أن تندرج تحت الغرائز لقوله تعالى: (وجعلنا بينكم مودة ورحمة). وزواج المسيار أركانه وشروطه موجودة، لكن الإشهار غير موجود إلا في حدود ضيقة جداً، وفي المجتمع لدينا مشاكل عديدة يعاني منها الشباب والفتيات داخل الأسر المتكاملة، أي المكونة من أب وأم وأبناء، فما بالك إذا غاب الأب تماماً عن أولاده ولم يظهر في حياتهم إلا لليلة واحدة فقط، لذا لن يكون متفرغا لسماع شكواهم وبالتالي المساهمة في حلها ولو بجزء بسيط من وقته، وإذا كانت بعض الفتيات أو النساء يغالطن أنفسهن ويقبلن بزواج المسيار لأي سبب، سواء كان، مادياً أو نفسياً، كما في العديد من الحالات والقصص التي شاهدناها وعرفناها عن قرب، فإنهن بالتأكيد سيعرفن تبعاته أو سلبياته عليهن أو على أولادهن، لكن ذلك سيكون في وقت متأخر جداً، وأتحدى أن تكون هناك امرأة لا ترغب بوجود زوجها معها طوال الوقت وليس لساعات محددة في اليوم. وبشكل عام أقول بأنه لدينا في المجتمع قضايا عديدة متعلقة بالمرأة وبشؤونها، منها الحضانة والنفقة، أرى بأن يناقشها العلماء والفقهاء في محاولة منهم لإيجاد حلول قاطعة لها من أجل إنصاف النساء، بدلا من مناقشة زواج المسيار أو المسميات الأخرى للزواج لأنهم لا يقدمون للنساء ـ في حالة زواجهم ـ إلا الهوان والامتهان لكرامتهن.<br /> <br /> وفقاً لإحصائية لوزارة التخطيط التي أشارت إلى أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن وتجاوزن سن الزواج اجتماعياً (30 عاماً)، بلغ حوالي مليون و529 ألفاً و 418 فتاة، أي حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات, وقد سجلت منطقة مكة المكرمة أعلى نسبة عوانس، تليها منطقة الرياض العاصمة، ثم المنطقة الشرقية، فمنطقة عسير، والمدينة المنورة، وجازان، والقصيم، والجوف، وحائل، ثم تبوك، وأخيرا منطقة الحدود الشمالية.<br /> <br /> <br /> المحور الثالث:<br /> من يرفض المسيار؟.. وما هي الأسباب؟<br /> <br /> وتتفق معها في الرأي زاكي بن عبود، مصممة الأزياء، وتقول: أرفض تماماً هذا النوع من الزواج لأنه لا يحقق غاياته الأساسية التي شرعها الإسلام في الزواج، وزواج الرجل في السر أو مسيار معناه أنه يرتكب أمراً غير مقتنع به تماماً ولا يريد أن يعرفه أحد وفيه غش وخداع للزوجة الأولى، كما أن الإسلام أباح التعدد ومن أراد أن يتزوج عليه أن يفعل ذلك في العلن وأمام الجميع بعد أن يخبر زوجته بما هو مقدم عليه، وإذا قال قائل بأن الزوجة قد ترفض هذا الأمر، فهذا صحيح، لأنه ما امرأة تقبل بأن يتزوج عليها زوجها. وإذا كان علماء مجمع الفقه الإسلامي قد وافقوا على مثل هذا النوع من الزواج كمساهمة منهم في حل هذه المشكلة، لكن المشكلة التي لم ينتبه لها علماء المجمع هي تأثير إباحتهم لهذا الزواج على صغار السن، الذين لا يملكون خبرة كافية في الحياة، وبالتالي إقبال العديد من الفتيات الصغيرات وموافقتهن على زواج المسيار لعدم وجود التزام فيه، فالفتاة لا تريد في هذه الحالة زوجاً بدوام كامل يظل معها طوال الوقت، بل تريد