اللَّـقَب أصله في اللغة النَّبز؛ أي ذكر عيوب الشخص وما يحب أن يستره عن نفسه، وقد ورد هذا المعنى في القرآن في قوله تعالي: ﴿ولا تلمزوا أنفسكم، ولا تنابزوا بالألقاب﴾ الحجرات: 11. أما الآن فإن اللقب يستخدم في الدلالة على المدح أو الذم،
وكثر استخدامه في المدح. وبهذا يكون كالنعت؛ لذا يجب تأخيره عن الاسم الملقب به، فيجب أن تقول: هارون الرشيد ومسيلمة الكذّاب.
كان النبي ³ يطلق على بعض الصحابة ألقابًا اختارها لهم، ولكن شيوع اللقب وانتشاره بدأ بكثرة خلال العصر العباسي وما تلاه من عصور، وذلك نظرًا لتعقد أنظمة الحكم سواء إبان الدولة العباسية أو الفاطمية أو المماليك. وأول من تلقب من بني العباس، السّفّاح.
ويظن الكثيرون أن لقب السفاح صفة ذم؛ والصحيح أنه صفة مدح، فقد ورد هذا اللفظ في خطبته في أهل الكوفة حين قال: ¸استعدوا فأنا السفاح المبيح، والثائر المبيد•. ومن بعده صارت الألقاب الشخصية من مراسيم الخلافة العباسية مثل: المنصور والمهدي والمأمون ...إلخ.
واعتاد الخلفاء منح وزرائهم ألقابًا فخرية مثل: ذي الرسالتيْن وذي الوزارتيْن. ولم يقتصر التلقيب بالألقاب الفخرية الشخصية على الوزراء، بل تعدَّاهم إلى غيـرهم من القواد والولاة فنـجد أمير آل محمد؛ أبو مسلم الخراساني، كما لقب المعتصم حيدرَ بن كاووس بالأفشين، ولقب أبو بكر بن طغج أيام الراضي بالأخشيد. وكان ذلك نقلة مهمة في نظام التلقيب إذ بدأ استخدام ألقاب من أصول غير عربية. فالأفشين والإخشيد ألقاب ملكية غير عربية، واستشرى استخدام مثل هذه الألقاب في عصر المماليك.
كان للخلفاء حق التلقيب إلى أن سقطت الخلافة العباسية، وعندها انتقل حق التلقيب إلى ديوان الإنشاء، إذ فطن الكُتّاب في العصر الأيوبي إلى أن منح الألقاب صار جزافًا دون قيود، ومن ثم أنشأوا قسمًا خاصًا في ديوان الإنشاء سمّي بقسم الألقاب والمراسيم، فعمل على تصنيفها ووضع الأسس المنظمة لها.
وبازدياد النفوذ الفارسي في العصر العباسي، استدعت الحاجة تنظيم استخدام الألقاب عقب ظهور الكثير من الألقاب الجديدة. وفي ذلك العصر أضيفت إلى ألقاب التشريف زيادات مختلفة؛ فنجد الألقاب المضافة إلى الدولة مثل: سيف الدولة وعضد الدولة وأمين الدولة، وكذلك المضافة إلى الملّة والدين مثل: عز الدين وبهاء الدين وسيف الدين وجمال الدين. كما استجدّ نوع جديد منها وهو ما يسمَّى بألقاب الكناية مثل: المقامات الشريفة والحضرة والمجلس وبولغ فيها في العصر السلجوقي. ومن الألقاب الفخرية العامة التي اشتهر بها الوزراء في ذلك العصر ألقاب الإضافة إلى المـُلك والدين مثـل: نـظام الملك وعميـد الملك وشهـاب الديــن وظهـير الدين.
وفي القرن الثالث الهجري استبد الأتراك بالسلطان دون الخلفاء، وعندها ظهر لقب عام جديد هو أمير الأمراء أطلق على من يستأثر بالسلطة دون الخليفة في مقر الخلافة.
