حبّكم أنجبته أيام حرب |
صبحها في سناه ليل بهيم
|
لا يصون الحليم فيها نهاه |
ساحة الحرب ليس فيها حليم
|
حبّكم صيغ من أمان وخوف |
فهو نار يهفو عليها النسيم
|
حبكم خدعة السلام أشاعوا |
قبل يومين أنها تسليم
|
كان ما كان وانقضت صبوات |
ثائراتٌ في إثرها صبوات
|
كان عهد الهوى وثيقاً فأودى |
بوثيق الوفاء هذا الشتات
|
قد سكبنا الدمع العزيز عليكم |
وعلى القبر تسكب العبرات
|
أدمعي إن سكبتها في غرام |
فهي في شرعة الهوى صلوات
|
أتروني عرفت ما كان منكم |
وقصيدي في عتبكم تلميح
|
إن يومي بذلك الثغر يوم |
أنا فيه مقاتل وجريح
|
مطرٌ هاطلٌ وبأسٌ شديدٌ |
وقتالٌ ومدمعٌ مسفوح
|
لن تروني أموت ما مات قلبٌ |
صادق في الهوى ولا مات روح
|
كذبٌ ما سمعت من صدق عهدي |
ليس للثائر المجرّح عهد
|
إن أكن في هواك أخلفت وعداً |
فلقد ضاع فيك وعد ووعد
|
خاتلٌ أنت فاحترس من عقابي |
كل ختل له عقاب وردّ
|
محنتي فيك والجروح قصاصٌ |
لم تُسَدّد ديونها السود بعد
|
ليلة الثغر ليلية كربتني |
وليالي الجوى عناءٌ وكرب
|
كلما قلت غاب عني دجاها |
أجّ من طيفها قتال وضرب
|
أعين الغيد لا تروم سلاماً |
إن تسليمها المهذّب حرب
|
باطل باطل حديث أناس |
زعموا أن شرعة الكون حبّ
|
أيّ عهد ترى وعندك أني |
في حياة الغرام والوجد طفلُ
|
ليلة الثغر أفقدتني رشادي |
إن بعض الجنون في الحب عقل
|
لن تراني إلا غريماً أثيما |
وثبهُ في هواك خبل وقتل
|
لا تحاول ضلالةً في غرامي |
ليس لي في الضلال والمكر مثل
|
أعلن الصلح واطمأنت سيوف |
ظامئات إلى حمى الأغماد
|
واستطار الهوى فأعلن حربا |
بين سود العيون والأكباد
|
حربنا لم تقف لميحة طرف |
من قديم العصور والآباد
|
كل حرب لها بشائر صلح |
غير حرب سعيرها في فؤادي
|
أنت من أنت لا أسميك رفقاً |
بك يا سهد أعين الرقباء
|
أنت في خاطري خيال لطيف |
كالخيال المكنون في الصهباء
|
لا تخل أنني جفوتك زهداً |
في عذابي ولوعتي وعنائي
|
إنني قد كتمت حبك خوفا |
من فضول العذال والسفهاء
|
أعلن الصلح بين قوم وقوم |
أين صلح العيون صلح القلوب
|
دارت الحرب بين قلبي وحبي |
إن حرب الهوى أمضّ الحروب
|
كل خطب يهون إلا خداعا |
يصطليه متيّم من حبيب
|
أنا أذنبت في اشتياقي إليكم |
إن صدق الغرام بعض ذنوبي
|
أقبل الصلح هكذا قال ناس |
يلبسون الغروب ثوب الشروق
|
صلحهم خاتل ضميراً وعينا |
كاشتمال العدو ثوب الصديق
|
إن يخونوا فما خيانة روح |
سقطت سقطة الهوى في طريقي
|
مكرهم في هواي شارة حربٍ |
تؤذن الروح بالتهاب الحريق
|
أنت من أنت والسياسة غيبٌ |
هي رجم الظنون بعد الظنون
|
إنهم صوّروك نور ضميري |
إنهم صوّروك نار شجوني
|