زوجاً &laquo;بنصف دوام&raquo; يأتي لزيارتها في أوقات محددة وبسيطة، بعد أن يوفر لها إذا كان مقتدراً مادياً مسكناً مريحاً وحياة مرفهة كما في حالة &laquo;مها&raquo;، أو يقوم بزيارتها في منزل أهلها ليجلس معها لساعات قليلة ويتركها من دون أي التزام منهما. باختصار شديد استطيع القول بأن ـ زواج المسيار ـ ومن وجهة نظري، يعد امتهاناً لكرامة المرأة، فالمرأة الواعية ترفض زوجاً بـ &laquo;نصف دوام&raquo;، ويثبت النظرة الدونية لها، كما يساهم في ضياع الحقوق التي شرعها الله لها أي يجعل المرأة بلا كرامة.<br /> <br /> تبيع نفسها<br /> <br /> من جانبها تقول سعاد سعداوي، مديرة تسويق ومبيعات: للأسف الشديد انحصرت اهتماماتنا في الوقت الحالي على تحقيق المتع الجسدية، وكنا نتمنى على أعضاء المجمع الفقهي أن يسخروا علمهم ووقتهم لمناقشة القضايا التي تهم العالم الإسلامي، بدلاً من الانشغال بالمسيار وأشقائه من أنواع الزواج الأخرى. صحيح هي ظاهرة اجتماعية، لكنها لا تهم سوى شريحة محدودة من الناس، بينما هناك آخرون لا يتجهون نحو هذه الأنواع المستحدثة. المسيار زواج يسير على الطريق السريع وله أضرار اجتماعية كبيرة، خاصة على المرأة والأطفال، الذين يريدون عندما يكبروا أن يجدوا أنفسهم يعيشون داخل أسرة مكونة من أب وأم وأخوة حتى يكونوا مستقرين نفسياً، لا أن يسمعوا باسم أب زائر خفي لا يعرفون وجهه إذا ما شاهدوه صدفة في مكان ما، كما أن هذا الزواج يساهم بدرجة كبيرة في انتهاك حقوق النساء، خاصة الفتيات الصغيرات في السن مثل &laquo;مها&raquo;، التي قد ترضى بأي زواج من أجل المال، متناسية أن هذا الأمر قد ينعكس عليها سلباً في المستقبل بعد أن يملها الزوج،<br /> خاصة أنه تزوجها لأنها تحقق له رغبة معينة، وسرعان ما ستنطفئ هذه الرغبة ليتحول إلى فتاة أخرى لها نفس الظروف أو أسوأ حالاً منها، وبالتالي تجد الفتاة نفسها مطلقة وهي لا تزال على أبواب الشباب.<br /> <br /> <br /> المحور الرابع:<br /> هل هناك حلول وسط في التعامل مع زواج المسيار.. بتعديل أو إصلاح بعض شروطه؟<br /> <br /> <br /> استقلالية في العيش<br /> <br /> تقف ميساء بن حمد، موظفة، موقفاً محايداً من القبول به أو رفضه، قائلة: لا أريد أن أكرر ما قيل في البداية من أن زواج المسيار قد يكون حلاً لمشاكل فتيات كثيرات، فهناك فتاة ترغب بالزواج، لكنها لا تستطيع أن تترك منزل أهلها لتنتقل لمنزل زوجها لأي سبب، أو يضطر زوجها حسب عمله للتغيب عنها لفترات طويلة، فهنا لا أرى ما يمنع زواجها وبقاءها مع أهلها لأنه لا فرق في المسميات هنا ما بين الزواج التقليدي المتعارف عليه والمسيار، ففي كليهما تبقى الزوجة عند أهلها ولا تعيش في منزل مستقل وخاص بها، كما أن أغلب النساء المتزوجات مسياراً أو يوافقن عليه، خاصة إذا كن نساء عاملات، يكون لديهن نمط حياة خاص لا تريد الواحدة منهن أن تحيد عنه، ويأتي الزواج ليقيدها أو يغير من الطريقة التي عاشت بها لفترة من الوقت، فإنها بالتأكيد سترفضه وتظل من