الأستاذ المرحوم : رابح بونار 1923م – 1974م

حياة كفاح و عمل

في الخامسة و العشرين من شهر أكتوبر 1974م , توفي الأستاذ رابح بونار , فانطفأت شعلة بدأت تتألق في أفق عالم الأدب و التأليف الرحب

1. اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد #

ولد المرحوم رابح بن أحمد بونار بتاريخ 25 أفريل سنة 1923م بقرية " أرجاونة" المشرفة على مدينة تيزي وزو . فقد والده وعمره أربع سنوات ولكن الله قيض له جدا حانيا يرعاه و يتعهده , فبعث به إلى الكّتاب ليحفظ القرآن . و من الكّتاب انتقل إلى الزوايا , فالتحق بزاوية الشيخ الطيب " يتزغوين " يالقرب من دلس , ثم منها انتقل إلى زاوية الشيخ شريف بالقرب من " تقزيرت " و منها إلى زاوية سيدي عمر شريف بيسر , حيث حفظ القرآن الكريم و تلقى مبادئ قواعد اللغة العربية و الشريعة الإسلامية .

ثم تنقل إلى الشرق الجزائري , إلى مدينة تبسة حيث تتلمذ على يد العلامة الشيخ العربي التبسي و كان هذا الأخير معجبا بنجابة و أخلاق و ذكاء الأستاذ رابح بونار , فانتدبه للتعليم بمدينة " الكويف " الواقعة في الحدود الجزائرية – التونسية حيث أسس هناك مدرسة بسيطة و عمره آنذاك 19 سنة . لكن همة رابح بونار تطلعت إلى مزيد من التحصيل , فالتحق بجامع الزيتونة حيث تابع دراسته حتى نال شهادة أهلية . إلا أن ويلات الحرب العالمية أرغمته على العودة إلى الوطن و حالت دون مواصلة دراسته , فنصب إماما و معلما في القرية التي تربى بها ( أولاد وارث ) قرب ذراع بن خدة و حيث يرقد ضريحه , من طرف جماعتها . فأدى الرسالتين معا بكل تفان و إخلاص , سيما أن أفكاره كانت متفتحة على الطرق الحديثة في التعليم .

و اعتاد القيام يوميا عقب صلاة المغرب بدروس في الوعظ و الإرشاد يركز فيها على المفهوم الصحيح للإسلام و يدعو الناس في القرية و المداشر المجاورة .

نجح الأستاذ في مهمته و ذاع صيته في الناحية و كبر شأنه في نفوس الناس . و في سنة 1948م رجع المرحوم إلى تونس للمرة الثانية لإتمام دراسته بعد أن تتزوج و أنجب ولدين , و بعد سنتين عاد الأستاذ رابح بونار من الزيتونة , ليعين من طرف جمعية العلماء المسلمين مدرسا للغة العربية بمدرسة الشبيبة بمدينة تيزي وزو . كما أسندت له في ذلك الوقت مهام الفصل بين النوازع من طرف لجنة لجبهة التحرير الوطني إلى غاية الاستقلال , حيث نصب أستاذا بثانوية الإدريسي بالجزائر العاصمة .

و في سنة 1969م , انتدب المرحوم رابح بونار من طرف الوزارة للقيام بفهرست المخطوطات و دراستها بالمكتبة الوطنية, و في نفس الوقت تابع المرحوم دراسته للقانون بجامعة بن عكنون , توجت بعد ثلاثة سنوات بنيله لشهادة الليسانس في الحقوق . و في هذه السنوات كانت تتوزعه ثلاثة وظائف كل واحدة منها شاقة :

طالب بكلية الحقوق , موظف منتدب بقسم المخطوطات و محقق لبعض أمهات التراث الجزائري .

" إذا كانت النفوس كبارا , تعبت في مرادها الأجسام "

ولقد عرف المرحوم ما عرف من العناء و التعب و ما كان لينام إلا لبعض ساعات كل ليلة ليكمل أعماله الكثيرة و تآليف لعدة " و اجعل لنفسك بعد موتك ذكراها , فالذكر للإنسان عمر ثان "

و لقد كان المرحوم يتمنى أن يوفقه الله في نفض الغبار عن التراث الثقافي الجزائري المبعثر في الخزائن العامة و الخاصة بالجزائر . ولقد استطاع تحقيق جزء من هذه الأمنية و ذلك بإخراجه إلى الوجود مجموعة من الكتب القيمة من التراث القديم. كما كان للكاتب مقالات و حلقات قدمها على أمواج الإذاعة الوطنية نذكر منها :

- حياة ابن باديس في 30 حلقة في قالب حواري .

- قصة نبي في 30 حلقة في قالب حواري موجه للأطفال .

- أعلام الجزائر

هذا إلى جانب الدراسات و المقالات التي نشرت آنذاك في المجالات الشهرية : الأصالة , الثقافة و آمال

و كان المرحوم بصدد تقديم أطروحة بعنوان :

" الحياة العلمية و الأدبية في المغرب الأوسط في القرنين السابع و الثامن الهجري " . و ذلك لنيل الدكتورة من الدرجة الثالثة في الآداب . كما أنه ترك مشاريع تأليفية أخرى كان مزعما تقديمها لو تنفس به العمر .

هكذا كانت حياة الفقيد رغم قصرها مليئة بالأعمال الجليلة و التضحيات الجسام من أجل المبادئ السامية المتمثلة بالأخص في خدمة اللغة العربية و الإسلام .

ومما يخلد ذكرى المرحوم أنه أدى أحسن تأدية لواجبه نحو أسرته و أبنائه بتلقينهم إياهم التربية الإسلامية السليمة و الوجيه الصحيح .

رحم الله الفقيد و جزاه خيرا و أسكنه فسيح جنانه .

-مؤلفات الكاتب-

1- كتاب : " المغرب العربي تاريخه و ثقافته " من تأليفه .

2- كتاب : " المطالعة الأدبية " تم طبعه بلبنان في السبعينات .

3- كتاب : "الطريف في النحو و الصرف " تم طبعه في السبعينات , في لبنان و أعادت نجلته طبع أحد أجزائه مؤخرا بالجزائر .

4- تقديم و تحقيق : " تاريخ بايات وهران المتأخرين " لمسلم عبد القادر الوهراني

5- تقديم و تحقيق : "ديوان بن عبد الله المنداسي " .

6- تقديم و تحقيق :" جمع جوامع الاختصار و التباين فيما يعرض للمعلمين و آباء الصبيان" بالاشتراك مع المرحوم الشيخ جلول البدوي .

7- تقديم و تحقيق : " أنيس الغريب و المسافر" لمسلم بن عبد القادر.

8- تقديم و تحقيق كتاب : " مجاعات قسنطينة " لصالح العنتري المتوفى سنة 1870م .

9- تقديم و تحقيق كتاب : " عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة بيجاية " لأبي العباس أحمد بن أحمد الغبريني .

10- تقديم و تحقيق كتاب : " مصباح الأرواح في أصول الفلاح " للعلامة عبد الكريم المغيلي التلمساني .


المراجع

ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

التصانيف

أدب