أين ألقاك أين لا أين إني |
حائر الروح في شعاب الحنين
|
حبّنا مات فابك أنت عليه |
غاض دمعي وغاب عني أنيني
|
قال قومٌ وقلت أنت سلاما |
فعليكم تحيتي وسلامي
|
إنّ تسليمكم عليّ بشير |
بالجميل النضير من أيامي
|
ليت ما قد سمعت يؤنس روحي |
ويروّي الظمآن من أحلامي
|
ليتني أغتدي وأمري أمرى |
في ودادي وفي مرير خصامي
|
يا جمال الجمال هذا رقيبٌ |
أزرق العين يا جمال الجمال
|
لا تصدّق كلامه في اتهامي |
إنه يمترى ضروع الخبال
|
أمر هذا الرقيب يلغيه أمرٌ |
منك يا فتنة العصور الطوال
|
لم أجد قبل محنتي فيك ليثا |
يأخذ الأمر عن عيون الغزال
|
مرأة الحرب كيدها أبديّ |
من هنا قيل إنها هيجاءُ
|
مرأة الحرب أخطبوط عنيفٌ |
كل أسنان ثغرها عوجاء
|
لم أجد مرأة حميدا جناها |
في سبيل الفناء هذه النساء
|
حرّةٌ تلك إن سمعتم فقولوا |
حرَّةٌ يعتلى عليها الإماء
|
أقبل الصلح أيّ صلحٍ أجبني |
أبهذا الوجود يعقدُ صلحُ
|
أنا والحب يغتلي في فؤادي |
من عتابي عليك وخزٌ وجرحُ
|
لست أنسى أمانياً فيك ضاعت |
لا تصدّق إن قيل في الحب صفح
|
غافر الذنب ليس يغفر ذنبا |
لحبيب جناه كيد وشُحُّ
|
أقبل الصلح إنهم سطّروه |
في سجل مرقّم الصفحات
|
وتنادوا بأن عهداً جديداً |
يأمر الناس بالذي هو آت
|
شبح الحرب لن يعود إليكم |
فتناسوا ما كان من هنوات
|
واذكروا أنكم غدوتم جميعاً |
في ظلال الخيرات والثمرات
|
شبحُ الحرب لن يعود فما لي |
ألمح الحرب فوق كل مكان
|
آسرت شامتٌ يقهقه جهراً |
وأسيرُ يغتابُ صرفَ الزمان
|
أمركم للهوى كما صار أمري |
إن خوفي مُرُّ الجنى من أماني
|
أنا اسرفتُ في الرجاء فأمسى |
خيب هذا الرجاء إحدى الأماني
|
يا جمال الجمال أنت قصيدٌ |
من رحيق الصبا وهذا قصيد
|
لا تقل بالذي يقال حديثا |
ليس في الكون سيد ومسود
|
كل عصر به ظلام وصبح |
وظباء تسطو عليها أسود
|
لا تحاول فرارة من نبالي |
أنت أشهى الصيود مما أصيد
|
أقبل الصلح ذاك قول عجيب |
لم يؤشّر عليه ذاك الرقيب
|
قد شمتنا بكم شمتنا فتوبوا |
وإلى مشرع الندامة ثوبوا
|
زملاء وهم لنا رقباءٌ |
باسهم في قتالنا مرهوب
|
يلعن اللَه حقبة من زمان |
عاش فيها الأديب وهو غريب
|
قلمي والحياة جزرٌ ومدّ |
ومساءٌ يمضي فيأتي صباح
|
زمنُ الحرب ليس عهد كفاح |
في عهود السلام يرجى الكفاح
|
زمن الحرب أمره لأناس |
هم كشابٌ جهادُهنّ نطاح
|
قلمي أنت مشرط وزماني |
طبّه من جواه هذا السلاح
|
يا فؤادي شهدت حربين فاقنع |
بالذي قد شهدته من خطوب
|
وتعال استمع لآهات روح |
هو من صدق حبه في كروب
|
إن عيشي تغتاله خطراتٌ |
هي رمى العيون حبّ القلوب
|
أنا يا قلب لا أبالي زماناً |
ضاع حظى منه وضاع نصيبي |