أما في عصر الدولة الفاطمية، فنجد أنهم ظلوا يستخدمون الألقاب العامة التي استخدمها العباسيون مثل: أمير المؤمنين والإمام بالإضافة إلى ألقاب الكناية المكانية مثل: الحضرة الشريفة والنعوت الفخرية مثل: المعز لدين الله والعزيز والحاكم والعاضد لدين الله. ونلاحظ أن بعض الألقاب في العصر الفاطمي كانت ترمز لمبادئ عامة؛ ومن ذلك إطلاق لقب إمام الحق في حالتي غيبته وحضوره على الخليفة الفاطمي، وفي ذلك إشارة إلى العقيدة الشيعية التي تنادي بوجود إمام علوي في كل زمان هو إمام الحق الذي قد يغيب إذا اقتضت الظروف ذلك، لكنه سيعود ليملأ الدنيا عدلاً كما ملئت جورًا.
ولما تولى الأيوبيون مقاليد الأمور ظهرت ألقاب جديدة اقتضتها الفوضى التي سادت في أنظمة الألقاب، بالإضافة إلى ظروف الحرب الصليبية؛ لذا ظهرت الألقاب التربوية والجهادية مثل العبد الفقير إلى رحمة مولاه، ومنصف المظلومين، والمجاهد في سبيل الله، وأمير المجاهدين، وحامي الثغور.
أما في عصر المماليك فنجد أن الكتاب قد حدّدوا مدلولاً خاصًا للألقاب وفرقوا بينها وبين ما سموه النعوت. فاقتصر اللقب عندهم على صفات المدح التي ترد بصيغة الإفراد مثل: الفاضل والشيخ والعَالم، وسمُّوا صفات المدح التي ترد مركبة من أكثر من كلمة نعوتا؛ وذلك مثل: أمير المؤمنين، ونَصِيْر الإسلام والمسلمين.
ويمكن ذكر أربعة أنواع مهمة من الألقاب التي مرت منذ ظهور التلقيب هي: ألقاب النسبة، والألقاب الوظيفية، والألقاب الفخرية، وألقاب الكناية المكانية. فألقاب النسبة من الألقاب الشخصية التي تميز فردًا بذاته مثل: المجيدي، والظاهري، والحموي، والألفي. والألقاب الوظيفية نوعان؛ إما عامة كالتي تشير إلى طبقة أو طائفة كالأمير والوالي، وإمّا خاصة تشير إلى وظيفة معينة مثل: الوزير ووزير الوزراء ورئيس الوزراء. أما الألقاب الفخرية فيقصد بها عند منحها أمور مختلفة منها: تكريم صاحب اللقب أو تثبيته في وظيفته، أو إقرار حقه، أو الإشادة بفضائله، أو إشباع غروره، أو تغطية ضعفه. أمّا ألقاب الكناية المكانية كالتي كانت تطلق على الخليفة العباسي والسلاطين العثمانيين فهي مثل: الأبواب الشريفة والأبواب السلطانية والباب العالي ... إلخ. وفيما يلي قائمة ببعض أشهر الألقاب التي اُستُخْدمَت في الماضي ولا يزال بعضها يُستخدم بمثابة أسماء للأعلام:
أغــا: كان يطلق كلقب عام على شيوخ الأكراد.
الآمر: كان يدخل في تركيب بعض الألقاب المركبة مثل: الآمر بأحكام الله وهو الخليفة الفاطمي منصور بن المستعلي.
الأبلج: الرجل المشرق الوجه أو الذي بين حاجبيه وسع.
أب: دخل هذا اللفظ في تكوين بعض الألقاب المركبة مثل: أبو الأيتام والمظلومين، أبو الخيرات والحسنات، أبو البركات.
الأخ في الله: نعت خاص لقب به المهدي وزيره يعقوب بن داود.
الأستاذ: من الألقاب العامة التي استعملت منذ العصر العباسي، حيث كان يطلق على الخصيان من الغلمان، واستُعمل في الدولة الفاطمية بنفس المعنى. أما في العصر التركي فقد كان يشير إلى رب النعمة، وأُطلق أيضًا على الصانع. والأرجح أن لقب أُسْطَى الذي يطلق على بعض الصناع هو تحريف لكلمة أستاذ. أما الآن فيشيع استخدامه للمدرسين عامة والمدرسين في الحقل الجامعي بصفة خاصة.
أسد الله: استعمل في صدر الإسلام حين أطلق على حمزة بن عبد المطلب، ويستخدم الآن اسمًا.