دون زواج أو يقع الطلاق، فهنا يكون المسيار مريحاً بالنسبة لها، كون الزوج لن يأتيها سوى لفترات متباعدة خلال الأسبوع، مما يجعلها تعيش حياتها باستقلالية وبالشكل الذي ارتضته وتعودت عليه منذ البداية، لكنني أرفض تماماً أن يكون زواج المسيار لمصلحة ما كأن يكون الشاب المتقدم للزواج صغيراً في السن، ويريد الاعتماد على نقود المرأة التي تزوجها أو العكس كأن تقبل الفتاة الصغيرة في السن مثل قصة هذه الفتاة &laquo;مها&raquo;، التي تريد الزواج مسياراً من أي رجل على شرط أن يكون قادراً على تحقيق مكاسب مادية لها.<br /> <br /> تزايد الراغبين<br /> <br /> بينما لا يرى الشيخ أحمد العمري، مأذون شرعي وإمام وخطيب مسجد وأحد أكثر المأذونين تلقياً لطلبات زواج المسيار، مانعاً في عقد هذا الزواج، ويقول: زواج المسيار هو نوع من أنواع الزواج الصحيح، وكان موجوداً منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو زواج مستوف للأركان والشروط والولي والشاهدين والقبول والإيجاب ولا غبار عليه والاختلاف فقط في المسميات، وما الخلاف حوله ورفض النساء ما هو إلا نتاج عاطفة، سواء من الرجال أو النساء، واتحدى من يقول انه زواج محرم، ولو نظرنا إلى المجتمع وما يعانيه من تكدس للنساء في البيوت وتزايد عدد العوانس والمطلقات والأرامل، لوجدنا أن المسيار و&laquo;الفرند&raquo;، هو الحل الأمثل للقضاء على هذه المشكلة.<br /> وتعليقاً على قصة &laquo;مها&raquo; يقول الشيخ العمري: في الحقيقة هذا الطلب يعد الأغرب من نوعه ولم يحدث أن واجهت مثله من قبل، لكنني عندما تحدثت هاتفياً مع الفتاة اتضح لي السبب، فالظروف المادية القاسية التي تعيشها الأسرة هي التي دفعت الفتاة لعرض نفسها للزواج المسيار، وهي ما زالت على مقاعد الدراسة، وقد أكدت لي الخاطبة أن الفتاة على قدر كبير من الجمال وأنها تضحي من أجل والدتها واخوتها، لذا تعاطفت معها وما زلت أبحث لها عن الزوج المناسب، حيث تقدم لها الكثير من العرسان، لكنها لم توافق حتى الآن على أي منهم.<br /> <br /> <br /> &laquo;سيدتي&raquo; تلتقي مها.. ابنة الـ 13 سنة التي تريد &laquo;عريسا مسيارا&raquo; ومهراً قدره 25 ألف ريال<br /> <br /> قبل انعقاد الندوة التقت &laquo;سيدتي&raquo; في إحدى غرف مكتب جدة بـ &laquo;مها&raquo;، التي تحدثت بكل صراحة ودافعت عن رأيها..<br /> عمري ثلاثة عشر عاماً، وما أزال على مقاعد الدراسة، حيث أدرس في المرحلة المتوسطة &laquo;الإعدادية&raquo; وبالتحديد في السنة الأولى، أسكن مع والدتي وأشقائي الأربعة، وهم أصغر مني سناً في منزل متواضع جداً وحالتنا المادية صعبة للغاية.<br /> &lt; أين والدك؟<br /> ـ والدي هجرنا منذ خمس سنوات ولا نعرف مكانه، أو إذا كان على قيد الحياة أو متوفى.<br /> &lt; من أخبرك عن زواج المسيار؟