تاريخ الاستشهاد : 14 - 08 -2002

يروي رفاق الشيخ نصر جرار ممن عايشوه في تلك الفترة أن وجود الشيخ جرار في سجن جنيد كان متزامنا مع وجود جبريل الرجوب رئيس جهاز الأمن الوقائي سابقا في ذات السجن، حيث كان الرجوب مسئولا عن تنظيم فتح في تلك الفترة داخل السجن.

وكان الشيخ جرار حينها الشخص الوحيد داخل السجن الذي يمثل الاتجاه الإسلامي، وعليه فقد اصدر جبريل الرجوب حينها قرارا يقضي بمقاطعة الشيخ نصر مقاطعة كاملة وعدم التحدث معه لا لشيء إلا لانه يمثل التيار الإسلامي بشخصه، حتى أن الرجوب وزمرته في تلك الفترة كانوا ينقلون الشيخ جرار من الغرف التي يتواجد فيها معتقلون من مخيم جنين خشية أن يتحدثوا معه بفعل علاقته الجيدة معهم في الخارج، و أمضى الشيخ سنين من عمره على هذا الحال: وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند جميع القدماء من المعتقلين في جنين والذين عاصروا تلك الحقبة وشاهدوا ما شاهدوه من معاملة قاسية لهذا الشيخ على يد الرجوبيين ،شخصت أبصارهم متأملة: أين أنت وأين هم يا شيخ نصر جرار؟

أين أنت وأين جبريل الرجوب يا شيخ نصر جرار، لقد عانى من ظلمهم عشر سنوات استطاع في نهاية المطاف أن يؤسس لحركة إسلامية قوية في السجون وانتشرت بذور ثماره في كل أصقاع الأرض وخرج من السجن دون أن يكون في خاطره أية ضغينة على ما أصابه من ظلم ذوي القربى، ودخل السجن مرة أخرى وخرج ودخل وخرج دون كلل أو ملل، حتى أتته الطعنة الأخرى ومن الرجوبيين أيضا في ظل انتفاضة الأقصى حين اعتقلوا الاستشهادي محمد الخليلي اثنا قدومه ليأخذ سيارة من الشيخ نصر جرار من جنين إلى نابلس وتحت تحقيق قاس اعترف لهم بأنه قادم ليأخذ السيارة من شخص مواصفاته كذا وكذا، فحللوا المواصفات التي أدت إلى شخصية الشيخ جرار ما هي إلا أيام معدودة على تلك الحادثة حتى كان أول اقتحام لمناطق أ" لمحاولة اعتقال الشيخ أبو صهيب باءت بالفشل بسبب يقظته، لقد غدا الشيخ هنيئا في قبره والذي نحسبه روضة من رياض الجنة، فأين غدا جبريل الرجوب الآن ؟

يا ترى ماذا يجول الآن في خواطر كل أولئك المناضلين الذين قاطعوه وحجبوا عنه حتى حق الكلام سنين طويلة وهم يرونه يسجى في قبره بعد رحلة طويلة في عالم المقاومة، بينما الرجوب في غياهب فنادق ايلات وكازينو أريحا وغرف التنسيق الأمني والتي لا أخالها تختلف عن غرف العصافير في السجون؟ شهيد في أربعة مقابر.

سنة الحياة أن يموت الإنسان مرة واحدة ويدفن في قبر واحد، أما أن يدفن جسده على أربعة مراحل فتلك ميزة انفرد بها هذا الشيخ المييز في كل شيء، وتلك أسطورة من أساطير المقاومة، فبادئ الأمر كان بين قريتي الزبابدة وقباطية قضاء جنين حيث كان الشهيد ومجموعته يزرعون عبوة ناسفة في محيط معسكر الزبابدة في بدايات انتفاضة الأقصى، حيث انفجرت العبوة الناسفة أثناء قيام الشيخ بزرعها فبترت يده اليمنى ورجله اليسرى ورغم أن العبوة انفجرت قرابة منتصف الليل إلا انه لم يصلهم منجد إلا وقت الفجر ولشدة صلابة هذا الشيخ، فعندما قدم إليه أول شاب لينقله إلى المستشفى وجد الشيخ مستيقظا حيث قال له الشيخ نصر ناولني يدي من هناك ، وقد قال لنا الشيخ أبو صهيب في تلك الحادثة انه لم يشعر بأي نوع من أنواع الألم على الإطلاق، وهنا كان فقدان الجزء الأول من جسده. 

أما الحادثة الثانية فقد كانت خلال معركة مخيم جنين في نيسان الماضي، حيث رفض أبو صهيب مغادرة المخيم مصرا على أن يلاقي نفس مصير المقاومين، ويحدثنا أحد شهود العيان ممن عاصروا تلك المعركة انه خلال خلال قيام الصهاينة بهدم المنازل ليفسحوا الطريق أمام دباباتهم للعبور سقطت صخرة كبيرة على رجل الشيخ اليمنى مما أدى إلى بترها في أواخر أيام المعركة، وقد تمكن باقي الاخوة من نقل الشيخ إثرها إلى مكان آمن لينجو من أيدي الصهاينة الذين كان من أهداف حملتهم الرئيسية حينها القضاء عليه خاصة بعد عملية حيفا والتي نفذها الاستشهادي شادي الطوباسي وقتل خلالها 16 صهيونيا.

أما الحادثة الثالثة فقد كانت حادثة اغتياله في طوباس حيث لم يتمكن الأهالي سوى من العثور على بعض من أجزاء جسده فيما اخذ الصهاينة الجزء الآخر منها على ما يبدو أو أنها اختلطت بجسد الشهيد الثاني، فقدر لهذا الشهيد أن يدفن في أربعة مواضع من ثرى فلسطين ليرسم خارطة الوطن ويجسد بجسده وحدته فمن للمقاومة من بعدك يا أبا صهيب


المراجع

gesah2.com

التصانيف

قصص   الآداب