إمام الحرمين: الإمامة هنا في إقامة الصلاة، والحَرمَان المسجد الحرام بمكة ومسجد الرسول ³ بالمدينة.
أمير المؤمنين: ثاني ألقاب الخلفاء ظهورًا بعد لقب خليفة وأول من لقب به عمر بن الخطاب.
بك: لفظ تركي بمعنى الكبير، ويلحق بالاسم.
حجة الإسلام: وهو من ألقاب كبار القضاة والعلماء في عصر المماليك.
خادم الحرمين الشريفين: وقد أطلــق على صـلاح الديـن الأيوبي عام 587 هـ عندما عَمَّر قبة يوسف في بيت المقدس، وعلى الملك فهد ابن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية عام 1407هـ.
الخليفة: لقب عام للخلفاء.
الخواجة: لفظ فارسي بمعنى المعلم أو الكاتب أو التاجر أو الشيخ أو السيد، يستخدم الآن بمعنى الشخص الغربي الإنجليزي أو الأمريكي...إلخ.
ذو الجناحين: نعت به الرسول ³ جعفر بن أبي طالب بعد استشهاده في غزوة مؤتة حين قطعت ذراعاه. وكان يلقب بجعفر الطيَّار أيضًا.
ذو النورين: أطلق على عثمان بن عفان، وذلك لزواجه ببنتين من بنات النبي ³.
الرشيد: كان نعتًا فخريًا للخليفة العباسي هارون الرشيد. وقد دخل اللفظ في تكوين بعض الألقاب المركبة مثل: رشيد الدين، رشيد الدولة.
الزعيم: زعيم الجيوش، زعيم الدولة، الزعيم الأوحد.
زين العابدين: لقب خاص لعلي بن الحسين بن علي؛ ويستخدم الآن اسمًا.
الست: لقب عام يطلق على المرأة مثل: السيدة. ودخل اللفظ في تكوين بعض الألقاب المركبة مثل: ست الستات، وست البنات، وست الحسن.
السلطان : لقب عام أخذ من الكلمة السريانية سلطانا واستعمل أول مرة في عهد هارون الرشيد حين لقّب به خالد بن برمك، ويستخدم الآن اسمًا.
سلطان العلماء : أطلق على الغزالي ونعت به أيضًا شيخ الإسلام عزالدين بن عبد السلام.
سيف : دخل في تكوين كثير من الألقاب المركبة التي تحمل جميعها معنى من معاني القوة مثل: سيف الإسلام، وسيف الدولة، وسيف الدين، وسيف الحق، والآن يستخدم اسمًا.
السيد/ السيدة : لقب عام يطلق على الرجال والنساء.
الشيخ : مجال هذا اللقب واسع جدًا؛ فقد أطلق على العلماء والوزراء والكتاب وبعض الملوك وعلى الأغنياء.
شيخ الإسلام : اشتهر به جماعة من العلماء أشهرهم ابن تيمية.
العلاَّمة : من ألقاب العلماء.
الفقير : يدخل في ألقاب التواضع والتذلل لله مثل: العبد الفقير إلى الله والفقير إلى رحمة مولاه.
الفقيه : من ألقاب العلماء.
المحترم : كان يطلق على عامة الناس ممن يلقب بالصدر الأَجَلّ، ويستخدم الآن في كتابة الرسائل.
محيي : يضاف إليه كلمات لتكوين ألقاب مركبة مثل: محيي السنة، ومحيي الدين، ويستخدم الآن اسمًا.
المكرّم : أطلق على علاء الدولة أبي سعد مسعود، ويستخدم الآن في كتابة الرسائل.
المهدي : لقب يطلق على كثير من متزعمي الحركات الإسلامية، ويستخدم الآن اسمًا.
مولانا : استعمل للخلفاء العباسيين ثم الفاطميين ثم أجيز استعماله في القرن التاسع الهجري لكبار القضاة ثم استعمل بعد ذلك لكبار علماء الإسلام.
ولي العهد : يشير إلى من يخلف الخليفة أو أمير المؤمنين أو الملك أو السلطان أو الأمير.
المراجع
alencyclopedia.net
التصانيف
تصنيف :فكر تصنيف :اصطلاحات تصنيف :مصطلحات أدبية الآداب