<br /> ـ عندما كنت في الصف السادس الابتدائي ـ أي قبل عام ـ بدأت أسمع عن زواج المسيار من زميلاتي في المدرسة، لكنني لم أكن أعرف طبيعته أو المقصود منه سوى أنه زواج، وعندما بدأت الصحف تكتب عنه بعد إقرار المجمع الفقهي له عرفت معناه والمقصود منه، لذا فكرت في الزواج بهذه الطريقة. <br /> &lt; لا تزالين طفلة صغيرة على مقاعد الدراسة، لماذا تريدين الزواج مسياراً؟<br /> ـ معاناة والدتي في توفير متطلبات الحياة كانت ولا تزال تشغل تفكيري بشكل مستمر، تلك المعاناة جعلتني أفكر في طريقة أتمكن بها من تخفيف العذاب الذي نعيشه من أجل توفير لقمة العيش، وهذا الزواج سيساعد كثيراً في تعليمي وتعليم أخوتي وراحة أمي.<br /> &lt; هل توافق والدتك على أن تتزوجي بهذه الطريقة؟<br /> ـ في البداية لم توافق، لكنها عادت وتشجعت، خاصة إذا كان العريس مقتدراً مادياً ويمكن أن يرحمنا من الفقر الذي نعاني منه، وأنا اتصلت بإحدى الخاطبات وأبديت لها رغبتي في الزواج المسيار، وحددت لها شروطي.<br /> &lt; ما هي هذه الشروط؟<br /> ـ لا يهمني السن، ولا يهمني إن كان متزوجاً أم لا، كل ما يهمني أن يكون غنياً وأن يدفع لي مهراً قدره 25 ألف ريال، ومرتباً شهرياً بألف ريال وأن يشتري لي هاتفاً جوالاً وفساتين وعطوراً وأدوات تجميل، وأهم شرط أن يستأجر لنا شقة مناسبة يأتيني فيها وقت ما يشاء.<br /> &lt; إذاً هي تضحية من أجل والدتك واخوتك؟<br /> ـ نعم هي تضحية، لأن حالتنا المادية صعبة للغاية، وبصفتي أكبر اخوتي لا بد أن أضحي من أجلهم لانتشلهم من الفقر الذي عانينا منه كثيراً، وأي فتاة تهتم بأسرتها ستفكر بنفس الطريقة التي فكرت بها.<br /> &lt; هل حصلت على العريس المطلوب؟<br /> ـ جاءتني عروض كثيرة عن طريق الخاطبة، لكن النصيب لم يأت بعد.<br /> &lt; هل أنت متأكدة من وجود عريس يقبل بطلباتك أو شروطك؟<br /> ـ لم لا، فأنا جميلة وصغيرة وأستحق أن يتزوجني رجل يقبل بكل شروطي.<br /> &lt; زواج المسيار قد لا يستمر طويلاً وبعد فترة ستجدين نفسك مطلقة، ما العمل وقتها؟<br /> ـ غير مهم أن احصل على الطلاق في ما بعد، لكن المهم أن أكون قد حققت ما أريده وهو التمتع بالحياة الكريمة وعدم التفكير في الأمور المادية أبداً.<br /> <br /> <br /> ماذا تقول والدة &laquo;مها&raquo;؟<br /> <br /> <br /> كما توجهنا بالسؤال لوالدتها للوقوف على رأيها، فقالت: في الحقيقة تراكمت علينا الديون منذ رحيل زوجي عنا، وأنا لدي من الأبناء أربعة أكبرهم &laquo;مها&raquo;، ورغم ضيق ذات اليد، إلا أنني حريصة كل الحرص على تعليمهم، وابذل من أجل ذلك كل الجهد لتوفير الاحتياجات المالية اللازمة، لكن تكاليف الحياة أرهقتنا، خاصة بعد أن هجرنا زوجي وتركنا بلا مصدر رزق نعيش منه. و&laquo;مها&raquo; على الرغم من صغر سنها، إلا أنها مشغولة دوماً بمستقبل اخوتها، ودائماً تقول ليتني كنت ولداً لأعمل حتى استطيع العمل وتوفير مصدر دخل يسد جزءاً من متطلبات اخوتي، وعندما قررت أن تخطو هذه الخطوة حاولت كثيراً أن أثنيها، لكن من دون جدوى. <br />

المراجع

www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=981موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث